رئيس دائرة العلاقات الخارجية في كردستان: بغداد تخلت عن حمايتنا

فلاح مصطفى أكد عمق العلاقات مع السعودية

فلاح مصطفى
فلاح مصطفى
TT

رئيس دائرة العلاقات الخارجية في كردستان: بغداد تخلت عن حمايتنا

فلاح مصطفى
فلاح مصطفى

قال فلاح مصطفى، رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان العراق : «نحن سعداء بفتح قنصلية للمملكة العربية السعودية في أربيل، وهذا دليل على حرص المملكة وحكومتنا على التعاون المشترك في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية كافة، ودليل ثقة الرياض بخطوات قيادتنا السياسية في أربيل»، مشيرا إلى أنه «رغم التحديات الصعبة التي يواجهها الإقليم مع تنظيم داعش على خط جبهة طولها 1050 كم وقربها من العاصمة أربيل، لكننا فخورون جدا بهذا التمثيل الدبلوماسي الكبير في الإقليم وببقاء القنصليات والهيئات والمكاتب الدبلوماسية ومكتب الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) والتي هي مظلة لـ13 منظمة تابعة للمنظمة الدولية، والأهم من هذا وبعد مجيء (داعش) للمنطقة ازداد عدد البعثات الدبلوماسية، وبمعنى آخر هذا يعكس ثقة الدول العربية والغربية بقيادة الإقليم ورؤى قياداته المستقبلية وهذا ما أدى إلى أن ترفع الدول تمثيلها الدبلوماسي من مكاتب سفارة إلى قنصليات وقنصليات عامة وفتح قنصليات جديدة في الإقليم».
وقال فلاح في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن اليوم يوجد في إقليم كردستان العراق 35 بعثة دبلوماسية تشمل خمس قنصليات فخرية والباقي بعثة الأمم المتحدة ومكتب الاتحاد الأوروبي، والبقية قنصليات عامة ومكاتب سفارات بينها سبع قنصليات عربية آخرها كان افتتاح قنصلية المملكة العربية السعودية التي تربطنا بها علاقات متميزة، منبها إلى أن «اليوم نستطيع القول إن هناك تمثيلا عربيا مؤثرا في الإقليم، فبالإضافة إلى السعودية هنا قنصليات مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والكويت والسودان وفلسطين، ووجود هذه الدول العربية في أربيل دليل اهتمام وحرص على إدامة علاقاتها مع إقليم كردستان والتعامل مع قيادته لما تشعر به من استقرار وأمن الإقليم ككيان ووضع خاص، فالظرف الأمني المستقر وسياسة الباب المفتوح الذي انتهجناها في علاقاتنا مع الآخرين ومرونتنا في التعامل مع الدول المحيطة والعالم العربي والغربي شجعت هذه الدول لإدامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والثقافية مع أربيل، كما أننا نريد أن نبعث برسالة لهذه الدول مفادها أننا نحرص على إقامة علاقات متوازنة ومتبادلة معها لما فيه خير مصلحة شعوبنا، لهذا نستطيع القول بأننا على النهج السليم لإدامة علاقاتنا الخارجية». وأوضح «للإقليم 14 ممثلية في الخارج وكان مخططنا وهدفنا مضاعفة هذا العدد ولكن للأسف الشديد أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الإقليم بسبب قطع ميزانية الإقليم من قبل الحكومة الاتحادية منذ فبراير (شباط) عام 2014، ثم واجهتنا كارثة دخول تنظيم داعش للموصل وقربهم من حدود الإقليم في يونيو (حزيران) من العام نفسه ودخولنا في حرب متواصلة ضد التنظيم الإرهابي، ويضاف إلى كل هذا ونتيجة لاحتلال (داعش) لمناطق واسعة في غرب العراق، الفلوجة والرمادي قبيل تحريرهما، ولمدن سورية فإن الإقليم يستضيف ما يقرب من مليوني نازح عراقي وسوري، ثم جاءت صدمة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية والتي أدت إلى حالة من الشلل الاقتصادي في الإقليم وكل هذا حد من طموحاتنا ومشاريعنا».
وقال: «في نهاية عام 2014 تم التوصل لاتفاق بين بغداد وأربيل حول موضوع الميزانية وتصدير النفط، وصار هذا الاتفاق جزءا من قانون الموازنة، ودام عمر الاتفاق لأقل من ثلاثة أشهر مع وجود نواقص ثم توقف تنفيذ الاتفاقية وأصبحنا نواجه الأزمة الاقتصادية لوحدنا وبلا ميزانية مع أن الحرب ضد تنظيم داعش هي من مسؤولية الحكومة الاتحادية بالدرجة الأولى، ويجب أن تتحمل تكاليفها كون الجيش العراقي وحسب الدستور هو المسؤول عن الدفاع عن البلد ضد أي تهديد خارجي، وكذلك من مسؤولية الحكومة الاتحادية الاهتمام بموضوع اللاجئين والنازحين، لكن بغداد سحبت نفسها من هذه المسؤوليات بشكل شبه تام، والأكثر من هذا أن الحكومة الاتحادية لا تشرك حكومة الإقليم في المباحثات الداخلية أو الدولية حول مواضيع تهم العراق عامة والإقليم خاصة فنحن على سبيل المثال في مواجهة مباشرة وفي حرب متواصلة ضد تنظيم داعش لكن بغداد لا تشركنا حتى في مباحثاتها مع التحالف الدولي في الحرب ضد هذا التنظيم، أو في مباحثاتها مع صندوق النقد الدولي ومع البنك الدولي من أجل الحصول على القروض والمساعدات، ولا نعرف ما هي حصتنا كإقليم من هذه القروض والمساعدات، خصوصا ونحن نعيش ظروفا اقتصادية صعبة للغاية، فنحن غير موجودين في هذه المؤتمرات وصوتنا غير مسموع، وكذلك المؤتمرات التي تبحث الأوضاع الإنسانية للنازحين مع أننا ومثلما قلت نستضيف ما يقرب من مليوني نازح، رغم أن هناك تفهما دوليا لوضعنا الحرج ففي مؤتمر الدول السبع الأخير أدرجوا في بيانهم الختامي ضرورة دعم العراق وبضمنه إقليم كردستان، والبنك الدولي أوضح استعداده للتعاون مع الإقليم بشرط موافقة الحكومة الاتحادية ونحن نأمل من بغداد أن تتحمل مسؤوليتها تجاه الإقليم كونه جزءا من العراق، ويجب دعمنا والتعاون معنا في المجال العسكري لمحاربة (داعش)».
وحول مذكرة التفاهم التي وقعتها وزارة الدفاع الأميركية ممثلة في أليسا سلوتكن مساعدة وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر ومع وزير البيشمركة الكردي بالوكالة كريم سنجاري، الأسبوع الماضي، أوضح فلاح قائلا: «هي مذكرة تفاهم تم التوقيع عليها من قبل وزير الدفاع الأميركي ووزير البيشمركة في حكومة الإقليم، وهذا دليل على اهتمام البنتاغون بقوات البيشمركة، وهناك شراكة قوية بين القوات الأميركية وقواتنا في الميدان، ولا بد من تعاون وتنسيق تام بين الطرفين، وهذا الموضوع مهم من الجوانب المالية والعسكرية والسياسية والمعنوية، ومذكرة التفاهم هي نقطة تحول إيجابية في العلاقة بين القوات الأميركية وقوات البيشمركة»، مشيرا إلى أن «هذه المذكرة تتضمن تسليح وتدريب قوات البيشمركة، وهذا مهم من الجانب المالي وكذلك بحث العمل المشترك في خطط تحرير الموصل». موضحا أن «الجانب الأميركي بحث مع بغداد موضوع مذكرة التفاهم وليست حكومة الإقليم، الإدارة الأميركية واضحة وشفافة في تعاملاتها وكان وزير الدفاع الأميركي قد زار بغداد وبحث كل هذه الأمور هناك قبل التوجه لأربيل وتوقيعه مذكرة التفاهم لا سيما أن توقيع هذه المذكرة لم يكن سريا بل معلنا، وأعتقد أن توقيع هذه المذكرة مهدت لتوقيع اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى ضمن التحالف الدولي للحرب ضد (داعش)».
وحول معركة تحرير الموصل، قال رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان العراق إن «معركة تحرير الموصل مهمة، من الناحية العسكرية يجب أن يتم وضع النقاط على الحروف بدقة وخاصة بحث موضوع القوات التي ستشارك في هذه المعركة، وهي قوات البيشمركة والجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب والحشد الوطني وهم من أبناء الموصل، بالإضافة طبعا لقوات التحالف الدولي». مشيرا إلى أن «موضوع مشاركة الحشد الشعبي يجب أن يخضع لنقاش صريح بين المكونات والكتل السياسية، ويجب أن يتم الاتفاق ومن دون هذا الاتفاق ستكون هناك حالة كارثية ويجب أن نكون حذرين».
وشدد فلاح على أن «الإقليم لا يبحث عن ثمن لمشاركته في معركة تحرير الموصل»، وقال: «بالنسبة لنا لا توجد أي أطماع في ضم أراض إضافية من نينوى، نحن فقط نطالب بأراضي إقليم كردستان والمدرجة ضمن قانون المناطق المتنازع عليها والمعروفة تاريخيا وجغرافيا وديموغرافيا بأنها تابعة للإقليم.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.