ابن كيران يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة باللقاء مع أحزاب الغالبية السابقة

«الاشتراكي» يقرر رفع مذكرة للملك حول نتائج الانتخابات.. ويوجه انتقادات للحزب الفائز

الملك محمد السادس لدى استقباله مساء أول من أمس عبد الإله ابن كيران لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله مساء أول من أمس عبد الإله ابن كيران لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (ماب)
TT

ابن كيران يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة باللقاء مع أحزاب الغالبية السابقة

الملك محمد السادس لدى استقباله مساء أول من أمس عبد الإله ابن كيران لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله مساء أول من أمس عبد الإله ابن كيران لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (ماب)

ينتظر أن يبدأ عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المكلف، بين الفينة والأخرى مشاورات تشكيل الحكومة الائتلافية. وقال ابن كيران أمس في تصريحات مقتضبة إنه سيبدأ مشاوراته مع أحزاب الغالبية السابقة، ثم يلتقي قادة أحزاب المعارضة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أنه كان منتظرًا أن يبدأ مشاوراته أمس مع حليفه الوفي نبيل بن عبد الله أمين عام حزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقًا)، الذي لم يحصل سوى على 12 مقعدًا في مجلس النواب الجديد، بيد أن مصدرًا موثوقًا في الحزب قال لـ«الشرق الأوسط» إن قيادته لم تتلق حتى الساعة الخامسة من مساء أمس أي اتصال بهذا الشأن. وعزا مصدر موثوق رغبة ابن كيران في بدء مشاوراته بحزب التقدم والاشتراكية إلى كونها إشارة إلى متانة العلاقات بين الحزبين. وكان ابن كيران وبن عبد الله قد أعلنا خلال الحملة الانتخابية أنهما سيكونان معًا في الحكومة إذا نجحا في الاقتراع، وسيلحقان معًا بالمعارضة إذا لم يحالفهما الحظ.
وكلف العاهل المغربي الملك محمد السادس الاثنين ابن كيران بتشكيل حكومة جديدة. وقال ابن كيران في تصريحات عقب خروجه من القصر الملكي إنه سيبدأ مشاورات تشكيل الحكومة خلال الأيام المقبلة. وجاء هذا التعيين ليضع حدا للتكهنات والشكوك التي أطلقها البعض بشأن تعيين رئيس الحكومة الجديد، وإمكانية تعيين شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية بدل ابن كيران. ناهيك من أنه جاء ليؤكد التزام العاهل المغربي باحترام المنهجية الديمقراطية ومقتضيات الدستور التي تشير إلى أن تعيين رئيس الحكومة يكون من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات. وحصل حزب العدالة والتنمية في اقتراع الجمعة على 125 مقعدا من أصل 395، فيما حصل غريمه حزب الأصالة والمعاصرة على 102 من المقاعد ليستأثر هذان الحزبان وحدهما بـ57,5 في المائة من المقاعد، فيما توزعت المقاعد المتبقية على عشرة أحزاب أخرى. وإزاء رفض الجانبين التحالف، سيكون على عبد الإله ابن كيران أن يقود مفاوضات مع باقي الأحزاب للحصول على أغلبية مريحة (198 مقعدًا) داخل البرلمان لتسهيل عمل حكومته، أي أنه في حاجة إلى 73 مقعدًا على الأقل لبلوغ هذا الهدف.
على صعيد ذي صلة، عبر المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي المعارض، الذي عرف تراجعا كبيرا في اقتراع 7 أكتوبر (تشرين الأول)، عن خيبة أمله في نتائج الانتخابات التشريعية، وقرر خلال اجتماعه أول من أمس توجيه مذكرة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بهذا الشأن، متهما حزب العدالة والتنمية باستغلال الدين والجمعيات الخيرية والدعوية لتوزيع الأموال من أجل استمالة الناخبين. وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن مبادرة الحزب برفع مذكرة للملك لها معنى واحد، هو قطع ما تبقى من شعرة معاوية بين الاتحاد الاشتراكي وابن كيران، الأمر الذي يجعل مشاركة حزب القوات الشعبية في حكومة ابن كيران المنتظرة مستحيلة. وأضاف المصدر أن قيادات في الاتحاد الاشتراكي لمحت إلى وجود رغبة للمشاركة في الحكومة الجديدة، لكن اعتزام الحزب رفع مذكرة إلى الملك تتضمن انتقادات شديدة اللهجة لحزب العدالة والتنمية. وفي معرض تحليله للنتائج العامة لاقتراع 7 أكتوبر، اعتبر المكتب السياسي للحزب في بيان صدر عنه، أنها «لم تؤد إلى فرز حقيقي بين الأغلبية والمعارضة، حيث تقدم، في هذه الانتخابات، حزبان من كلا الصفين»، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة وحزب الأصالة والمعاصرة المعارض.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.