«ماراثون جدة» و«الشورى» يدفعان بالرياضة خطوة إلى الأمام في السعودية

سيدات في «المجلس» اعترضن على توصية إدراج «اللياقة البدنية» في مدارس البنات

جانب من فعاليات الماراثون المنعقد في جدة الأسبوع الماضي (واس)
جانب من فعاليات الماراثون المنعقد في جدة الأسبوع الماضي (واس)
TT

«ماراثون جدة» و«الشورى» يدفعان بالرياضة خطوة إلى الأمام في السعودية

جانب من فعاليات الماراثون المنعقد في جدة الأسبوع الماضي (واس)
جانب من فعاليات الماراثون المنعقد في جدة الأسبوع الماضي (واس)

تحت شمس الخامسة عصرا، وقف قرابة 1800 مشارك على مسافات متقاربة من خط البداية. الحماسة التي بدت على سيماهم، الثلاثاء الماضي، كانت حافزهم لقطع 21 كيلومترا في النسخة الـ11 من «ماراثون جدة»، الذي اتخذ مساره في طريق موازٍ لشرم أبحر الشمالية على ساحل البحر الأحمر.
كان معظم المشاركين من الهواة، وسط مجموعة صغيرة من المحترفين السعوديين والأجانب الذين قدموا من إثيوبيا وتشاد وكينيا وأميركا للمشاركة في السباق ليضفوا عليه طابعا دوليا، حاصدين دوما المراكز الأولى في جميع النسخ السابقة. بينما تراوحت عزيمة الهواة من خلفهم ما بين مقتصد ومجتهد.
ضمن الجموع، بدا أسامة بخاري (30 سنة) في جهوزية بدنية وذهنية. يشارك بخاري للمرة الثانية بعد مشاركته الأولى العام الماضي، يومذاك قطعها في ثلاث ساعات بعد أن استبد به التعب. يقول بخاري قبل 24 ساعة من انطلاق الماراثون: «تدربت جيدا، وقطعت 17 كيلومترا، أمس، استعدادا للسباق، وأخذت إجازة من عملي لأكون في أتم الاستعداد».
أما فهر نظر (36 سنة) فيدخل الماراثون مشاركا للمرة الأولى، يقول مبتسما: «لم يسبق أن قطعت هذه المسافة في حياتي»، ويضيف: «مشاركتي هي تحدٍّ شخصي للمحافظة على وزني وترسيخ نمط حياة صحي بدأته منذ فترة، خصوصا أني وضعت هدفا منذ بداية العام؛ أن أقطع بنهايته ما يعادل المسافة بين جدة والرياض».
المصادفة أن الرياض، التي تبعد عن جدة مسافة 949 كيلومترا تقريبا، أقرت تحت قبة مجلس الشورى، في اليوم نفسه، وقبل انطلاق ماراثون جدة بقليل، توصية بدراسة إضافة الرياضة البدنية للبنات بأغلبية الأصوات. بينما تساءلت الأصوات المعارضة داخل المجلس، بحسب ما جاء في أحد مداخلاتها، عن جدوى الرياضة المدرسية للبنين، وقال أحد الأعضاء: «هل أسهمت الحصص البدنية للبنين في خفض السمنة لديهم؟». لم تكن الأصوات المعارضة للتوصية داخل المجلس من الرجال فقط، إذ علمت «الشرق الأوسط» أن التوصية لم تحظَ بإجماع أصوات عضوات المجلس كذلك، بعد تصويت ثلاث سيدات بـ«لا».
وبينما كان الماراثون ينطلق بحماسة وسط أهازيج المتسابقين من الشباب التي ما لبثت أن تلاشت بفضل التعب والإرهاق، كان سكان جدة من الجنسين يمارسون رياضة المشي والجري في ممشى الكورنيش الذي يبعد قرابة عشرة كيلومترات تقريبا عن موقع الماراثون. سيلفت نظرك عند زيارة ممشى الكورنيش، أو سواه من أماكن المشي الأخرى، اكتظاظه بالعائلات والنساء والشباب، ربما تفسره إحصائية وردت في مؤتمر «أنماط الحياة الحديثة على الصحة» الذي انعقد في جدة، مارس (آذار) الماضي، وجدت أن السعودية ضمن الدول التي تتراوح نسبة السمنة فيها ما بين 30 في المائة و40 في المائة.
يقول عبد الله باخشب رئيس اللجنة المنظمة عضو مجلس إدارة جمعية البر بجدة عن الماراثون الذي تنظمه الجمعية بهدف التعريف بخدماتها، وتحقيق عائد مادي لأنشطتها، وترسيخ الرياضة في المجتمع: «فنيا هو ليس ماراثون، ولكنه ماراثون نصفي»، مضيفا في حديث عبر الهاتف: «نحن في الجمعية سعداء بتطوره سنة بعد أخرى، والرعاة أيضا، مما جعل بعضهم على مشارف التوقيع لمدة ثلاث سنوات، مما يحقق ثباتا واستمرارية له».
