هل نقول وداعًا لكتب الطهي وأهلاً بالتطبيقات؟

ألبس هاتفك الذكي مئزر مطبخ أيضًا

تطبيقات تكاد تحل مكان الطاهي في مطبخك
تطبيقات تكاد تحل مكان الطاهي في مطبخك
TT

هل نقول وداعًا لكتب الطهي وأهلاً بالتطبيقات؟

تطبيقات تكاد تحل مكان الطاهي في مطبخك
تطبيقات تكاد تحل مكان الطاهي في مطبخك

لم تعد وصفات الطعام تقتصر على كتب الطبخ هذه الأيام، حيث تعج التطبيقات الإلكترونية بملايين وملايين الوصفات، بشتى النكهات من جميع أنحاء العالم.
وتوفر تلك التطبيقات أفضل دليل لوصفات الطعام التي تعدها وتقدم من خلالها الوجبات، سواء أكنت ستعد وجبة لنفسك بعد يوم من العمل أو ستقدم وجبات لعشرات من الضيوف.
وتطبيق الطبخ المفضل بالنسبة لي هو «SideChef» بسبب خاصية ذكية وهي أنك لست بحاجة إلى نقر شاشة الهاتف الخاص بك بأصابعك اللزجة أثناء الطهي.
وصفحة البداية أشبه بغلاف مجلة مصقولة مليئة بالصور تحتوي على آلاف الوصفات. ويمكنك أن تبحث عن الوجبة بالاسم أو بأحد مكوناتها أو من خلال تصفح الأصناف مثل: «الحلويات» أو «وجبات العطلات»، وعندما تجد ما تبحث عنه، يُعرض لك قائمة بالمكونات وطريقة الإعداد خطوة بخطوة.
ويكمن السحر الخاص في تطبيق SideChef أنك عندما تنقر على زر «الطبخ» الكبيرة، يبدأ التطبيق من تلقاء نفسه بالتشغيل ثم يظهر على الشاشة الخطوات كل على حدة مصحوبة بصورة، وصوت إلكتروني يقرأ التعليمات بصوت عالٍ حتى تتمكن من التركيز في تقطيع أو تسخين الطعام دون الحاجة إلى قراءة الشاشة.
وعندما يحين الوقت للانتقال إلى الخطوة الثانية، يصدر التطبيق رنينا لتذكيرك بذلك، وكل ما عليك هو أن تنقر على زر «التالي»، أو أن تتحدث إلى التطبيق وتخبره بأنك مستعد، وكأن ثمة طاهيا يقف بجوارك في المطبخ.
وقد لا يحتوي SideChef على الكثير من الوصفات في قاعدة بياناته، إلا أنه متاح بالمجان على نظامي iOS والآندرويد.
وإذا كنت تريد تطبيق طهي بتصميم أكثر تقليدية، ألق نظرة على تطبيق Allrecipes من على مواقع الطبخ التي تحمل نفس الاسم، والتي تبدو ككتاب طبخ أكثر تفاعلية. ويمكن البحث في قاعدة بياناته عن الوصفات وطرق أبسط لعرض خطوات الطهي لكل وصفة.
وبإمكانك أن تبحث عن وصفة بالاسم أو إحدى مكوناتها أو عن الوقت الذي يستغرقه إعدادها، وكذلك يمكن أن تطلب من التطبيق تفادي مكون محدد أثناء عملية البحث، مما يفيد من يعانون من الحساسية ضد بعض المكونات، أو في حالة عدم توافر أي من المكونات لديك. وبالإضافة إلى ذلك، فإن خطوات الإعداد واضحة ويسهل اتباعها، وتتاح بعضها في شرائط فيديوهات تشرحها خطوة بخطوة.
وتتوافر في تطبيق Allrecipes أيضًا بعض الخواص المفيدة، إذ يمكن أن يشير إلى أحد المكونات المتاحة بسعر منخفض في المتاجر القريبة التي تدعم التطبيق، ويلفت انتباهك إلى شرائها أثناء مرورك على أحد تلك المتاجر. كما تتوافر في التطبيق قائمة للتسوق، تضع فيها المكونات التي تحتاجها إذا ما خططت مسبقًا واخترت وصفة تريد طهيها.
وثمة خاصية تتوافر في تطبيق Allrecipes مفيدة في اكتشاف الأطباق الجديدة، إلا أنها تعمل فقط على نسخة التطبيق المتوافرة على الهاتف، وتسمى هذه الخاصية بـDinner Spinner وتشبه «ماكينة البيع» قليلاً، حيث يمكنك تحريك العجلة وسيقوم التطبيق بالبحث بشكل عشوائي للحصول على ما يطابق البيانات التي أدخلتها في عملية البحث، مثل: «فاتح شهية» مع «محار» و«20 دقيقة»، فهي متعة خاصة وتمكنك من إعداد بضعة وجبات عشاء مثيرة.
وبالإضافة إلى ذلك، يحتوي تطبيق Allrecipes على الكثير من الأفكار الشهية وسهلة الاستخدام، وهو متاح مجانًا على نظامي iOS وآندرويد.
وثمة تطبيق آخر يشبه Allrecipes يسمى Yummly بقائمة تسوق مدمجة به وخطوات إعداد الوصفات مكتوبة بوضوح. إلا أن واجهة Yummly مليئة بالكثير من الصور المغرية التي تجعلك تريد أن تقفز إلى المطبخ مباشرة.
وتشمل وصفات طعام Yummly على الكثير من التفاصيل، بما في ذلك القيمة الغذائية للطعام، إلا أن استخدام ذلك التطبيق يتضمن الكثير من النقر والتمرير. ولا تُعد هذه مشكلة إن كنت تتصفح الوصفة قبل الشروع في إعدادها، ولكنها غير ملائمة في حال ما كنت منهمك في الإعداد ويداك ملطختان بالدقيق والزبد.
وأكبر ميزة في ذلك التطبيق أنه يستقي محتوياته من الكثير من المصادر المختلفة، لذا فعندما تبحث عن وصفة محددة (على سبيل المثال: باكالاة أو سمك القد المملح)، تظهر لك قائمة بمختلف الخيارات الممكنة. ورغم واجهته الأقل أناقة وتحميله البطيء في بعض الأحيان، فإن تطبيق Yummly يستحق التجربة، وكما أنه متاح بالمجان على نظامي iOS وآندرويد.
وأود أن أشير هنا إلى أن صحيفة نيويورك تايمز توفر تطبيقا باسم «New York Times Cooking» بالمجان فقط على نظام iOS وكما يعمل أيضًا على ساعة آبل الذكية.
وفي الختام، أفسح المجال لذكر تطبيق The Food Network In The Kitchen الذي يتيح لك وصفات من الطهاة المعروفين الذين تشاهدهم على شاشات التلفزيون أو المواقع الشهيرة. وبه محتوى غزير وتصميمه واضح وبسيط، وكذلك يتوافر بالمجان على نظامي iOS وآندرويد.

* خدمة «نيويورك تايمز»



المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.