ميون.. جزيرة يمنية تحررت من الإرهاب والانقلاب

تشرف على مرور 3.3 مليون برميل يوميًا

منظر عام لجزيرة ميون («الشرق الأوسط»)
منظر عام لجزيرة ميون («الشرق الأوسط»)
TT

ميون.. جزيرة يمنية تحررت من الإرهاب والانقلاب

منظر عام لجزيرة ميون («الشرق الأوسط»)
منظر عام لجزيرة ميون («الشرق الأوسط»)

أعلنت الحكومة اليمنية سيطرتها على مضيق باب المندب وجزيرة ميون الاستراتيجيان، في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي 2015 محرزة نصرا عسكريا وسياسيا مكنها من السيطرة على أهم منفذ بحري يربط بحر العرب والمحيط الهندي جنوبا والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط شمالا.
وأهمية جزيرة ميون كونها تشرف على الممر المائي في مضيف باب المندب الذي تمر فيه نحو 21 ألف سفينة عملاقة سنويا، وبواقع 57 سفينة حاملة نفط يوميا، حسب ما ذكرته وزارة التجارة في صنعاء، وتقدر كمية النفط العابرة في المضيق بـ3.3 مليون برميل يوميا.
واعتبر تحرير الجزيرة «ميون» من قبل الجيش الوطني والمقاومة المساندين من قوات التحالف هزيمة كبيرة للانقلابيين الذين ما زالوا يسيطرون على مدينة وميناء المخا الاستراتيجي، 94 كلم غرب مدينة تعز، مركز المحافظة تعز جنوب غربي البلاد.
وجزيرة ميون ومضيق باب المندب يعتبران الشريان المتدفق الرابط بين البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن جنوبا، ومسافته الكلية تقدر بـ30 كلم «20 ميلا تقريبا»، وهي المسافة الفاصلة بين قارتي آسيا وأفريقيا، رأس منهالي في الساحل الآسيوي إلى رأس سيان على الساحل الأفريقي، فالمسافة الفاصلة بين الساحل اليمني والجزيرة قدرها 2600 متر، في حين المسافة بين الجزيرة والساحل الأفريقي في جيبوتي 24 كلم.
وسيطرة اليمن على بوابة البحر الأحمر الجنوبية، نتيجة لسيادتها البرية على جزيرة ميون التي اشتهرت قديما باسمها «بريم» وتفصل مضيق باب المندب إلى قناتين، شرقية تعرف باسم «باب إسكندر» وعرضها 3 كلم وعمقها 30 مترا، وتقع بين الجزيرة والبر الآسيوي، وغربية تفصلها عن البر الأفريقي بمسافة 16 كمل وعمقها يقدر بـ100 - 310 أمتار في العمق المحاذي للساحل الأفريقي، وهو ما يسمح لشتى السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين.
وازدادت أهمية الجزيرة الصغيرة بحكم موقعها المتحكم بباب المندب بوصفه واحدًا من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي.
وكانت تلك الأهمية محدودة إلى قبل افتتاح قناة السويس وربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط وعالمه، حين صار واحدا من أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرق أفريقية.
وقال رئيس عمليات المنطقة العسكرية الثانية سابقا، العميد ركن ناجي عباس ناجي لـ«الشرق الأوسط» إن موقعي جزيرة ميون وباب المندب من الناحية العسكرية لليمن ذوا أهمية عسكرية استراتيجية بالغة، يمكن لليمن من خلالها امتلاك وتحقيق السيطرة العملياتية العسكرية وإمكانية التحكم والمراقبة المباشرة لخطوط ومواصلات ممر الملاحة البحرية الدولية الرابط لعبور المياه البحرية لخليج عدن والبحر العربي شرقًا، والبحر الأحمر وحتى قناة السويس غربا.
وأضاف: «ويأتي انعكاس هذه الأهمية العسكرية الاستراتيجية عمومًا لما تمتلكه اليمن في التقسيم الجيوبولوتيكي العالمي بارتباطها المباشر بشريطها الحدودي الساحلي الطويل بامتداد ما يقارب (2400) كلم بحري تطل بها على أهم ممرات بحرية لخطوط ومواصلات مرور سفن وبواخر التجارة العالمية وناقلات النفط لمختلف دول العالم، باعتبارها رافدا اقتصاديا عالميا مهم لصالح اليمن»
