انطلق مؤتمر حركة فتح السابع أمس، بإعادة انتخاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، قائدا عاما للحركة بالإجماع، في تأكيد على بداية مرحلة جديدة، يتربع فيها أبو مازن على عرش الحركة الأكبر في منطقة التحرير، مرسلا معارضيه، وأبرزهم القيادي المفصول محمد دحلان وأنصاره، إلى المجهول.
وفور دخول عباس إلى المؤتمر، المنعقد في مقر الرئاسة في رام الله، وقف جميع الأعضاء للتصفيق والترحيب، وهتفوا: «يا عباس سير سير.. واحنا معاك حتى التحرير».
عباس من جانبه، قال، بعد انتخابه، إن المؤتمر سيسطر فصلا جديدا في مسيرة الحركة، مخاطبا الحضور: «أنتم الآن تؤكدون بوجودكم هنا، أن فتح ستبقى غلاّبة». ووصف المؤتمر، بأنه مؤتمر القرار الوطني المستقل، والبناء، والتحرير، والاستنهاض، والوحدة الوطنية، مضيفا: «اللي مش عاجبه يصطفل» في تحد، كما يبدو، لدول إقليمية وللقيادي المفصول من الحركة، محمد دحلان، وأتباعه الذين أطلقوا على المؤتمر صفة «الإقصائي»، وتعهدوا بإطلاق مؤتمر مضاد، وهذا ما جعل الأجواء مشحونة أكثر.
وكانت دول إقليمية قد طالبت بإجراء مصالحة بين عباس ومحمد دحلان قبل عقد هذا المؤتمر، توترت علاقتها بعباس بعد رفضه عرض المصالحة وإصراره على المضي في عقد المؤتمر.
وفي مؤشر على توتر مكبوت مع دول قريبة ومؤثرة، امتنع الكثير من أعضاء الإقليم في الأردن، عن الحضور إلى رام الله للمشاركة في أعمال المؤتمر. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إنهم تجنبوا إغضاب عمان غير الراضية عن عقد المؤتمر بهذه الطريقة.
ويرى مراقبون، أن المؤتمر يحسم قضية دحلان، ويبقيه وأتباعه خارج الحركة، ويرسل رسائل واضحة بنهاية عهد وبداية آخر.
من جانبهم، احتج مناصرو دحلان أمس، بوسائل شتى، فيما لم يتوقف الغضب عليهم. لكن آخرين، استبعدوا من عضوية المؤتمر، شنوا هجوما عنيفا على المؤتمرين، ووصفوا المؤتمر بـ«مؤتمر الانقسام والتسحيج».
وكتب الدكتور أسامة الفرا، تعليقا على قرار استبعاده من عضوية المؤتمر السابع: «قد نغض البصر عن أعضاء جيء بهم من دون معرفتهم لماهية المؤتمر. لكن ما لا يمكن قبوله كيف لقائمة طويلة من المناضلين أفنى كل منهم عمره مناضلا متقدما الصفوف، أن يكون خارج المؤتمر».
ووجه القيادي في حركة فتح، حسام خضر، المستبعد كذلك من عضوية المؤتمر، انتقادًا لاذعًا للمؤتمر، قائلا إنه «ينعقد على أرضية الثأر الشخصي والإقصاء المتعمد، من أجل تعزيز إضعاف فتح وإنهاء دورها الوطني».
وخلقت مسألة العضوية هذه جدلا واسعا، وتبادلا للاتهامات.
واحتج النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح، جمال الطيراوي، على مسألة العضوية، بانسحابه من المشاركة في المؤتمر، بسبب ما وصفه بـ«سياسة الإقصاء والتهميش المتعمدة لكثير من قيادات الحركة وكوادرها». وألغت أمس مجموعة من قيادات حركة فتح، لم تجر دعوتها للمؤتمر العام، مؤتمرا صحافيا في مخيم قلنديا القريب، بدعوى التعرض لتهديدات. وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، ديمتري دلياني: «منعا لإراقة الدماء، قرر أعضاء من المجلس التشريعي والمجلس الثوري والقيادات الحركية إلغاء المؤتمر الصحافي». وحسب دلياني، الذي انتخب في المؤتمر السادس عضوا في المجلس الثوري، فإن أعضاء من حركة فتح في المجلس التشريعي والمجلس الثوري، ينددون بانعقاد المؤتمر في المقاطعة «لأنه مؤتمر إقصائي بامتياز».
