مسؤول ليبي: استخدام مقاتلي «داعش» عائلاتهم دروعًا أخّر الحسم في سرت

رئيس مجلس النواب يؤكد أن التدخل الخارجي زاد من تعقيد الأزمة

عناصر من القوات الليبية المدعومة من قبل الأمم المتحدة يستعدون لمعركة ضد تنظيم داعش في مدينة سرت (رويترز)
عناصر من القوات الليبية المدعومة من قبل الأمم المتحدة يستعدون لمعركة ضد تنظيم داعش في مدينة سرت (رويترز)
TT

مسؤول ليبي: استخدام مقاتلي «داعش» عائلاتهم دروعًا أخّر الحسم في سرت

عناصر من القوات الليبية المدعومة من قبل الأمم المتحدة يستعدون لمعركة ضد تنظيم داعش في مدينة سرت (رويترز)
عناصر من القوات الليبية المدعومة من قبل الأمم المتحدة يستعدون لمعركة ضد تنظيم داعش في مدينة سرت (رويترز)

أبلغت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني الليبية، التي تقاتل ميلشيات تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية، «الشرق الأوسط» أن ما يؤخر حسم المعارك هناك هو استخدام «داعش» النساء والأطفال دروعا بشرية في مواجهة القوات الحكومية.
يأتي هذا في وقت قال فيه المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، في كلمة ألقاها لدى اجتماعه مع محمد يوسف، رئيس النيجر التي زارها أول من أمس، إن التدخل الخارجي في ليبيا قد زاد المشهد السياسي تعقيدا.
من جهته، قال العميد محمد الغصري، الناطق الرسمي باسم قوات عملية «البنيان المرصوص»، التي تشن منذ شهر مايو (أيار) الماضي عملية عسكرية لتحرير سرت من قبضة «داعش» الذي يسيطر عليها منذ منتصف العام الماضي، إن هناك عائلات لـ«داعش» في الحي رقم «600» بداخل سرت، «وهذا ما يؤخر دخول قواتنا إلى هناك». وأضاف موضحا: «نحن نتكلم عن أشخاص مدنيين، خصوصا النساء والأطفال، حيث يستخدمهم التنظيم المتطرف دروعا بشرية ضد قواتنا المهاجمة التي تحاصر التنظيم في آخر معاقله في سرت.. وهذه هي الأسباب التي تؤجل استكمال عملية تحرير المدينة وتؤخرها حتى الآن، ونحن نستعد لهجوم أخير وشامل، لكن لا مواعيد محددة لاستكمال السيطرة على المدينة».
وعلى الرغم من التفاؤل الذي ساد مؤخرا بشأن إمكانية تمكن القوات الحكومية من استعادة سرت من هيمنة «داعش» بحلول عيد الضحى المبارك، فإن تصريحات العميد الغصري لـ«الشرق الأوسط» تعكس احتمال عدم نجاح هذه القوات في إتمام مهمتها في تحرير المدينة بحلول هذا الموعد خلال الأسبوع المقبل.
من جهته، أعلن المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» أن قواتها سيطرت في تقدمها أول من أمس على محكمة الأحوال المدنية، ومبنى «مصرف الادخار» الذي كان يتمركز داخله عدد من القناصة، لافتا النظر إلى العثور على 7 جثت لأتباع «داعش» في محيط المصرف.
وتابع المركز في بيان مقتضب نشره عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن القوات سيطرت على «مخزن للذخيرة يحتوي على كميات من الذخائر والألغام والعبوات الناسفة ورؤوس التفجير».
