إيران وحزب الله دربا 100 ألف سوري لتشكيل قوة «الدفاع الوطني»

نعيم قاسم: إما التفاهم مع الأسد أو بقاء الأزمة مفتوحة

زوار في مرقد السيدة زينب قرب دمشق (نيويورك تايمز)
زوار في مرقد السيدة زينب قرب دمشق (نيويورك تايمز)
TT

إيران وحزب الله دربا 100 ألف سوري لتشكيل قوة «الدفاع الوطني»

زوار في مرقد السيدة زينب قرب دمشق (نيويورك تايمز)
زوار في مرقد السيدة زينب قرب دمشق (نيويورك تايمز)

تبدو منطقة السيدة زينب، التي كانت في السابق مقصدا للصلاة والتجارة، أشبه بثكنة عسكرية بالغة التحصين. داخل الضريح، تحت السقف الذي يتلألأ بالسيراميك الزجاجي، لا يزال الرجال والنساء تلهج ألسنتهم بالدعاء، متوجهين صوب القبر الذي يعتقدون أنه يضم رفات السيدة زينب، حفيدة الرسول، صلى الله عليه وسلم. لكن الشوارع المحيطة بالضريح والتي طالما اكتظت بالزوار والمتسوقين، باتت تشكو الآن ندرة زائريها. وولت الأيام التي كان الفناء المكسو بالسيراميك الأزرق يكتظ فيها بالمتنزهين الذين يتجاذبون أطراف الحديث، وحل محلهم الآن مسلحون يرتدون زيا لا يحمل علامة معينة.
أظهر البعض، في غمرة الإحساس بزوال الخطر الوشيك، بعضا من الارتياح. وأثناء الزيارة اقترب شخص يرتدي قميصا مموها أشبه بقمصان رجال البحرية الأميركية من أحد الزائرين في ساحة الضريح ومد يده قائلا: «أنا من حزب الله».
هذا التقديم غير الرسمي من أحد أفراد منظمة سرية، يعكس انفتاحا جديدا في سوريا تجاه الداعمين الأجانب للحكومة، ويؤكد فيه مقاتلو حزب الله على نحو متزايد أنهم يساعدون النظام على هزيمة الثوار.
أثارت فكرة تضرر ضريح السيدة زينب قلق الكثيرين من الشيعة واجتذبت الآلاف منهم من العراق ولبنان وسوريا، ظاهريا للدفاع عن الضريح، ولكن عمليا للقتال إلى جانب قوات النظام على الكثير من الجبهات، وهو ما دفع المتشددين من معارضي النظام، لإعلان الضريح هدفا لهم.
ونجا الضريح، لكن الثمن كان مكلفا. إذ يسيطر عليه مقاتلون أجانب تسبب دورهم في انقسام بين السوريين، الذين أبدى بعضهم امتنانا كبيرا، فيما أبدى آخرون استياء شديدا جراء تسبب قذائف الهاون التي أطلقها مقاتلو المعارضة التي سقطت بالقرب من الضريح في مقتل مدنيين بينهم أطفال. وتكرر الأمر ذاته عبر القصف الحكومي الذي أدى إلى دمار الأحياء التي يسيطر عليها الثوار، ثم تبعته جرافات سوت المباني المدمرة بالأرض للقضاء على أوكار القناصة.
في المقابل تسببت قذيفة في كسر مئذنة الضريح، وفي الشهر الماضي سقطت قذيفة أخرى وسط المصلين في الساحة أثناء الصلاة، لكنها لم تنفجر واعتبرها البعض معجزة، بحسب وصف إحدى النساء التي جلست للاستراحة على سجادة للصلاة.
وطالما تذرع حزب الله بحماية الضريح، كسبب مقبول لإرسال مقاتليه إلى سوريا في خطوة غيرت التحالفات الإقليمية، وعمقت الانقسامات الطائفية والدينية في لبنان وحولت دفة المعارك المحورية لصالح الحكومة السورية. وكان حزب الله والمسؤولون السوريون يعمدون إلى التقليل من دور الحزب، قائلين إن الجيش السوري هو الذي يقود المقاتلين، لكن الانتصارات الأخيرة، تظهر أن الحسابات تغيرت بالكامل. فزعيم حزب الله، حسن نصر الله، صرح مؤخرا بأن الحكومة السورية لا يخشى عليها من السقوط الآن، وبأن خطأ حزبه الوحيد كان التأخر في دخول المعركة.
وأبدى بعض السوريين رغبة في الحديث عن الدعم الخارجي إلى جانب حزب الله. فيقول ضابط سوري ينسق بين القوات الحكومية ومقاتلي حزب الله حول الضريح، إن «قوات النخبة في الحرس الثوري الإيراني لا تقدم المشورة لدمشق فقط، بل تقاتل بالقرب من مدينة حلب، شمال سوريا». وأشار إلى أن حزب الله وإيران قاما بتدريب أكثر من 100 ألف سوري، في سوريا ولبنان وطهران لتشكيل ميليشيات الدفاع الوطني. وقد سلمت إيران يوم الثلاثاء 30 ألف طن من الغذاء إلى سوريا، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».
