«داعش» يمنع نساء الموصل من دخول مقراته بالنقاب

شهود من داخل المدينة يتحدثون عن حملة اعتقالات

عنصر أمن عراقي يقتاد أحد المشتبه بانتمائهم لـ«داعش» في مقر الاستخبارات العسكرية ببغداد (رويترز)
عنصر أمن عراقي يقتاد أحد المشتبه بانتمائهم لـ«داعش» في مقر الاستخبارات العسكرية ببغداد (رويترز)
TT

«داعش» يمنع نساء الموصل من دخول مقراته بالنقاب

عنصر أمن عراقي يقتاد أحد المشتبه بانتمائهم لـ«داعش» في مقر الاستخبارات العسكرية ببغداد (رويترز)
عنصر أمن عراقي يقتاد أحد المشتبه بانتمائهم لـ«داعش» في مقر الاستخبارات العسكرية ببغداد (رويترز)

تشهد مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمال العراقي والتي تخضع منذ منتصف عام 2014 لسيطرة تنظيم داعش، حالة من القلق والرعب والترقب بالتزامن مع قرب العمليات العسكرية التي ستشنها القوات الأمنية العراقية لتحرير المدينة، وأكد سكان محليون من داخل مدينة الموصل، وجود حالة من الارتباك والذعر في صفوف عناصر تنظيم داعش، الذي كثف مسلحوه حملة المداهمات لمنازل المواطنين واعتقلوا عددا كبيرا من الشباب والرجال بتهمة التعاون والتخابر مع القوات الأمنية.
وقال مواطن من سكان الموصل لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي تنظيم داعش قاموا بمداهمة عدد من منازل المواطنين في أحياء الزنجلي والزهور وفي مناطق أخرى من المدينة واعتقال مئات من الشبان والرجال بحجة تعاونهم مع القوات الأمنية العراقية التي تنوي اجتياح المدينة وتحريرها من قبضة المسلحين، وداهم عناصر التنظيم الإرهابي بيوت المواطنين في ساعات متأخرة من الليل واقتادوا أكثر من 700 مواطن من أهالي المدينة إلى أماكن مجهولة مما تسبب في حالة من الرعب بين صفوف المدنيين الذين يفكرون الآن في كيفية ترك المدينة والاتجاه إلى الأماكن الآمنة القريبة من إقليم كردستان».
وأضاف المواطن الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خوفًا من بطش المسلحين «أن تنظيم داعش الإرهابي يعيش في قمة الخوف والقلق وهذا ما لمسناه من خلال تصرفاتهم في الآونة الأخيرة خصوصًا بعد تحرير ناحية القيارة وخسائره الأخيرة في الأنبار، حيث أصدر التنظيم الإرهابي أمرًا حظر بموجبه على نساء المدينة وأطرافها الدخول إلى مقراته بالنقاب، وجاء هذا القرار المفاجئ بعد إقدام سيدة منقبة على قتل اثنين من عناصره، وتبعا للقرار الجديد، أصبح التنظيم الإرهابي يفرض عقوبات على كل سيدة تدخل بالنقاب، إلى مراكزه في الموصل أو لما يسمى بهيئات (الحسبة) فيما طالب التنظيم مسلحيه باتخاذ الحيطة والحذر من اقتراب المنقبات من مقراتهم».
وأكد المواطن الموصلي أن أهالي مدينة الموصل، أصبحوا ينتظرون دخول القوات الأمنية العراقية بفارغ الصبر وهم «على أتم الاستعداد للمشاركة مع القوات الأمنية في الحرب ضد داعش وتحرير مدينتهم من قبضة الإرهاب».
وإلى الجنوب من الموصل وتحديدًا عند ناحية القيارة كشف رئيس المجلس البلدي للناحية نافع الطابور عن عدم إمكانية إخماد الحرائق في الآبار النفطية التي فاقت الإمكانيات المحلية وبحاجة إلى تدخل دولي، فيما أكد أن نسبة الدمار الذي لحق بالمدينة جراء سيطرة تنظيم داعش عليها والعمليات العسكرية التي شهدتها المدينة لطرد التنظيم الإرهابي بلغت أكثر من 60 في المائة، وقال الطابور لـ«الشرق الأوسط»: «بلغت الأضرار في مصفاة القيارة أكثر من 50 في المائة والتدمير يتمثل في الوحدة الخامسة والسادسة التي تعمل على تحويل النفط الخام إلى بنزين ونفط أبيض». وأضاف الطابور «لقد أصاب الدمار عددا من المنشآت الكبيرة داخل المصفاة من بينها منشأة كانت الحكومة العراقية تعمل على افتتاحها، بعد أن استغرقت مدة العمل فيها أربعة أعوام منذ 2010 وحتى 2014 وشارفت على الانتهاء في حينها ولكن لم يتم افتتاحها بسبب سيطرة داعش على الموصل، والآن هي مدمرة بالكامل».
وأكد الطابور أن «الحرائق في الآبار النفطية التي أضرم فيها النار تنظيم داعش قبل هروبه من المدينة ما زالت مشتعلة في خمسة آبار، فيما عجزت ملاكات شركة نفط الشمال الهندسية التي تعمل على إخماده، حيث لا يتناسب عملها وحجم الكارثة، وطلبنا من شركة نفط الشمال ووزارة النفط الاستعانة بالخبرات الدولية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.