وفاة لاجئ سوري بعد اندلاع أعمال شغب في «الزعتري».. والأمن الأردني يبحث عن أسلحة

وزير داخلية الأردن: أياد تحاول العبث بالمخيم وقد نتخذ إجراءات أخرى

أطفال سوريون يعاينون أمس الخسائر التي لحقت بمقتنياتهم غداة اندلاع أعمال عنف بمخيم الزعتري (رويترز)
أطفال سوريون يعاينون أمس الخسائر التي لحقت بمقتنياتهم غداة اندلاع أعمال عنف بمخيم الزعتري (رويترز)
TT

وفاة لاجئ سوري بعد اندلاع أعمال شغب في «الزعتري».. والأمن الأردني يبحث عن أسلحة

أطفال سوريون يعاينون أمس الخسائر التي لحقت بمقتنياتهم غداة اندلاع أعمال عنف بمخيم الزعتري (رويترز)
أطفال سوريون يعاينون أمس الخسائر التي لحقت بمقتنياتهم غداة اندلاع أعمال عنف بمخيم الزعتري (رويترز)

توفي لاجئ سوري من مخيم الزعتري للاجئين السوريين (85 كلم شمال شرقي العاصمة عمان)، فجر أمس، متأثرا بإصابته خلال أعمال شغب واسعة اندلعت في المخيم مساء أول من أمس. وتبادلت السلطات الأردنية وسكان المخيم الاتهامات بشأن المسؤولية عن أعمال الشغب تلك، بينما تجري قوات الأمن مسحا على المخيم بحثا عن أسلحة بعد إطلاق عيارات نارية، خلال المواجهات، لم يعرف مصدرها.
وأعلنت الأمم المتحدة في بيان، أمس، أن «المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشعر بعميق الأسى لوفاة أحد اللاجئين السوريين الليلة (قبل) الماضية متأثرا بإصابته بالرصاص». وأوضح المصدر نفسه، أن «ثلاثة لاجئين سوريين أصيبوا بالرصاص في هذه المواجهات نقلوا إلى المستشفى، حيث توفي أحدهم».
وحسب بيان الأمم المتحدة، فقد نشبت المواجهات مساء السبت بعد إجراء رجال شرطة أردنيين تحقق روتيني لسيارة أردنية خارجة من مخيم الزعتري. وبعدما تبين أن السائق كان يحاول «إخراج أسرة من اللاجئين السوريين خلسة من المخيم»، أوقفت قوات الأمن جميع ركاب السيارة ووضعتهم في الحبس ما أثار غضب أقارب أسرة اللاجئين السوريين بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة. وأضاف البيان، أن «المئات، بل الآلاف من اللاجئين أسرعوا» بالتوجه إلى مركز الشرطة و«قاموا برشق قوات الأمن بالحجارة». وعلى الأثر استدعت الشرطة تعزيزات وفرقت المشاغبين مستخدمة الغازات المسيلة للدموع.
وفي غضون ذلك، قال الناطق الرسمي باسم إدارة مخيم الزعتري، غازي السرحان، لـ«الشرق الأوسط»، إن اللاجئ خالد علي النمر (2 عاما) أصيب بعيار ناري في منطقة الظهر، وأسعف في المستشفى، لكنه فارق الحياة متأثرا بجراحه في حين يرقد على سرير الشفاء في المستشفى أحد الجرحى الذي أصيب أيضا بعيار ناري لم يعرف مصدره».
وأوضح أن التحقيقات جارية في الحادثة لمعرفة مطلق النار ونوع الرصاص الذي استقر في جسم الجريح، بالتزامن مع نفي السلطات الأردنية استخدامها الأسلحة النارية في مواجهة أعمال الشغب، وأن عناصرها استخدموا الهراوات والقنابل المسيلة للدموع فقط.
وقال السرحان، إن النمر دفن في بلدة المنصورة القريبة من الحدود السورية الأردنية وتبعد 20 كلم شمال مخيم الزعتري. وروى السرحان لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل أعمال العنف قائلا إنه «أثناء وجود دوريات قوات الدرك على الطريق الدائري لمخيم الزعتري في المنطقة الشرقية الجنوبية، شوهدت ثلاث عائلات تحاول الخروج من المخيم بطريقة غير مشروعة عبر الساتر الترابي»، وأوضح أنه خلال ذلك «كان هناك ثلاثة أشخاص يحاولون الدخول إلى المخيم من نفس الموقع ويحملون معهم مواد تموينية وأدوات مختلفة».
وقال الناطق باسم إدارة المخيم، إنه «لدى محاولة ضبط المتسللين، سارع هؤلاء إلى المناداة على أبناء المخيم طالبين الفزعة، حيث تجمع نحو 700 شخص في بداية الأمر، ورشقوا القوة الموجودة بالحجارة محاولين تخليص الأشخاص والمواد المضبوطة». وأضاف أن «العدد ازداد إلى أن وصل إلى ما يقارب بضعة آلاف متظاهر، واصلوا رشق القوة بالحجارة، وأشعلوا النار بـ20 خيمة وكرفانا أطفئت لاحقا دون أن ينتج عنها أي إصابات، وحاولوا الاعتداء على مقار الجهات الأمنية داخل المخيم، وقذف زجاجات حارقة على القوة، وتفجير بعض أسطوانات الغاز، كما سمع صوت إطلاق أعيرة نارية من داخل المخيم، فاستدعيت قوات إضافية من قوات الدرك وقيادة قوات البادية الملكية لتعزيز القوات الموجودة على الأرض».