من جانبها، تحدثت قناة «النبأ» التلفزيونية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين عن إصابة 5 من القوات الحكومية جراء انفجار لغم أرضي في مدينة سرت. ونقلت عن مسؤول الإعلام بمستشفى مصراتة المركزي، أن قسم الطوارئ استقبل 5 مصابين جراء إصابتهم بشظايا لغم بمدينة سرت، مشيرا إلى أن أغلب المصابين في معارك سرت غادروا المستشفى بعد تلقي العلاج اللازم، لكن تعرض بعضهم لإصابات بليغة وتم نقلهم للعلاج بالخارج. ن جهة أخرى، انتقدت وزارة الخارجية بالحكومة الانتقالية الموالية للسلطات الشرعية في ليبيا، إقدام فرنسا على دعوة فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، إلى زيارة العاصمة الفرنسية باريس. وقالت الوزارة في بيان لها إنها «تستنكر قيام وزارة الخارجية والشؤون الأوروبية الفرنسية بدعوة السراج، المسمى برئيس حكومة الوفاق المقترحة غير الشرعية وغير الدستورية لعدم تضمينها في الإعلان الدستوري ولعدم حصولها على ثقة مجلس النواب»، وأضافت موضحة: «مع تقديرنا لمجهودات بعض الدول، ومن بينها فرنسا، في محاولة المساعدة في حل الأزمة الليبية، إلا أن الوزارة تعتبر أن هذه الدعوة لا تتماشى مع قواعد القانون الدولي، وستؤدي حتما إلى مزيد من عرقلة المساعي الدولية والإقليمية لإيجاد حل للأزمة الليبية، والتوصل إلى توافق سياسي بين الأطراف الليبية المختلفة».
إلى ذلك، اعتبر المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، أن التدخل الخارجي في ليبيا قد زاد المشهد تعقيدًا، مؤكدًا التزام المجلس بالإعلان الدستوري فيما يخص الاتفاق السياسي، وحكومة الوفاق التي رفضت تحت قبة مجلس النواب.
وشدد صالح في كلمة ألقاها لدى اجتماعه مع محمد يوسف، رئيس النيجر التي زارها أول من أمس، على رفض المجلس عودة التيارات الإسلامية المتطرفة التي انقلبت على الشرعية منذ انتخاب مجلس النواب عندما خسرت الانتخابات، «ومكنت الميليشيات المسلحة التي دمرت مقدرات الشعب لأجل بقائهم في السلطة، رغم رفض الشعب الليبي لهم»، على حد تعبيره.
وقام صالح برفقة رئيس الحكومة الموالية للبرلمان الليبي عبد الله الثني ومسؤولين حكوميين وعسكريين، بجولة أفريقية قصيرة ومفاجئة لم تعرف أسبابها، شملت دولتي النيجر وبوركينافاسو. ولدى اجتماعه مع رئيس دولة بوركينافاسو روس مارك كريسيان، انتقد صالح، بحسب وكالة الأنباء الليبية، ما يحصل الآن من تدخل خارجي في الشأن الليبي «لتمكين أطراف بعينها، رفضها الشعب الليبي عندما انتخب مجلس النواب الليبي».
وقال البرلمان الليبي إن محادثات صالح في النيجر تناولت القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصا ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب، وسبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، ودور دول الجوار والاتحاد الأفريقي في حل الأزمة الليبية.
وجاءت هذه الزيارة بالتزامن مع هيمنة الخلافات حول تشكيلة حكومة جديدة في ليبيا برئاسة فائز السراج، على آخر جولات الحوار السياسي الليبي في تونس برعاية الأمم المتحدة؛ إذ قال المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر خلال مؤتمر صحافي إن «المشكلة الرئيسية والتحدي الرئيسي الذي يواجهنا هو تشكيل حكومة وفاق وطني والموافقة اللاحقة (عليها) من قبل مجلس النواب». فيما قال مسؤول من أحد الأطراف الليبية المشاركة في المحادثات إنه «يجب تغيير بعض الوزراء للحصول على فريق يمثل كل الأطراف الليبية». وتهدف المحادثات التي عقدت على مدى اليومين الماضيين من أجل المضي قدما في تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات في المغرب نهاية العام الماضي، إلى إخراج البلاد من الفوضى الغارقة بها منذ إطاحة نظام معمر القذافي عام 2011.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».