تتوالى فصول سقوط وإسقاط الطائرات الحربية التابعة للنظام السوري فوق محافظة ريف دمشق، وآخرها الإعلان عن تحطم طائرة هليكوبتر أمس السبت، بين محافظتي ريف دمشق والسويداء، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على إسقاط فصائل المعارضة طائرة سوخوي في منطقة القلمون (شمال غربي دمشق)، لتكون رابع طائرة مع طاقمها يخسرها النظام في أسبوع واحد. ومن جانب آخر ارتكب الطيران الحربي للنظام مجزرة في بلدة جيرود بالقلمون، أودت بحياة 31 مدنيًا بينهم اثنان من الكادر الطبي، انتقامًا لقتل طيار أسر يوم أول من أمس الجمعة بعد سقوط طائرته. وحسب المراقبين يرسم هذا التطور علامات استفهام حول نوع الصواريخ التي تستخدمها فصائل المعارضة في مواجهة سلاح الجو الأكثر فاعلية لدى النظام وحلفائه.
في هذه الأثناء، كثف طيران نظام النظام قصفه للمدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة المعارضة في ريف دمشق، وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس أن طائرة هليكوبتر تابعة للنظام، سقطت اليوم (أمس) قرب منطقة بئر القصب عند الحدود الإدارية بين محافظتي ريف دمشق والسويداء «لكن ظروف سقوطها لا تزال مجهولة». وذكر أن «ثلاثة ضباط على الأقل كانوا على متنها قتلوا أثناء تحطمها». ومع تضارب معلومات المعارضة والنظام حول أسباب سقوط الطائرات، رأى المحلل العسكري السوري المعارض عبد الناصر العايد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ثمة «ثلاثة احتمالات لمسلسل سقوط الطائرات السورية، الأول إمكانية حصول فصائل المعارضة على صواريخ مضادة للطائرات، منها صواريخ إيغلا الروسية التي غنم الثوار بعضًا منها في بداية الثورة، وميزتها أنها قادرة على اقتناص طائرات النظام، وليس الطائرات الروسية التي تقصف عن ارتفاع شاهق». وبالنسبة إلى الاحتمال الثاني، ذكّر المحلل العسكري، بأن «تقليص مهام الطيران الروسي، وضع النظام أمام حتمية الاتكال على أسطوله الجوي المتهالك، والاستثمار المتزايد للطائرات التي لا تخضع لصيانة دورية وفحص فني وتقني قبل أي مهمة جوية». أما الاحتمال الثالث، فعزاه العايد إلى «إمكانية الوصول إلى خرقٍ ما لسلاح الجو، وربما حصول تخريب فني في بعض الطائرات». ثم تساءل «أليس مستغربا لا نشهد مثل هذه الحالات في مناطق أخرى في سوريا، بينما هي محصورة في ريف دمشق والجنوب؟». جدير بالذكر أن المعارضة السورية كانت قد تمكنت يوم أول من أمس الجمعة من إسقاط طائرة حربية من نوع سوخوي في محيط بلدة جيرود بالقلمون الشرقي، فيما عزا النظام سقوطها إلى عطل فني، وجرى أسر طيارها الذي قتل لاحقًا، ولقد تبادل كل من «جيش الإسلام» و«جبهة النصرة» الاتهامات حول الطرف المسؤول عن قتل الطيار بعد أسره. إذ أعلن «جيش الإسلام» أنه هو من أسقط الطائرة فوق القلمون، من دون أن يكشف عن نوع السلاح الذي استخدمه في عملية إسقاط هذه الطائرة. وكان هذا التنظيم أعلن يوم الاثنين الماضي أنه أسقط طائرة في الغوطة الشرقية، عبر استخدامه منظومة «أوسا» الروسية التي كان قد سيطر عليها في نهاية عام 2012. وهو السلاح نفسه الذي قد يكون أسقطت به الطائرة أول من أمس، بحسب ما رجّحت مصادر في المعارضة السورية، انطلاقًا من أن «جيش الإسلام» أعلن أنه أسقطها بعد عودتها من إحدى الطلعات الجوية على الغوطة الشرقية. وكانت روسيا قد أعلنت أنها قامت بتدمير المنظومة الروسية، ليعود إسقاط الطائرة في الغوطة ويثبت عكس ذلك.
