«الإرهاب» يتصدر جلسات الحوار في تونس

والدة منفذ التفجير الانتحاري: ابني ضحية.. والداخلية تتحمل المسؤولية

مجموعة من السياح يزورون ضاحية قرطاج الأثرية القريبة من تونس العاصمة بعد يوم  من التفجير الانتحاري الذي وقع أمس (أ.ف.ب)
مجموعة من السياح يزورون ضاحية قرطاج الأثرية القريبة من تونس العاصمة بعد يوم من التفجير الانتحاري الذي وقع أمس (أ.ف.ب)
TT

«الإرهاب» يتصدر جلسات الحوار في تونس

مجموعة من السياح يزورون ضاحية قرطاج الأثرية القريبة من تونس العاصمة بعد يوم  من التفجير الانتحاري الذي وقع أمس (أ.ف.ب)
مجموعة من السياح يزورون ضاحية قرطاج الأثرية القريبة من تونس العاصمة بعد يوم من التفجير الانتحاري الذي وقع أمس (أ.ف.ب)

ألقت العملية الانتحارية التي حدثت أول من أمس بمدينة سوسة السياحية بثقلها على جلسات الحوار السياسي التي انطلقت أولاها في الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) وتتواصل لمدة شهر واحد. وحمل التحول النوعي في العمليات الإرهابية، المشاركين في الحوار، سواء كانوا من المعارضة أو من الحكومة، مسؤولية مضاعفة للإسراع بالحوار وإعادة الاستقرار السياسي للبلاد الذي يعيد الاستقرار الأمني ويقضي على جزء مهم من أسباب تنامي الإرهاب.
وقال بيان أصدرته أمس نقابة رجال الأعمال (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة)، وهي أحد الأطراف الراعية للحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة، إن إنجاح الحوار الوطني «خير رد على كل من يدفع باتجاه تهديد وحدة التونسيين واستقرارهم».
وعلى مستوى لجنة المسار الحكومي المكلفة باختيار مرشح لرئاسة الحكومة، انحصر السباق بين ثلاثة مرشحين هم محمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية السابق، ومصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي السابق وجلول عياد وزير المالية في حكومة الباجي قائد السبسي.
وترشح مختلف التوقعات محمد الناصر لتولي هذا المنصب، بعد أن اعتذر كل من عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع السابق، وأحمد المستيري، مؤسس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين المعارضة لنظام بورقيبة، ومنصور معلى، رجل الاقتصاد المعروف.
ويحظى محمد الناصر بأوفر الحظوظ لتولي رئاسة الحكومة التي ستخلف حكومة علي العريض، وذلك نتيجة تحفظ حركة النهضة على مصطفى كمال النابلي. وقد يضطلع النابلي في الحكومة الجديدة بالملف الاقتصادي، كما أن جلول عياد المرشح الثالث لرئاسة الحكومة قد يتم إعداده لتولي وزارة المالية.
ويمتلك محمد الناصر الخبرة الكافية للاضطلاع بهذا المنصب وقد تولى في حكومة الباجي قائد السبسي حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية وهي نفس الوزارة التي تولاها في مناسبتين خلال حكم الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة. وقد شغل الناصر منصب رئيس البعثة الدائمة لتونس لدى الأمم المتحدة والهيئات الدولية المختصة بجنيف من 1991 إلى 1996.
وعلى مستوى المسار الانتخابي، تمكنت لجنة فرز الترشحات للهيئة العليا للانتخابات من فرز 456 ملفا لاختيار 36 مرشحا لعضوية الهيئة على يقدموا إلى المجلس التأسيسي لاختيار تسعة أعضاء. وحسب مصادر برلمانية من داخل المجلس التأسيسي، فخلال الجلسة الصباحية، أمكن لأعضاء اللجنة الاتفاق على مرشح واحد خلال ساعتين من الثامنة إلى العاشرة، ولكن الإعلان عن العمليتين الانتحاريتين في سوسة والمنستير، أثر على عملية الفرز وتمكن البرلمانيون من فرز 23 مرشحا خلال الساعتين التاليتين.
وفي هذا الشأن، قال عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط» إن المسار الانتخابي عرف تقدما ملحوظا بعد التصديق على تنقيح القانون الانتخابي وإمكانية تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والاتفاق على رئيس الحكومة بحلول يوم السبت.
وسيطرت أجواء من التوافق على اجتماعات الفرقاء السياسيين، الذين سارعوا بـ«غربلة» الأسماء المرشحة لمنصب رئاسة الحكومة وتم حصر المنافسة بين ثلاثة مرشحين بعد أن كان العدد في حدود ثمانية مرشحين قبل يومين. وتهدف هذه العملية إلى الإسراع في إنهاء المرحلة الانتقالية الثانية وتهيئة الظروف الملائمة للدخول في المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
من ناحيته، أشار عامر العريض رئيس الدائرة السياسية لحركة النهضة في صريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تفاعلا إيجابيا قد سرى بين أعضاء المجلس التأسيسي وبين كل الجالسين إلى طاولة الحوار. وأضاف أن «إمكانية الانتهاء من جلسات الحوار في آجالها وارد» إذا ما تواصل الحوار بنفس الروح الإيجابية.
وعلى خلفية الأحداث الإرهابية التي جدت بمدينتي سوسة والمنستير، أعلنت أمس وزارة الداخلية التونسية عن القبض بمدينة المهدية على شخصين قالت إنهما من أنصار التيار السلفي وعلى علاقة بالأحداث الإرهابية الأخيرة. كما نشرت الوزارة بلاغا مرفقا بصورتين لشابين لا تزيد أعمارهما عن الثلاثين سنة قالت إنهما مورطان في نفس الأحداث ودعت التونسيين إلى الإبلاغ عنهما وتقديم كل المعلومات بشأنهما.
في غضون ذلك، صرحت حياة السعدي والدة أيمن السعدي (18 سنة) منفذ عملية المنستير، بأن ابنها «ضحية، وأنه حاول التوجه للجهاد في سوريا». وأضافت انه انقطع عن الدراسة في المدارس العمومية ليبدأ الدراسة عن بعد بإحدى الجامعات الشرعية في الضواحي الجنوبية للعاصمة التونسية. وأوضحت أن ابنها الذي قبض عليه قبل أن يقدم على تفجير نفسه بالقرب من مقبرة آل بورقيبة في المنستير، قد غادر المنزل منذ يوم 19 أغسطس (آب) الماضي بدعوى الاصطياف قبل أن يتوجه إلى ليبيا ومنها إلى تركيا، ومن ثم الإعلان عن القبض عليه في حادثة المنستير. وحملت المسؤولية لوزارة الداخلية التونسية التي لم تمنع على حد قولها عمليات التغرير بالشباب التونسي ودفعه إلى تنفيذ عمليات إرهابية.



المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».