«جاستا» لا يستطيع إدانة السعودية.. وخيارات الرد كثيرة

الرياض: القانون مصدر قلق وسيؤثر على واشنطن

نسخة من صفحات قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» («الشرق الأوسط»)
نسخة من صفحات قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» («الشرق الأوسط»)
TT

«جاستا» لا يستطيع إدانة السعودية.. وخيارات الرد كثيرة

نسخة من صفحات قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» («الشرق الأوسط»)
نسخة من صفحات قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» («الشرق الأوسط»)

بعد يوم على رفض الكونغرس الأميركي «فيتو» الرئيس باراك أوباما وإقرار قانون «العدالة ضد الدول الراعية للإرهاب» المعروف اختصارًا باسم «جاستا»، توالت ردود الفعل الدولية المنددة بهذا القرار. وبعد ساعات من تجاوز مجلسي الشيوخ والنواب «الفيتو» الرئاسي، وصف أوباما القرار بالـ«خاطئ»، مشيرا إلى أنه لم يكن يتوقع أن يقدم الكونغرس على هذه الخطوة التي تهدد أميركا بتشريعات مماثلة في دول أخرى.
ووصفت الخارجية السعودية، اعتماد قانون «جاستا» بأنه يشكل مصدر قلق كبير للدول التي تعترض على مبدأ إضعاف الحصانة السيادية، باعتباره المبدأ الذي يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين.
وأوضحت الخارجية على لسان مصدر مسؤول بالوزارة يوم أمس، أن من شأن إضعاف الحصانة السيادية «التأثير سلبًا في جميع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة».
بدورهم، أعرب خبراء قانون أميركيون وعرب عن مخاوفهم من تداعيات «سابقة» تجاوز عرف الحصانة السيادية للدول. وأشاروا إلى أن السماح لأهالي الضحايا بمقاضاة السعودية أو غيرها في المحاكم الأميركية بتهمة «رعاية الإرهاب» لن يأتي بنتيجة، على اعتبار أن الحكومة الأميركية برّأت الرياض تماما من ضلوعها في اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول).
وقال الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار يحتاج إلى سنة حتى يتم تطبيقه»، مضيفًا أنه «في حال جاء مجلسا شيوخ ونواب جديدان، قد يتم إلغاؤه إذا اقتنع المشرعون بذلك.
واستبعد رئيس مركز الخليج أن يتأثر التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب، بعد الموافقة على «جاستا»، حيث إن هذا التعاون تؤطره اتفاقيات موقعة، إلا أن بن صقر أشار إلى أن العلاقة بشكل عام بالتأكيد ستشوبها شائبة، وتابع: «للأسف أعضاء الكونغرس يهتمون بالناخبين، وبرأيي لا يمكن إثبات أن أحد المنفذين السعوديين الذين قاموا بالعمل الإرهابي له علاقة مباشرة بالسلطة أو الحكومة، لا بد أن يكون هناك دلائل مادية دامغة، وهذا الأمر عجزت عنه المؤسسات الرسمية الأميركية وبرأت ساحة المملكة وانتهت كل القضايا». وشدد الدكتور عبد العزيز على أنه كان يفترض أن يكون هنالك تحسب مبكر لهذا القانون قبل صدوره، واستطرد: «الآن يفترض وجود طاقم قانوني كبير يواجه هذا الأمر».
من جانبه، وصف الدكتور ماجد قاروب، وهو محام سعودي، القانون بأنه إعلان حرب عالمية من أميركا ضد دول العالم بشكل عام وليس فقط السعودية؛ لأنه يؤسس إلى سابقة قضائية يمكن أن توجه إلى جميع دول العالم. وقال إن «السعودية تحتاج إلى التأني في دراسة الأحوال والظروف؛ لأن الأمر يتعلق بشأن سياسي واقتصادي وقانوني، ومواءمة كبيرة بين المصالح، والموازنة بين السلبيات والإيجابيات على جميع الأصعدة، ولكن ما من شك في أن الخارجية السعودية مطالبة بأن تكون لها غرفة عمليات قانونية إعلامية على مستوى الحدث وأهميته، بعيدًا عن الشكليات والبيروقراطية، باعتبار أن من سيتولى التعاطي في هذا الأمر يجب أن يكون على إدراك كامل ومهنية وخبرات دولية معتبرة، ليتمكن من إدارة التعامل مع القضاء والقضايا الأميركية من خلال مكاتب المحاماة الأميركية، وبخاصة تلك الموجودة في نيويورك. وبالتالي هي معركة وحرب قانونية شرسة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى».
وأكد قاروب أن «جاستا» سابقة، وأمر موجه لجميع دول العالم، وكل دولة لا بد أنها سترى نفسها معنية بشكل أو بآخر بهذا القانون. وأردف: «بحسب ظرف كل دولة ووضعها السياسي والاقتصادي والأمني، ستكون طبيعة ونوعية الخطوة القادمة من إصدار قوانين مشابهة أو اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، أو المحاكمات الوطنية ضد شخصيات أميركية عسكرية أو مدنية أو سياسية، هذا كله وارد».
إلى ذلك، يؤكد الدكتور عبد الله الشمري، وهو دبلوماسي سعودي سابق، أن خبراء العلاقات الدولية لا يرون واقعية مشروع «جاستا»، فتطبيقه سيعني نسف النظام الوستفالي لعام 1648 الذي حدد ضوابط قيام الدول، وأقام نظامًا سياسيًا جديدًا في أوروبا في شكل دول ذات سيادة متعايشة مع بعضها البعض، على أساس: السيادة، واحترام وحدة الأراضي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وأشار الشمري إلى أن تحول «جاستا» لقانون سيعني نهاية الاستقرار في العلاقات الدولية، وسيضرب الثقة بين الدول وتعليق جهود مكافحة الإرهاب، وسيعني تأسيسا لمرحلة فوضى عالمية جديدة، لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه.
ويرى الدكتور عبد الله أن الخيارات السعودية ستعتمد على المخزون الكبير من رأس المال السياسي، والخبرة في التعامل مع الأزمات الكبيرة، والتي يمكن أن تلجأ لها للتعامل مع سيناريو إقرار المشروع، مضيفا: «الأهم هو أخذ الأمر مأخذ الجد، والتعامل مع الوضع الحالي للعلاقات السعودية - الأميركية بكل عقلانية وقانونية، بعيدًا عن ردود الفعل المؤقتة أو المتشنجة أو الانفعالية».



