النظام الرئاسي يدفع تركيا إلى سيناريو الانتخابات المبكرة

طالب به إردوغان في 2013.. وتغاضى عنه بعد الانقلاب الفاشل

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (وسط) يغادر جامع قونية بعد صلاة الجمعة أمس.. ويقف وراءه رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (وسط) يغادر جامع قونية بعد صلاة الجمعة أمس.. ويقف وراءه رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو (رويترز)
TT

النظام الرئاسي يدفع تركيا إلى سيناريو الانتخابات المبكرة

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (وسط) يغادر جامع قونية بعد صلاة الجمعة أمس.. ويقف وراءه رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (وسط) يغادر جامع قونية بعد صلاة الجمعة أمس.. ويقف وراءه رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو (رويترز)

قفز سيناريو الانتخابات المبكرة إلى الواجهة في تركيا، بعد تجدد الحديث عن تغيير الدستور ليشمل تطبيق النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني المعمول به في البلاد.
التحول إلى النظام الرئاسي شغل أجندة تركيا السياسية على مدى 3 أعوام، وأحدث استقطابا شديدا في الأوساط السياسية، فضلا عن انقسام قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم حوله، وإعلان الرئيس السابق عبد الله غل أنه غير ملائم لتركيا، ومطالبة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو بإسقاطه من أجندة تركيا، بعد أن رفضته أحزاب المعارضة بشكل قاطع، فيما تمسك به الرئيس رجب طيب إردوغان، باعتباره النظام الأفضل لتركيا الآن.
حتى الآن لم تتحدد ملامح النظام الرئاسي الذي سيطبق في تركيا، والذي بدأ الحديث عنه في عام 2013، بعد أن شهدت تركيا تحقيقات موسعة في قضايا فساد ورشوة، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت، أنها كانت محاولة من حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، أو ما أسماه «الكيان الموازي» لانقلاب على حكومته.
وعقب انتخابه رئيسا للجمهورية في أغسطس (آب) 2014، عاد إردوغان إلى طرح موضوع النظام الرئاسي هدفا، مطالبا الأتراك بإعطاء الحزب الحاكم أكثر من 400 مقعد بالبرلمان ليتمكن من إقرار النظام الرئاسي في انتخابات 7 يونيو (حزيران) 2015. إلا أن حالة الانقسام والجدل حول هذا النظام كبدت الحزب، للمرة الأولى منذ 13 عاما في الحكم، خسارة انفراده بتشكيل الحكومة، فكان الخيار هو تشكيل حكومة ائتلافية، لكن أحزاب المعارضة لم تدعم هذا الخيار، وطالب حزب الحركة القومية بزعامة دولت بهشلي بإجراء انتخابات مبكرة، أجريت بالفعل في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وفاز بها حزب العدالة والتنمية، وعاد لتشكيل الحكومة منفردا. لكن بقيت مسألة تغيير نظام الحكم نقطة خلاف على الساحة السياسية انتقلت إلى داخل حزب العدالة والتنمية نفسه، حيث لم يبد رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو تأييده له.
ومع استقالة داود أوغلو في مايو (أيار) الماضي ومجيء رئيس الوزراء الحالي بن علي يلدريم، أعلن أن النظام الرئاسي هو من أولويات حكومته، وأنه لا خلاف بينه وبين إردوغان على ذلك، وأن حزب العدالة والتنمية سيحقق رغبة قائده إردوغان. وبعد أقل من شهرين من تولي يلدريم رئاسة الحزب والحكومة، وقعت محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز)، وأعلن إردوغان وقتها أن البلاد ستكمل مع النظام البرلماني، ولن تتحول إلى النظام الرئاسي. ورأى مراقبون أن إردوغان أراد بذلك تهدئة التوتر مع أحزاب المعارضة.
وعاد الحديث عن النظام الرئاسي ليتصدر الأجندة السياسية في تركيا، بعد هدوء استمر لأشهر عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو الماضي. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الأربعاء، إن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيقدم قريبا مقترحا إلى البرلمان من أجل تغيير الدستور، يتضمن التحول إلى النظام الرئاسي.
ولفت يلدريم في كلمة أمام الاجتماع الموسع لرؤساء فروع حزب العدالة والتنمية في الولايات التركية، في العاصمة أنقرة، إلى أن الحزب سيعطي الشعب الكلمة الأخيرة بشأن هذه المسألة: «سنترك الكلمة للشعب سواء مر القانون في البرلمان بـ367 صوتًا (أغلبية الثلثين التي تطلب للموافقة على الدستور وتعديلاته في البرلمان مباشرة) أم بـ330 صوتًا (النسبة المطلوبة لطرح الدستور على الاستفتاء الشعبي)».
وتقدم يلدريم بالشكر إلى رئيس حزب الحركة القومية المعارض دولت بهشلي، لموقفه تجاه هذه المسألة، وقال إن تصريحاته تعطي أملاً في تغيير الدستور.
