وثيقة تكشف قلق حزب بارزاني من وفاة أو عجز طالباني

مصدر في حزب الاتحاد الوطني: لن نتخلى عن زعامته

مسعود بارزاني و جلال طالباني
مسعود بارزاني و جلال طالباني
TT

وثيقة تكشف قلق حزب بارزاني من وفاة أو عجز طالباني

مسعود بارزاني و جلال طالباني
مسعود بارزاني و جلال طالباني

ثلاثة أحداث تزامنت معا أثارت تكهنات حول صحة الرئيس العراقي المريض جلال طالباني، وأعادت الجدل حول وضعه الصحي وارتباطه بمصير حزبه الذي يعاني من أزمة قيادية لافتة، بعيد الهزيمة المرة التي لحقت به في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وكذلك بمصير التغييرات المرتقبة على مستوى القيادة العليا للحزب، لسد الفراغ الناجم عن غياب طالباني الراقد في أحد المستشفيات الألمانية منذ أكثر من 10 أشهر. أضف إليها ما أثاره رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مؤخرا عن عدم صوابية إبقاء منصب رئاسة الدولة فارغا، بسبب عدم معرفة مصير الرئيس العراقي.
والأحداث الثلاثة التي تزامنت يوم أمس هي تصريح أدلى به المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني آزاد جندياني، حيث أكد في لقاء صحافي «تمسك قيادة حزبه بزعامة طالباني طالما كان حيا»، قاطعا أنه «لا حديث عن منصب الأمين العام والبديل عنه في الوقت الحالي»، مشددا على عدم ملائمة صيغة الرئاسة الثنائية (التشاركية) بالنسبة للاتحاد الوطني.
وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة «هاولاتي» الكردية المستقلة عن وثيقة نشرت بموقع «ويكيليكس» في الأول من شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2011، ومضمونها يدور حول حديث دار بين رئيس حكومة الإقليم الحالية نيجيرفان بارزاني، والمستشار السياسي للسفارة الأميركية لدى العراق في ذلك الوقت توماس كراتيشسكي، يعرب خلاله بارزاني عن قلق حزبه من ازدياد التدخلات الإيرانية في المناطق التابعة لنفوذ حزب طالباني بمحافظة السليمانية، في حال وفاة أو عجز طالباني عن القيام بمهامه.
وتشير الوثيقة، نقلا عن نيجيرفان بارزاني، قوله للمستشار الأميركي إن وفاة طالباني أو عجزه سيخلق حالة من الفوضى والإرباك سيؤديان إلى إعطاء فرصة لإيران لتزيد من تدخلاتها بشؤون الاتحاد الوطني، في منطقة السليمانية، مشيرا إلى أن «أعضاء حزب بارزاني أحرص على الدعاء لبقاء طالباني من أعضاء حزبه، درءا للأخطار التي قد تنجم عن غيابه».
وفي سياق متصل، أعلن ناشر مذكرات الرئيس العراقي الكاتب الإيراني عرفان قانع فرد عن صدور الطبعة الأولى من المذكرات السياسية للرئيس العراقي جلال طالباني، التي توثق لمسيرة حياته السياسية للفترة من 1933 - 1966، وهي المذكرات التي تقع في 5500 صفحة، وتم طبعها في بيروت، وصدرت باللغتين العربية والكردية.
الأحداث الثلاثة التي تزامنت معا، أثارت الشكوك لدى «الشرق الأوسط» حول وجود تطورات بصحة الرئيس العراقي، ولذلك اتصلت بمصدر قيادي مقرب منه، وسألته عن تزامن تلك الأحداث وما تردد قبل أسبوعين من احتمال وفاة الرئيس. وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: «تزامن الأحداث الثلاثة جاء بالصدفة المحضة، فمذكرات الرئيس كانت جاهزة للطبع، وكان متوقعا صدورها قبل أكثر من شهرين، لكن أسبابا فنية استدعت التأجيل إلى الآن. أما تصريحات المتحدث باسم المكتب السياسي، فهي بدورها تأكيد على مواقف سابقة لقيادة الحزب بعدم التخلي عن زعامة طالباني، والسير على نهجه، وانتظار عودته سالما من رحلته العلاجية، وبالمناسبة، أود أن أشير إلى أن هناك حالات مشابهة لوضع الرئيس طالباني شفيت تماما، على سبيل المثال، إحدى شقيقات نائب الرئيس العراقي السابق الدكتور عادل عبد المهدي عانت من نفس وضعية الرئيس طالباني لكنها شفيت وعاشت لـ11 سنة أخرى، وهذا ما نأمله وندعوه للرئيس. أما فيما يتعلق بتصريحات ومخاوف السيد نيجيرفان بارزاني، فهذا هو الواقع، هناك فعلا مخاوف من استغلال إيران لوضع الاتحاد الوطني، في حال غياب الرئيس بوفاته، لا سمح الله».
ونوه المصدر بالضريبة التي دفعها الاتحاد الوطني بسبب غياب طالباني عن المشهد السياسي بكردستان والعراق، وقال: «بالنسبة للعراق، غاب الرجل الحكيم الذي كان باستطاعته أن يجمع الكل على طاولة واحدة، وكان مقر الرئيس عامرا دوما بالخصوم والفرقاء السياسيين الذين كانوا يؤجلون خلافاتهم، ويسعون لحلها على مائدة الرئيس، وكان هو الأمل لوحدة العراق، وها أنتم ترون الآن الوضع السياسي العراقي إلى أين سار بغيابه. أما بالنسبة لكردستان، فقد كان غيابه الأكثر تأثيرا، خاصة على مستوى حزبه، فلو كان موجودا بيننا لما حصلت الأزمة الحالية بالقيادة، وكذلك لم نكن نتوقع الهزيمة الانتخابية بحضوره بيننا، هذا بالإضافة إلى مواقف الحزب المتخبطة في الفترة الأخيرة، التي نجمت عن غياب طالباني، مثل الموقف من اتفاقية دباشان مع حركة التغيير المعارضة، وتمديد ولاية الرئيس مسعود بارزاني، الذي أثار موجة من التذمر داخل قواعد الاتحاد الوطني، وغيرها من الإخفاقات التي أشار إليها متحدث المكتب السياسي أول من أمس، الذي قال بصراحة إنه كان هناك كثير من القرارات والمواقف من المجلس القيادي للحزب فشل المكتب السياسي في الالتزام بها».
وحول رؤيته لمستقبل الاتحاد الوطني، في حال طال غياب طالباني، وخصوصا مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الحزبي الرابع، وما إذا كان سيجري حسم موضوع رئاسة الحزب، قال المصدر: «لا أعتقد أن تكون هناك تغييرات جذرية، صحيح أن هناك ضغوطا كبيرة من القواعد والكوادر بضرورة إقصاء أو إعفاء عدد من القيادات الحالية على مستوى المكتب السياسي والمجلس القيادي، وقد يحصل ذلك، لكني أعتقد أن الصراعات والتكتلات ستبقى، رغم أن هناك دعوات قاعدية بحسمها لضمان وحدة التنظيم الحزبي، وبالنسبة لموضوع الرئاسة، أعتقد أنه لا أحد يجرؤ على طرحه أو الخوض فيه في المرحلة المقبلة، طالما أن الرئيس طالباني ما زال على قيد الحياة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.