الطريق إلى «المراقشة».. آخر معاقل «القاعدة» في أبين

80% من مديريات المحافظة تعود إلى سلطة الدولة بدعم التحالف

أحد عناصر الأمن اليمني في زنجبار عاصمة أبين بعد تطهيرها من الإرهاب الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
أحد عناصر الأمن اليمني في زنجبار عاصمة أبين بعد تطهيرها من الإرهاب الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

الطريق إلى «المراقشة».. آخر معاقل «القاعدة» في أبين

أحد عناصر الأمن اليمني في زنجبار عاصمة أبين بعد تطهيرها من الإرهاب الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
أحد عناصر الأمن اليمني في زنجبار عاصمة أبين بعد تطهيرها من الإرهاب الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)

باتت القوات الأمنية اليوم تفرض سيطرتها الكاملة على ما نسبته أكثر من 80 في المائة من مساحة محافظة أبين الاستراتيجية، ولم يتبق سوى 3 مدن ريفية من أصل 11 مدينة تضمها المحافظة الساحلية، وذلك خلال أقل من أسبوعين من انطلاق الحملة العسكرية لتطهيرها من الجماعات الإرهابية بدعم وإسناد قوات التحالف العربي بعدن، وفقا لمصادر أمنية.
وبدأت الحياة تدب في المدينة التي كانت خارجة عن سلطة الدولة والنظام والقانون، وسط ترحيب السكان المحليين، واستمرار الحملات العسكرية وحملات الدهم حتى تطهير كل شبر في المدينة بحسب تصريحات مدير شرطة المحافظة عبد الله الفضلي.
فيما تواصل قوات الحزام الأمني بمحافظة أبين (80 كيلومترا شمال شرقي عدن) بدعم وإسناد من قوات التحالف فرض كامل سيطرتها على مديريات ساحل وريف أبين قواتها ونقاطها الأمنية على امتداد سواحل المحافظة حتى حدود محافظة شبوة، وذلك بعد يومين من إعلان سيطرتها الكاملة على مدينتي أحور والمحفد الساحليتين.
وكشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر محلية في مدينة زنجبار، عاصمة أبين، عن استعدادات مكثفة تجريها قوات الحزام الأمني والمقاومة بالتنسيق مع قوات التحالف العربي، لدخول حملة عسكرية ضخمة إلى منطقة «خبر المراقشة» القريبة من مدينة شقرة الساحلية جنوب زنجبار لاستكمال عمليات التطهير للجماعات الإرهابية بالمدينة.
وتعد «خبر المراقشة» منطقة استراتيجية «ساحلية - جبلية»، المعقل الرئيسي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومسقط رأس زعيم التنظيم الإرهابي في أبين جلال بلعيدي، الذي قتل في غارة جوية لطائرة من دون طيار في شهر فبراير (شباط) من العام الحالي 2016.
وكانت قوات الجيش والمقاومة بمحافظة أبين قد أعلنت، أول من أمس، السيطرة الكاملة لقواتها على مديرية المحفد شمال شرقي المحافظة الساحلية، وكذا مديرية أحور الساحلية، وتطهيرهما من الجماعات الإرهابية بدعم من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، حيث شرعت القوات الأمنية بتمشيط المدينة، ونشر قواتها لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة ذات السلسلة الجبلية الوعرة والاستراتيجية الممتدة إلى مدينة العرم التابعة لمديرية حبان بمحافظة شبوة.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال مدير عام الإعلام بمحافظة أبين ياسر العزب إن القوات الأمنية والجيش والمقاومة المسنودة بقوات التحالف العربي سيطرت حتى اللحظة على ما نسبته 80 في المائة من مدن المحافظة التي تضم 11 مديرية جميعها تحت سيطرة قوات الحزام الأمني عدا مدن 3 مديريات ريفية هي مناطق يافع السفلى «سرار، ورصد، وسباح».
وأكد العزب أن القوات الأمنية مستمرة في حملاتها العسكرية حتى يتم تطهير كل شبر في أبين من الجماعات الإرهابية، وأن الوضع الأمني مستتب جدا وسط جهود حثيثة وبدعم من قوات التحالف العربي لاستعادة هيبة الدولة إلى أبين وتفعيل مراكز الشرطة والمرافق الحكومية في تواصل، وسط ترحيب شعبي ورسمي بانتشار القوات الأمنية واستتباب الأمن والاستقرار بالمحافظة، على حد قوله.
وأضاف: «نأمل أن يكون الانتشار الأمني دائما في عموم مدن المحافظة حتى تستعيد المدينة هيبة الدولة وسلطة النظام والقانون، حيث يعول سكان المحافظة على قوات الحزام الأمني ودعم التحالف العربي لها لاستكمال عمليات التطهير وتفعيل المعسكرات والمقار الأمنية لتعقب الجيوب الإرهابية وحفظ أمن واستقرار المحافظة الساحلية الاستراتيجية»، لافتا إلى أن الحياة بدأت تدب في المحافظة بشكل طبيعي، وخلال أقل من أسبوعين من تطهير أبين من الإرهابيين.
بدوره، قال ذو يزن مخشف لـ«الشرق الأوسط» إن استكمال قوات الجيش والأمن السيطرة التامة على محافظة أبين بجميع مناطقها وريفها في وقت قياسي دلالة على صدق نوايا السلطة الشرعية ومن يمثلها على الأرض في المحافظات الجنوبية المحررة لإعادة البلاد إلى طبيعتها والتخلص من كل أشكال المظاهر والقضايا التي تعبث بأمنها والأمن القومي للمنطقة.
ولفت مخشف إلى تسجيل السلطة الشرعية ضربة قوية وعلامة مضيئة في ذلك النصر الكبير تشاركهم فيها دول التحالف العربي كما يبرز حجم التعاون اللامحدود بين الطرفين ليحفظ في تاريخهم. ويعطي استعادة بلدتي أحور والمحفد كآخر مناطق تابعة لمحافظة أبين وانتزاعها من أيدي مسلحي القاعدة دافعا كبيرا للدولة للمضي قدما في استكمال برامج إعادة الأوضاع في المحافظات المحررة وتطبيعها بتثبيت سلطاتها الدولة القوية كتفعيل دور أقسام الشرطة ونشر القوة العسكرية الأزمة، وهو ما ستبدأ خطواتها خلال الأيام المقبلة. وتوقع مخشف في سياق حديثه أيضا بدء السلطات المحلية إعادة الخدمات الأساسية تدريجيا وتشغيل مكاتب الوزارات وبالخصوص ذات النشاط الاجتماعي والتنموي، بحيث تقترب إلى تلمس احتياجات المواطنين ومتطلباتهم، وفي جهة ثانية تسعى إلى محاولة حلحلة أزمات القضايا التي يعانونها، على حد تعبيره.
ودشنت قوات الحزام الأمني في أبين حملتها العسكرية لتطهير أبين من الجماعات الإرهابية في منتصف شهر أغسطس (آب) الحالي، وذلك بدعم وإشراف من قوات التحالف العربي العربي، حيث نجحت الحملة العسكرية من السيطرة على عاصمة المحافظة زنجبار بعد أقل من 10 ساعات من انطلاق الحملة من عدن بقيادة مدير شرطة أبين عبد الله الفضلي وقائد قوات الحزام الأمني بالمحافظة عبد اللطيف السيد.
وكانت الجماعات الإرهابية تسيطر على محافظة أبين خصوصا مديرتي زنجبار وجعار كبرى مديريات المدينة الساحلية منذ ما بعد حرب مارس (آذار) 2015، التي شنتها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح ضد أبين والجنوب، مستغلة بذلك الفراغ الأمني وأوضاع الحرب مع الميليشيات الانقلابية.
وتشهد المحافظة جهودا حثيثة لقيادة السلطة المحلية والأمنية في أبين وبدعم كبير من التحالف لإعادة المدينة إلى وضعها الطبيعي، وتفعيل مراكز الشرطة والمعسكرات والمؤسسات الحكومية للعمل، حيث تعيش أبين أوضاعًا أمنية مستتبة وعادت للحياة بشكلها الطبيعي، وبدأت المرافق الحكومية بفتح أبوابها وتقديم خدماتها للمدينة خلال أقل من أسبوع من تطهير المحافظة من التنظيم الإرهابي.
وما زالت قوات الحزام الأمني تواصل حملاتها العسكرية ضد الجماعات الإرهابية بعد أن تمكنت من تطهير ما نسبته 80 في المائة من مدن وأرياف المحافظة الساحلية، وسط إجراءات أمنية مشددة وحملات دهم واعتقالات للجيوب الإرهابية في أحور وزنجبار وجعار ولودر وموديه والمحفد، وتمكنت من ضبط معامل لصناعة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة وإحباط عمليات إرهابية واعتقال عدد من العناصر الإرهابية في المدينة.



الحوثيون يقرّون بمقتل ممثلهم في غرفة عمليات «المحور» الإيراني

الغارات استهدفت مواقع اختباء ومراكز سرية للقيادة الحوثية (إعلام محلي)
الغارات استهدفت مواقع اختباء ومراكز سرية للقيادة الحوثية (إعلام محلي)
TT

الحوثيون يقرّون بمقتل ممثلهم في غرفة عمليات «المحور» الإيراني

الغارات استهدفت مواقع اختباء ومراكز سرية للقيادة الحوثية (إعلام محلي)
الغارات استهدفت مواقع اختباء ومراكز سرية للقيادة الحوثية (إعلام محلي)

توالت اعترافات الحوثيين بالخسائر التي لحقت بهم جراء الضربات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت مخابئ عدة لهم في 2025 بصنعاء وصعدة، من بينهم عبد الملك المرتضى، ممثلهم في غرفة العمليات المشتركة للمحور المدعوم من إيران في لبنان والعراق وسوريا.

فبعد أيام من الإقرار بمصرع زكريا حجر، قائد وحدة الطيران المسيّر ومساعديه، ومسؤول هندسة الصواريخ، أعلنت الجماعة الحوثية أن المرتضى، المنحدر من محافظة صعدة، سيشيَّع من «جامع الصالح» في صنعاء، الخميس، حيث تُرجّح المصادر مقتله في الضربات الأميركية التي استهدفت مخابئ عدة للحوثيين في مارس (آذار) من عام 2025.

ومع استمرار اختفاء وزيرَي دفاع وداخلية الحوثيين، وقائد المنطقة العسكرية السابعة عبد الخالق الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، تُظهر هذه الاعترافات حصيلة من الخسائر النوعية هي الأثقل منذ بدء عملية التمرد على السلطة المركزية في صنعاء منتصف عام 2004. كما أنها تكشف، وفق مصادر عسكرية، عن الأسباب الفعلية التي دفعت بالحوثيين إلى عرض الهدنة على الولايات المتحدة خلال استهداف السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

المرتضى واحد من كبار قادة الجناح العسكري للحوثيين المرتبط بإيران (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته المصادر، فإن المرتضى ظل طيلة السنوات الماضية متنقلاً بين سوريا والعراق ولبنان ممثلاً للحوثيين في غرفة العمليات المشتركة لما يُسمى «محور المقاومة» الذي تدعمه إيران. ولعب دوراً محورياً في تنسيق العمل بين هذه المجموعات في البلدان الثلاثة، وسهّل نقل المقاتلين والأسلحة من إيران إلى اليمن، الذي عاد إليه بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023.

مهام متعددة

طبقاً لبيانات ناشطي الجماعة الحوثية، فقد ظل المرتضى بعيداً عن الإعلام والتجمعات واللقاءات الشعبية، كحال بقية المسؤولين في الجناح العسكري، لكنه قاد معارك الجماعة في مديرية نهم بمحافظة صنعاء، والمواجهات التي شهدتها محافظة الحديدة، ووصلت خلالها القوات الحكومية إلى وسط عاصمة المحافظة، كما كان أحد قادة التمرد على السلطة المركزية، وتولى منذ عام 2009 قيادة مجموعة مسلحة أطلق عليها «لواء الإسلام».

بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة، انتقل المرتضى إلى جنوب لبنان، حيث عمل ضمن جماعات تابعة لـ«حزب الله» في إطار عمل المحور المدعوم من إيران، إلا إن مقتل قادة «الحزب»، بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله، وأهم قادة التشكيلات العسكرية، أرغمه على الانتقال إلى العراق ضمن مجموعة أخرى من العناصر الحوثية التي كانت تعمل مع التشكيلات هناك.

الحوثيون تكبدوا خسائر غير مسبوقة خلال عام 2025 (إ.ب.أ)

ووفق المصادر، فإن المرتضى أُعيد في مطلع عام 2025 إلى مناطق سيطرة الحوثيين، قبل أن تصطاده غارة أميركية في مارس، وفق تقديرات المصادر، في حين أعلنت الجماعة أنه سيدفن برفقة اثنين من القادة الآخرين قُتلوا في غارات مماثلة.

خسائر أخرى

وسط سلسلة الاعترافات، كشف ناشطون حوثيون عن مصرع مجموعة أخرى من الجناح العسكري، بعضهم كان يعمل في هندسة الصواريخ، من بينهم راجح الحُنمي، الخبير في القوة الصاروخية، والعميد إسماعيل الوجيه، والعميد أحمد إسحاق، والعميد محمد الجنيد، والعميد ماهر الجنيد، والعقيد علي المؤيد، والعقيد محمد الشرفي.

وفي السياق، كشفت المصادر عن أن العقيد أحمد حجر، الذي أقر الحوثيون بمقتله مع أخيه قائد وحدة الطيران المسيّر، كان يعمل في قسم المهام اللوجيستية المرتبطة بقوة الصواريخ وسلاح الطيران المسيّر، من خلال عمله في مكتب القيادي عبد الملك الدُرّة، المعيّن برتبة لواء نائباً لرئيس هيئة الإسناد اللوجيستي بوزارة الدفاع الحوثية.

ووفق ما أوردته منصة «ديفانس» المعنية بالشؤون الأمنية والعسكرية، فإن الدُرّة منخرط في أنشطة الدعم اللوجيستي لمنظومة الصواريخ الحوثية وسلاح الدُّرُون، ويُشرف على توفير الاحتياجات وتهريب وتوريد معدات من الخارج، وتأمين البنى التحتية ومخابئ الورشات ومراكز التجميع والصيانة.

الجماعة الحوثية تعتمد سياسة الاعتراف بخسائرها العسكرية بالتدريج (إ.ب.أ)

كما أنه يعمل نائباً للقيادي مسفر الشاعر، المتورط في أنشطة التهريب والمدرج على لوائح العقوبات، والمكلف الاستحواذ على الممتلكات العامة والخاصة عبر ما يُسمى «الحارس القضائي».

وذكرت المنصة أن الدُرّة عمل مع الحوثيين منذ بداية تأسيسهم في جبال صعدة، وهو ضابط سابق في الجيش اليمني، وعمل مع الجماعة مسؤولاً عن دائرة الإمداد والتموين، وقبلها عمل مسؤولاً للاستخبارات في القوات الجوية والدفاع الجوي، كما عمل مسؤولاً للدفاع الجوي بمحافظة الحديدة، وهو أحد القادة الذين يُحاكمون غيابياً أمام القضاء العسكري اليمني.


العليمي يطلب موقفاً دولياً جماعياً لردع تمرد «الانتقالي»

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للانفصال عن اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (أ.ب)
المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للانفصال عن اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (أ.ب)
TT

العليمي يطلب موقفاً دولياً جماعياً لردع تمرد «الانتقالي»

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للانفصال عن اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (أ.ب)
المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للانفصال عن اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (أ.ب)

عكس اللقاء الذي جمع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بالسفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن، الأربعاء، حجم القلق من التصعيد السياسي والعسكري الذي ينفذه «المجلس الانتقالي الجنوبي»، في ظل ما وصفه العليمي بـ«التمرد المسلح» على سلطة الدولة وقراراتها السيادية، مؤكّداً الحاجة إلى موقف دولي جماعي وحازم لردع التهديدات التي تهدد وحدة اليمن وتقوض جهود السلام.

وبحسب الإعلام الرسمي، بحث العليمي مع السفير فاجن مستجدات الأوضاع في اليمن، وانعكاساتها الاقتصادية والأمنية، على ضوء التطورات المتسارعة في محافظتي حضرموت والمهرة، وما رافقها من تحركات قال إنها تعدّ خروجاً صريحاً عن إطار الدولة ومؤسساتها الدستورية.

وأكد العليمي تقدير القيادة اليمنية للشراكة مع الولايات المتحدة، ولدور واشنطن المحوري في دعم أمن واستقرار اليمن والمنطقة، وردع التهديدات الإرهابية المتشابكة، مشدداً على أن ما تواجهه الدولة اليوم لا يمكن توصيفه كتباينات سياسية عادية، بل هو تمرد مسلح على سلطة الدولة وقراراتها ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً مع السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)

وأشار رئيس مجلس القيادة اليمني إلى تصعيد «الانتقالي» وأوضح أن هذا «التمرد أحدث فجوة خطيرة تهدد بتحويل اليمن إلى بؤرة اضطراب إقليمي واسع، وتقويض ما تحقق من تقدم نسبي في مسارات الأمن والاستقرار، ليس فقط على المستوى الوطني، بل الإقليمي والدولي، في ظل حساسية موقع اليمن وتأثيره المباشر على أمن الممرات البحرية وإمدادات الطاقة».

ولفت العليمي إلى أن انعكاسات هذه التحركات تجاوزت الداخل اليمني، وأثرت بصورة مباشرة على أولويات المجتمع الدولي، وفي مقدمتها مواجهة الحوثيين المدعومين من النظام الإيراني، ومكافحة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وحماية أمن الملاحة الدولية وأمن دول الجوار.

وحذر من أن استمرار الإجراءات الأحادية خارج إطار الدولة أتاح للجماعة الحوثية إعادة التحشيد، وخلق بيئة مواتية لعودة الجماعات الإرهابية بعد أن كانت في أضعف حالاتها.

قرارات لحماية الدولة

شدد العليمي – وفق الإعلام الرسمي - على أن مكافحة الإرهاب تمثل قراراً سيادياً تمارسه مؤسسات الدولة اليمنية المختصة، لافتاً إلى أن القوات اليمنية، بدعم الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين والدوليين، حققت نجاحات ملموسة في هذا الملف. وحذر من استخدام شعار مكافحة الإرهاب ذريعة لفرض أمر واقع بالقوة، أو تقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

كما استعرض الجهود التي بذلتها رئاسة مجلس القيادة الرئاسي لتفادي التصعيد، وفي مقدمها توجيهاته الصريحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وإقرار خطة وطنية لإعادة التموضع في وادي حضرموت، والتي لم يتبقَّ منها سوى مرحلة واحدة، إضافة إلى تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى بعد استنفاد جميع قنوات الحوار. كما أشار إلى تعطيل المجلس الانتقالي الجنوبي وحلفائه لاجتماعات مجلس القيادة وأعمال الحكومة.

وأوضح العليمي أن القرارات الرئاسية الأخيرة جاءت وسيلة سلمية لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات، ودعم جهود التهدئة التي تقودها السعودية، وذلك استناداً إلى الدستور وبموجب الصلاحيات الحصرية لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، وفي مقدمها القيادة العليا للقوات المسلحة وإعلان حالة الطوارئ، وفق إعلان نقل السلطة والقواعد المنظمة لأعمال المجلس، وبعد مشاورات مكثفة مع الجهات المعنية.

وأكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن هذه القرارات لم تكن خياراً سياسياً، بل ضرورة دستورية لحماية الدولة والمواطنين واستعادة الأمن والاستقرار. في إشارة إلى قرار إعلان الطوارئ وطلب مغادرة القوات الإماراتية.

عدالة القضية الجنوبية

جدد العليمي التأكيد على التزام الدولة بحل منصف للقضية الجنوبية، باعتبارها قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، وفق خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض فرض أي حلول بالقوة أو اختزالها في تمثيل حصري، محذراً من أن اختطاف القضية الجنوبية يسيء إلى عدالتها ويقود إلى صراع طويل الأمد.

كما عبّر عن تقدير اليمن للدور الذي اضطلعت به الإمارات في مراحل سابقة، مشدداً في الوقت ذاته على أن دعم أي مكونات خارجة عن إطار القانون للإضرار بالمركز القانوني للدولة يمثل مخالفة صريحة لمرجعيات المرحلة الانتقالية وأسس تحالف دعم الشرعية، ويشتت الجهود عن مواجهة العدو الحقيقي.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

وأكد العليمي الحاجة الملحة إلى موقف دولي جماعي لإدانة وردع التهديدات التي فجرت هذه الأزمة، ودعم تطلعات اليمنيين لإنهاء الحرب واستعادة مؤسسات دولتهم الوطنية.

ونسب الإعلام الرسمي إلى السفير الأميركي ستيفن فاجن أنه جدد تأكيد دعم بلاده لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، وحرص واشنطن على مواصلة العمل مع القيادة اليمنية وشركائها الإقليميين والدوليين لتحقيق السلام الشامل والعادل، وإنهاء معاناة الشعب اليمني التي طال أمدها.


محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.