الجيش اليمني يحرر المستشفى العسكري ضمن سلسلة انتصارات في تعز

تحرير أسرى مدنيين سجنهم الانقلابيون منذ عام > مقتل قائد الميليشيات في جبهتي القصر والبنك

مقاتلون ضمن صفوف الجيش اليمني بإحدى جبهات القتال في تعز (أ.ف.ب)
مقاتلون ضمن صفوف الجيش اليمني بإحدى جبهات القتال في تعز (أ.ف.ب)
TT

الجيش اليمني يحرر المستشفى العسكري ضمن سلسلة انتصارات في تعز

مقاتلون ضمن صفوف الجيش اليمني بإحدى جبهات القتال في تعز (أ.ف.ب)
مقاتلون ضمن صفوف الجيش اليمني بإحدى جبهات القتال في تعز (أ.ف.ب)

اشتدت المواجهات في المحافظات اليمنية التي ما زالت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية تسيطر عليها، في ظل تقدم قوات الجيش اليمني، المسنودة بطيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
وبحسب مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» فقد سقط أكثر من مائة قتيل وعشرات الجرحى من ميلشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح الانقلابية في معارك عنيفة مع قوات الجيش اليمنية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية في محافظات حجة والجوف وتعز.
وفي تصعيد كبير للعمليات العسكرية في الجبهة الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية، شهدت المنطقة الحدودية وجبهتا حرض وميدي الساحلية التابعة لمحافظة حجة، الواقعة إلى الشمال الغربي للعاصمة صنعاء، معارك عنيفة ورافقها قصف مقاتلات التحالف العربي على مواقع وتجمعات والخطوط الأمامية للميليشيات الانقلابية. وكان المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الخامسة، قد ذكر أن «قوات الشرعية شنت هجومها على مواقع الميليشيات الانقلابية، وتمكنت من استعادة السيطرة على مناطق الكهرباء والمخازن والعشش، التي كانت تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية، وكبدتهم خسائر بشرية ومادية كبيرة».
كما تمكنت الجيش اليمني من السيطرة على خط الإمداد الواصل بين حرض وميدي، والوصول إلى محيط المجمع الحكومي في ميدي بعد تحرير قرية العشش غربي مدينة حرض.
وفي محافظة الجوف، يخوض الجيش اليمني معارك شرسة ضد الميليشيات الانقلابية في جبهة المتون منطقة مزوية بمحافظة الجوف، وذلك بعدما حقق تقدما في الأيام الماضية القليلة وصولا إلى سوق الثلوث، واستكمل تحرير وادي الغمير في مديرية الشعف بعد معارك عنيفة مع الميليشيات الانقلابية. ويأتي ذلك، بعدما حررت قوات الجيش اليمني وقوات التحالف العربي، ما تبقى من مديريات خب والشعف في الجوف، التي سبقتها مواجهات عنيفة تكبدت فيها الميليشيات الخسائر البشرية والمادية. وفي جبهة تعز المشتعلة، حققت قوات الجيش اليمني تقدما كبيرا ومتسارعا في جبهات القتال بالمدينة والريف، وتكبدت الميليشيات خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، بما فيها مقتل قياديين في صفوف الميليشيات الانقلابية. وقال قائد محور تعز، اللواء الركن خالد فاضل، إن «الأمور في تعز تسير بحسب ما خطط لها»، مشيرا إلى أنهم يريدون «استكمال التحرير وترتيب ما بعده، وقد نفذت كل الجبهات حسب الأدوار المنوطة بها». وفي ظل تراجع ميلشيات الحوثي وصالح، تواصل قوات الجيش اليمني تحقيق انتصاراتها في جميع جبهات القتال بمحافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية جنوب العاصمة صنعاء.
ولليوم الثالث على التوالي، يحقق الجيش اليمني انتصاراته المتسارعة والكبيرة في جبهات عدة، حيث تمكن الجيش اليمني بوحدات من اللواء 35 مدرع من تحقيق تقدم في جبهات تعز الجنوبية والريفية حيفان والصلو وجبهة الأقروض، وتمت استعادة مواقع كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الانقلابية، وذلك بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة من التقدم الكبير في الجبهة الشرقية واستعادة مواقع عدة كانت خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح الانقلابية.
ورافق التقدم القصف العنيف من المواقع التي لا تزال تتمركز فيها الميليشيات الانقلابية على الأحياء السكنية في تعز وقرى حيفان والصلو والأقروض.
كما تمكنت وحدات من الجيش اليمني من اللواء 22 ميكا واللواء 35 مدرع، من التقدم وتحقيق انتصارات جديدة ومتسارعة في الجبهة الشرقية، حيث تمكنت أمس، من التقدم في جبهة القصر الجمهوري من السيطرة على عدد من المباني والمنازل المجاورة للقصر الجمهوري (شرق المدينة).
