استهداف القائد العسكري لـ«جيش الفتح» بعد اجتماع» لتشكيل «جيش موحد» بقيادة «فتح الشام»

مقتله يمثل استهدافًا للجناح المعولم من المتشددين المعارضين لفك الارتباط بـ«القاعدة»

سوري ينقل صديقه المصاب على متن عربة نصف نقل في دمشق أمس (رويترز)
سوري ينقل صديقه المصاب على متن عربة نصف نقل في دمشق أمس (رويترز)
TT

استهداف القائد العسكري لـ«جيش الفتح» بعد اجتماع» لتشكيل «جيش موحد» بقيادة «فتح الشام»

سوري ينقل صديقه المصاب على متن عربة نصف نقل في دمشق أمس (رويترز)
سوري ينقل صديقه المصاب على متن عربة نصف نقل في دمشق أمس (رويترز)

رسم مقتل القائد العسكري العام لـ«جيش الفتح» في شمال سوريا «أبو عمر سراقب» في غارة جوية شنت على محافظة إدلب بشمال غربي سوريا مساء الخميس، شبهات قوية حول مصير المتشددين الذين يعارضون فك ارتباط «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقًا) عن تنظيم «القاعدة». وتجدر الإشارة إلى أن الغارة تلت اجتماعًا حضره ممثلون عن فصائل عسكرية بارزة في الشمال، وضعوا خلاله خطة للاندماج العسكري، وإطلاق عمليات واسعة لفك الحصار عن مدينة حلب.
جبهة «فتح الشام» أعلنت على حسابها على موقع «تويتر» مساء الخميس، مقتل القائد العام لتحالف «جيش الفتح» في غارة جوية في محافظة حلب. وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل «أبو عمر سراقب» وقيادي آخر في «جيش الفتح» هو «أبو مسلم الشامي» في قصف جوي لـ«طائرات حربية مجهولة لا يعلم ما إذا كانت روسية أم تابعة للتحالف الدولي أم للنظام، استهدف مقرًا كان يجتمع فيه قيادات بارزة في جيش الفتح في ريف حلب».
هذه الغارة تلت اجتماعًا حضره 17 قياديا في تنظيمات عسكرية فاعلة في شمال سوريا. وأفاد مصدر عسكري بارز في المعارضة السورية بالشمال لـ«الشرق الأوسط»، بأن الاجتماع «كان على مستوى عال» في حضوره، بين ممثلي الفصائل الثورية والفصائل الراديكالية»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن «جيش الإسلام لم يدع للاجتماع، كذلك لم يُدع إليه أي ممثل عن فصائل الغوطة الشرقية لدمشق أو جنوب سوريا، كما لم يُدع ممثلون عن الكتائب التركمانية، فضلاً عن غياب واضح للتمثيل السياسي، حيث اقتصر على حضور قادة عسكريين». وأشار المصدر إلى أن مقتلهما «جاء في قصف استهدف المنزل الذي اجتمع فيه ممثلو الفصائل، وهو عبارة عن منزل عربي غير محصّن».
وحسب المصدر نفسه «نوقش في الاجتماع بندان، أولهما توحيد الجهود العسكرية واندماج الفصائل في جبهة واحدة، إضافة إلى خطط فك الحصار عن مدينة حلب». وأوضح أن النقطة الأخيرة «تم الاتفاق عليها، إذ تسلمت الفصائل خطة المعركة لبدء فك الحصار عن حلب»، وللعلم، فإن الاجتماع جاء بعد خسارة «جيش الفتح» أحد أبرز المعارك في سوريا، التي يخوضها منذ أكثر من شهر في جنوب مدينة حلب، بعدما تمكن جيش النظام وحلفاؤه من إعادة فرض الحصار على الأحياء الشرقية في المدينة. أما نقطة الاندماج «فكانت أساسية أيضًا»، بحسب المصدر الذي أوضح أن الفصائل المجتمعة «اتفقت على توحيد الجهود وتشكيل الجيش الموحد» الذي يتألف من كتائب ثورية وكتائب متشددة، ويتولى العمليات في الريف الجنوبي لحلب ومحافظة إدلب وريف حماه الغربي، لافتًا إلى أن الاتفاق «تم على قاعدة أن يتولى تنظيم فتح الشام قيادة العمليات العسكرية، بينما يتولى تنظيم أحرار الشام القيادة السياسية للجيش الموحد الذي سيكون مركزه مدينة إدلب».
