ازدياد السيطرة لفصائل المعارضة السورية والقوات الكردية الشهر الماضي

خريطة النفوذ العسكري لشهر يونيو توضح انحسار هيمنة «داعش» والنظام

خريطة توزع النفوذ العسكري في سوريا لشهر يونيو الماضي
خريطة توزع النفوذ العسكري في سوريا لشهر يونيو الماضي
TT

ازدياد السيطرة لفصائل المعارضة السورية والقوات الكردية الشهر الماضي

خريطة توزع النفوذ العسكري في سوريا لشهر يونيو الماضي
خريطة توزع النفوذ العسكري في سوريا لشهر يونيو الماضي

أصدر مركز «جسور» خريطة النفوذ العسكري لشهر يونيو (حزيران)، التي أظهرت بعض التغييرات في نسب السيطرة الكلية والفعالة لمختلف الأطراف المتحاربة عن خريطة النفوذ العسكري لشهر مايو (أيار) 2016.
ويسعى المركز من خلال إصداره الشهري هذه الخريطة، لإبراز التطورات الميدانية التي تشهدها الساحة السورية، وانعكاساتها على نِسَب السيطرة الكلية والفعالة في عموم الأرض السورية وفي كل محافظة على حدة، وتحليل مضامينها وإيضاح دلالاتها على المستوى السياسي وقراءة مخرجاتها، وفق جدلية تربط ساحة الحرب بدهاليز السياسة.
وتركزت أهم هذه التغييرات في محافظة حلب، حيث أحرزت فصائل المعارضة المسلحة (غرفة عمليات جيش الفتح) تقدمًا ملحوظًا في ريف حلب الجنوبي، فسيطرت في 18 يونيو على قرى خلصة وزيتان وبرنة جنوب بلدة خان طومان بعد نحو مائة ساعة متواصلة من المعارك الشرسة ضد قوات الأسد وحلفائها من الميليشيات الأجنبية، وبذلك ارتفعت نسبة سيطرة فصائل المعارضة في محافظة حلب من 16 في المائة في شهر مايو إلى 16.4 في المائة في شهر يونيو على حساب قوات الأسد.
وقد لوحظ غياب التغطية الجوية الروسية لقوات الأسد وللميليشيات الشيعية أثناء المعارك ضمن إجراء يراد منه إيصال رسالة سياسية، مفادها اختلاف الأجندة والأولويات الروسية عن مقابلها الإيراني، ورفض الظهور بمظهر سلاح جوّ مرافق لقوات الأسد، وهو ما قد يُفسَّر برغبة روسية لإظهار التزامها بحدود مصالحها، وقد ترافق ذلك مع تصريحات روسية بنفي قيام قوات الأسد بهجوم وشيك على مدينتي حلب والرقة في المستقبل المنظور، وعلى الرغم من أن الأمين العام لما يسمى «حزب الله» قد اعتبر في خطاب الأسبوع الماضي معركة حلب «معركة كبرى».
كما شهدت محافظة حلب تقدمًا لقوات سوريا الديمقراطية على محور منبج في مواجهة تنظيم الدولة، رافعة نسبة سيطرتها من 24 في المائة في شهر يوليو (تموز) إلى 29.8 في المائة من إجمالي مساحة المحافظة. وتُشكّل وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية.
وفي محافظة حمص تراجعت نسبة سيطرة تنظيم الدولة، وتحديدًا في منطقة البادية المحاذية للحدود الإدارية لمحافظة دير الزور من 76 في المائة في شهر مايو إلى 71.9 في المائة، على حساب تقدم «جيش سوريا الجديد» أحد فصائل المعارضة المسلحة، الذي بدأ بعملية عسكرية للسيطرة على مدينة البوكمال انطلاقًا من معبر التنف الحدودي بريف حمص الجنوبي الشرقي عند الحدود السورية العراقية على بعد 240 كيلومترا من مدينة تدمر.
وجاءت محافظة درعا في المرتبة الثالثة في نسبة سيطرة فصائل المعارضة المسلحة فيها بواقع 1.9 في المائة على حساب تنظيم داعش، على أثر المعارك التي خاضتها فصائل الجبهة الجنوبية في حوض اليرموك بريف درعا الغربي ضد «لواء شهداء اليرموك» و«حركة المثنى الإسلامية» المبايعتين لتنظيم داعش. وكمحصلة لمجمل تطورات المشهد الميداني، عكست خريطة النفوذ العسكري لشهر يونيو توزع نسب السيطرة على عموم سوريا بالنسبة لمختلف الأطراف وفق الجدول المرفق الذي يوضح ازدياد نسبتي السيطرة «الكلية» و«الفعالة» بالنسبة لفصائل المعارضة المسلحة إلى 15.1 في المائة و14.9 في المائة على الترتيب، وبالنسبة للفصائل الكردية إلى 16.3 في المائة و28.3 في المائة، فيما يُظهر انخفاضهما بالنسبة لتنظيم داعش إلى 47.3 في المائة و27 في المائة، وانخفاض «الفعالة» بالنسبة لقوات الأسد إلى 29.7 في المائة وبقاء «الكلية» على حالها (21 في المائة) دون تغيير عن شهر مايو. ويُظهر هذا التغير تراجع نفوذ تنظيم داعش وانحسار سيطرته عن مناطق واسعة في ريف حلب الشرقي ومنطقة البادية السورية وحوض اليرموك بريف درعا الغربي، وتقدم فصائل المعارضة واتساع نفوذها، كما ويشير من جهة أخرى إلى عجز قوات الأسد والميليشيات الشيعية عن التقدم وحتى مجرد الثبات بغياب الإسناد الجوي الروسي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.