«يحيى».. رمز سعودي يحكي استهداف انقلابيي اليمن الطفولة

صغار السن جنّدهم الحوثيون دروعاً وأرسلوهم للهاوية

الطفل يحيى آل عباس
الطفل يحيى آل عباس
TT
20

«يحيى».. رمز سعودي يحكي استهداف انقلابيي اليمن الطفولة

الطفل يحيى آل عباس
الطفل يحيى آل عباس

في مدينة نجران السعودية المتاخمة للحدود مع الجمهورية اليمنية، إثبات جديد على استهداف الحوثي الأطفال واستهداف المدنيين. عشوائيتهم ومحاولة نقل المعركة من خارج حدود اليمن إلى الداخل السعودي، يُكشف يوما بعد آخر، كان آخر تلك الإثباتات استهدافهم مسكنا ذهب ضحيته طفل لم ينقل بمرحلته العمرية الصغيرة إلى التعليم الذي كان يتوق له، حيث سقط مقذوف عسكري من الأراضي اليمنية على منزل في نجران، نتج عنه «استشهاد» طفل، وإصابة آخر، إضافة إلى ثلاثة مقيمين.
يحيى آل عباس، طفل سعودي لم يتجاوز الرابعة من عمره، كان يعيش طفولته بجانب ابن عمه الذي يكبره بخمسة أعوام، قبل أن تستهدفه الميليشيات الانقلابية بمقذوف عسكري ذهب ضحيته.
يحيى الطفل، درع سعودية، تجلى اسمه سهما، لم يكن في خندق للمواجهة، بل صاحب حق في الطفولة، وشاهد على استهداف الحوثيين ومعاونيهم في اليمن إرسال الطفولة إلى الهاوية، ومثله كان أطفال اليمن الأبرياء ضحية أخرى على استهداف الحوثي لهم في طفولتهم، تارة بحرمانهم من التعليم وتارة باستهدافهم هناك، ومرات عدة بجعلهم دروعا مسلحة تهدد أمن الحدود السعودية.
يحيى السعودي، ضحية جديدة لم تكن إلا ضحية الاستهداف العشوائي للمدنيين، في وقت لا يَنقضي يومٌ دون أن يجعلوا الأطفال هدفا بالقتل أو الاستهداف؛ وبات الأطفال هم الهدف وهم الضحية في حرب الحوثيين على الطفولة.
غرس إرهاب الحوثي سكينه في كل الأعمار، نصله اغتال الطفولة، ورمّل الأمهات، ويتّم الصغار، وأفقد الحياة أرواحها الطاهرة، التي كانت تدافع عن وطنها وتعيش في سلام، وأغلق طرق الفرح عن نساء كنّ في طوق الارتباط، وجعل الدمع مدرارا قهرا ووجعا على وجنات الشيوخ، ليكوّن الألم أخاديده في حياتهم وحياة مجتمع، كل يوم وهو في ارتفاع. وعلى ذلك الصعيد، تظل القوات السعودية درعا كبرى في تجنيب المدنيين عامة من استهدافات الحوثيين، إذ شكلت القوات المساندة كقوات الدفاع الجوي الملكي بطولات سعودية أخرى، في التصدي لمحاولات استهداف مدن حدودية، بإسقاطها عددا من صواريخ سكود، من منصات تم تدميرها بعد دقائق من إطلاقها لتلك الصواريخ، في حين كانت منصات الصواريخ الباليستية هدفا رئيسيا منذ غارات التحالف في أيام العاصفة العسكرية الحازمة منذ أكثر من عام.
استهداف الحوثيين الأطفال، كشفته تقارير إعلامية من داخل صنعاء أن الميليشيات لجأت إلى تنظيم حملات تجنيد تجوب أحياء المدينة وتطرق أبواب السكان وتطلب منهم إلحاق أبنائهم بصفوف المسلحين للدفاع عن المدينة، مطلقين عليهم لقب «المجاهدين الصغار»، لإلحاق الأطفال المجنّدين بمعسكرات فُتح بعضها على عجل داخل بعض الساحات والملاعب الرياضية المهجورة لتلقي تدريب سريع على إطلاق النار من البنادق الآلية ليزج بهم بعد ذلك مباشرة في جبهات القتال.
وأوضح صالح آل عباس، والد الطفل المصاب، لـ«الشرق الأوسط»، أن يحيى ومهدي كانا يلعبان في فناء المنزل بعد استيقاظ مبكر من نومهما، وكان هناك ثلاثة من العمالة الوافدة يقومون بأعمال ترميم في المنزل، حيث سقط المقذوف عليهم، وتسبب في «استشهاد» يحيى، وإصابة مهدي.



ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
TT
20

ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)

أفادت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء بأن الجماعة الحوثية خصصت ميزانية مالية ضخمة من موارد المؤسسات الحكومية المختطفة، على هيئة نفقات يومية لكبار القادة وأُسرهم، وذلك منذ انتقالهم من صنعاء إلى وجهات غير معلومة ضمن إجراءات احترازية لتجنب الاستهداف المباشر من المقاتلات الأميركية.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن مكتب زعيم الجماعة الحوثية أصدر في أواخر مارس (آذار) الماضي توجيهات إلى وزارة المالية في الحكومة غير المعترف بها، وهيئتي «الزكاة» و«الأوقاف» المستحدثتين، إلى جانب مؤسسات مالية أخرى تُدير أموال الجماعة المنهوبة، بتخصيص مليارات الريالات اليمنية لصالح قادة الصفين الأول والثاني ولأسرهم، لتغطية نفقات فترة اختفائهم عن الأنظار. (الدولار بنحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة).

ووفق المصادر ذاتها، فقد شددت التوجيهات على أن يُقتطع جزء من هذه الميزانية من التبرعات الشعبية التي جمعتها الجماعة سابقاً في مناطق سيطرتها تحت لافتة دعم القضية الفلسطينية.

وفي وقت تستمر فيه الجماعة في رفضها صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ سنوات، اتهمت مصادر عاملة في وزارة مالية الانقلاب تورط ثلاث قيادات حوثية بارزة هم: محمد علي الحوثي، ومهدي المشاط، وأحمد حامد، في الاستحواذ على النصيب الأكبر من تلك المبالغ المخصصة لكبار القادة.

ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)
ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)

وأكدت المصادر أن القيادي محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، ومهدي المشاط، رئيس مجلس حكمها الانقلابي ومدير مكتبه أحمد حامد، حصلوا على الجزء الأكبر من تلك النفقات، رغم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البلاد.

نهب للموارد

في ظل هذا النهب المنظم للموارد، يعيش أكثر من ثلثي السكان في مناطق سيطرة الحوثيين على حافة الفقر والمجاعة، بينما تستمر الجماعة في التوسع في مشروعها المالي الخاص عبر استغلال الموارد العامة وتوظيفها لصالح القادة وأُسرهم.

كان ناشطون موالون للحوثيين قد كشفوا عن أن مصروفات أحد قادة الجماعة من الصف الرابع بلغت خلال عام واحد فقط أكثر من ملياري ريال يمني، وهو ما يعكس حجم الفساد المالي في صفوف الجماعة حتى في المستويات الدنيا من القيادة.

وتزامناً مع الإنفاق السخيّ على القيادات، كثّفت الجماعة من فرض الإتاوات والجبايات غير القانونية على المواطنين والتجار في مختلف المناطق الخاضعة لها، لتعويض النفقات المتزايدة للقادة المختفين عن الأنظار.

ومنذ بدء الغارات الأمريكية ضد الحوثيين في 15 مارس الماضي، نفَّذت قيادات حوثية عمليات نهب واسعة شملت مؤسسات حكومية ومقرات رسمية في صنعاء ومدناً أخرى، كما باعت أراضي وعقارات تعود ملكيتها إلى الدولة أو صودرت سابقاً من مواطنين.

تلاعُب بالمساعدات

في موازاة ذلك، اتهمت مصادر حقوقية الجماعة الحوثية بمحاولة وقف صرف المساعدات النقدية التي تقدمها منظمات أممية ودولية ضمن المرحلة الـ19 المخصصة للحالات الفقيرة في صنعاء وريفها، ومحافظات إب، وعمران، وذمار، وريمة، والحديدة.

نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)
نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)

وتستمر الجماعة الحوثية في وضع العراقيل أمام صرف هذه المساعدات، مما تسبب في حرمان مئات الأسر المستحقة في مديريات صنعاء مثل معين وبني الحارث وصنعاء القديمة وبني مطر وأرحب، إضافة إلى مناطق ريفية أخرى.

واشتكى عدد من المستفيدين في صنعاء ومحافظات أخرى لـ«الشرق الأوسط» من ممارسات حوثية تهدف إلى عرقلة عملية صرف المساعدات في بعض مراكز التوزيع، مما فاقم من معاناتهم في ظل أوضاع معيشية متدهورة.