تكتّل سياسي سوري جديد في إدلب «ينتفض» على «الائتلاف الوطني»

رئيسه لـ «الشرق الأوسط»: «نعمل أيضًا على توحيد الفصائل وإبعاد الصبغة الإرهابية عن المنطقة»

عاملون في فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) خلال عملية إغاثة في ركام مبنى استهدفه قصف طيران نظام الأسد بأحد الأحياء السكنية في مدينة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة (غيتي)
عاملون في فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) خلال عملية إغاثة في ركام مبنى استهدفه قصف طيران نظام الأسد بأحد الأحياء السكنية في مدينة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة (غيتي)
TT

تكتّل سياسي سوري جديد في إدلب «ينتفض» على «الائتلاف الوطني»

عاملون في فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) خلال عملية إغاثة في ركام مبنى استهدفه قصف طيران نظام الأسد بأحد الأحياء السكنية في مدينة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة (غيتي)
عاملون في فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) خلال عملية إغاثة في ركام مبنى استهدفه قصف طيران نظام الأسد بأحد الأحياء السكنية في مدينة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة (غيتي)

على وقع الحملة العسكرية التي يشنّها النظام السوري وروسيا على محافظة إدلب، بشمال غربي سوريا، أعلن عن تأسيس «الهيئة السياسية» في المحافظة، في خطوة تهدف - حسب مطلقيها - إلى «تنظيم إدارة المنطقة وتحصينها من حملة التشويه التي تتعرّض لها عبر طبعها بالصبغة الإرهابية بعدما صارت ملجأ لكل الفصائل، وفق خطة قام بها النظام السوري في وقت لم يعمد (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية) إلى الدخول إليها أو الاهتمام بها». هذا ما يقوله رئيس الهيئة الجديدة رضوان الأطرش، ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الهيئة ستكون جامعة للفعاليات الثورية والمدنية في إدلب وصوت الداخل المعبّر عن تطلعات الشعب وآماله وصولاً إلى بناء دولة العدالة والحرية والكرامة».
ويتحدث بيان التأسيس، كما يقول الأطرش، عن «أن هناك استياءً وغضبًا من قبل أهالي إدلب من الائتلاف، معتبرين أن أداءه لم يكن كما يجب في تعامله مع منطقتهم»، وهو ما أدى بالتالي إلى «انتفاضة البعض وتأسيسهم هذه الهيئة، التي يشدّد الأطرش على أنّ معظم أعضائها الذين يبلغ عددهم 106 أشخاص هم من المدنيين الذين سيعملون ضمن البرنامج الموضوع على التواصل مع الفصائل»، مع التأكيد على أن «للعسكر ميدانهم وللمدنيين ميدانهم».
ويوضح الأطرش أنه بدأ العمل على تأسيس الهيئة منذ نحو سنة إلى أن وصلت إلى صيغتها النهائية التي سيتم الإعلان عنها رسميًا خلال أيام قليلة. ويلفت إلى أن الهيئة تواصلت مع كل الفصائل وستكون على تنسيق معها للعمل أيضًا على توحيد الصفوف لمواجهة أي حملة قد تتعرض لها المنطقة، في ظل الحديث عن أن معركتها ستكون التالية بعد حلب. ويشير إلى أن هذه الكتلة السياسية الخاصة بإدلب «ستكون الممثل السياسي للمنطقة وصوتها إلى الخارج، والتواصل مع الفصائل لحثها على التوحد، أو على الأقل إنشاء مجلس عسكري للتنسيق في ما بينها، وقد لمسنا مؤشرات إيجابية في هذا الإطار من قبل القياديين في إدلب».
ويضيف الأطرش موضحًا: «سنبذل جهودنا لتحصين إدلب وتجنبها معركة مقبلة عبر إيقاف القصف وإعادة الحياة الطبيعية إليها، وإبعاد صبغة الإرهاب التي يحاول النظام وحلفاؤه إلصاقها بها انطلاقا من حجة وجود «جبهة فتح الشام»، قائلاً: «الوجود العسكري لا يقتصر على الجبهة إنما هناك 7 فصائل أخرى موجودة هنا، مع تأكيدنا على أن عناصر الفصائل هم أبناء المنطقة ولم يحملوا السلاح إلا نتيجة الواقع الذي وصلنا إليه».
وفي حين يؤكد الأطرش: «لسنا ضد الائتلاف الذي نحن على اتصال معه، إنما لسنا راضين عن عمله في المنطقة، وهناك غضب شعبي من تقصيره وضعف أدائه»، يقول غسان حمو، رئيس مجلس محافظة إدلب، لـ«الشرق الأوسط» إن التشكيل الجديد لن يتعارض مع عمل المجلس التابع لـ«الائتلاف» والحكومة المؤقتة، ويردف: «على العكس من ذلك من الممكن أن نعمل سويا لصالح إدلب، إنما الهيئة من الجانب السياسي ونحن من الجانب الخدماتي، مستبعدا أن يواجه الطرفان تضاربا في المهام». وفي ردّ منه على ما وصفه الأطرش بالاستياء الشعبي من أداء الائتلاف، قال: «لكل ظروفه ونبذل جهودنا قدر الإمكان». بدوره، يقول الأطرش: «الكلمة الأولى لعملنا ستكون للسياسة، وخطتنا هي في ثلاثة مسارات: سياسية وعسكرية وإدارية، بما فيها الجانبان الاجتماعي والاقتصادي اللذان سيتم التنسيق بشأنهما مع المجالس المحلية والعمل على تقوية عملها».
من ناحية أخرى، يرفض الأطرش القول إن هذه الهيئة تشكّل خطوة نحو «الفيدرالية»، في وقت ترفض المعارضة السورية ما قام به الأكراد في بعض مناطقهم، ويقول: «على العكس من ذلك، هي خطوة نحو هيئة الحكم الانتقالي في سوريا التي من المفترض أن يعمل عليها في أي حل سياسي». ويستطرد: «سنعمل على تعميم التجربة على المحافظات الخاضعة لسيطرة المعارضة، وقد تواصلنا في هذا الإطار مع ناشطين في حماه وريف حلب ولمسنا تجاوبًا منهم، لنجتمع معًا في وقت لاحق ضمن تجمع موحّد».
وفي البيان الأولي الذي أعلنت عنه الهيئة السياسية في ختام اجتماعاتها يوم الأحد الماضي، وحصلت «الشرق الأوسط» على تسجيل له، على أن تعلن عنه رسميًا في اليومين المقبلين،-أنّه «ونتيجة للظروف التي تمر بها الثورة السورية وتخاذل المجتمع الدولي عن القيام بواجباته والتزاماته وضعف الأداء السياسي وغياب تمثيله الحقيقي في الداخل، نعلن تشكيل الهيئة السياسية في إدلب وتكليف رضوان الأطرش رئيسًا في دورته الأولى». وأضاف: «نهيب من كل المحافظات السعي لتوحيد الصفوف في الداخل، ونوجّه رسالة إلى جميع الفصائل في كل المناطق لوحدة الصف وأهداف البندقية، مع التأكيد على عزم الهيئة إطلاق برنامج عمل نسعى من خلاله لتوحيد الجهود المدنية والعسكرية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.