لبنان: انقسام مجلس الوزراء ينتقل إلى المشروعات الإنمائية بخلفيات طائفية ومناطقية

قزّي لـ«الشرق الأوسط» : وجودي بالحكومة يمثل الكتائبيين الرافضين قرار فصلي من الحزب

لبنان: انقسام مجلس الوزراء ينتقل إلى المشروعات الإنمائية بخلفيات طائفية ومناطقية
TT

لبنان: انقسام مجلس الوزراء ينتقل إلى المشروعات الإنمائية بخلفيات طائفية ومناطقية

لبنان: انقسام مجلس الوزراء ينتقل إلى المشروعات الإنمائية بخلفيات طائفية ومناطقية

كرّست جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي انعقدت أمس، عقم أداء حكومة الرئيس تمام سلام في معالجة الملفات والمشروعات الإنمائية، بفعل الخلافات التي تعصف بها من الداخل، والتي تعكس مدى انقسام القوى السياسية التي تتشكّل منها هذه الحكومة حول كثير من الملفات. وتباينت آراء الوزراء حول مشروعات حياتية هي قيد التنفيذ أو قيد الدرس والبحث، وأوحت الآراء التي سبقت وتلت الجلسة، بأن الخلافات لم تعد تقتصر على القضايا الوطنية الاستراتيجية التي تزيد الشرخ بين مكونات الحكومة، إنما وصلت إلى حدّ الانقسام على المشروعات الحياتية الضرورية، بحيث حاول كل وزير اقتناص حصّة أكبر من المشروعات لطائفته ومنطقته.
وكان مجلس الوزراء قد عقد جلسة استثنائية قبل ظهر أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، خصصت لبحث المشروعات التي يتولى مجلس الإنماء والإعمار تنفيذها، وقرر الطلب من جميع الوزارات تزويد مجلس الإنماء والإعمار خلال مهلة لا تتعدى 15 يومًا، بما لديها من مشروعات تم تنفيذها أو هي قيد التنفيذ، كما كلّفت «الإنماء والإعمار» بوضع دراسة تحليلية للمشروعات الواردة في تقريره، ولمشروعات الوزارات والمؤسسات العامة، واقتراح مشروع خطة عامة خلال شهر.
وزير الاتصالات بطرس حرب، أوضح أن جلسة مجلس الوزراء «لم تكن مهمّة، وكان من المقرر أن تناقش الحكومة التقرير الذي أعده مجلس الإنماء والإعمار، حول المشروعات التي يتولى تنفيذها». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «بعض الوزراء وضعوا ملحوظات على هذا التقرير واستمهلوا لتقديم ما لديهم من مشروعات أيضًا»، لافتًا إلى أن «كل وزير كان يطالب بحصة أكبر من المشروعات الإنمائية لمنطقته، وهذا أمر طبيعي». وأوضح أن «مأخذ معظم الوزراء على المناقصة التي رست لتلزيم مطمر الكوستابرافا للنفايات، هي أنها أعلى بكثير من المناقصة التي رست على مطمر برج حمود، ما استدعى طرح تساؤلات حول الفرق الكبير بين التسعيرتين». وأعلن حرب أنه «سيقدم يوم الخميس إلى مجلس الوزراء ملف المناقصات العائدة للهاتف الخليوي».
أما وزير العمل سجعان قزي، الذي تراجع عن استقالته من الحكومة بعد قرار المكتب السياسي لحزب الكتائب اللبنانية بفصله من الحزب، فاعتبر أن جلسة الحكومة كانت أساسية وهي ناقشت تقرير مجلس الإنماء والإعمار بكل صفحاته، وجرى كلام على الصعيد العام والصعيد الوطني. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن النقاش دخل في الأرقام، وتوزيع المشروعات والإنماء المتوازن بين كل المناطق اللبنانية، واتفقنا على تقديم تقرير أكثر وضوحًا بعد شهر؛ لأن هذه المشروعات مقدرة بمئات المليارات (بالليرة اللبنانية)». وأوضح وزير العمل أن تقرير الإنماء والإعمار «يتضمن مشروعات موضوعة ولم تنفذ، وأخرى قيد الدرس وقيد الاستملاك، ومشروعات تحتاج إلى تمويل وغير جاهزة للتنفيذ، لذلك حصل كلام كبير بهذا الخصوص».
قزي أكد أنه عاد إلى مجلس الوزراء بوصفه «ممثلا للمسيحيين وللكتائبيين، الرافضين لقرار فصله من الحزب»، كاشفًا عن تلقيه «كثيرا من الاتصالات المتضامنة معه». وقال: «أنا لا أزال وزيرا في الحكومة، وسأحضر كل الجلسات وأناقش كل القضايا من منطلق المسؤولية الوطنية، أما مسألة فصلي من الحزب فهي باتت خلفي ولن أتكلم بها بعد الآن».
وكان وزير الإعلام رمزي جريج قد تلا المقررات الرسمية لمجلس الوزراء، فأشار إلى أن رئيس الحكومة أعلن أن الجلسة «مخصصة لمناقشة التقرير المفصل الذي وضعه مجلس الإنماء والإعمار حول المشروعات المنفذة أو قيد التنفيذ من قبله، موافقا بعد مداخلات قام بها بعض الوزراء على أن هذه الجلسة تندرج ضمن انطلاقة جديدة لعمل الحكومة، التي ستعقد إضافة إلى الجلسات العادية المخصصة لبحث الموضوعات العادية الواردة على جدول أعمالها، جلسات استثنائية دورية لبحث الأمور الطارئة التي تحتاج إلى معالجة سريعة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.