وفال المنسق، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا على حياته: «لقد تبدلت الأوضاع». وأكد كثيرا مما تحدث عنه المسؤولون الغربيون بشأن الدعم الخارجي للحكومة، واصفا إياه بورقة النصر التي أنقذت دمشق في اللحظة المناسبة. وأضاف المنسق «لم يعد الأمر سرا، إنها على الطاولة الآن»، مشيرا إلى أنه لم يكن بمقدور القوات الحكومية التقدم صوب الحدود اللبنانية وشرق دمشق من دون مساعدة مقاتلي حزب الله.
لكن غالبية المتطوعين الشيعة، عراقيون، تلقوا تدريبا بسيطا في العراق وأرسلوا إلى الخطوط الأمامية في ضواحي دمشق، مثل القابون وجوبر، لحاجة الحكومة إلى عدد كبير من المقاتلين هناك. ويقول المنسق «لكن الآن وبعد تدريب جديد، كما هو الحال مع لواء أبي الفضل العباس، تمكنوا من تحقيق بعض الانتصارات بدلا من أن يحضروا إلى هنا ليموتوا».
قبل الحرب، كانت منطقة السيدة زينب ذات غالبية سنية، وكان السكان، الذين فر بعضهم، يتعاملون بأريحية مع الزوار الإيرانيين الشيعة. وقد وجد بعض اللاجئين الفارين من الصراع، أولهم الفلسطينيون ثم العراقيون، ملاذا في هذه المنطقة.
لكن أحد عمال الإغاثة، قال إن العراقيين يواجهون ضغوطا للقتال، ويسعى كل من الشيعة والسنة إلى تجنيد أبناء طوائفهم. وقال عامل الإغاثة، إن «عراقيا سنيا فر من بغداد بعد تلقيه تهديدات من مقاتل ميليشيا شيعي».
وفي أحد الأيام بعد الظهيرة، تم دفن مقاتل شيعي في مقبرة إلى جانب الضريح. وكانت عشرات من أعلام حزب الله والأعلام السورية ترفرف فوق القبور الجديدة البعض منها كان إلى جواره بعض الألعاب أو صورة للقتيل.
في هذا المكان يتجاوز الموالون للحكومة الخطوط الطائفية، فخلال جلوس النساء للبكاء إلى جوار المقابر، زارت لمياء عبد الرحمن شهده وفاطمة عباس محمد قبري ابنيهما، سني وشيعي، قالتا إنهما قتلا أثناء القتال ضد مقاتلي الثورة السورية.
تسيطر الحكومة الآن على الطريق الذي يربط دمشق بمنطقة السيدة زينب والمطار الذي يجري النزاع عليه منذ وقت طويل. وقد بدأت الحياة تعود رويدا رويدا بالقرب من الضريح، لكن الضريح، الذي كان مقصدا ينشده الزائرون في السابق بحثا عن البهجة، صار كئيبا الآن. فالكثير ممن يقدمون إلى هنا من قرى النبول والزهراء الشيعيتين، يفرون من هجمات المتمردين. وتتشابه رواياتهم مع روايات الذين يتعرضون لهجمات قوات الحكومة، من انتشال أجساد الأطفال من بين الحطام وأقارب تعرضوا للاختطاف وأبناء قتلوا أثناء الصراع.
أم أسامة فرت من النبول مستقلة شاحنة إلى تركيا ثم عادت جوا إلى دمشق. ولا تزال تخشى هجمات المقاتلين المحليين والقريبين منها، الذين تقول إنهم سيقتلون عائلتها لأنها شيعية موالية للحكومة. وهمست قائلة: «أنا لا أثق في هؤلاء الكلاب. لا يمكنك الوثوق في أحد في الوقت الراهن».
وقالت نساء من النبول كن يسترحن في ظل الضريح، إن «زوار الضريح الذين كانوا يدعون الله أن يرزقهم المزيد من الأبناء، تحولوا الآن إلى الدعاء لأبنائهم وأقاربهم في الجيش». وأضفن إن «الساحة كانت مكانا لتناول العشاء والنوم والتقاط الصور». وقالت إحداهن: «لم يعد هذا مسموح به في الوقت الراهن. فغالبية النساء ثكالى، لكن أرواحهن تسكن عندما يحضرن إلى الضريح».
* خدمة: «نيويورك تايمز»



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.