لبنان: سلام يختبر اليوم تماسك حكومته ويعول على المستجدات الرئاسية لفك أسرها

المطارنة الموارنة أكدوا رفضهم «سلة بري» ورئيس المجلس يحاول امتصاص «النقمة المسيحية»

لبنان: سلام يختبر اليوم تماسك حكومته ويعول على المستجدات الرئاسية لفك أسرها
TT

لبنان: سلام يختبر اليوم تماسك حكومته ويعول على المستجدات الرئاسية لفك أسرها

لبنان: سلام يختبر اليوم تماسك حكومته ويعول على المستجدات الرئاسية لفك أسرها

يختبر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام اليوم تماسك حكومته التي ترنحت أخيرا على وقع مقاطعة وزراء «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه النائب ميشال عون لجلساتها وتضامن وزراء «حزب الله» معهم في الجلسة الأخيرة، مطالبين بتحقيق «الميثاقية والشراكة الحقيقية» ورفضا بوقتها لتمديد ولاية قادة الأجهزة الأمنية وأبرزهم قائد الجيش.
وبينما تشير المعطيات إلى توجه، إن كان من قبل الحزب أو تيار عون، للتعاطي بـ«ليونة» أكبر مع الوضع الحكومي بعد المستجدات الأخيرة التي طرأت على الملف الرئاسي وبالتحديد تحرك رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري وفتحه الباب لإمكانية تبني ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، رجّحت مصادر رئاسة الحكومة في اتصال مع «الشرق الأوسط» مشاركة وزيري «حزب الله» اللذين تضامنا مع وزراء التيار في الجلسة الأخيرة فقاطعاها، في جلسة اليوم الخميس، لافتة إلى أنها لا تستطيع الجزم بما إذا كان وزراء عون سيحضرون أو يستمرون بالمقاطعة، خاصة أن ملفي التعيينات الأمنية والتمديد لقائد الجيش قد تم تجاوزهما وأصبحا خلفنا. وقالت المصادر: «الرئيس سلام قام باتصالاته ومشاوراته وهو دعا للجلسة بعدما تأكد أنّه سيكون هناك نصاب دستوري يسمح بانعقادها»، لافتة إلى أن «ما يقوم به رئيس الحكومة إتمام لواجباته وسعيا لتسيير أمور الناس وليس موجها ضد أحد من الفرقاء». وأضافت المصادر: «نتوقع أن يؤثر انشغال الفرقاء حاليا بالمستجدات الرئاسية بشكل إيجابي على الوضع الحكومي».
وتؤثر مقاطعة وزراء عون للحكومة على تماسكها بعدما انسحب منها وزراء حزب «الكتائب» ما يجعل التمثيل المسيحي محط تساؤل خاصة أن حزب «القوات» غير ممثل فيها أصلا. ويقتصر الحضور المسيحي على وزراء يعتبرون مستقلين وهم وزير السياحة ميشال فرعون، وزير الاتصالات بطرس حرب، وزير الاتصالات بطرس حرب، وزير الإعلام رمزي جريج، وزير العمل سجعان قزي، الوزير المحسوب على تيار «المستقبل» نبيل دو فريج، والوزير المحسوب على تيار «المردة» روني عريجي.
ويبدو أن تيار عون اتخذ قرارا بالتعاطي بليونة وإيجابية مع مختلف الملفات المطروحة سعيا وراء تحقيق مكاسب في الملف الرئاسي، وهو ما بدا جليا في الإطلالة الأخيرة للعماد عون الذي بدا مسالما أكثر من أي وقت مضى. وفي هذا السياق قالت مصادر عونية لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا قرار نهائيا بالاستمرار بمقاطعة جلسات الحكومة»، لافتة إلى أنه لا شيء محسوم حتى الساعة.
وعلّق الوزير فرعون في اتصال مع «الشرق الأوسط» على دعوة سلام لجلسة لمجلس الوزراء، معتبرا أن «الدعوة غير مهمة بحد ذاتها بقدر أهمية تأمين ظروف نجاح الجلسة من خلال احترام الصيغة التوافقية التي تم التفاهم على اعتمادها في ظل غياب رئيس الجمهورية». وأضاف: «أنا سأشارك بالجلسة لكنني سأنسحب إذا ما تم إقرار مراسيم تتطلب تصويت رئيس الجمهورية في حال نقص الصفة التمثيلية بغياب عدد من الوزراء المسيحيين».
رئاسيا، وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى الجولة الخارجية التي يقوم بها رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري والتي استهلها من روسيا على أن تشمل المملكة العربية السعودية وتركيا، أيّد المطارنة الموارنة في اجتماعهم الشهري يوم أمس ما ورد على لسان البطريرك الماروني بشارة الراعي لجهة رفض «سلة التفاهمات» التي يروج لها الرئيس بري والتي يضع فيها إلى جانب الملف الرئاسي موضوع الحكومة الجديدة ورئيسها وبيانها الوزاري وقانون الانتخاب وغيرها من الملفات التي كانت تبحثها طاولة الحوار الوطني. وشدد المطارنة الموارنة على وجوب «التقيد بالدستور في انتخاب رئيس الجمهورية دون أن توضع عليه أي شروط مسبقة»، كما دعوا لـ«التقيد» بالميثاق الوطني، مرحبين بالجهود والمشاورات المتعلقة بانتخاب رئيس. واعتبروا أنّه ولكي يقوم الرئيس العتيد بمهمته الوطنية العليا «ينبغي أن يكون حرا من كل قيد، وعندئذ يكون الرئيس الحكم، لا الرئيس الطرف، ولا الرئيس الصوري».
وحاول رئيس المجلس النيابي استيعاب السجال الذي اندلع بينه وبين البطريركية أخيرا، فأعرب عن تأييده لبيان المطارنة بكل مندرجاته، معتبرا أنّه «لا يتعارض مطلقا مع بنود الحوار الوطني، أي ما سمي بالسلة».
وشدد الوزير فرعون في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أولوية الانتخابات الرئاسية، «خاصة أنه لم يتم تحقيق أي تقدم يُذكر في النقاش حول الملفات التي تتضمنها سلة الرئيس بري على طاولة الحوار الوطني»، لافتا إلى أن هناك «نقاطا تعجيزية رغم أهميتها كقانون الانتخاب، لا يمكن أن نربطها بالملف الرئاسي في ظل شبه التقدم الذي يشهده هذا الملف».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».