مناطق شرق الموصل تطلق نداء استغاثة من الجوع و«داعش»

أهالي قضاء «تلكيف» يواجهون الإبادة الجماعية جوعًا وعطشًا

عراقي مصطحبا طفليه يهرب من المعارك في بلدة بعشيقة شرق الموصل أمس (رويترز)
عراقي مصطحبا طفليه يهرب من المعارك في بلدة بعشيقة شرق الموصل أمس (رويترز)
TT

مناطق شرق الموصل تطلق نداء استغاثة من الجوع و«داعش»

عراقي مصطحبا طفليه يهرب من المعارك في بلدة بعشيقة شرق الموصل أمس (رويترز)
عراقي مصطحبا طفليه يهرب من المعارك في بلدة بعشيقة شرق الموصل أمس (رويترز)

مع استمرار تقدم القوات الأمنية العراقية في تحرير المناطق والأحياء السكنية عند الجانب الأيسر لمدينة الموصل، وصولاً إلى مركزها الذي يحتوي على المبنى الحكومي لمحافظة نينوى عند الجانب الأيمن للمدينة، والذي يسيطر عليه تنظيم داعش منذ ثلاث سنوات وحتى الآن، ومع تقدم القطعات العسكرية تزداد أزمة مئات الآلاف من المدنيين العالقين في الأحياء السكنية بمناطق مدينة الموصل بجانبيها الأيسر والأيمن ونواحيها وأقضيتها المترامية الأطراف. معاناة الأهالي تختلف من مدينة إلى أخرى ومن حي إلى آخر، ففي قضاء تلكيف الواقع على بعد 18 كيلومترا شمال شرقي مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، يحاصر تنظيم داعش الآلاف من السكان المدنيين من أهالي القضاء ويمنعهم من مغادرة المدينة، وأطلق الأهالي نداءات استغاثة للحكومة العراقية والقوات الأمنية للإسراع في تحريرهم، وخصوصًا بعد موت عشرات منهم نتيجة الجوع والعطش، وانعدام تام للمواد الغذائية والطبية والخدمات.
وقالت الناشطة في حقوق الإنسان نازك شمدين، من سكان مدينة شنكال في الموصل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «أكثر من 35 ألف شخص من أهالي قضاء تلكيف يواجهون خطر الإبادة الجماعية جوعًا وعطشًا، وهم محاصرون هناك ويمنعهم تنظيم داعش الإرهابي من الخروج من منازلهم والتوجه صوب القوات الأمنية العراقية، وقد وجهوا نداءات استغاثة مطالبين الحكومة والقوات الأمنية بالإسراع في إنقاذ حياتهم حيث سقط عشرات من الأطفال والنساء وكبار السن ضحايا، نتيجة الجوع والعطش».
وأوضحت شمدين: «إننا نستغرب من عدم تحرير قضاء تلكيف من قبل القوات العراقية، وهي على مسافة قريبة من تواجد قوات الجيش العراقي شرقًا وقوات البيشمركة الكردية عند شمال القضاء، فهناك كثير من المناطق والقرى تم تحريرها، ولم يلتفت أحد إلى نداءات المدنيين الأبرياء المحاصرين هناك، وقد نفد مخزون الغذاء لديهم منذ 27 يوما، مع انعدام تام للكهرباء ومياه الشرب، فيما يقوم مسلحو تنظيم داعش الإرهابي بتضييق الخناق على المدنيين عبر دوريات لهم تجوب طريق حي العربي، وهم الآن متخفون في الأنفاق والملاجئ التي حفروها ويطلقون النار على أي شخص يحاول الخروج من المدينة».
وأشارت شمدين إلى أن «هناك مئات العائلات من أهالي قضاء تلعفر (50 كيلومترا غرب مدينة الموصل) أجبرهم التنظيم الإرهابي على التوجه إلى الأراضي السورية، وتحديدًا إلى مدينة الرقة الخاضعة لسيطرته، وخرجت تلك العائلات تحت تهديد السلاح من قبل عناصر التنظيم، وكان من بين العائلات مئات من النساء الإيزيديات الأسيرات والمغتصبات من قبل التنظيم الإجرامي، واللاتي نقلهن في وقت سابق إلى تلعفر، ويسوقهن اليوم إلى خارج الحدود».