وفي غزة، استنكر نحو سبعين من أعضاء المؤتمر السابع، ممن لم يحصلوا على تصاريح لهم للمغادرة إلى رام الله، عقده من دونهم، مشيرين إلى أنهم يمثلون الثلث.
وطالب مرشح المجلس الثوري سعدي سلامة، الرئيس محمود عباس، بالتدخل شخصيًا لحل إشكالية العالقين، الذين لم يحصلوا على تنسيق أو تصاريح حتى اللحظة.
ولم يكترث المؤتمرون لكثير من هذه الأصوات، خصوصا المحسوبة على دحلان، ووصفها رئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون: «بالأشياء الموبوءة التي تصدح ضد الرئيس قبل وبعد الإعداد للمؤتمر».
لكن عباس نفسه، حاول تهدئة كثير من الغاضبين الآخرين، قائلا أمام الحضور، إن كثيرا من المناضلين من حركة فتح «يستحقون أن يكونوا هنا، وهم حاضرون معنا، ولهم دورهم في الحفاظ على الحركة، وبناء الدولة، وهم جميعا في كل مكان في وجداننا، ومحل ثقتنا ونعتز بهم».
وبعد أن أعلن عباس إطلاق المؤتمر، بحضور ألف و322 عضوا من أصل ألف و411، جرى انتخاب هيئة رئاسية للمؤتمر، ضمت: عبد الله الإفرنجي رئيسا، وانتصار الوزير نائبا، وأنس الخطيب عضوا، ومحمود ديوان مقررا.
ووزعت الهيئة على المؤتمرين أهم بنود البرنامج السياسي المقترح لحركة فتح.
وقال منير الجاغوب، مسؤول الإعلام في الحركة مرشح المجلس الثوري، إن أهم البنود تضمنت حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس، على الأرض الفلسطينية المحررة التي احتلتها إسرائيل منذ الرابع من يونيو (حزيران) 1967 على الأقل، وأن حق الشعب الفلسطيني في ممارسة الكفاح المسلح ضد الاحتلال الذي يحتل أرضه يبقى حقا ثابتا أكدته الشرائع والقانون الدولي، واختيار أسلوب الكفاح في الزمان والمكان يعتمد على القدرات الذاتية والجماهيرية وعلى الأوضاع الداخلية والخارجية، وحسب معادلات القوى، وضرورات الحفاظ على الوطن، وعلى قدرة الشعب على الثورة والصمود، والاستمرار في الكفاح والتصدي.
ويستمر المؤتمر خمسة أيام، ويناقش إلى جانب البرنامج السياسي، ملفات أخرى لا تقل حساسية، بينها ملف وفاة الرئيس ياسر عرفات، والعلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، والمصالحة، وينتهي المؤتمر السبت المقبل، ما لم يجر تمديده، بانتخاب الهيئات القيادية، اللجنة المركزية بانتخاب 18 عضوا، ويجري تعيين ثلاثة لاحقا، والمجلس الثوري المؤلف من ثمانين عضوا، ويجري تعيين 21 لاحقا.
ويكتسب المؤتمر أهميته، بأنه يمهد لقيادة جديدة ستأتي بالخليفة المنتظر للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يفترض أن يكون أحد أعضاء المركزية الجديدة، ويجري انتخابه، لاحقا، في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
فتح تبدأ مؤتمرها السابع بإعادة انتخاب عباس قائدًا عامًا
يطوي صفحة دحلان ويناقش «الدولة» و«ملف عرفات» وينتخب قيادة جديدة
فتح تبدأ مؤتمرها السابع بإعادة انتخاب عباس قائدًا عامًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة