بارزاني يبحث ملفات «الوقت الضائع» قبل قرع جرس الانفصال

نائب كردي: حلفاؤنا الشيعة تفوقوا على صدام في تجويعنا

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مستقبلا رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني (غيتي)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مستقبلا رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني (غيتي)
TT

بارزاني يبحث ملفات «الوقت الضائع» قبل قرع جرس الانفصال

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مستقبلا رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني (غيتي)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مستقبلا رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني (غيتي)

شدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني على ضرورة التنسيق بين بغداد وأربيل لمواجهة التحديات التي يواجهها العراق في كافة المجالات، وعبرا عن أملهما بأن يتوصل الجانبان إلى حل للكثير من القضايا والمشاكل المتراكمة بينهما قريبا. بينما أكدا على اقتراب موعد انطلاق معركة تحرير الموصل بمشاركة قوات البيشمركة والقوى الأمنية العراقية بإسناد من التحالف الدولي.
ففي الوقت الذي عد فيه المقربون من زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي التقليل من أهمية الزيارة في هذا الوقت رأى المقربون من رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي أن هذه الزيارة تحسب للعبادي بوصفه تمكن من استيعاب التناقضات بين أربيل وبغداد حين اختار بعكس سلفه المالكي التصعيد الذي أدى إلى توتير العلاقات بين الطرفين وهو ما لم يعد ملائما اليوم بسبب قرب معركة الموصل.
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال: إن المحادثات التي جرت مع وفد إقليم كردستان كانت لأجل دعم المقاتلين الذين يحررون الأراضي العراقية من تنظيم داعش، وأضاف العبادي أن الحكومة الاتحادية في بغداد تؤيد الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في إقليم كردستان، وهي تنظر إلى جميع القوى السياسية باحترام.
بدوره قال رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني إن الزيارة تأتي للتعبير عن التأييد الكامل لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي والتفاهم على كل القضايا العالقة. وبين بارزاني أنه تم الاتفاق مع رئيس الوزراء العراقي على حل جميع المشاكل بين الجانبين بما فيها الأزمة الاقتصادية وموضوع النفط والغاز.
وفي هذا السياق فإن النائب عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مسكوتا عنه بشأن هذه الزيارة وهو الدور الأميركي في ترتيبها خلال زيارة العبادي إلى نيويورك» مشيرا إلى أن «أوباما استثمر بذكاء حاجة الطرفين إلى بعضهما في هذا الوقت بالإضافة إلى سياسة العبادي الهادئة التي بدأت تؤهله للعب دور رجل المرحلة الانتقالية المقبول في ترتيب هذه الزيارة التي يكمن نجاحها في مجرد قيامها». لكن النائب الكردي عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يعد الآن أحد خصوم البارزاني الأقوياء هناك النائب فرهاد قادر يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «تشكيلة الوفد الذي يضم قياديين في الاتحاد الوطني وغيره من القوى الكردية التي تختلف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني تعني أن هذه الزيارة تحمل صفة الوفد السياسي أكثر من كونها حكومية مع أن بارزاني هو رئيس منتهية ولايته» مشيرا إلى أن «هناك قضايا مشتركة تهم الشعب الكردي يأتي في المقدمة منها الموازنة والنفط بالإضافة إلى مصير الإقليم الذي يحتاج إلى تفاهم مع بغداد حول كل الملفات يحتاج إلى مثل هذه التفاهمات بصرف النظر عن مواقفنا الحزبية والشخصية من هذا الشخص أو ذاك». وأوضح قادر أن «نجاح هذه الزيارة من عدمها مرهون بالنتائج التي سوف تتوصل إليها».
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء كان إيجابيا ومثمرا، وأكد الجانبان على الرغبة في حل المشاكل العالقة وأضاف الحديثي أن الجانبين أكدا أيضا على ضرورة اللجوء إلى الحوار كوسيلة لحل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وضرورة التعاون في مواجهة التحديات الاقتصادية الأمنية.
وعما إذا كان ملف تقرير مصير إقليم كردستان والعلاقات المستقبلية بين الإقليم والعراق قد بُحث بين الجانبين خلال الزيارة، أوضح المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم، كفاح محمود، لـ«الشرق الأوسط» أن الملف المهم في لقاءات الرئيس بارزاني مع معظم القيادات التنفيذية العراقية والسياسية، هو كيفية تطوير صيغة العلاقة بين بغداد وأربيل، وحل المشاكل بحيث نرتقي لعلاقة جديدة، أما التفاصيل الأخرى والخيارات التي ستستخدم لتطوير هذه العلاقة، أي هل سيكون استفتاء أم استقلالا أم كونفدرالية .
لكن الدكتور عرفات أكرم النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني يلخص في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الزيارة الحالية لبارزاني إلى بغداد وكأنها لعب في الوقت الضائع. فإقليم كردستان كما يقول: «ذاهب إلى استفتاء حول تقرير مصيره لجهة الانفصال عن العراق» وبالتالي فإن أهمية هذه الزيارة تأتي من اعتبارين في غاية الأهمية الأول أنه حين يقوم بارزاني بزيارة أي مكان فإن الأمر يعني أن بارزاني ممتعض جدا من سياسة بغداد حيال الإقليم ولذلك فإن زيارته هذه وبصرف النظر عن كل ما يقال عنها فإنها تتلخص بعبارة واحدة لبغداد «إما نكون شركاء أو نفترق». وأضاف أنه «في حال لم تلتزم بغداد بأسس الشراكة الحقيقية فسيكون الإقليم مقبلا على استفتاء وهو ما سيبلغه للقادة العراقيين لا سيما الشيعة منهم».
وبحسب مصادر مطلعة فإن بارزاني لن يلتقي خلال زيارته إلى بغداد مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وكتلته (كتلة دولة القانون)، بينما سيجتمع مع عدد من القادة السياسيين العراقيين.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.