أيضًا سبق لـ«جيش الإسلام»، وهو أكبر فصيل للمعارضة في ريف دمشق، أن أعلن يوم الاثنين الماضي عن تمكنه من إسقاط طائرة هليكوبتر في أجواء بلدة البحارية في الغوطة الشرقية، وبعد ساعات من اليوم نفسه، تبنى أيضًا إسقاط طائرة حربية مقاتلة قاذفة من نوع ميغ 29 على أطراف مطار السين في القلمون الشرقي.
وفي قراءته لتراجع غارات الطائرات الروسية على مواقع المعارضة في ريف دمشق والجبهة الجنوبية، أكد المحلل العسكري العايد، أن «السلاح الجوي الروسي كان يعمل في الأشهر الأخيرة بنسبة 200 في المائة من طاقته، من أجل أن يحقق تحولاً نوعيًا في مسار الأحداث، لكن اليوم ومع تطور الأحداث إلى ما يشبه حرب عصابات، لم يعد بمقدوره توسيع جغرافيا تدخله، لذلك هو يحصر مهمته في جبهة حلب، وهو ما فاقم مسؤولية طيران النظام الذي بات منهكًا، عدا عن فقدانه لعامل التنسيق والمعلومات الدقيقة على الأرض».
عودة إلى ما حدث في جيرود، أفيد أمس عن مقتل 31 شخصًا بينهم اثنان من الكادر الطبي في قصف لقوات النظام على منطقة القلمون مع انهيار هدنة أعلنت قبل سنتين في المنطقة وعلى إثر قتل الطيار الأسير واسمه نورس حسن. وقال سعيد سيف القلموني المتحدث باسم كتيبة الشهيد أحمد عبدو التابعة لـ«الجيش السوري الحر» وتعمل في جيرود إلى جانب «جبهة النصرة» لوكالة «رويترز» بأن «الضربات ضد المدنيين جاءت انتقاما من قتل الطيار من قبل جبهة النصرة». ووفق التقارير شنت طائرات النظام غارات مكثفة على جيرود - التي تبعد نحو 60 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من دمشق - ذلك غداة اتهام الجيش السوري فصيل «جيش الإسلام» بقتل الطيار بعد أسره إثر «تعرض طائرته لخلل فني أثناء تنفيذ مهمة تدريبية وسقوطها في هذه المنطقة». وتزامنت الغارات الجوية على جيرود، مع قصف مدفعي وصاروخي عنيف على البلدة.
ومن جهته، أشار مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن «هذا القصف هو الأول منذ عامين». وأردف «لقد أسفر القصف عن مقتل 31 شخصا بينهم اثنان من الكادر الطبي، أحدهما مدير المركز الطبي في البلدة». ونقلت الوكالة عن الناشط أبو مالك الجيرودي، أن «أكثر من 45 غارة على البلدة نفذتها طائرات النظام، وهي تركزت على المناطق المأهولة والمدارس ووسط البلدة كما تم استهداف المركز الطبي فيها».
أما في مدينة حلب التي تتعرّض لحملة عسكرية واسعة، فقد قتل 22 مدنيًا على الأقل، خلال الـ24 ساعة الفائتة، بينهم 5 أطفال جراء قصفٍ للطيران الحربي السوري على حي طريق الباب، فيما قتل 5 آخرون جراء قصف الطائرات الحربية لحي الشيخ سعيد في المدينة، ما أدى إلى تدمير عدد من المباني التي لا يزال بعض سكانها تحت الأنقاض.
سقوط رابع طائرة للنظام في ريف دمشق خلال أسبوع.. وغموض يلفّ مصير طاقمها
مجزرة تودي بحياة 31 مدنيًا في قصف جوي على جيرود انتقامًا لقتل طيّار «السوخوي»
سقوط رابع طائرة للنظام في ريف دمشق خلال أسبوع.. وغموض يلفّ مصير طاقمها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة