حمة الهمامي لـ «الشرق الأوسط» : لم نرفض المشاركة في مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية

الناطق باسم الجبهة الشعبية التونسية المعارضة قال إن حكومة الحبيب الصيد فاشلة

حمة الهمامي
حمة الهمامي
TT

حمة الهمامي لـ «الشرق الأوسط» : لم نرفض المشاركة في مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية

حمة الهمامي
حمة الهمامي

قال حمة الهمامي، الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية المعارضة في تونس، إن مبادرة الرئيس الباجي قائد السبسي بالدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تهدف إلى التغطية على أزمة «نداء تونس»، الذي يشهد انشقاقات وصراعات داخلية منذ فترة، وإلى تعديل موازين القوى داخل الائتلاف الحاكم؛ وأساسا بين حزبي «النهضة» و«نداء تونس»، وقال إن رفض الجبهة الشعبية المشاركة في مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ليس بسبب مشاركة حركة النهضة فيها، بل لأنها ترفض أن تكون شاهدة زور على مهزلة.
وأوضح حمّة الهمامي في حوار خص به «الشرق الأوسط» أن تحالف حركتي النهضة ونداء تونس تحكمه المصالح الحزبية، وهو نتيجة لضغوط داخلية وخارجية، مؤكدا أن المعارضة لا تزال ضعيفة عدديا، لكنها تمكنت من تحقيق عدة انتصارات داخل البرلمان، وفرض تغيير وتعديل عدة فصول قانونية وإسقاط فصول أخرى.
وأضاف الهمامي أن المشكلة الرئيسية في تونس ليست تغطية العجز الاقتصادي، بل القدرة على إدارة البلاد وإيجاد الحلول المناسبة للأزمة، وقال إن رئاسة الجمهورية قدمت في مبادرتها الأخيرة شعارات وليس حلولا لمشكلات البلاد المعقدة، وإن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يريد توسيع صلاحياته والرجوع إلى النظام الرئاسي الذي يكرس الاستبداد، معتبرا أن الجبهة الشعبية تدعو إلى المصالحة الوطنية في إطار العدالة الانتقالية، وخلق هيئة خاصة بالجرائم الاقتصادية. وفي ما يلي النّص الكامل للحوار:
* ما موقفكم من مبادرة الرئيس قائد السبسي بالدعوة إلى تكوين حكومة وحدة وطنية، ولماذا انسحبت الجبهة الشعبية من المشاورات الجارية لتشكيل هذه الحكومة؟
- كلمة «أزمة» أصبحت متداولة في وسائل الإعلام وفي أوساط المجتمع المدني والمنظمات الاجتماعية، لذلك، فالحديث عن «أزمة» ليس جديدا، ولم تكن السلطة تعترف بوجود الأزمة وخطورتها إلى أن خرجت تصريحات رئيس الجمهورية التي اعترف فيها بوجود أزمة وبفشل الائتلاف الحاكم، وطرح مبادرة حكومة الوحدة الوطنية. ونحن في الجبهة الشعبية نعتبر أن الإقرار بالأزمة أو بالفشل لا يكفي؛ إذ لا بد من الحديث عن الأسباب، التي تكمن، حسب رأينا، في الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية. اليوم ثمة تعطيل في المسار الدستوري، وتكريس الدستور في المؤسسات، وآفة الإرهاب التي تهدد البلاد باستمرار بعمليات خطيرة، وهناك عدم إصلاح في الإدارة والأمن والجيش والقضاء، وفشل في التنمية وإغراق للبلاد في الديون، وتضخم مالي وانهيار لقيمة الدينار وفساد مستشر، والمسؤول عن كل هذا الأغلبية الحاكمة، التي لم تقم بالإصلاحات الضرورية من أجل إنقاذ البلاد.
أصحاب مبادرة حكومة الوحدة الوطنية ليس هدفهم حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بما يخدم تونس والتونسيين، بل تغيير الحكومة والأشخاص، وحل أزمة «نداء تونس» وتعديل موازين القوى داخل الائتلاف الحاكم، خصوصا بين «النداء» و«النهضة». لذا، رفضنا الدخول في مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية حتى لا نكون شهود زور على مهزلة، فالبلاد بحاجة إلى إنقاذ، ولكن ليس بالطريقة الواردة في مبادرة رئيس الجمهورية.