وشهدت مناطق الربيعي والضباب ومحيط جبل هان الاستراتيجي (غرب المدينة) اشتباكات عنيفة على إثر محاولة الميلشيات الانقلابية الدفع بتعزيزات كبيرة إلى قواتها في تلك الجبهات، وصد قوات الشرعية، الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، لمحاولاتهم، علاوة على المعارك العنيفة التي شهدتها، أيضا، منطقة الزنوج ومحيطها، شمال مدينة تعز.
وقال سهيل الخرباش، القيادي في القوات الموالية للحكومة اليمنية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش اليمني بوحداته من اللواء 35 مدرع، شن هجومه الواسع والمباغت على مواقع ميلشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية في جبهات المدينة الشرقية والغربية والجنوبية، وكذلك الجبهات الريفية، الصلو وحيفان، في الوقت الذي شن فيه هجوما مباغتا على مواقع الميليشيات في قصر الشعب والمستشفى العسكري، شرق المدينة».
وأضاف القيادي أن «اشتباكات عنيفة شهدتها الجبهة الشرقية، تمكنت من خلالها قوات الجيش اليمني من السيطرة على مدرسة النجاح وتطهير عدد من المباني في حي الجحملية، وتستمر في تطهير الحي بالكامل، كما تمكنت من السيطرة الكاملة على حي قريش ومدرسة الكويت ومدرسة أسماء والمستشفى العسكري ومقر قناة السعيدة ومحيطه».
وفي الجبهة الغربية، دارت مواجهات عنيفة تمكنت من خلالها قوات الجيش من السيطرة وتطهير قرن غراب في جبهة الضعيف - جرداد ومواقع أخرى، وذلك على إثر هجوم مباغت شنته القوات على مواقع الميليشيات الانقلابية، وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى من الميلشيات الانقلابية بينهم قائد موقع القصر والبنك المركزي للميليشيات المدعو أبو زيد الشامي.
وذكر القيادي أن جبهة حيفان الريفية (جنوب الميدنية)، شهدت تطهير الجيش اليمني (وحدات اللواء 35 مدرع) للتبة الخضراء وتبة الخزان في جبهة الاحكومة بمديرية حيفان، إضافة إلى تقدم الجيش المستمر وهجومه على مواقع ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية في تبة الدبعي بعد اقترابها من تبة الموقعة خلف تبة الدبعي، وكذلك اقترابهم من منطقة العكاوش في أطراف حيفان.
وتمكنت وحدات اللواء 35 مدرع من السيطرة أيضا على جبل الرضعة والهويين ومدرسة الميثاق في الخلل بعزلة الأقروض بمديرية المسراخ (جنوب تعز) وقامت بتمشيط القرية وأوكار الميليشيات في المنطقة التي فرت هاربة وبشكل جماعي إلى باتجاه دمنة خذير، حيث إن هذه القرية هي المنطقة الأخيرة والفاصلة بين الأقروض وخدير، وبهذا يعتبر الجيش اليمني قد تجاوز أول نقاط الميليشيات باتجاه دمنة خدير، جنوب شرقي المدينة.
كما تحدث القيادي الخرباش عن «تمكن اللواء 35 مدرع في مديرية الصلو، جنوب المدينة، من تطهير قرية الصيار، معقل الميليشيات الانقلابية في مديرية الصلو، جنوب المدينة، وكذلك قرى الصافح والحود والعقبة وصولا إلى قرية الشرف، آخر معاقل الميليشيات في الصلو، وسقط عشرات القتلى والجرحى من ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية بينهم القيادي يحيى خليفة، وفر من استطاع الفرار بعدما خلفوا ورائهم الغنائم الكبيرة من الأسلحة والعتاد والذخائر».
وبينما تسعى قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية الوصول إلى وكر ومعقل الميليشيات الانقلابية في محافظة تعز وهي منطقة الحوبان (شرقا)، أكدت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» أن «قوات الحرس الجمهوري الموالية للمخلوع صالح الانقلابية، منعت مسلحي ميليشيات الحوثي من الفرار ومغادرة مواقعهم في منطقة الحوبان، في ظل انهيار كبير لمعنوياتهم جراء الخسائر الكبيرة والمتلاحقة في جميع الجبهات وتكبيدهم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة».
وعلى السياق ذاته، أكد قائد عمليات محور تعز، العقيد عدنان رزيق، أن «قوات الجيش اليمني تمكنت من تطهير عدة مواقع جديدة في الجهة الشرقية للمدينة، بما فيها تطهير حي قريش بالكامل والمستشفى العسكري مدرسة النجاح والمباني المجاورة له؛ بالإضافة إلى تطهير مدرسة أسماء والمركز الثقافي بصالة شرق، إضافة إلى تطهير مواقع في الصلو والاحكوم».
وذكر أن «قوات الجيش أجبرت الميليشيات الانقلابية على التراجع والانسحاب، مخلفين الكثير من القتلى والجرحى».



احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم، الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة بالضفة الغربية المحتلّة، بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة التي حرمت مسقط رأس السيد المسيح، حسب المعتقد المسيحي، من الاحتفال.

لكن هذا العام، بدت المدينة الواقعة في جنوب الضفة الغربية أكثر حيوية، بعد اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث يواجه مئات الآلاف برد الشتاء القارس بعد أن تركتهم الحرب في خيام مهترئة ومنازل مدمرة.

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم (أ.ب)

وفي الفاتيكان، من المقرر أن يترأس البابا لاوون الرابع عشر قداس عيد الميلاد الأول له عند الساعة 20:30 بتوقيت غرينتش في كاتدرائية القديس بطرس، بعدما دعا إلى «24 ساعة من السلام في العالم أجمع».

وانتخب الحبر الأعظم الأميركي من قبل مجمع الكرادلة، في مايو (أيار)، عقب وفاة البابا فرنسيس، وهو يتميّز بأسلوب أكثر هدوءاً من سلفه، لكنه سار على خطاه في قضايا أساسية، مثل الهجرة والعدالة الاجتماعية.

«أمل»

في بيت لحم، طغت على الأجواء أصوات الطبول ومزامير القِرَب التي تعزف ألحان تراتيل ميلادية شهيرة، بينما توجّه المسيحيون، صغاراً وكباراً، نحو وسط المدينة حيث ساحة المهد.

وقالت ميلاغروس إنسطاس (17 عاماً) التي ترتدي الزي الأصفر والأزرق لكشافة الساليزيان في بيت لحم «اليوم مليء بالفرح، لأننا (من قبل) لم نكن قادرين على الاحتفال بسبب الحرب».

وعلى غرار سائر دول الشرق الأوسط، يشكّل المسيحيون أقلية في الأراضي المقدسة، إذ لا يزيد عددهم على 185 ألفاً في إسرائيل، و47 ألفاً في الأراضي الفلسطينية.

وشارك مئات الأشخاص في المسيرة التي جابت شارع النجمة الضيق المفضي إلى كنيسة المهد والساحة المؤدية لها.

وتجمّع حشد غفير في ساحة المهد، فيما أطلّ عدد قليل من المتفرجين من شرفات مبنى البلدية لمتابعة الاحتفالات.

وفي وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء.

ويعود بناء الكنيسة إلى القرن الرابع، وقد بُنيت فوق مغارة يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح وُلد فيها قبل أكثر من ألفي عام.

وقالت كاتياب عمايا (18 عاماً)، وهي من أعضاء الكشافة أيضاً، إن عودة الاحتفالات تمثّل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة.

وأضافت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا يمنحنا أملاً بأن المسيحيين ما زالوا هنا يحتفلون، وأننا ما زلنا نحافظ على التقاليد».

في وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء (أ.ف.ب)

«إخوتنا وأخواتنا في غزة»

خلال الحرب المدمرة التي دارت في قطاع غزة، عمدت بلدية بيت لحم المنظمة للاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد إلى تخفيف مظاهر الاحتفال، فاقتصرت على المراسم الدينية.

وقالت عمايا: «هذه الاحتفالات هي بمثابة أمل لشعبنا في غزة... بأنهم سيحتفلون يوماً ما ويعيشون الحياة من جديد».

وقبل ساعات ظهر الأربعاء، وصل بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، إلى بيت لحم، استعداداً لترؤس قداس منتصف الليل التقليدي في كنيسة المهد.