سوليفان إلى السعودية ويتبعه بلينكن

مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (أ.ب)
مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (أ.ب)
TT

سوليفان إلى السعودية ويتبعه بلينكن

مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (أ.ب)
مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (أ.ب)

نقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية للأنباء، أمس (الخميس)، عن مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان سيزور المملكة العربية السعودية في نهاية الأسبوع المقبل، على أن يتبعه وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في مؤشر إلى سعي واشنطن لتوثيق العلاقات أكثر بالرياض.
وأوضحت الوكالة أن سوليفان يسعى إلى الاجتماع مع نظرائه في كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند في المملكة الأسبوع المقبل. وتوقع مسؤول أميركي أن يستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المسؤول الأميركي الرفيع خلال هذه الزيارة. وأضافت «بلومبرغ» أن بلينكن يعتزم زيارة المملكة في يونيو (حزيران) المقبل لحضور اجتماع للتحالف الدولي لهزيمة «داعش» الإرهابي.
ولم يشأ مجلس الأمن القومي أو وزارة الخارجية الأميركية التعليق على الخبر.
وسيكون اجتماع سوليفان الأول من نوعه بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند.
وقال أحد الأشخاص إن الموضوعات الرئيسية ستكون تنويع سلاسل التوريد والاستثمارات في مشروعات البنية التحتية الاستراتيجية، بما في ذلك الموانئ والسكك الحديد والمعادن.
وأوضحت «بلومبرغ» أن الرحلات المتتالية التي قام بها مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى تسلط الضوء على أن الإدارة مصممة على توطيد العلاقات بين واشنطن والرياض أخيراً.
وكان سوليفان اتصل بولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 11 أبريل (نيسان)، مشيداً بالتقدم المحرز لإنهاء الحرب في اليمن و«الجهود غير العادية» للسعودية هناك، وفقاً لبيان أصدره البيت الأبيض.
وتعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع المملكة العربية السعودية في السودان. وشكر بايدن للمملكة دورها «الحاسم لإنجاح» عملية إخراج موظفي الحكومة الأميركية من الخرطوم.