* ما مؤاخذاتكم على محتوى الوثيقة التأليفية التي عرضتها رئاسة الجمهورية على الأحزاب المشاركة في الحوار حول برنامج الحكومة المقبلة؟
- أغلب ما في هذه الوثيقة كلام إنشائي وشعارات عامة تتعلق بالفساد والتهرب الجبائي والتهريب ومقاومة الإرهاب، وهي مشكلات يعرفها الجميع، والآن لا وجود لخطط عمل تتعلق بهذه المشكلات، بل مجرد شعارات عامة، ولا حديث عن حلول عملية وإجراءات جديّة لمقاومة الفساد مثلا.
الخطير في الوثيقة المقدمة أنها استعملت لتمرير ما يراد تمريره مثل «هدنة اجتماعية بعامين»، أي عامين من دون احتجاجات واضطرابات، ولكن مقابل ذلك لا حديث عن تجميد الأسعار، والتشغيل.. وغيرهما. وهذا ما جعلنا نعتبر أن هناك تسرعا ومضامين هزيلة لا تحمل حلولا جدية لهذه الأزمة. ونحن في الجبهة الشعبية قدمنا مبادرة الإنقاذ والبناء قبل شهر من طرح الرئيس الباجي قائد السبسي لمبادرته، ثم أعدنا طرح مبادرتنا على كل الأطراف.
* لماذا تصر الجبهة الشعبية على البقاء في المعارضة وخارج دائرة التوافق والعمل المشترك بين أغلب وأكبر مكوّنات الساحة السياسية؟
- هذا ليس صحيحا، فالجبهة شاركت في الحوار الوطني وكانت من الداعين إليه، وشاركت في الحوار الاقتصادي كذلك، لكننا نشترط دائما الجدية في الحوار، وعدم مغالطة الرأي العام، وهذه المرة لم نشارك في الحوار حول تشكيل حكومة وحدة وطنية لأننا كنا مقتنعين أننا أمام مهزلة، هدفها حل أزمة الحزب الحاكم (نداء تونس) وأزمة الائتلاف الحاكم المكون من أربعة أحزاب، وبهذا الشكل، فإننا نوهم الشعب أننا اجتمعنا لنناقش القضايا الكبرى والمصيرية للبلاد، والحال أن الأمر يتعلق بصراع على الكراسي وعلى المواقع والنقاشات الجارية بين أحزاب الائتلاف حول الحقائب الوزارية، ونصيب كل حزب، وحول الأسماء، ولذلك رفضنا المشاركة.
* هل صحيح أنكم تريدون حكومة وحدة وطنية لا تشارك فيها حركة النهضة؟
- نحن لم نطرح هذا مطلقا، وسمعنا مرارا أننا نرفض المؤتمر الوطني حول مقاومة الإرهاب لأننا لا نريد مشاركة حركة النهضة فيه، ولكن على العكس من ذلك، نحن نصر على مشاركة النهضة في هذا المؤتمر، ليكون هناك نقاش جدي حول ظاهرة الإرهاب. والمسؤول عن تأخير المؤتمر الوطني حول مقاومة الإرهاب هو الائتلاف الحاكم. واليوم نؤكد أنه ليس صحيحا أن الجبهة رفضت المشاركة في المشاورات حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بسبب مشاركة النهضة فيها، لأننا جلسنا مع هذه الأخيرة في الحوار الوطني والحوار الاقتصادي.. صحيح أن لنا خلافات جوهرية معها حول الرؤى وملف الاغتيالات السياسية، ولكن هذه المرة طلبنا مناقشة برنامج الإنقاذ الوطني، وليس مهمًا بعد ذلك من سيكون ضمن الفريق الحكومي الذي سينفذ هذا البرنامج، المهم هو البرنامج، وطلبنا تجنب البدء بتوزيع المناصب والحقائب الوزارية، ثم ضبط البرنامج.. شرطنا هو حوار جدي حول برنامج إنقاذ، بصرف النظر عمّن يشارك في هذا الحوار.
* لماذا لم تحضر مؤتمر حركة النهضة الأخير، وما تعليقك على نتائج هذا المؤتمر؟
- لم نحضر لأننا ضد المشاركة لمجرد التقاط الصور، ولأن خلافاتنا مع النهضة خلافات كبيرة، فقد كانت في الحكم وتتحمل مسؤولية سياسية وأخلاقية عما حدث من اغتيالات في عهدها، ونخص بالذكر اغتيال زعيمين كبيرين في الجبهة الشعبية هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي، و«النهضة» لا تريد نقد ذاتها ارتباطا بهذا الملف، وحضورنا المؤتمر كان سيحدث كثيرا من اللغط في الساحة السياسية، وعدم حضورنا هو تعبير عن موقف سياسي.
أما عن نتائج المؤتمر، فهي هزيلة مقارنة بالبهرج الذي صرف عليه من أموال كثيرة لتلميع الصورة.
* ما موقفكم من المصالحة الوطنية المطروحة الآن، وكيف تكون، وما شروط نجاحها؟
- أعيد هذه الأيام ملف المصالحة الاقتصادية إلى طاولة الجدل والنقاش، وقدم إلى البرلمان لمناقشته، وقدمت الجبهة الشعبية مشروعا للمصالحة، ولكن الفرق بين مشروعنا ومشروع رئاسة الجمهورية هو أن مشروعهم يريد حسم المسألة خارج العدالة الانتقالية، أي خارج الدستور وخارج ما اتفق عليه. وهذا يبين أن رئاسة الجمهورية تريد تعطيل مسار العدالة الانتقالية ولا تريد أن يتقدم، وتقودها في ذلك خلفية سياسية، حيث تريد مصالحة مع رموز الفساد في النظام السابق بعد الدور الذي قاموا به لفائدة «نداء تونس» في انتخابات 2014، وهذا ما رفضناه.
* ما تعليقك على عودة بعض رموز النظام السابق للظهور في المشهد السياسي؟
- لاحظنا في الفترة الأخيرة أن هؤلاء أصبحوا يتسابقون لكسب ود أحزاب الائتلاف الحاكم، وأساسا «نداء تونس» و«حركة النهضة»، ولاحظنا أن «نداء تونس» الذي يعيش أزمة، وعوض أن يتجه إلى الشباب والكفاءات ويلتصق بالواقع اليومي، قياداته يحنون إلى الماضي لأنهم لم يتغيروا، وكذلك العقليات التي لا تزال تنظر لتجربة حكم بن علي كأنها تجربة ناجحة، والحال أنها لم تنجح إلا في القمع والاستبداد، وهم يريدون اليوم الاستعانة برموز نظام بن علي للتحكم في الشعب.
* هل أنت راض عن مسار العدالة الانتقالية، وهل تثق في هيئة الحقيقة والكرامة؟
- هذا المسار معطل، والائتلاف الحاكم هو المسؤول، وليست هناك رغبة في تسريع نسق الاشتغال، فـ«نداء تونس» مرتبط بالنظام السابق، وتخيفه العدالة الانتقالية لأنها تشمل بعض قياداته والناشطين فيه، و«حركة النهضة» أيضا تشمل العدالة الانتقالية فترة حكمها، وهناك مسؤولون من «حركة النهضة» زمن الترويكا قد تطالهم المساءلة. أما بخصوص «هيئة الحقيقة والكرامة»، فإن الجبهة لم تقبل تركيبتها في البداية، لأنها لم تتشكل على أساس الكفاءة، بل على أساس المحاصصة الحزبية، وبالتالي نجد بعض الأعضاء في هذه الهيئة لا علاقة لهم بالعدالة الانتقالية، ولا كفاءة لهم، والحل هو في تسريع مسار العدالة الانتقالية، وإن لزم الأمر تغيير تركيبة «هيئة الحقيقة والكرامة» بطرح المسألة على البرلمان الذي ينتخب أعضاء هذه الهيئة.
* وما حقيقة ما يروج عن وجود خلافات بين قيادات الأحزاب المكونة للجبهة الشعبية وصراعات على الزعامة، وما مدى إمكانية انضمام أحزاب أخرى إليها؟
- لقد كذبت الندوة الوطنية الأخيرة للجبهة الشعبية كل ما يروج عن حرب زعامات داخل الجبهة، وكانت هذه الندوة خطوة كبيرة نحو التوحيد السياسي للجبهة، وهذا ما نراه اليوم من موقف موحد تجاه مبادرة تكوين حكومة وحدة وطنية، دون أن ينفي ذلك وجود نقاشات معمقة، ولكن ليست هناك خلافات كبرى بين الأحزاب المكونة للجبهة.
أما بخصوص توسيع الجبهة بضم أحزاب أخرى، فان الندوة الوطنية اتخذت قرارا في هذا الاتجاه، سواء بضم قوى منظمة أخرى (أحزاب) أو شخصيات مستقلة، والشرط الوحيد هو الاتفاق على أرضية الجبهة ونظامها الداخلي.
* هل يمكن القول إن المعارضة في تونس ضعيفة، بينما البلاد تحتاج إلى معارضة فاعلة وقوية؟
- هذا صحيح المعارضة ضعيفة، ذلك أن عدد نوابها في البرلمان لا يتجاوز 35 نائبا من جملة 217 نائبا، ولكن هذا الضعف العددي تقابله فاعلية ونجاعة نوعية، وقد تمكنا في البرلمان من تعطيل عدة مشاريع قوانين وتعديل بعض الفصول في بعض القوانين، ونجحنا ثلاث مرات بالبرلمان في الطعن في مدى ملاءمة بعض الفصول القانونية للدستور، سواء في ميزانية الدولة أو مشاريع القوانين.. صحيح أننا لا نملك الحجم الكافي لفرض اختيارات كبرى، ولكن ما يطمئننا نسبيا هو أن قطاعات واسعة من الشعب التونسي تقترب من الجبهة الشعبية.
* تستعد البلاد لتنظيم انتخابات محلية لتجديد الهيئات البلدية في مارس (آذار) المقبل، فماذا أعددتم لخوض هذه الانتخابات؟
- نحن واعون بأهمية هذه الانتخابات، لأنها ستنعكس إلى حد ما على نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة (2019) وستؤثر فيها، ونرى أن في الانتخابات البلدية المقبلة معركتين؛ معركة القانون خصوصا قانون الجماعات المحلية، وقضية التوزيع الجديد للبلديات، حيث لاحظنا أن هناك سعيا لخلق بلديات جديدة لإضعاف حظوظ هذا الحزب أو ذاك. والجبهة الآن تستعد لتكوين ائتلاف مدني واسع لخوض هذه الانتخابات، وهي تمد يدها إلى كل القوى الديمقراطية والتقدمية من أجل تشكيل ائتلاف مدني مواطني واسع لخوض هذه الانتخابات.
* كيف تحكم على تحالف حركتي «النهضة» و«نداء تونس»، هل يحمل مقومات استمراره، أم هو تحالف هش ومهدد بالتفكك؟
- لا أعتقد أن هذا التحالف سيستمر طويلا، فـ«النهضة» و«النداء» تجمعهما، خصوصا، الاختيارات الاقتصادية، وهي اختيارات ليبرالية متوحشة، وهو تحالف تشكل بضغوط من قوى داخلية وأخرى خارجية، وتحكمه عدة مصالح، ولكن هناك صراعات وخلافات بين هذين الحزبين، محورها: من يسيطر على الدولة وعلى المجتمع.
* كيف تقيم أداء الرئيس قائد السبسي؟
- قلت أكثر من مرة إن الفشل هو فشل رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والأغلبية الحاكمة في البرلمان، وقد طالب رئيس الجمهورية في وقت ما بصلاحيات أكثر يخولها له الدستور، فقلت إن عليه أولا أن يقوم بما هو مطلوب منه وفق الدستور، ثم يبحث عن صلاحيات أكثر وأوسع.
* كيف تقيم أداء الحبيب الصيد رئيس الحكومة؟
- نحن نعتبر أن حكومة الحبيب الصيد قد فشلت، والأرقام أقوى دليل؛ فنسبة النمو لا تتجاوز 0.6، وبالتالي، فهي حكومة فاشلة وغير قادرة على مواجهة مشكلات البلاد، ونحن نريد تغييرها بحكومة أفضل منها وقادرة على النجاح، وحكومة لها برنامج، أما تغيير حكومة الحبيب الصيد لترضية هذا أو ذاك، أو ترضية طرف محدد، فهذا أمر نرفضه. ونحن نرى أن القول بوجود أزمة، وإن الحل في تغيير الحكومة، كلام حق يراد به باطل، ونعتقد أن الاعتراف بالأزمة هو لتنصيب وزراء من هذا الحزب أو ذاك، أو من هذا الشق أو ذاك، لتصفية حسابات داخل حركة «نداء تونس»، أو لخلق موازين قوى جديدة داخل الائتلاف الحاكم. «النداء» يريد رئيس الحكومة الجديد من بين أبنائه ومناضليه، و«النهضة» تريد تشكيل الحكومة حسب نتائج الانتخابات الأخيرة.
* كيف ترى مستقبل تونس؟
- بصراحة؛ رغم أن الوضع صعب وقاتم في كثير من جوانبه، إنني متفائل، لأن الشعب يتمتع بروح وطنية عالية، ولا يستنجد بالأجنبي لحلّ مشكلاته، وعندما يختلف التونسيون فيما بينهم ويتدخل الأجنبي، فإنهم يتحالفون ضدّه.