وقال لدى وصوله إلى كنيسة المهد أمام المئات من المحتشدين: «أُوصِل لكم التحيات والصلوات من إخوتنا وأخواتنا في غزة».

وكان بيتسابالا زار غزة المدمّرة من الحرب في عطلة نهاية الأسبوع، وترأس قداس عيد الميلاد في رعية العائلة المقدسة بمدينة غزة الأحد.

بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا وسط الحشود (أ.ب)

وأُبرم اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» برعاية أميركية وقطرية ومصرية وتركية، ودخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن السكان ما زالوا يواجهون حياة صعبة وبائسة بعد فقدان منازلهم وأحبتهم.

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بخرق الاتفاق.

«مكان مميّز جداً»

يأمل سكان بيت لحم أن تسهم عودة احتفالات عيد الميلاد في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح.

ويعتمد اقتصاد مدينة بيت لحم، على وجه الخصوص، على السياحة.

وتسببت الحرب في غزة بعزوف السياح عن المجيء خلال الحرب إلا أعداد قليلة جداً، كما تسببت الحرب بارتفاع معدلات البطالة.

لكن الزوار المسيحيين بدأوا، في الأشهر الأخيرة، بالعودة تدريجياً إلى المدينة المقدسة.

يأمل سكان بيت لحم أن تسهم عودة احتفالات عيد الميلاد في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح (أ.ف.ب)

وقال جورج حنا، من بلدة بيت جالا المجاورة «بيت لحم مكان مميّز جداً، نريد أن تصل رسالتنا إلى العالم كله، وهذه هي الطريقة الوحيدة».

وخلص إلى القول: «نأمل أن نتمكن من الاحتفال، وأن يكون الأطفال سعداء، هذا هو العيد بالنسبة لنا».


التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

ووسط تسريبات إسرائيلية عن مسعى لإعمار جزئي، وتناغم خطة أميركية جديدة مع هذا المسار العبري من دون رفض للخطة المصرية في إعمار كامل وشامل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تهدف إلى «إطلاق مسار متكامل بشأن إعمار غزة».

تلك الجهود أكدتها أيضاً الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» قائلة إنها «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن إعمار غزة».

المسار الأول

ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ظهر مساران، أحدهما مصري والآخر أميركي يبدو متناغماً مع طرح إسرائيلي، والاثنان يقودان تصورات على أرض الواقع بشأن إعمار القطاع المدمر بسبب الحرب الإسرائيلية على مدار نحو عامين.

وعقب الاتفاق، كان المسار المصري أسرع في الوجود، وجدد الرئيس المصري التأكيد على عقد مؤتمر لإعمار قطاع غزة، وكان موعد نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هو المحتمل لذلك التنظيم، ومع عدم عقده قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، قبل أسابيع، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «لتعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ولتسريع الجهود، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني يوهان فاديفول، أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة 18 ديسمبر 2025 (رويترز)

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار.

ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

إعمار من دون تهجير

وحسب عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والأكاديمي المصري أحمد فؤاد أنور، فإن «مصر تسعى لتوفير توافق أكبر على جعل أي نهج للإعمار، سواء عبر خطة مصرية أو غيرها وفق إطار جعل غزة مكاناً ملائماً للحياة دون أي تهجير أو تهديد للأمن القومي المصري»، متوقعاً أن «تنجح الدبلوماسية المصرية في ذلك كما نجحت في مؤتمر شرم الشيخ للسلام».

ويضيف أنور: «الأولوية لدى مصر هي توفير طوق نجاة للجانب الفلسطيني، وتواصل التعاون مع الشركاء بشكل جدي من أجل توفير الزخم اللازم لإنجاز مهمة الإعمار، سواء كانت نابعة من خطة مصرية أو أميركية شريطة أن تصل بنا لجعل غزة مكاناً ملائما للسكن وليس للتهجير أو المساس بحق الفلسطينيين أو الأمن القومي المصري».