وتابعت شمدين أنه «لا بد للحكومة العراقية من التحرك الفوري لحماية الآلاف من المدنيين الأبرياء من قبضة التنظيم الإرهابي ونشر القوات العراقية على الحدود مع سوريا، منعًا من نقل عائلاتنا إلى مناطق تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، هي أكثر خوفًا ورعبًا وخارج حدودنا».
ومنذ انطلاق الحملة العسكرية لتحرير مدينة الموصل، تمكن أكثر من 59 ألف شخص من أهالي القرى والبلدات والمناطق في أطراف المدينة والأحياء السكنية في جانبيها الأيسر والأيمن من الهروب من قبضة تنظيم داعش، والتوجه صوب القوات الأمنية التي نقلتهم إلى مخيمات النزوح، ولا يزال الخطر يهدد نحو مليون آخرين يعيشون في المدينة الواقعة شمال العراق.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانیة في العراق التابعة للأمم المتحدة، ليز غراندي، في تقرير صدر أمس، إن «كثيرًا من المناطق التي تمت استعادتها من (داعش) لا تصلح لعودة السكان إليها نتيجة تدمير البنى التحتية فيها، وإن التلوث الشدید المتمثّل بالألغام في تلك المناطق وسیاسة الأرض المحروقة التي تستخدمها الجماعات المسلحة المسیطرة على الموصل، تُشكل مخاطر فوریة وطویلة الأجل على السكان والبیئة، واليوم نحن نعمل باسم المجتمع الإنساني، وبالتعاون مع الشركاء في المجال الإنساني، على تقديم المساعدة إلى النازحین والأُسر الضعیفة في المجتمعات التي تمت استعادتها حدیثًا، حیثما كان ممكنًا».
في هذا الصدد، أضافت غراندي أن الأمم المتحدة ستعمل «بأقصى سرعة ممكنة، وبتنسیق وثیق مع السلطات العراقية، لمساعدة السكان الأكثر عرضة للخطر في العالم».
وأشارت غراندي إلى أن «الأرقام التي أوردها تقرير الأمم المتحدة تشير إلى ما یقرب من 59 ألف شخص نزحوا، منهم 26 ألفا من الأطفال. ویقیم أكثر من 40 ألف نازح في مخیمات رسمیة في ثلاث محافظات، وتدار من قبل الحكومة والأمم المتحدة والمنظمات غیر الحكومیة الوطنیة والدولیة، وتم استقبال أكثر من 13 ألف نازح في المجتمعات المضیفة السخیة، أو یقیمون في المباني والمنشآت الحكومیة. ودعمًا لحكومة العراق، بدأت الأمم المتحدة والمنظمات غیر الحكومیة في تقدیم المساعدة للأسر النازحة والمقیمة في المناطق التي تمت استعادتها حدیثًا».
وشدد التقرير على حاجة الأمم المتحدة والمنظمات غیر الحكومیة إلى موارد إضافیة لدعم عشرات الآلاف من الأُسر التي تحتاج إلى المساعدة العاجلة. ومع اقتراب فصل الشتاء، وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبیر في اللیل، تحتاج الأُسر، وكثیر من الذین فروا من دیارهم وليس بحوزتهم شيء تقریبًا، إلى مدافئ وبطاطین ولوازم فصل الشتاء الأخرى. وذكر التقرير أن أكثر من 100 شريك في المجال الإنساني يقومون حالیًا بتقدیم المساعدة إلى الأشخاص المتضررین من العملیات العسكریة الجاریة، وفقًا للمبادئ الإنسانیة والحیادیة والنزاهة والاستقلال. ولفت التقرير إلى أنه مع اقتراب وصول العملیات العسكریة إلى المناطق المكتظة بالسكان في مدینة الموصل، یشعر العاملون في المجال الإنساني بقلق متزاید حول قدرة الأُسر المتضررة من الصراع على الوصول إلى بر الأمان والحصول على المساعدة.
وأوضح التقرير أنه في سیناریو حدوث أسوأ الاحتمالات، فقد یتعرض ما یصل إلى ملیون شخص للخطر الشدید المتمثل بتبادل إطلاق النار والقناصة، وتلوث العبوات الناسفة والطرد القسري والاستخدام دروعًا بشریة. وأن سقوط ضحایا في صفوف المدنیین، وعدم القدرة على علاجهم، یشكل مبعث قلق شدید.



الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.