«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
TT

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

رفضت حركة «حماس»، الخميس، التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي اتهمتها فيه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واعتبرت أن ما ورد فيه ما هو إلا «أكاذيب»، وأن الدوافع خلفه «مغرضة ومشبوهة».

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حماس» ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبحق الرهائن الذين احتجزتهم في قطاع غزة.

وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً إن تقريرها الذي نُشر الأربعاء حلّل أنماط الهجوم والاتصالات بين المقاتلين أثناء الهجوم، وبيانات أصدرتها حركة «حماس»، وتصريحات من قادة جماعات مسلحة أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 70 شخصاً، منهم ناجون وعائلات قتلى وخبراء طب شرعي وعاملون احترافيون في القطاع الطبي، وزارت بعض مواقع الهجوم، وراجعت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية لمشاهد الهجوم وللرهائن أثناء أَسرهم. وخلص تحقيق المنظمة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية شملت القتل والإبادة والسجن والتعذيب والاغتصاب، إضافة إلى أشكال أخرى من الاعتداء الجنسي والأفعال اللاإنسانية.

وقالت المنظمة في بيان: «ارتُكبت هذه الجرائم في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج على سكان مدنيين. خلص التقرير إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات بتنفيذ هجمات تستهدف مدنيين».

ووفقاً لإحصاءات إسرائيلية، ولمنظمة العفو الدولية، قُتل نحو 1200 معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس»، وجرى احتجاز 251 رهينة، من بينهم أطفال. وجرى الإفراج عنهم جميعاً باستثناء واحد منذ ذلك الحين، معظمهم في إطار وقف إطلاق النار، وبعضهم في عمليات عسكرية إسرائيلية.

وخلص تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ورفضت إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية، وقالت إن حربها ضد «حماس» وليس ضد الفلسطينيين.

رفض «حماس»

وقالت «حماس» في بيان: «ترديد التقرير أكاذيب ومزاعم حكومة الاحتلال حول الاغتصاب والعنف الجنسي وسوء معاملة الأسرى، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هدف هذا التقرير هو التحريض وتشويه المقاومة عبر الكذب وتبني رواية الاحتلال الفاشي، وهي اتهامات نفتها العديد من التحقيقات والتقارير الدولية ذات العلاقة».

وذكرت «حماس»: «نرفض ونستهجن بشدة التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم». وأضافت: «نطالب منظمة العفو الدولية بضرورة التراجع عن هذا التقرير المغلوط وغير المهني».

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون بعدُ على تقرير المنظمة.


العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الخميس، القوى السياسية والقبلية والاجتماعية في محافظتي حضرموت والمهرة (شرق) إلى توحيد الصف خلف جهود الدولة والسلطات المحلية، بهدف احتواء تداعيات التصعيد الأمني والعسكري في المحافظتين.

وفي حين أشاد العليمي بالدور السعودي لإنهاء التوتر، حذر من انعكاسات هذه التوترات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي بدأت مؤشراتها بالظهور، مع إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته الحيوية في اليمن نتيجة تفاقم البيئة الأمنية.

ونقل مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي شدّد، خلال اتصالَين هاتفيَين مع محافظَي حضرموت سالم الخنبشي، والمهرة محمد علي ياسر، على ضرورة انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج المحافظتين، وتمكين السلطات المحلية من أداء دورها الأمني والخدمي وفقاً للدستور والقانون.

كما أعاد التأكيد على توجيهاته السابقة بإجراء تحقيق شامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بما وصفها بـ«الإجراءات الأحادية» للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مع التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وحذّر العليمي من خطورة أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء ويعمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية، مشدداً على أن الأولوية الوطنية يجب أن تبقى منصبّة على مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، باعتبارها التهديد الأكبر للأمن والاستقرار.

وأشاد بجهود السعودية في خفض التوتر ودعم الاستقرار في محافظتَي حضرموت والمهرة، مؤكداً دعم الدولة الكامل لهذه الجهود، وحرصها على تعزيز دور السلطات المحلية في حماية السلم الاجتماعي ورعاية مصالح المواطنين.

إعادة الأمور إلى نصابها

حسب المصدر الرئاسي، شدد العليمي على ضرورة إعادة الأوضاع في المحافظتين إلى ما كانت عليه قبل التصعيد، واحترام مرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمكين الحكومة والسلطات المحلية من أداء واجباتها الدستورية.

وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون «لا تحتمل فتح مزيد من الجبهات الداخلية»، داعياً جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة وعدم التفريط بالمكاسب الوطنية المحققة خلال السنوات الماضية، بما يضمن تركيز الجهود على المعركة الرئيسية ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معهم.

وتأتي دعوة العليمي في سياق أوسع من الرفض للإجراءات الأحادية في الشرق. فقد أصدر مجلس النواب بياناً عبّر فيه عن رفضه القاطع لأي تحركات عسكرية خارج إطار التوافق الوطني والمرجعيات السياسية، معتبراً التطورات الأخيرة «مخالفة صريحة للشرعية الدستورية وصلاحيات مجلس القيادة الرئاسي».

وفد سعودي زار حضرموت في شرق اليمن للتهدئة وتثبيت الاستقرار (سبأ)

وكان اللواء محمد القحطاني، الذي ترأس وفداً سعودياً زار حضرموت، قد شدد على أن الرياض ترفض «أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة» في المحافظتين، وتؤيد عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

وأكد القحطاني أن السعودية، بصفتها قائدة لتحالف دعم الشرعية، تعمل على حلّ الأزمة عبر حزمة من الإجراءات تم الاتفاق عليها مع مختلف الأطراف، بما يشمل المجلس الانتقالي الجنوبي.

وأوضح أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، ومنع انزلاق شرق اليمن إلى صراعات جديدة. ووفق الإعلام الرسمي اليمني، فقد شملت مباحثات الوفد ترتيبات عاجلة للتهدئة ووقف التحشيدات، بالتوازي مع دعم السلطات المحلية وتمكينها من أداء مهامها.


الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)

حذّرت الأمم المتحدة من اتساع غير مسبوق في رقعة الاحتياجات الإنسانية باليمن خلال العام المقبل، مؤكدة أن البلاد تتجه نحو إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ما لم يتوفر التمويل العاجل لخطة الاستجابة.

وأظهر أحدث البيانات الأممية أن 23.1 مليون يمني (نحو ثلثي السكان) سيحتاجون إلى مساعدات منقذة للحياة، في وقت أعلنت فيه المنظمة الدولية حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لتمويل خطة لن تصل إلا إلى أقل من نصف هذا العدد.

وجاء هذا التحذير في سياق نداء تمويلي جديد شددت فيه الأمم المتحدة على أن خطة الاستجابة للعام المقبل ستستهدف فقط 10.5 مليون شخص، وأن التدخلات ستركز بشكل صارم على الجوانب الأشد إلحاحاً، مثل منع المجاعة، وعلاج سوء التغذية، واحتواء تفشي الأمراض، خصوصاً في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات.

إلا إن الخطة لم تقدم توضيحات بشأن كيفية تنفيذ الأنشطة في مناطق سيطرة الحوثيين التي تشهد قيوداً متصاعدة، بعد أن أغلقت الجماعة مكاتب تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، واعتقلت العشرات من موظفيها، بينهم 59 موظفاً أممياً.

23.1 مليون يمني سيكونون دون مساعدات مع حلول العام الجديد (إعلام محلي)

وفي سياق استعراضها الأوضاع، أكدت الأمم المتحدة أن استمرار الصراع، وتدهور الاقتصاد، والصدمات المناخية، إلى جانب القيود المفروضة على الوصول الإنساني، ونقص التمويل... كلها عوامل عمّقت الاحتياجات الإنسانية بدرجة غير مسبوقة.

وكشفت بيانات خطة الاستجابة عن وجود 18.1 مليون شخص يواجهون بالفعل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، منهم 5.8 مليون شخص يعيشون مستويات جوع طارئة، و40 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة المباشرة.

كما يعاني 2.5 مليون طفل دون الخامسة و1.3 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد، وسط تراجع كبير في برامج التغذية والدعم الغذائي خلال الأشهر الماضية.

تفاقم انهيار الخدمات

أوضحت الأمم المتحدة أن الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية، والمياه، والصرف الصحي، والمأوى... تعرضت لانهيار كبير خلال العامين الماضيين، مشيرة إلى أن 8.41 مليون شخص يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، فيما يعيش 15 مليوناً في ظل انعدام الأمن المائي، ويُحرم 17.4 مليون شخص من خدمات الصرف الصحي والنظافة.

كما تسبب ضعف البنية الأساسية والاجتماعية في زيادة الاحتياج إلى خدمات الحماية لأكثر من 16 مليون شخص، بينهم 4.7 مليون نازح داخلي يتوزعون على مئات المخيمات ومواقع النزوح، إلى جانب 6.2 مليون شخص (غالبيتهم نساء وفتيات) يحتاجون إلى خدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

1.3 مليون يمنية يواجهن سوء التغذية الحاد مع تراجع الدعم الدولي (إعلام محلي)

ويضاف إلى ذلك 2.6 مليون طفل خارج المدرسة؛ بسبب النزوح، والفقر، والتدهور المستمر في البنية التعليمية، فيما تأثر أكثر من 1.5 مليون شخص بالصدمات المناخية، مثل الفيضانات والعواصف خلال العام الحالي.

وتوضح هذه المؤشرات أن الوضع في اليمن يسير نحو مزيد من الانهيار ما لم يُتعامل معه بحزمة عاجلة من التمويل والتدخلات الميدانية، مع رفع القيود التي تعرقل وصول المساعدات إلى الفئات الأضعف.

قيود الحوثيين

ومنذ أغسطس (آب) الماضي، تضاعفت القيود التي يفرضها الحوثيون على أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى في مناطق سيطرتهم، حتى وصلت إجراءاتهم إلى اقتحام مكاتب أممية ومصادرة أصولها وإغلاقها؛ مما أدى إلى توقف برامج أساسية، مثل «برنامج الأغذية العالمي» الذي كان يوفر مساعدات لنحو 13 مليون يمني.

وتقول الأمم المتحدة إن هذه الإجراءات حرمت ملايين اليمنيين من التدخلات الأساسية، خصوصاً مع تقييد حركة العاملين الإنسانيين واعتقال موظفين أمميين منذ فترات طويلة دون إجراءات قانونية.

الحوثيون أغلقوا مكاتب الأمم المتحدة واعتقلوا 59 من موظفيها (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، جدد الأمين العام للأمم المتحدة الإعراب عن «قلقه البالغ» من استمرار احتجاز الحوثيين 59 من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات العاملين في منظمات غير حكومية وبالمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، إن المحتجزين يخضعون للعزل عن العالم الخارجي؛ «بعضهم منذ سنوات»، دون أي إجراءات قانونية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الذي يكفل لهم الحصانة، خصوصاً بشأن مهامهم الرسمية.

ودعا دوجاريك سلطات الحوثيين إلى التراجع عن إحالة هؤلاء الموظفين إلى محكمتهم الجنائية الخاصة، والعمل فوراً وبحسن نية على الإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والسلك الدبلوماسي.

وأكد أن الأمم المتحدة ستظل ملتزمة دعم الشعب اليمني وتقديم المساعدات الإنسانية «وفق مبادئ الحياد وعدم التحيز»، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عملها في البلاد.