من الجبير إلى السبهان.. إيران تقطع 11 ألف كيلومتر لاغتيال الدبلوماسية

بعد نجاحهما في كشف طائفيتها وجرائمها في المنطقة

من الجبير إلى السبهان.. إيران تقطع 11 ألف كيلومتر لاغتيال الدبلوماسية
TT

من الجبير إلى السبهان.. إيران تقطع 11 ألف كيلومتر لاغتيال الدبلوماسية

من الجبير إلى السبهان.. إيران تقطع 11 ألف كيلومتر لاغتيال الدبلوماسية

11600 كيلومتر هي المسافة التي قطعتها طهران في محاولتيها الفاشلتين لاغتيال اثنين من أبرز الدبلوماسيين السعوديين في كل من واشنطن وبغداد، بعد أن نجحا في تعرية نظامها الطائفي الإجرامي أمام العالم.
في الحادي عشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2011م، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية إفشال مخطط إيراني لاغتيال عادل الجبير سفير السعودية السابق في واشنطن، وفي 21 أغسطس (آب) 2016م، تم الكشف عن مخطط إيراني لاغتيال ثامر السبهان السفير السعودي في العراق.
الثابت هنا هو أن تعليمات تنفيذ عمليات الاغتيال ضد سفيرين سعوديين في دولتين مختلفتين خلال خمس سنوات كانت صدرت من طهران عبر مرتزقة إيرانيين أو وكلاء يتبعون نظام ولاية الفقيه. أما السبب فكما يبدو جليًا هو أدوار هؤلاء الدبلوماسيين السعوديين الفعالة في كشف وفضح الدور الإيراني الإجرامي في المنطقة.
في المحاولة الأولى، جندت إيران بائع السيارات الأميركي من أصل إيراني منصور أربابسيار الذي أقر بذنبه أمام محكمة فيدرالية بنيويورك في مؤامرة لقتل السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير بمشاركة مسؤولين في الجيش الإيراني.
أربابسيار الذي تلعثم كثيرًا أمام القاضي قال: إنه تآمر مع مسؤولين في الجيش الإيراني مقرهم طهران لاغتيال السفير السعودي، وسافر إلى المكسيك عدة مرات للترتيب لاستئجار قاتل من إحدى عصابات المخدرات لقتل السفير لكنه لم يكن يعرف أن «القاتل المستأجر» هو في الحقيقة مخبر تابع لقسم مكافحة المخدرات كان يتخفى على أنه جزء من عصابة مخدرات مكسيكية، ووافق على دفع 1.5 مليون دولار له وناقش معه خطة قتل الجبير.
وتمكن الجبير الذي ولد في الأول من فبراير (شباط) 1962 بمدينة المجمعة شمال الرياض، من توجيه عدة ضربات موجعة للنظام الإيراني الذي لطالما تدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وأثار الفتن الطائفية والمذهبية فيها.
وكان آخر هذه الضربات، تعرية موقف مندوب إيران لدى المفوضية الأوروبية في بروكسل الذي حاول سرد معلومات خاطئة في حضرة الجبير، فوقع في المحظور وتلقى سيلاً من الحقائق حول الدور الإيراني الطائفي والإجرامي في المنطقة، مرورًا بقتل مئات الدبلوماسيين وإحراق السفارات وتهريب الأسلحة، وصولاً إلى تشكيل عصابات مسلحة منغمسة في تجارة المخدرات وغسل الأموال.
في المحاولة الثانية، جند النظام الإيراني ميليشيا عراقية مسلحة تعمل تحت منظومة الحرس الثوري بحيث يتم استهداف سيارة السفير السبهان المصفحة بصواريخ آر بي جي 7. سعيًا لإسكات صوته الذي لم يحتمله نظام العمائم السوداء، إلى جانب خلق أزمة دبلوماسية وسياسية بين السعودية والعراق.
ثامر السبهان لم يكن أقل كفاءة ولا تأثيرًا من الجبير، حيث استطاع خلال أقل من عام إبان توليه هرم الدبلوماسية السعودية في عاصمة الرشيد من الوصول لمختلف أطياف الشعب العراقي ومحاولة توحيد صفوفهم، وهو الأمر الذي سعت إيران ولا تزال من حصوله في العراق، بعد أن نشرت الطائفية بين أبنائه ومزقت نسيجه الاجتماعي.
ما أثار إيران في عمل السبهان هو تركيزه على العمق العروبي للعراق وإعادته لحاضنته العربية بعد سنوات من التغلغل الإيراني هناك.
ولأن العراق يقع تحت الوصاية الإيرانية، طلبت وزارة الخارجية العراقية أول من أمس من السعودية استبدال السفير ثامر السبهان، بناء على رغبة إيرانية، إلا أن السبهان أكد أن السعوديين هم ثامر السبهان حتى في حال تم استبداله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.