تأثرت اندفاعة فصائل المعارضة السورية المسلّحة، وتقدمها السريع في ريف محافظة حماه الشمالي الشرقي سلبا، بعد نجاح النظام وحلفائه في استعادة مناطق خسروها أخيرا في المنطقة التي كانت تشهد تقدما لافتا لفصائل مسلحة معارضة. وردّت مصادر المعارضة هذا التقدم إلى عاملين مهمين: الأول هو الغارات الجوية الروسية الكثيفة على المواقع الأمامية التي حررتها أخيرا، وقصفها بالقنابل العنقودية والفسفورية والصواريخ الموجهة. والثاني هو الصراع المسلّح بين بعض الفصائل، لا سيما حركة أحرار الشام وتنظيم جند الأقصى بسبب الخلافات الفكرية بينهما.
ولقد تحدثت مصادر ميدانية، عن سيطرة قوات النظام أمس السبت، على عدد من القرى والحواجز العسكرية التي كان قد خسرها في ريف حماه الشمالي الشرقي في أعقاب اشتباكات مع فصائل المعارضة، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. وأفاد أحمد الخلف، الناشط الإعلامي المعارض في ريف حماه، بأن «قوات الأسد حشدت مقاتليها ليل الجمعة، مستغلة الاقتتال الدائر بين حركة أحرار الشام وتجمع جند الأقصى، أكبر فصيلين مشاركين في معركة حماه لتتقدم اليوم (أمس) وتسيطر على تلك المناطق». غير أن مصدرا عسكريا في المعارضة، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «استعاد بلدة واحدة في ريف حماه الشرقي هي بلدة خفسين، بالإضافة إلى أربع نقاط عسكرية سيطر عليها المعارضون قبل ثلاثة أيام». وذكر المصدر أن «المشكلة الأساسية تكمن في الصراع القائم بين حركة أحرار الشام وتنظيم جند الأقصى - وهذا الأخير فصيل متشدد - والسبب يعود إلى خلافات فكرية بين الطرفين.. لكن استعادة النظام لهذه المواقع ظرفية، وهو لن يتمكن من الاحتفاظ بها، لأن الذين يقاتلونه هم أبناء هذه المناطق سواء من الذين ينتمون إلى أحرار الشام أو إلى جيش العزّة». وتوعّد المصدر النظام بـ«تحرير مناطق وبلدات أخرى، حتى الوصول إلى مدينة حماه وتحريرها».
جدير بالذكر، أن خلاف الفصيلين المعارضين لم يكن السبب الوحيد للتقدم التكتيكي للنظام في ريف حماه، حسب رأي محمد رشيد، مدير المكتب الإعلامي لـ«جيش النصرة»، الذي اعتبر أن التقدم المحدود الذي أحرزه النظام «مرده إلى تكثيف الغارات الجوية على هذه المناطق». وتابع رشيد لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «أكثر من عشرة شهداء سقطوا في صفوف الثوار نتيجة غارات الطائرات الروسية على ريف حماه الشمالي الشرقي». وقال: «هذا التقدم لا يعني أن النظام سيحكم سيطرته على النقاط الخمس التي استعادها، بل سنحرّرها مجددا بمجرد تراجع حدّة الغارات الجوية»، مضيفا أن الفصائل «وسعت النطاق الجغرافي لعملياتها العسكرية باتجاه الجنوب لتقريب المسافة إلى مدينة حماه، وإلى مطارها العسكري الذي لا يزال هدفا استراتيجيا»، مشددا على أن «بعض القطاعات الثورية باتت قريبة من مطار حماه».
من جهة أخرى، كشف «مكتب أخبار سوريا» المعارض، عن وجود حالة «سخط كبيرة» في صفوف الأهالي، جراء اقتتال فصائل المعارضة فيما بينها في ريف محافظة إدلب، وتقدم النظام في ريف حماه الشمالي الشرقي، معتبرين ذلك خيانة لـ«دماء الشهداء». وأعلن في الوقت نفسه، أن «جميع فصائل المعارضة أعلنت وقوفها الكامل عسكريا وأمنيا وسياسيا إلى جانب حركة أحرار الشام، وذلك عبر بيان مشترك نشر في مواقع التواصل الاجتماعي، باستثناء جبهة فتح الشام». ورغم التأثير الكبير لصراع «أحرار الشام» و«جند الأقصى» على مسار الأحداث، فقد أشار مدير المكتب الإعلامي لـ«جيش النصرة»، إلى أن «هذا الجانب له تأثير محدود في تقدم النظام، لكن السبب المباشر هو القصف الجوي من قبل سرب الطائرات الروسية الجديد الذي وصل قبل أيام إلى قاعدة حميميم، وكان دوره مؤثرا في المعركة». ولفت المدير إلى أن «أهم عامل مساعد للطيران، هو أن المناطق التي نقاتل فيها في ريف حماه الشرقي مناطق صحراوية مكشوفة، ليس فيها خنادق أو منازل ليحتمي بها المقاتلون، لذلك فإن القنابل العنقودية والفسفورية أثرت على تقدمنا، لكنها بالتأكيد لن تمنعنا من شنّ هجمات جديدة وتحرير ما استعاده النظام بالإضافة إلى نقاط ومناطق أخرى أكثر أهمية».
للعلم، كان عدد من مقاتلي «أحرار الشام» و«جند الأقصى»، قتلوا وجرحوا مساء أول من أمس (الجمعة)، إثر مداهمة كل منهما مقرات للآخر في ريف إدلب. وقال ناشط إعلامي معارض من إدلب: «إن 12 عنصرا من أحرار الشام لقوا حتفهم، إثر مداهمة عناصر جند الأقصى مقرا لهم في بلدة كفر سجنة بريف إدلب الجنوبي، وقد جرى إعدامهم رميا بالرصاص»، مشيرا إلى أن «قتلى آخرين سقطوا من الطرفين جراء الاشتباكات المستمرة في عدة مناطق من الريف الجنوبي لإدلب». وسبق هذه المواجهة إقدام «أحرار الشام» على السيطرة على معظم مقرات «جند الأقصى» في مناطق مختلفة من ريف إدلب يوم الجمعة إثر اختطاف مجهولين أحد عناصر أمن الطرق قرب مدينة سراقب، الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف إدلب الشرقي، ليتبين لاحقا أنه تابع لـ«جند الأقصى»، مما أجج الخلاف بينهما.
النظام السوري يستعيد مواقع في ريف حماه مستفيدًا من صراعات الفصائل
غارات جوية روسية على نقاط عسكرية تعطّل تقدّم المعارضة
النظام السوري يستعيد مواقع في ريف حماه مستفيدًا من صراعات الفصائل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة