عجز الموازنة.. تحدي البرتغال الأهم في 2016 لتفادي عقوبات الاتحاد الأوروبي

انخفض 10 % في 7 أشهر

متسوقون برتغاليون في أحد متاجر العاصمة لشبونة (رويترز)
متسوقون برتغاليون في أحد متاجر العاصمة لشبونة (رويترز)
TT

عجز الموازنة.. تحدي البرتغال الأهم في 2016 لتفادي عقوبات الاتحاد الأوروبي

متسوقون برتغاليون في أحد متاجر العاصمة لشبونة (رويترز)
متسوقون برتغاليون في أحد متاجر العاصمة لشبونة (رويترز)

تصاعدت المخاوف على مدى الأسابيع القليلة الماضية، من أن الأداء الاقتصادي الضعيف في البرتغال سوف يستدعي تخفيض التصنيف الائتماني، مما يجعل السندات البرتغالية غير مؤهلة لبرنامج التيسير الكمي للبنك المركزي الأوروبي. وعلى الرغم من ذلك فإن البيانات الاقتصادية أظهرت تحقيق انكماش في عجز الموازنة البرتغالية نتيجة زيادة الإيرادات عن أوجه الإنفاق في الدولة.
وقال جاك ألين، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في «كابيتال إيكونوميكس»: «إن الارتفاع الحاد في عائدات السندات في البرتغال - خلال أغسطس (آب) الجاري - يعكس مخاوف مبررة بشأن التصنيف الائتماني للحكومة». ويضيف ألين، في مذكرة بحثية صدرت الأسبوع الماضي: «على الرغم من أن الحكومة تنوي التمسك بالقواعد المالية للاتحاد الأوروبي، فإن النمو الاقتصادي البطيء ترك تصنيفها الائتماني في شك لبعض الوقت. ونتيجة لذلك، تتزايد مخاوف المستثمرين من استبعاد البرتغال من برنامج شراء الأصول للبنك المركزي الأوروبي».
وأخذت المخاوف بشأن الاقتصاد البرتغالي الباهت تزداد، بعدما لمحت وكالة التصنيف الائتماني الكندية «DBRS» بأن البرتغال قد تفقد تصنيفها الائتماني من الدرجة الاستثمارية في الاستعراض القادم في أكتوبر (تشرين الأول). وفي مقابلة مع «رويترز» قال فيرغوس ماكورميك رئيس التصنيفات السيادية في «DBRS»: «يبدو أن الضغوط تتصاعد في البرتغال بعد أن سجل الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني نتائج مخيبة للآمال بعد نمو ضعيف بلغ 0.2 في المائة فقط».
وقال المعهد الوطني للإحصاءات في لشبونة - في تقرير أولي بداية أغسطس الجاري - إن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 0.2 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري، وهذا هو نفس المعدل المسجل في الربعين السابقين، والذي يأتي أقل من توقعات الاقتصاديين بزيادة قدرها 0.3 في المائة. وجاء النمو ضعيفًا في ظل تراجع الصادرات بشكل كبير وبطء النشاط الاستثماري في البلاد، وارتفع معدل البطالة إلى 10.8 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري، وهو أدنى رقم منذ خمس سنوات.
وعلى نحو متفائل، قالت وزارة المالية إن العجز في الميزانية العامة للبرتغال انكمش بنسبة 10 في المائة في الأشهر السبعة الأولى من 2016، مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي ليصل إلى 4.98 مليار يورو (5.62 مليار دولار)، وهو أداء أفضل حتى الآن من المتوقع في ميزانية عام 2016. والبرتغال، التي كانت تحت برنامج الإنقاذ الدولي بين عامي 2011 و2014 خفضت بشكل كبير العجز في ميزانيتها من نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010.
وتفادت البرتغال بالكاد عقوبات من الاتحاد الأوروبي - في يوليو (تموز) الماضي - بعد أن تجاوزت المستوى المستهدف للعجز في 2015 عندما بلغ 4.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويتعين عليها أن تفي بالمستوى المستهدف للعجز هذا العام البالغ 2.5 في المائة، وهو ما يعني أنها تحتاج إلى تخفيضات أكبر بكثير في الفترة الباقية من العام.
وقالت وزارة المالية - في بيان يوم الخميس الماضي - إن إيرادات الإدارة العامة زادت 2.8 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى نهاية يوليو الماضي، متفوقة على زيادة في الإنفاق بلغت 1.3 في المائة، وهو ما دفع العجز للانخفاض. وتولت الحكومة الحالية السلطة في أواخر 2015 وبدأت بالارتداد عن سياسات التقشف التي انتهجتها الإدارة السابقة، ووعدت المفوضية الأوروبية بأنها ستخفض عجز الميزانية. لكن بينما لا تزال الحكومة تتوقع نموا قدره 1.8 في المائة هذا العام، فإن معظم الخبراء الاقتصاديين يتوقعون نموًا أقل كثيرًا عند نحو 1 في المائة.
والبرتغال يجب أن تخفض العجز في ميزانيتها إلى 3 في المائة بحلول نهاية عام 2016، وإلا ستتعرض لغرامة من الاتحاد الأوروبي. وبلغ العجز في ميزانيتها نسبة 4.4 في المائة في عام 2015، والذي يأتي فوق مستوى 3 في المائة المقبول وفقا لقواعد الاتحاد الأوروبي. ويرى ألين أنه لتجنب الصراع مع المفوضية الأوروبية وتقليل خطر خفض التصنيف، سوف تحتاج الحكومة البرتغالية إلى الإعلان عن تدابير تقشف جديدة.
ومن المقرر أن تبدأ البرتغال في رفع الدعم تدريجيًا عن مرافق توليد الطاقة المتجددة، في الوقت الذي تعالج فيه لشبونة ارتفاع أسعار الكهرباء، الذي يعرقل جهود الحكومة لتعزيز اقتصادها المتعثر. وقال خورخي سيجورو سانشيز، وزير الدولة للطاقة، لـ«رويترز»، إنه لن تحدث تغييرات مفاجئة للعقود أو القوانين، في الوقت الذي ستواصل فيه الحكومة تشجيع الطاقة المتجددة والحث على الربط الكهربائي مع وسط أوروبا والمغرب، لتطوير صادرات الطاقة. وأضاف أنه سيتم إنهاء الدعم تدريجيا مع بدء انتهاء أجل العقود في 2017. بيد أنه أوضح أن الحكومة لن تتخلى عن الاتفاقيات الحالية، مثلما فعلت إسبانيا المجاورة.
وعلى الرغم من الضغوط السياسية والاقتصادية المحتملة على المدى المتوسط في البرتغال، فإن وكالة التصنيف العالمية «فيتش» تتوقع تضييقا متواضعا في العجز، في 2017 - 2018. وهذا سوف يساعد على تلبية بعض الأهداف المالية الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، ومنها خفض الدين العام المرتفع. وتتوقع «فيتش» نمو الناتج المحلي الإجمالي 1.2 في المائة فقط في عام 2016 (مقارنة مع 1.6 في المائة في التوقعات السابقة) في حين أنه نما في عام 2015 بنسبة 1.5 في المائة.
لكن على النحو ذاته، تتوقع «فيتش» حدوث انتعاش في الطلب الخارجي وارتفاع دخل الأسر الذي سيساعد الاقتصاد البرتغالي على كسب بعض الزخم من العام 2017 فصاعدًا. ووفقًا لبرنامج الاستقرار 2016 – 2020، الموضوع من قبل الحكومة، فمن المتوقع تسجيل عجز قدره 2.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، و1.4 في المائة في 2017، و0.9 في المائة في 2018، و0.1 في المائة في 2019، مع تحقيق فائض بنحو 0.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020. وتتوقع الحكومة أيضًا ارتفاع النمو الاقتصادي إلى 1.8 في المائة هذا العام وتسجيل نفس المعدل في العام 2017، و1.9 في المائة في عام 2018، ثم 2 في المائة في 2019، و2.1 في المائة في عام 2020.



وزير المالية السوري: السياسات الاقتصادية للدولة ستعزز استقرار العملة الجديدة

مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
TT

وزير المالية السوري: السياسات الاقتصادية للدولة ستعزز استقرار العملة الجديدة

مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)

أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية، السبت، دعم وزارته الكامل والمساندة لمصرف سوريا المركزي في إجراءاته وجهوده قبل وأثناء وبعد عملية استبدال العملة الوطنية. مؤكداً أن «السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي تنتهجها السلطات السورية، ستعزز بعون الله من استقرار العملة الوطنية، لتكون ركناً مهماً من أركان دعم التنمية والنمو الاقتصادي في سوريا».

وقال برنية في منشور على حسابه في «لينكد إن»، إن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز السيادة الوطنية واستقرار الاقتصاد، مشيراً إلى أن «العملة الوطنية رمز مهم من رموز السيادة الوطنية التي نعتز بها، وهي عملة الدولة السورية وعملة كل مواطن سوري».

وأوضح أن الهدف من هذه العملية، ومن السياسات النقدية والمالية المصاحبة، هو تعزيز استقرار العملة الوطنية، لتكون ركناً أساسياً لدعم التنمية والنمو الاقتصادي في سوريا.

وأضاف أن «ما نحتاجه أيضاً هو مشاركة قطاع الأعمال والمجتمع والمواطنين جميعاً للتمسك والاعتزاز بالعملة الوطنية كعملة أساسية للتعاملات والتداول والادخار»، داعياً إلى التعامل معها بالاعتزاز ذاته الذي يتعامل به مع العلم الوطني.

وحث برنية المواطنين والقطاعات الاقتصادية كافة على التقيد بالتعليمات والإجراءات التي سيعلن عنها المصرف المركزي لضمان سير عملية الاستبدال بسلاسة، وعدم الانجرار وراء الشائعات، مؤكداً أن المصرف المركزي قد وضع كل السياسات اللازمة لمواجهة التحديات وضمان نجاح العملية.

وأكد أن هذه الإجراءات تأتي ضمن رؤية شاملة لتعزيز الاقتصاد الوطني واستقراره، داعياً المواطنين إلى الافتخار والاعتزاز «بليرتنا الجديدة» والتفاؤل بمستقبل سوريا واقتصادها.

كان حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أعلن أن إطلاق العملة الوطنية الجديدة ليس مجرد طرح لنقود ورقية، بل هو احتفاء بسيادة البلاد وهويتها الوطنية، معتبراً أن الليرة تمثل رمزاً لنجاح الثورة وانتماء الشعب وثقته بقدرته على النهوض.

وأشار برنية إلى أن الجهود الكبيرة التي بذلها مصرف سوريا المركزي، «تستحق الشكر والتقدير»، في الشهور الماضية للتحضير لاستبدال الليرة السورية.

لكنه أضاف: «ما نحتاجه أيضاً هو مشاركة قطاع الأعمال والمجتمع والمواطنين جمعياً للتمسك والاعتزاز بالعملة الوطنية كعملة أساسية للتعاملات والتداول والادخار. كما نعتز بعلمنا، سنعتز بعملتنا الوطنية. ولنحرص جميعاً على التقيد بالتعليمات التي سيصدرها المصرف المركزي بشأن إجراءات الاستبدال وعدم الالتفاف للشائعات».

وأكد أن هناك «تحديات كبيرة رافقت التحضير وتحديات سترافق الاستبدال، مصرف سوريا المركزي وضع السياسات والإجراءات اللازمة لنجاح عملية الاستبدال، لنكن على مستوى الوعي المطلوب...».


ألمانيا: تحول الطاقة مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء

مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
TT

ألمانيا: تحول الطاقة مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء

مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)

حذر مسؤولون وخبراء من فشل سياسات تحول الطاقة في ألمانيا، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في أكبر اقتصاد بأوروبا.

وفي هذا الصدد، حذر رئيس حكومة ولاية براندنبورغ الألمانية، ديتمار فويدكه، من أن التحول إلى اقتصاد محايد مناخياً في ألمانيا مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء بشكل ملموس.

وقال السياسي، الذي ينتمي للحزب «الاشتراكي الديمقراطي»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «إذا لم ننجح في خفض أسعار الكهرباء، فإن التحول في ألمانيا سيفشل».

وأوضح فويدكه أن التحدي الأكبر أمام الحكومة الاتحادية هو ضمان أسعار كهرباء تنافسية، مؤكداً أن ذلك يمنح الأمان للاستثمارات، خاصة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل صناعة الصلب، والكيمياء، والدواء.

وأضاف: «اتخذت الحكومة قرارات صحيحة، مثل تحديد سعر الكهرباء الصناعي، وخفض رسوم الشبكة، لكن هذه الخطوات غير كافية. نحتاج إلى مزيد من الإجراءات».

ودعا فويدكه إلى استخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي، قائلاً إن سكان براندنبورغ يستحقون الاستفادة من التوسع في الطاقة الخضراء عبر أسعار كهرباء منخفضة، مشيراً إلى أن ذلك سيكون أيضاً ميزة لولايات شمالية أخرى مثل ميكلنبورج-فوربومرن، وشليزفيج-هولشتاين، وسكسونيا السفلى، لكنه أشار إلى وجود عقبات قانونية تحول دون ذلك حالياً.

ورحب فويدكه بقرار المفوضية الأوروبية السماح بمزيد من الدعم الحكومي للصناعات كثيفة الطاقة، لكنه شدد على أن الهدف يجب أن يكون تحقيق أسعار تنافسية من دون دعم دائم.

وفي الوقت نفسه، دافع فويدكه عن أداء الحكومة الاتحادية في وجه الانتقادات الموجهة إليها، قائلاً: «تعمل الحكومة أفضل بكثير مما توحي به سمعتها»، مؤكداً أن المهمة الأساسية لحزبه هي إعادة النمو الاقتصادي، وضمان الحفاظ على الوظائف في القطاع الصناعي.


الأصول الرقمية في 2025... من فوضى النمو إلى مرحلة النضج المؤسسي

تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
TT

الأصول الرقمية في 2025... من فوضى النمو إلى مرحلة النضج المؤسسي

تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)

شهد عام 2025 منعطفاً مفصلياً في مسار أسواق الأصول الرقمية؛ إذ انتقل القطاع من مرحلة «النمو العشوائي» إلى مرحلة «النضج المؤسسي والتنظيمي». وجاء هذا التحول نتيجة تفاعلٍ معقّد بين تسارع الابتكار التكنولوجي، وتوسع مشاركة المؤسسات المالية الكبرى، وصعود الأطر التنظيمية الفيدرالية التي أعادت رسم حدود العلاقة بين العملات الرقمية والنظام المالي التقليدي.

وفي المقابل، لم تخلُ هذه المرحلة الانتقالية من اضطرابات؛ إذ تعرضت الأسواق لهزات مضاربية وأحداث أمنية كشفت هشاشة بعض الشرائح، ولا سيما عملات «الميم» والعملات المستقرة مرتفعة المخاطر، ما عزّز القناعة بأن مرحلة «إعادة التوازن الهيكلي» باتت جزءاً لا يتجزأ من رحلة تحوّل القطاع نحو نموذج أكثر انضباطاً واستدامة.

جاء اسم «عملات الميم» (Meme Coins) من نكت أو ميمات الإنترنت، وهي عملات مشفرة تعتمد بشكل أساسي على الضجيج على وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمعات الرقمية لجذب المستثمرين، أشهرها «دوجكوين» (Dogecoin) و«شيبا إينو» (Shiba Inu). وتتميز بتقلبات سعرية عالية جداً لقلة قيمتها الأساسية وغياب المنفعة الملموسة أحياناً، مما يجعلها استثماراً مضارباً عالي المخاطر.

الربع الأول: الانطلاقة وأولويات السيادة الرقمية

افتُتح عام 2025 بإطلاق عملة «ترمب» في 17 يناير (كانون الثاني)، والتي مثلت أكثر من مجرد أداة مضاربية؛ فقد عكست التغلغل الثقافي والسياسي للعملات الرقمية، وأظهرت كيف يمكن للأحداث السياسية أن تخلق ديناميات سعرية مؤثرة. اعتبر البعض أن الإطلاق سحب سيولة من النظام البيئي، في حين رأى آخرون أنه يمثل علامة على تقبل العملات الرقمية على نطاق واسع. وبعد ثلاثة أيام، مع تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، بدأت الأسواق تشهد تحولاً استراتيجياً في موقف المؤسسات تجاه العملات الرقمية؛ إذ تزايد اعتمادها تدريجياً، مما ساهم في تقليل التقلبات السعريّة وتعزيز النضج السلوكي للأسواق.

وفي 23 يناير من العام، وقع ترمب أمراً تنفيذياً لإنشاء استراتيجية وطنية للأصول الرقمية واحتياطي «بتكوين» استراتيجي، مؤكداً وضع الأصول الرقمية ضمن الاستراتيجية المالية والسيادية الأميركية. تضمن الأمر تعزيز الحفظ الذاتي للأصول الرقمية، ودعم العملات المستقرة المدعومة بالدولار، ورفض العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)، وهو ما عزز الشفافية التنظيمية، وأرسى مفهوم «الاحتياطي الوطني الرقمي» لأول مرة على المستوى المؤسسي والدولي.

الاضطرابات الأمنية وانهيارات السوق

مع هذا الانطلاق، لم يكن الطريق مفروشاً بالاستقرار. ففي 14 فبراير (شباط)، شهدت الأسواق انهيار عملة الميم «ليبرا» المدعومة سياسياً؛ إذ فقدت أكثر من 90 في المائة من قيمتها السوقية في ساعات قليلة بعد إعلان الرئيس الأرجنتيني دعمها. أظهرت الحادثة هشاشة سوق عملات «الميم» أمام المضاربة والسيولة المرتبطة بالمبادرات السياسية المفاجئة؛ إذ تكبد 86 في المائة من المستثمرين خسائر تجاوزت 250 مليون دولار. وفي 21 فبراير، واجهت منصة «بايبت» أكبر اختراق أمني في تاريخها؛ إذ سرق قراصنة مرتبطون بكوريا الشمالية نحو 1.5 مليار دولار من الأصول الرقمية. على الرغم من ضخامة الرقم، ساعدت الاستجابة المؤسسية الشفافة في الحد من عدوى مالية واسعة، مؤكدة أهمية إدارة الأزمات في الأسواق اللامركزية.

النصف الأول من العام: تحديثات تقنية واكتتابات عامة

شهد مايو (أيار) 2025 ترقية «بيترا» لشبكة «إيثيريوم»، والتي حسنت من كفاءة تنفيذ المعاملات واستقرار البروتوكول، مؤكدة مكانة «إيثيريوم» كبنية تحتية مؤسسية قابلة للاعتماد. في 5 يونيو (حزيران)، أكملت شركة «سيركل» اكتتابها العام في بورصة نيويورك، محققة طلباً مؤسسياً قوياً مع ارتفاع أسعار السهم أكثر من 150 في المائة في يوم التداول الأول، وهو ما يعكس رغبة المستثمرين المؤسساتيين في الدخول إلى السوق الرقمي ضمن أطر منظمة وواضحة.

وفي 17 يونيو، أقر مجلس الشيوخ الأميركي قانون «جينيوس»، ليصبح الإطار الفيدرالي الشامل الأول للأصول الرقمية في الولايات المتحدة. قدم القانون قواعد واضحة لإصدار العملات المستقرة والإشراف عليها، ووضع معايير للبنية السوقية للوسطاء، ما قلل بشكل كبير من عدم اليقين القانوني وعزز الثقة المؤسسية في الأسواق الرقمية.

نهاية يونيو شهدت إطلاق منصة «إكس ستوكس» للأصول المرمّزة، والتي أتاحت تداول أكثر من 60 سهماً أميركياً على «البلوكشين» بشكل مباشر، مما وفر للمستثمرين أداة جديدة للوصول إلى الأسهم التقليدية في بيئة رقمية، مع ضمان التغطية الكاملة للأصل الأساسي. وسرعان ما ارتفعت القيمة الإجمالية للأصول على الشبكة من 35 مليون دولار إلى أكثر من 100 مليون دولار خلال أسبوعين، ما أبرز الاهتمام المبكر بالأسهم المرمّزة.

الربع الثالث: المنافسة والتوسع المؤسسي

في 18 يوليو (تموز)، وقع ترمب قانون «جينيوس» ليصبح نافذاً، مؤكداً تحويل الأطر التنظيمية من غموض إنفاذ القوانين إلى تنظيم واضح وقائم على القواعد، ما عزز دمج الأسواق الرقمية ضمن النظام المالي الأميركي التقليدي.

وشهد شهر سبتمبر (أيلول) إطلاق منصة «أستر» على شبكة «بي إن بي تشاين»، بدعم علني من «سي زد»، مع ارتفاع رموز «أستر» عشرة أضعاف خلال أسبوعها الأول. جذب هذا النشاط الكبير انتباه المحللين، الذين أشاروا إلى ضرورة مراجعة مصداقية البيانات المتعلقة بأحجام التداول وتركيز توزيع الرموز.

الربع الرابع: تسجيل الأرقام القياسية واختبارات السيولة

في 6 أكتوبر (تشرين الأول)، بلغت «بتكوين» أعلى مستوى تاريخي عند 126,038 دولاراً، مدفوعة بتدفقات صناديق المؤشرات المتداولة وضعف الدولار خلال فترة عدم اليقين السياسي. ومع إعلان تعريفات على الصين، عادت العملات الرقمية إلى مرحلة تصحيح؛ إذ شهدت عمليات تصفية كبيرة في الأسواق المركزية واللامركزية، مؤكدة الترابط بين الأسواق الرقمية والاقتصاد العالمي.

وفي 7 أكتوبر، جمعت منصة «بولي ماركت» تمويلاً بقيمة مليارَي دولار عند تقييم 9 مليارات دولار، ليصبح إجمالي التمويل 2.28 مليار دولار، مما يعكس الطلب المؤسسي المتزايد على أدوات التنبؤ الرقمية. وفي 11 أكتوبر، شهدت الأسواق أكبر انهيار منذ «إف تي إكس»، مع موجة بيع حادة تضمنت الأسهم والعملات الرقمية والسلع، ما أبرز أهمية إدارة المخاطر والسيولة في البيئات عالية التقلب.

في 28 أكتوبر، أُطلق أول منتجات «سول إي تي إف»، لتوفير وصول منظم للمستثمرين المؤسساتيين إلى نظام «سولانا» البيئي. وسجلت التدفقات الصافية في اليوم الأول نحو 69.5 مليون دولار، وتراكمت حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) إلى نحو 750 مليون دولار، ما يعكس الطلب المستمر على الأصول الرقمية ضمن أطر منظمة.

تحديات العملات المستقرة

شهدت أسواق «ديفاي» في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) صدمة كبيرة عندما انفصلت العملة المستقرة «إكس يو إس دي» عن قيمتها المرجعية بنسبة تجاوزت 43 في المائة بعد الكشف عن خسارة بقيمة 93 مليون دولار مرتبطة بمدير أصول خارجية. أدى ذلك إلى تجميد السحوبات والاستردادات مؤقتاً، مع انعكاسات على أصول مرتبطة مثل «دي يو إس دي» و«إس دي دي يو إس دي»، مؤكداً أهمية الأطر التنظيمية واستقرار السيولة للحفاظ على ثقة المستثمرين.

اتجاهات 2026

مع نهاية عام 2025، بات جلياً أن أسواق الأصول الرقمية تجاوزت مرحلة المضاربة البحتة، لتتحول إلى مكوّن محوري في البنية المالية العالمية، مدعومةً بتوسع الحضور المؤسسي وتبلور الأطر التنظيمية. ومع دخول عام 2026، يُرجَّح أن يتمحور مسار النمو حول ترسيخ الصلة بين قيمة الرموز الرقمية والتدفقات النقدية الحقيقية التي تولدها البروتوكولات، إلى جانب تطوير آليات الحوكمة، وتعزيز الشفافية، وترسيخ استدامة نماذج التمويل اللامركزي.

وفي هذا السياق، تتشكل ملامح مرحلة جديدة تجمع بين مرونة ابتكارات «البلوكشين» وانضباط الأسواق التقليدية، بما يعيد تعريف دور الأصول الرقمية كأدوات مالية ناضجة، لا مجرد رهانات عالية المخاطر.