المسار الآخر

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدأت بوادر المسار الآخر الأميركي، وأكد جاريد كوشنر، صهر ترمب في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية، وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة؛ وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

ومطلع الأسبوع الحالي، تحدث تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن خطة أعدها كوشنر والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» لإعمار غزة مع اشتراط نزع سلاح «حماس»، بدءاً من الجنوب في رفح على مدار 10 سنوات، وتعنون بـ«رفح الجديدة» (تتمسك بها إسرائيل للبدء بها، والتي تقع على مقربة من الحدود المصرية) دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

هذا المسار الأميركي المنحاز لإسرائيل، وفق تقديرات فؤاد أنور، «أقرب لصفقة تفاوضية، تريد أن تضع شروطاً تخدم مطالب إسرائيل بنزع (سلاح المقاومة)، والضغط عليها وفي الوقت ذاته احتمال تمرير التهجير دون أن ترفض الخطة المصرية صراحة، وبالتالي هناك اختلاف بين رؤيتي القاهرة وإسرائيل».

أي المسارين سينجح؟

وسط ذلك الاختلاف، والتساؤل بشأن أي المسارين سيكتب لها التموضع، قال وزير الخارجية التركي في تصريحات أدلى بها للصحافيين، السبت، إن «هناك تفاهمات تبعث على الأمل رغم تعنت إسرائيل»، مضيفاً: «هناك دراسة أولية بشأن إعادة إعمار غزة، تم تقديمها ونقاشها بشكل تمهيدي»، وفقاً لما ذكرته وكالة «الأناضول» التركية، غداة اجتماع للوسطاء في مدينة ميامي الأميركية، لبحث مستجدات اتفاق وقف إطلاق النار.

وخرج تقرير «بلومبرغ»، الاثنين، التي نقلت خلاله عن مصادر، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير على أن يعقد في واشنطن أو مصر أو مواقع أخرى في ظل سعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

عمال فلسطينيون يُصلحون قبل أيام طريقاً تضرر من الحرب بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتعليقاً على تقرير «بلومبرغ»، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، في تصريح خاص، الأربعاء، إن «الجهود الدولية لا تزال مستمرة للتشاور والتنسيق بين الأطراف المعنية، بما في ذلك مصر والولايات المتحدة، وبالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين؛ بهدف تهيئة الظروف الملائمة لإطلاق مسار متكامل للتعافي المبكر وإعادة الإعمار».

وأضاف خلاف: «لا تزال المشاورات جارية بشأن إعادة الإعمار، لدعم الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته، وبما يتسق مع الجهود الأوسع لتثبيت وقف إطلاق النار ودفع مسار التهدئة».

وبشأن مستجدات عقد مؤتمر الإعمار، وهل سيكون بشراكة مع مصر أم منفرداً، وحول مكان انعقاده، قالت الخارجية الأميركية في تصريح خاص مقتضب، إن الولايات المتحدة «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن إعمار غزة».

وتحفظت وزارة الخارجية الأميركية عن الإدلاء بتفاصيل حالية، قائلة: «نتواصل بشكل فعّال مع شركائنا، وليس لدينا أي بيانات رسمية في الوقت الحالي».

ويرى فؤاد أنور، أن «مسار مصر أقرب للنجاح وسط المحادثات والمشاورات المصرية المستمرة لإنجاز مسار الاتفاق»، مشيراً إلى أن «واشنطن لن تغامر بالانحياز الكامل لإسرائيل في المرحلة الثانية المنتظرة والمرتبطة بترتيبات أمنية وإدارية مهمة، وقد تتجاوب مع الأفكار المصرية العربية ونرى مقاربة مغايرة أفضل قليلاً وتبدأ النقاشات بشأنه للوصول لرؤية ذات توافق أكبر».


وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
TT

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء، وبحث معه مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب، والأوضاع السياسية، والميدانية.

وذكرت «حماس» في بيان أن الحية أكد لوزير الخارجية التركي التزام الحركة ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، محذراً من استمرار «الاستهدافات، والخروقات» الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة، والتي قال إنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وتقويض التفاهمات القائمة».

وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، أشار الحية إلى أن المساعدات الإغاثية التي تدخل القطاع «لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات»، موضحاً أن 60 في المائة من الشاحنات التي تسمح إسرائيل بدخولها هي شاحنات لبضائع تجارية، وليست مساعدات إنسانية.

وأكد الحية أن ذلك «يحرم الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا من الحصول على احتياجاتهم الأساسية من غذاء، ودواء، وخيام بشكل إغاثي عاجل».

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في الضفة الغربية، والقدس، حيث أكد وفد «حماس» على خطورة الممارسات «الإجرامية» الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، والمقدسات الإسلامية، والمسيحية.

كما ناقش الجانبان مسار تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة «المخططات» التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بحسب بيان «حماس».