300 ألف مرآة تولد الكهرباء من أشعة الشمس الرخيصة

في أكبر محطة حرارية في العالم

300 ألف مرآة تولد الكهرباء من أشعة الشمس الرخيصة
TT

300 ألف مرآة تولد الكهرباء من أشعة الشمس الرخيصة

300 ألف مرآة تولد الكهرباء من أشعة الشمس الرخيصة

عندما افتتحت أكبر محطة حرارية شمسية في العالم لتوليد الطاقة في إيفانباه Ivanpah في ولاية كاليفورنيا أوائل العام الحالي استقبلت بعين الشك. ومحطة الطاقة هذه مذهلة فعلا، حيث تقوم 300 ألف مرآة، كل واحدة منها بحجم باب المرأب، بتركيز أشعة الشمس على ثلاثة أبراج بحجم 140 مترا بهدف توليد الحرارة العالية. وتولد هذه الحرارة البخار الذي يشغل النوع ذاته من التوربينات التي تستخدم في محطات وقود باطن الأرض (الأحفوري). ويمكن للحرارة هذه تخزينها (مثلا في تسخين الأملاح المنصهرة) واستخدامها لدى مغيب الشمس بتكلفة أقل من تكلفة تخزين الكهرباء في البطاريات.
لكن الكثير من الخبراء، حتى أولئك الذين استثمروا في المشروع، يقولون إنه قد يكون الأخير من نوعه، إذ يقول ديفيد كراين الرئيس التنفيذي لشركة «إن آر جي إنرجي»، إحدى الشركات الثلاث، بما فيها «سايت سورس إنرجي»، و«غوغل» التي مولت تشييد المحطة، أمام حشد من الباحثين ورجال الأعمال في مؤتمر عقد في أوائل العام الحالي، إن الأرقام الاقتصادية بدت جيدة لدى اقتراح إقامة المحطة قبل ست سنوات. لكن منذ ذلك الحين انخفضت أسعار الألواح الشمسية التقليدية بشكل كبير. «واليوم تنحصر معاملاتنا المصرفية على خدمة هذه الألواح فقط».
طاقة حرارية شمسية
إن جاذبية التقنية الحرارية thermal technology هذه بسيطة للغاية، فهي خلافا للألواح الشمسية التقليدية، يمكنها توليد الطاقة حتى ولو كانت الشمس لا تشع. لكنها في الواقع أكثر تكلفة من الكهرباء المنتجة بالوقود الأحفوري، والكهرباء من الألواح الشمسية. وهذه الحقيقة دفعت الخبراء والباحثين لكي يفتشوا عن أساليب جديدة لجعلها أكثر اقتصادية وقابلية للمنافسة.
ومن التحديات الكبيرة كما يقول فيليب غليكمان كبير التقنيين في محطة «أريفا سولار»، هو أن مجموعات المرايا، فضلا عن المحركات، وعلب التروس التي توجه هذه المرايا إلى الشمس، هي باهظة الكلفة. لكن أحد الحلول الممكنة، كما يقول أتت من شركة «أذرلاب» الناشئة في مدينة سان فرانسيسكو، يقوم على وضع مشغلات، وأخرى تعمل بالهواء المضغوط التي يمكن صنعها بتكلفة متدنية عن طريق استخدام المعدات الإنتاجية التي تستخدم حاليا في صنع قناني المياه البلاستيكية محل المحركات.
ونقلت مجلة «تكنولوجي ريفيو» الأميركية عن ليلى مادرون رئيسة العمليات الشمسية في المحطة أن التقنية هذه من شأنها أن تخفض تكلفة حقول المرايا التي تركز أشعة الشمس بنسبة 70 في المائة. لكن حتى هذه النسبة من التخفيض، كما تقول، لن تكون كافية لجعل التقنية قابلة للمنافسة مع الألواح الشمسية التقليدية، حتى ولو كانت تكلفة المرايا هي ثلث إلى نصف الكلفة الإجمالية للمحطة الحرارية الشمسية.
ولتخفيض الكلفة أكثر فأكثر يتطلب الأمر زيادة كمية الطاقة التي يمكن للمحطة الحرارية الشمسية أن تولدها لتسويق المزيد من الطاقة بنفس القدر من الاستثمار. وأحد المساعي لزيادة إنتاج الطاقة هو زيادة درجات الحرارة التي تعمل بموجبها المحطة، مما يجعلها أكثر كفاءة. فهي تعمل حاليا على درجة 650 درجة مئوية أو أقل، لكن بعض الباحثين يعملون على تطوير أساليب لزيادتها من 800 إلى 1200 درجة مئوية. ومثل هذا المسعى تعمل عليه شركة جديدة أخرى ناشئة هي «هالوتيكنيكس» التي تستخدم عمليات بحث ومسح شاملة لتطوير مواد جديدة، منها أنواع جديدة من الأملاح والزجاج التي يمكنها تخزين الحرارة على مثل هذه الدرجات العالية.
نظم هجينة
وثمة خيار آخر يقوم بتمويله برنامج جديد في الولايات المتحدة من قبل وكالة مشاريع الأبحاث المتطورة لأغراض الطاقة، يرتكز على إقامة محطات طاقة يمكنها إضافة ألواح شمسية إلى المحطات الحرارية الشمسية. والفكرة الأساسية من وراء ذلك هي أن الألواح الشمسية يمكنها أن تحول بكفاءة أمواجا بترددات معينة من الضوء إلى كهرباء. فالكثير من الطاقة على سبيل المثال يكون على شاكلة أشعة تحت الحمراء، وفوق البنفسجية التي لا تتحول، بل يجري بثها كحرارة ضائعة. أما المشروع الجديد هذا، فإنه ينظر في أساليب لتسخير هذه الحرارة.
والنظم الشمسية التي تجمع بين نظم الحرارة الشمسية والألواح الشمسية ليست جديدة. فلسنوات قدمت الشركات نظما شمسية ركبت فيها أنابيب مائية خلف الألواح الشمسية، مما يجعل الحرارة الضائعة من الألواح الشمسية الماء ساخنا صالحا للاستحمام.
والمسعى الجديد في كل الأحوال هو البحث عن أساليب للوصول إلى درجات حرارة عالية، ما يكفي لاستخدامها في توليد التيار الكهربائي والتي تنطوي على تركيز أشعة الشمس لبلوغ درجات حرارة عالية، ومن ثم تحويل بعض أشعة الشمس المركزة هذه إلى الألواح الشمسية.
ويقول هوارد برانز مدير البرامج المسؤول عن هذه المشاريع في الوكالة المذكورة إن الأمل معقود على أن تعوض الكلفة الإضافية لهذه النظم الهجينة عن أمرين: الأول جعل هذه النظم أكثر كفاءة، محولة أكثر من نصف الطاقة الموجودة في أشعة الشمس إلى كهرباء، مقارنة بنسبة 15 إلى 40 في المائة بالنسبة إلى الألواح الشمسية التقليدية الحالية. أما الأمر الثاني فهو أن القدرة على تخزين الحرارة لاستخدامها عند الضرورة، ستصبح أكثر قيمة وفائدة مع تركيب المزيد من منشآت الطاقة الشمسية، وذلك سيمكن ألمانيا التي تملك أكثر طاقة شمسية من أي قطر آخر من الاكتفاء، بدلا من أن تتوجه أحيانا كما هو الحال الآن وتدفع المبالغ إلى جيرانها، لكي تسحب منهم الطاقة الشمسية الزائدة عن حاجاتهم التي تتولد في الأيام المشمسة، وتستخدمها.



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»