طيران النظام يقصف الحسكة والتحالف يحظر تحليقه فوق المدينة

قائد كردي لـ «الشرق الأوسط»: الأسد سيدفع ثمن مجازفته

طيران النظام يقصف الحسكة والتحالف يحظر تحليقه فوق المدينة
TT

طيران النظام يقصف الحسكة والتحالف يحظر تحليقه فوق المدينة

طيران النظام يقصف الحسكة والتحالف يحظر تحليقه فوق المدينة

قصف طيران النظام السوري أمس، ستة مواقع على الأقل للمقاتلين الأكراد في مدينة الحسكة الواقعة شمال شرقي سوريا، وذلك على خلفية توتر بدأ بين الطرفين يوم الثلاثاء الماضي، إثر تبادل الاتهامات بتنفيذ اعتقالات خلال الأسبوعين الأخيرين. وهي المرّة الأولى التي يقصف فيها النظام مواقع تقع تحت سيطرة المقاتلين الأكراد منذ بدء النزاع في سوريا قبل خمس سنوات.
وتوعدت القوات الكردية بأنها لن تدع هذا الحدث يمرّ من دون ردّ، إذ أكد قيادي عسكري كردي لـ«الشرق الأوسط»، أن «نظام بشار الأسد سيدفع ثمن هذه المغامرة». وقال القيادي الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن «طرد النظام من الحسكة، سيكون من ضمن الخيارات التصعيدية القائمة». وقال: «بعد دخول الطيران الحربي ستكون المعادلة مختلفة». وربط بين ما سماها «مجازفة النظام» وبين «التقارب التركي الإيراني، ويبدو أن الأسد يحاول فرض نفسه، وأنه لا يزال ممسكًا باللعبة العسكرية».
وبينما اعتبرت العميلة تحدّيًا للأميركيين الذين يدعمون القوات الكردية، وعملياتها ضدّ تنظيم داعش في الشمال السوري، أعلن عبد العزيز يونس مسؤول العلاقات العامة في قوات سوريا الديمقراطية، أن «طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن، منع الطيران السوري من التحليق فوق مدينة الحسكة»، وذلك في أول إجراء ضدّ سلاح الجو التابع لقوات الأسد منذ بدء الصراع المسلّح في سوريا.
بدوره أعلن المتحدث وحدات حماية الشعب الكردي، ريدور خليل، عن «تعرض مواقع كردية في المدينة لضربات جوية من قوات النظام». وقال لوكالة «رويترز» إن الضربات الجوية «أصابت مناطق كردية من المدينة التي تسيطر جماعات كردية على معظمها، ومواقع لقوات الأمن الداخلي الكردية المعروفة باسم الأسايش، ما أدى إلى سقوط شهداء»، مشيرًا إلى أنها «قصفت بالمدفعية المناطق الكردية في الحسكة، واندلع قتال عنيف ما زال جاريا في المدينة».
وفي بيان أصدره مساء أمس، اعتبر ريدور خليل، أن «هذه الخطوة من قبل النظام، هي بمثابة الإقدام على الانتحار». وقال: «ما يروجه النظام عن إعلانه هدنة في الحسكة هو كذبة كبيرة لإلهاء الرأي المحلي والعام فما زالت مدفعيته الثقيلة تقصف الأحياء بشكل عشوائي على كافة الأحياء في المدينة وعناصره يستخدمون كل ما يملكون من أسلحة». وأضاف المسؤول الكردي: «إننا في وحدات حماية الشعب لن نسكت على هذه الاعتداءات الوحشية السافرة التي تطال شعبنا، وسنقف بحزم لحمايته، وكل يد تلطخت بدماء شعبنا سيتم محاسبتها بكل الوسائل الممكنة والمتاحة».
وفي التداعيات المرتقبة للتطورات في الحسكة، رأى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن «ما أقدمت عليه قوات الأسد، سيؤسس لاحتقان عربي كردي في الحسكة». وحذّر من «حرب أهلية عربية كردية إذا ما استمرّ التوتر بين الطرفين، خصوصا أن الغالبية العظمى من سكان الحسكة هم من العرب».
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن طائرات النظام «استهدفت الخميس ستة مواقع على الأقل للقوات الكردية في مدينة الحسكة، تتوزع بين ثلاثة حواجز وثلاثة مقار لوحدات حماية الشعب الكردية وشرطة الأسايش التابعة لها»، مشيرة إلى أن الطائرات الحربية «شنّت ضربات على مواقع عدة في المدينة التي تشهد منذ ليل الأربعاء معارك عنيفة بين قوات الدفاع الوطني الموالية للنظام، وقوات الأسايش الكردية». ولفتت إلى أن الاشتباكات «تتركز في حي مرشو في وسط المدينة وحي النشوة في جنوبها، وتسببت منذ اندلاعها بمقتل 11 شخصا على الأقل وفق مصادر طبية في المدينة».
وتوزع القتلى بين أربعة مدنيين وثلاثة عناصر من ميليشيات «قوات الدفاع الوطني»، إضافة إلى أربعة قتلى في صفوف قوات «الأسايش». ويعد مقاتلو ميليشيات «قوات الدفاع الوطني» القوة الأكبر الموالية للنظام وهم يخوضون المعارك إلى جانبه على كافة الجبهات ضد فصائل المعارضة، ويسيطر الأكراد على ثلثي مساحة مدينة الحسكة، فيما تسيطر قوات النظام على الجزء الآخر من المدينة وتحتفظ بمقار حكومية وإدارية تابعة لها.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدر في النظام، أن هناك «اجتماعات عقدت بين الطرفين في وقت سابق لاحتواء التوتر وحل الخلاف سلميّا، لكن الوحدات الكردية طالبت بحل (قوات الدفاع الوطني) في المدينة». وقال المصدر إن «هذه الضربات الجوية هي بمثابة رسالة للأكراد للكف عن مطالبات مماثلة من شأنها أن تمس بالسيادة الوطنية». في وقت قال مصدر أمني من النظام للوكالة: «يجب ألا يحول الأكراد حلمهم بالحكم الذاتي إلى واقع».
مصدر بارز في المعارضة السورية، قال إن العقيد سهيل حسن، انتقل منذ ثلاثة أيام من القامشلي إلى عفرين، في محاولة لتجنيد 10 آلاف مقاتل كردي، والزج بهم في جنوب حلب للقتال إلى جانب النظام.
وعبّر القيادي المعارض عن أسفه لـ«تحويل البندقية الكردية إلى بندقية إيرانية وأخرى تابعة للأسد»، معتبرًا أن «هذا الصراع يصبّ في مصلحة صالح مسلم (رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) ولعمالته للنظام». وسأل «إذا كان مسلم صادقًا في محاربة تنظيم داعش لماذا لا يسمح لقوات البيشمركة للدخول إلى سوريا والقتال ضدّ هذا التنظيم». وعن تفسيره لقصف النظام قوات كردية تابعة لصالح مسلم، ذكّر القيادي المعارض بأن «من قصفهم طيران بشار الأسد في الحسكة هم سوريون، وبالتالي لا حرج إذا قتل الأسد بضع مئات من الأكراد السوريين لرفع أسهم صالح مسلم من جديد».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.