وأشار إلى أن امتلاك اليمن جزيرة ميون منحها أفضلية استراتيجية في السيطرة على الممر، منوها بأن تلك الأهمية للمر أدت بالقوى الكبرى المهيمنة اليوم إلى إقامة قواعد عسكرية لحماية التجارة العالمية.
ولفت إلى مسعى الأمم المتحدة في عام 1982 لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية ودخلت اتفاقيتها المعروفة باتفاقية «جامايكا» حيز التنفيذ في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1994.
وأكد أن أهمية باب المندب تبقى مرتبطة بحيوية وتطوير قناة السويس المصرية وكذا مضيق هرمز وبقاء الاثنين مفتوحين أمام الملاحة الدولية، خصوصا ناقلات النفط.
وبحسب الخبير العسكري العميد، ركن عباس صالح الشاعري، فإن جزيرة ميون مساحتها تقدر بـ13 كلم مربعا فقط، لكن موقعها الاستراتيجي جعلها محل أطماع القوى الغازية وعلى مدى التاريخ القديم والحديث.
وقال الشاعري لـ «الشرق الأوسط» إن الجزيرة غزاها البرتغاليين عام 1513م وأغلقها في العام نفسه سفاح تلك القوات «البوكيرك» في وجه قوات المماليك، مشيرا إلى احتلالها من الفرنسيين عام 1738م، كما احتلتها بريطانيا للمرة الأولى عام 1799م من خلال ما سمي وقتها بشركة الهند الشرقية البريطانية.
ولفت إلى أن بريطانيا احتلتها تمهيدا لغزوها مصر ولمنع نابليون من التوسع ناحية الهند، منوها باحتلالها ثانية من بريطانيا عام 1857م لتربطها بمستعمرة عدن التي كانت قد احتلتها يوم 19 يناير (كانون الثاني) 1839م، مرجعا فنار السفن البالغ ارتفاعه نحو 90 قدما ويرى من مسافة 22 ميلا بحريا إلى عام احتلالها الثاني من قبل الإنجليز.
وأشار إلى أنه في عام 1912م تم تحسين حالة الفنار وتجهيزه بفتيلة وهاجة، ما اعتبرت وقتها حدثا متطورا في ناحية الخدمات المقدمة للسفن، منوها بأن القوات العثمانية حاولت الاستيلاء على الجزيرة إلا أن تلك المحاولة باءت بالفشل.
ويصف خبراء في الجغرافيا السياسية مضيق باب المندب بأنه أهم من قنبلة نووية في إشارة إلى أهمية هذا الممر المائي الذي لا يزيد عرضه على 30 كيلو مترا.
وقالت مجلة نيوزويك الأميركية في تقرير نشرته، قبل سيطرة الميليشيات الانقلابية على جزيرة ميون العام الماضي 2015م: «إذا ما اتجه الحوثيون إلى مناطق جنوب غربي اليمن، سيمنحون حلفاءهم الإيرانيين السيطرة على مضيق باب المندب، الرابط بين خليج عدن والبحر الأحمر، ويمر منه الجانب الأكبر من التجارة بين أوروبا وآسيا، و30 في المائة من نفط العالم بشكل يومي».
في حين قالت مجلة فورين بوليسي، إن «نجاح الحوثيين في السيطرة على باب المندب سيمكنهم من السيطرة على ممر الملاحة من الخليج العربي لقناة السويس».
وكان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قال في تصريحات صحافية: «من يمتلك مفاتيح باب المندب ومضيق هرمز لا يحتاج إلى قنبلة نووية».
وبحسب جيولوجيين، فالممر نشأ نتيجة لتباعد أفريقيا عن آسيا إثر الحركة البنائية الصدعية للانهدام السوري - الأفريقي الذي كون البحر الأحمر في أواخر الحقب الجيولوجي الثالث في عصر الميوسين والبليوسين.
وفي 22 فبراير (شباط) 2008م كشف النقاب عن مخطط إنشاء جسر بحري يربط بين اليمن وجيبوتي عبر المضيق، لكنه تبدد مع تطور الأحداث الدراماتيكية التي عصفت بالإقليم والعالم عموما، وحتما سيأتي اليوم الذي يعاد فيه المشروع الطموح المعول عليه أن يربط قارتي آسيا وأفريقيا بجسر معلق يعد الأطول في العالم، وإذا ما تم تنفيذه سيزيد من أهمية باب المندب تجاريا وسياحيا واقتصاديا.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.