ولفت المصدر إلى أن الفصائل التي كانت حاضرة في الاجتماع، بينها «فيلق الشام»، وحركة نور الدين الزنكي، و«الجبهة الشامية» و«جيش المجاهدين» و«لواء المعتصم» و«أحرار الشام»، وافقت على صيغة الاندماج بالمبدأ. وستكون «فتح الشام» القوة العسكرية المشرفة التي تدير جميع المكاتب والإدارات والجبهات والانتساب والتنسيب والمستودعات والذخائر التابعة للجيش. وتابع المصدر شارحًا أن «أبو عمر سراقب» كان المرشح الأبرز لتولي قيادة الجيش الجديد الموحد الذي يعمل على تشكيله.
من ناحية ثانية، فمن اللافت أن هذا الاجتماع لم يحضره «أبو محمد الجولاني» أمير جبهة «فتح الشام» والزعيم السابق لـ«جبهة النصرة»، بل اقتصر الحضور على 3 قيادات أساسية في التنظيم، وحسب المعلومات المتوافرة فإن المستهدف «أبو عمر سراقب»، مؤسس «جيش الفتح»، وهو تحالف الفصائل المتشددة والإسلامية الأبرز في سوريا، كان أحد أهم القيادات المتطرفة ضمن تنظيم «القاعدة في العراق»، وقاتل إلى جانب «أبو مصعب الزرقاوي»، كما يعد أيضا مؤسس «جبهة النصرة في لبنان» التي تبنت تفجيرات عدة في لبنان ضد الجيش اللبناني، وأخرى قالت إنها ردا على مشاركة ما يسمى «حزب الله» في القتال في سوريا.
الدور الخارجي لـ«سراقب» وتاريخه، ومواقفه من فك الارتباط بـ«القاعدة»، ضاعف شكوك مراقبين حول أن يكون مقتله «تصفية للجناح المعولم في (فتح الشام) الذي كان من أبرز المعارضين لفك ارتباط النصرة عن تنظيم القاعدة». وأوضح عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن معلومات تفيد بأن محاولات لإقصائه قبل نحو شهر «اتسمت بالفشل»، ذلك أنه «بنى شبكة من المقاتلين الذين يوالونه».
وحقًا، العملية التي تحمل بصمات التحالف الدولي، بحسب ما يقول الخبراء، بدت «استهدافًا مباشرًا للجناح المعولم في تنظيم النصرة (سابقًا، و«فتح الشام» حاليًا) الذي يعتبر امتدادًا للجناح المعولم في تنظيم القاعدة». ويشير حسن أبو هنية، الباحث البارز في الحركات الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن واشنطن «بدأت بضرب هذا الجناح منذ دخولها على خط ضرب الإرهاب في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2014، حيث انطلقت من ضرب جناح عبد المحسن الفضلي وصولاً إلى تنظيم خراسان وغيرهم، وذلك في محاولة لإضعاف هذا الجناح المعولم في القاعدة، الذي يرفض فك الارتباط بالتنظيم المعولم». وأردف أبو هنية: «لا تزال هناك استراتيجية لدى واشنطن لدفع النصرة إلى مزيد من الاقتتال ومزيد من الاعتدال وتصفية الجناح الأكثر تشددا».
وحول غياب «أبو محمد الجولاني» عن الاجتماع، قال أبو هنية إن واشنطن «على مدى سنوات لم تستهدف الجولاني، ولم يكن على لائحة القتل الأميركية، كونها تركز على استهداف الجناح المعولم في التنظيم، وكان أبو عمر سراقب أحدهم، وهو ما يفسر عدم تعرضه لمحاولات اغتيال علما بأن تنظيم النصرة مخترق بشدة، وليس من الصعب استهدافه طالما أن أميركا استهدفت القيادات الأصعب في تنظيم داعش». وشدد أبو هنية على أن استراتيجية التحالف «الضغط على المتشددين، ودفعهم باتجاه مزيد من الاعتدال، والالتزام بالشأن السوري والساحة السورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».