وينقسم الماراثون إلى ثلاث فئات؛ الأولى للعموم ومسافتها 21 كيلومترا، والثانية للطلاب ما دون 18 سنة، ومسافتها ستة كيلومترات، والثالثة لذوي الإعاقة الحركية ومسافتها ثلاثة كيلومترات. ولم يسبق أن فاز بفئة العموم أي متسابق من السعودية، بل إن الذين استطاعوا إكمال ماراثون جدة في فئة العموم خلال الوقت المحدد البالغ 90 دقيقة، هم أقل من مائة شخص بقليل، و500 من أصل خمسة آلاف من فئة الطلاب، الأمر الذي أصاب باخشب بـ«الصدمة»، بحسب تعبيره، لكنه على الرغم من ذلك كان سعيدا بانضباط المتسابقين والتزامهم بمسار السباق في فئة الطلاب دون 18 سنة، على عكس مشاركتهم في النسخة الماضية.
إضافة إلى أن الماراثون بات يحقق أرباحا تساعد الجمعية للإنفاق على أنشطتها، كاشفا عن توجيه الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة رئيس اللجنة العليا للماراثون، بتسجيله في نسخته المقبلة ضمن اتحاد الماراثونات النصفية.
ويعود منشأ فكرة المسابقة إلى فيديبيدس، المقاتل اليوناني الذي ركض 40 كيلومترا من منطقة ماراثون باليونان عام 490 قبل الميلاد، ليزفّ البشرى إلى أثينا بالانتصار على الفرس، حينها قال فيديبيدس: «لقد انتصرنا». قبل أن يخرّ على وجهه ميتا من التعب والإرهاق. إلا أن باخشب يكشف عن نوع آخر من الإرهاق يتطلبه التنظيم، موضحا: «نحن ملتزمون أمام إدارة المرور بوضع لافتات الرعاة، وتنسيق المسارات، وإزالتها من الطرقات، في يوم السباق نفسه، نظرا لصعوبة ترك الطريق العام مغلقا أمام المركبات لفترة طويلة»، وهو ما دفع محمد خوجه (44 سنة)، الذي يشارك للمرة الثانية، ليؤكد لبناته الثلاث قيمة «تحدي النفس وعدم الاستسلام للتثبيط»، للإشارة إلى ضرورة أن يكون الهدف من الماراثون هو مشاركة أكبر قدر من المتسابقين، والاحتفاء العام بمشاركتهم لتشجيعهم وعدم حصرها في فترة الـ90 دقيقة، التي تتوقف بعدها عملية تسجيل الأرقام الزمنية للمشاركين.
وكانت دوريات المرور بدأت في إعادة فتح الطرقات بعد ساعتين من انطلاق فئة العموم، بينما كان بعض المتسابقين في منتصف الطريق. وجاء صوتها عبر مكبر الصوت: «يا شباب.. برجاء الصعود إلى الأرصفة إذا شعرتم بالتعب، ولم تعودوا قادرين على إكمال السباق».
أما علي شنيمر، وهو ناشط في مجال المسؤولية الاجتماعية الفردية، كان خلف دعوة ناظر للمشاركة في النسخة الحالية، وخلف بخاري وخوجه للمشاركة في ماراثون العام الماضي، بعد حملة نظمها على موقع «تويتر» لحث الناس على المشاركة مقابل جمع تبرعات لجمعية «سند» لدعم الأطفال المرضى بالسرطان، استطاع من خلالها جمع ربع مليون ريال. مصدر سعادة شنيمر أيضا أن 45 مشاركا ممن دربهم خاضوا الماراثون، وأنهوه في نسخته الماضية.
ينتقد شنيمر الإعلان المتأخر عن الماراثون قبل شهر تقريبا من انطلاقه، ويرى أنها فترة غير كافية للاستعداد البدني، وعدم ملاءمة توقيته وسط الأسبوع، مقترحا إقامته في عطلة نهاية الأسبوع في الفترة الصباحية، بحيث تكون الطرقات أكثر هدوءا والناس في إجازة.
كما ينتقد ترويج الماراثون بشكل عام، وفي الشبكات الاجتماعية، وتحديدا «تويتر»، ويقول: «الماراثون بالكاد يعرف في جدة، فما بالك بباقي أنحاء السعودية؟!»، مضيفا: «لو قرأت المعلومات التعريفية في حساب الماراثون في (تويتر)، فستجد أنها معلومات قديمة تعود لنسخة العام الماضي!».
ويضيف ناظر، الذي يستخدم «تويتر» لمشاركة متابعيه وتحفيزهم عبر وسم «#Jeddah2Riyadh» بضرورة تطوير موقع الماراثون على الإنترنت ليتضمن نصائح غذائية ورياضية للمشاركين، تزيد من الوعي العام.
وهنا يقر باخشب بوجود بعض أوجه القصور فيما يتعلق بالترويج على الشبكات الاجتماعية، مؤكدا أنهم سيعملون على تطويرها ابتداء من النسخة المقبلة. ويوضح فيما يخص توقيت إقامة الماراثون في نهاية الأسبوع بقوله: «نخشى لو أقمنا الماراثون نهاية الأسبوع أن أخسر حضور الطلاب في سباق الستة كيلومترات، لأننا نعتمد على المدارس في مشاركتهم، مقابل أن أحصل على عدد كبير في مسار العموم».
أما عن إقامته في الصباح الباكر، كما يطالب شنيمر، يقول باخشب قبل أن يطلق ضحكة قصيرة: «لست متأكدا من الإقبال في الصباح.. ربما لو جعلناه في الليل لكانت المشاركة أكبر».



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».