وخلص السرحان إلى أنه نتج عن أحداث الشغب إصابة 29 ضابطا وضابط صف وعنصرا من قوات الأمن والدرك، أحدهم برتبة رائد واثنان برتبة ملازم أول، مشيرا إلى خروج 24 منهم بعد تلقي الإسعافات اللازمة، وما زال هناك خمسة جرحى على سرير الشفاء في مستشفى المفرق الحكومي ومستشفى الأمير هاشم العسكري بالزرقاء. وأضاف أنه أصيب أيضا 20 لاجئا سوريا بالاختناقات نتيجة استخدام القنابل المسيلة للدموع إضافة للجريح المصاب بالعيار الناري.
وكان سكان في المخيم قالوا، إن أعمال الشغب وقعت عندما صدم رجل أمن أردني طفلا سوريا عمره أربع سنوات بسيارته مما أدى لإصابته بجروح خطيرة وإثارة غضب السكان وأقارب أطفال احتجاجا على سوء المعاملة، حسب ما أوردته وكالة «رويترز».
وقال لاجئون سوريون لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأحداث نتجت بسبب منع قوات الأمن لاجئات من مغادرة المخيم بطريقة غير مشروعة للعمل في المزارع القريبة، وهو ما كانت إدارة المخيم تغض عنه الطرف سابقا». ونفى السرحان ما تردد عن حاثة الدهس، وقال إن «هذه الرواية عارية عن الصحة».
وكان مدير إدارة مخيمات اللاجئين السوريين بالأردن العميد وضاح الحمود عقد مؤتمرا صحافيا في المخيم لتوضيح ملابسات الحادث، نافيا بشكل قاطع استخدام أجهزة الأمن الأعيرة النارية، في التعامل مع الاحتجاجات التي استمرت خمس ساعات متواصلة. وأوضح أنه «سُمعت أصوات عيارات نارية محدودة خلال الأحداث، وسيكون هناك مسح كامل للمخيم»، مشيرا إلى عدم ضبط أي أسلحة داخله حتى ظهر أمس. وكشف عن إلقاء القبض على عشرة لاجئين متهمين بالوقوف خلف الأحداث، والتحقيق معهم، متعهدا بتحويل المتورطين إلى القضاء. وأكد عودة الهدوء إلى مخيم الزعتري بعد اتخاذ إجراءات أمنية مشددة للسيطرة على الموقف ومنع تجدد أعمال الشغب.
ويذكر أن الزعتري يعد أول مخيم رسمي للاجئين السوريين في الأردن، وافتتح يوم 29 يوليو (تموز) 2012، وكان احتجاجات شبه يومية على أوضاع المعيشة، ولكن الاحتجاجات تضاءلت فيما بعد مع زيادة وكالات الأمم المتحدة التحسينات في البنية الأساسية والخدمات بالمخيم.
وفي وقت لاحق، أمس، قال وزير الداخلية الأردني حسين المجالي في إفادة أمام مجلس النواب الأردني إن سبب التشدد الكبير من قبل جهاز الأمن في مخيم الزعتري «سببه وجود إيادٍ تحاول العبث داخل المخيم، فقبل خمسة أيام ألقت قوات الأمن القبض على شخص يحاول تهريب ماسورة محشوّ فيها مواد بودرة ومسامير وصاعق تفجير». وتابع الوزير قائلا إن «واجب الأمن العام القانوني والأخلاقي حماية من هم داخل المخيم، وأن السواد الأعظم من الموجودين في المخيم، استنكروا ما جرى، لكن يوجد هناك تحريض من بعض الأشخاص الذين تعرفهم الأجهزة الأمنية التي ستتبع الإجراءات القانونية بحقهم»، وأضاف: «إذا كان هؤلاء الأشخاص يشكلون خطرا على الأمن الوطني للمملكة، فإن هناك إجراءات أخرى يمكن أن تتخذها الحكومة».
وأدان رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة في بداية الجلسة الاعتداء الذي تعرضت له قوات الدرك «وهم على رأس واجبهم العسكري والوظيفي في حماية ضيوف الأردن من الأشقاء السوريين في مخيم الزعتري».
وقال: «نطالب ضيوفنا السوريين بتطبيق القانون والابتعاد عن أي ممارسة فيها تجاوز عليه أو مخالفة صريحة له». وطالب بالحزم في تطبيق القانون على من تسبب بإيذاء كوادر المركز الأمني الذي أقيم لحماية السوريين في المخيم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.