وأضاف رئيس الوزراء التركي أن «تغيير النظام الذي من شأنه إيجاد إرادة سياسية مستمرة قوية، هو ضرورة أساسية لتركيا».
وسعى حزب العدالة والتنمية مرارا لتغيير الدستور الحالي، الذي تمت صياغته بعد انقلاب 12 سبتمبر (أيلول) 1980، بعد إجراء تعديلات عليه مرات عدة. وأخفقت الأحزاب التركية العام الماضي في التوافق على تعديل الدستور من أجل إقرار النظام الرئاسي الذي يوسع من صلاحيات رئيس الجمهورية. وشكلت أحزاب: العدالة والتنمية (الحاكم)، والشعب الجمهوري، والحركة القومية (المعارضين)، لجنة برلمانية للاتفاق على تعديلات مقترحة للدستور، لكن تلاشت في الفترة الأخيرة آمال التوافق على هذه التعديلات.
وقالت مصادر قريبة من اللجنة لـ«الشرق الأوسط»، إن حزب الشعب الجمهوري أبدى معارضة تامة لفكرة المساس بالنظام البرلماني وتحويل البلاد إلى النظام الرئاسي، وأن اللجنة تجد صعوبة في إقرار التعديلات لهذا السبب.
وأبدى حزب الحركة القومية مرونة في الفترة الأخيرة، بعد محاولة الانقلاب والأحداث الإرهابية التي شهدتها تركيا في التعامل مع قضية تغيير الدستور، بعد أن رفض العام الماضي مناقشة قضية تغيير النظام السياسي للبلاد، وتسبب بمواقفه المتعنتة في توجه البلاد إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد فشل تشكيل حكومة ائتلافية عقب انتخابات 7 يونيو، التي لم يحصل فيها العدالة والتنمية على الأغلبية الكافية لتشكيل حكومة بمفرده.
وشكلت قضية النظام الرئاسي محورا للتوتر السياسي في تركيا على مدار العام الماضي، بعد أن رفضت جميع الأحزاب الفكرة. ويملك حزب العدالة والتنمية الحاكم 316 مقعدا في البرلمان، البالغ عدد مقاعده 550 مقعدا، فيما يملك حزب الحركة القومية 40 مقعدا، وتكفي موافقة الحزبين معا على مشروع الدستور لطرحه للاستفتاء الشعبي.
وفور الإعلان عن طرح النظام الرئاسي على البرلمان، هبطت الليرة التركية إلى مستويات قياسية أمام الدولار خلال تداولات الأربعاء، بفعل المخاوف من غموض سياسي ربما ينجم عن خطوة حكومية جديدة للمضي قدما في تشريع للتحول إلى نظام رئاسي، الأمر الذي يثير السجال السياسي الذي قد يشتت الانتباه بعيدا عن معالجة اقتصاد يفقد قوة الدفع بسبب محاولة الانقلاب، والأحداث الإرهابية.
وتراجعت الليرة إلى نحو 3.0974 ليرة للدولار، ثم تحسنت إلى 3.10 ليرة. وكان آخر مستوى قياسي منخفض سجلته العملة التركية في 20 يوليو بعد محاولة الانقلاب الفاشلة بخمسة أيام.
وقال وزير العدل التركي بكير بوزداغ، أمس الجمعة، إن هناك احتمالا لإجراء استفتاء حول الانتقال بالبلاد من النظام البرلماني القائم إلى النظام الرئاسي، مطلع العام المقبل، في حال اتفق حزبا العدالة والتنمية، والحركة القومية، على ذلك.
وجاءت تصريحات بوزداغ هذه في مؤتمر صحافي، أوضح فيه أن تصريحات رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي مؤخرًا حول النظام الرئاسي تم تفسيرها من قِبل حزبه (العدالة والتنمية) على أنه ضوء أخضر، لإجراء استفتاء شعبي حول هذه المسألة.
وأوضح بوزداغ أن بهشلي يريد إخراج المناقشات الدائرة حول الانتقال إلى النظام الرئاسي من أجندة تركيا، معربًا عن اعتقاده بدعم بهشلي لعرض العدالة والتنمية، بخصوص الانتقال إلى النظام الرئاسي.
وردًا على سؤال حول تصريحات بعض أعضاء الحركة القومية بخصوص دعوة بهشلي لعرض ملف النظام الرئاسي على البرلمان التركي لمناقشته، على أنها لا تعتبر تأييدًا للقيام بهذه الخطوة، قال بوزداغ، إن هؤلاء النواب يمارسون ضغوطًا على بهشلي كي يتراجع عن تصريحاته، غير أن الأخير يدرك ما يقوله ويلتزم بتصريحاته. وكان بهشلي قد دعا في اجتماع كتلته البرلمانية الثلاثاء الماضي، حزب العدالة والتنمية الحاكم، لعرض مقترحه حول الانتقال إلى النظام الرئاسي على البرلمان التركي لمناقشته.
في الوقت نفسه، كشفت مصادر بحزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة العليا للانتخابات التركية بدأت استعداداتها من أجل انتخابات برلمانية مبكرة، من أجل تقوية سلطة رئيس الجمهورية وإعلان النظام الرئاسي بدلا من البرلماني، مبررة ذلك بأن هذا النظام أصبح مطلوبا لتحصين تركيا من الانقلابات العسكرية.
وقالت المصادر، إن الحزب قد يشهد تغييرات في صفوفه واستبعاد بعض النواب بسبب قربهم من غولن، فضلا عن استمرار محاكمات بعض نواب الأحزاب، بموجب التعديل الدستوري لرفع الحصانة، مما قد يحدث فراغا بالبرلمان يجعل من الانتخابات المبكرة الخيار الأمثل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».