الحكومة الموريتانية تشكل محكمة للفساد

المعارضة غير مقتنعة بجدية الخطوة

الحكومة الموريتانية تشكل محكمة للفساد
TT

الحكومة الموريتانية تشكل محكمة للفساد

الحكومة الموريتانية تشكل محكمة للفساد

قررت الحكومة الموريتانية تشكيل محاكم جديدة مختصة في معالجة ملفات وقضايا الفساد التي تحدث في المؤسسات العمومية وشبه العمومية، وذلك بعد تسجيل عدد من الخروقات التي كشفتها المفتشية العامة للدولة وبعض الهيئات الرقابية الرسمية، في إطار استراتيجية «محاربة الفساد»، التي أعلن عنها الرئيس محمد ولد عبد العزيز في بداية مأموريته الثانية قبل عامين.
وأعلنت الحكومة الموريتانية خلال اجتماعها الأسبوعي أول من أمس، أنها درست مجموعة من مشاريع المراسيم التي تهدف إلى إنشاء محكمة مختصة في «مكافحة الفساد». وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة محمد الأمين ولد الشيخ، إن «الحكومة صادقت على مشروع مرسوم يحدد إجراءات تنظيم وسير فرق النيابة العامة والتحقيق في مكافحة الفساد».
وأضاف الناطق الرسمي باسم الحكومة في حديث أمام الصحافيين، أن مرسومًا آخر صادقت عليه الحكومة «يحدد مقر المحكمة المتخصصة في الجرائم المتعلقة بالفساد، وينظم الحماية الخاصة بالشهود والخبراء والمبلغين وضحايا الفساد».
وتعد هذه المرة الأولى التي تشكل فيها موريتانيا محاكم مختصة في قضايا الفساد، وذلك بعد أن سنت في شهر مارس (آذار) الماضي ترسانة قانونية لمعاقبة المسؤولين المتورطين في الفساد، صادق عليها البرلمان الموريتاني، وتضمنت 48 مادة، أكثر من نصفها يعاقب مرتكبي جرائم الفساد المالي؛ من رشوة الموظفين العموميين الوطنيين والأجانب والاختلاس ومنح الامتيازات غير المبررة واستغلال الوظيفة، إلى التستر وعدم التبليغ عن مرتكبي الجرائم المالية.
في غضون ذلك، قال وزير العدل الموريتاني إبراهيم ولد داداه، خلال مؤتمر صحافي مساء أول من أمس بنواكشوط، إن الهدف من المحكمة الجديدة هو «تطبيق القانون المتعلق بالفساد الذي صادق عليه البرلمان أخيرًا»، وأشار إلى أن تشكيل المحكمة رافقه «تقديم مشاريع مراسيم تطبيقية لوضع الهياكل والقضاة المكلفين بتطبيق هذا القانون المهم»، وفق تعبيره.
وقال ولد داداه، إن المحكمة الجديدة «ستكون في دائرة محكمة الاستئناف بولاية نواكشوط الغربية بمباني قصر العدل، ولديها الاختصاص في معالجة جميع القضايا التي تثار على التراب الوطني»، وأوضح أن اختيار نواكشوط الغربية مقرًا لهذه المحكمة يأتي نظرًا للخبرة المكتسبة عند القضاة في دواوين التحقيق وأقطاب النيابة في ميادين أخرى.
وشكلت «محاربة الفساد» حجر الزاوية في البرنامج الانتخابي للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، خلال الانتخابات الرئاسية الماضية التي فاز بها بنسبة تجاوزت 80 في المائة، وتعهد ولد عبد العزيز بمحاربة الفساد بوصفه عائقًا كبيرًا أمام التنمية في موريتانيا، وتم خلال العامين الماضيين اعتقال عشرات المسؤولين بعد اتهامهم من طرف هيئات التفتيش والرقابة بالتورط في عمليات فساد واختلاس أموال عمومية، وينتظر هؤلاء المحاكمة منذ عدة أشهر، فيما كانت السلطات تنتظر اكتمال ترسانتها القانونية.
وقد ثار جدل واسع في موريتانيا خلال الأسابيع الأخيرة بعد اكتشاف عملية فساد واسعة في شركة مختصة في استيراد الأسمدة الموجهة للمزارعين في منطقة ضفة نهر السنغال، إذ اكتشفت بعثات التفتيش اختفاء 16 ألف طن من الأسمدة، وقد بدأ التحقيق الذي شمل كثيرًا من المسؤولين ورجال الأعمال والتجار والمزارعين.
وفي أول تعليق رسمي على ما أصبح يعرف لدى الرأي العام بـ«فضيحة الأسمدة»، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة أول من أمس، إن التحقيقات ستكشف المتورطين في الملف وسيتم تطبيق القانون عليهم، ولكنه رفض إعطاء تفاصيل أكثر حول الموضوع.
من جهتها، ترى المعارضة أن تشكيل المحاكم وسن القوانين لن يقضي على الفساد في البلاد، وتتهم هذه المعارضة جهات مقربة من الرئيس بالضلوع في عمليات فساد كبيرة ولا يمكن أن تطالها يد القانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».