اختبار أسلحة جديدة في سوريا.. والمعارضة تطالب بالتحقيق في القصف الروسي

المستشار القانوني لـ«الجيش الحر»: يهدف إلى شل الحركة وتهجير المواطنين من حلب

مسلحون عرب وأكراد في مدينة منبح لقتال قوات تنظيم داعش (أ.ف.ب)
مسلحون عرب وأكراد في مدينة منبح لقتال قوات تنظيم داعش (أ.ف.ب)
TT

اختبار أسلحة جديدة في سوريا.. والمعارضة تطالب بالتحقيق في القصف الروسي

مسلحون عرب وأكراد في مدينة منبح لقتال قوات تنظيم داعش (أ.ف.ب)
مسلحون عرب وأكراد في مدينة منبح لقتال قوات تنظيم داعش (أ.ف.ب)

لم يحسم المعارضون السوريون نوع الذخائر التي يُقصفون بها في الآونة الأخيرة، وسط تضارب بين ما إذا كانت تلك الذخائر من أنواع «الفسفور الأبيض» أو أنها ذخائر حارقة جديدة، تترك كتلاً من اللهب في مواقع سقوطها؛ وهو ما دفع المعارضة السورية إلى طلب من الأمم المتحدة فتح تحقيقات بتلك الحوادث.
وبعد يومين على تداول صورة تظهر انفجارًا ضخمًا يشع في منطقة شمال حلب، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن ناشطين رصدوا تنفيذ طائرات حربية لم يعلم إذا ما كانت روسية أم تابعة للنظام، غارتان على مناطق في مدينة الميادين بريف محافظة دير الزور الشرقي، حيث استهدفت إحداها منزلا قرب مستوصف الميادين، فيما استهدفت الغارة الأخرى منازل أخرى بالقرب من مسجد الحسن. ورصد نشطاء المرصد عدم تسبب الغارتين بدمار وتهدمات في ممتلكات مواطنين، وإنما فقط اندلعت النيران في المنازل والسيارات المتواجدة في المنطقة، إضافة إلى تناثر كتل نارية في الشوارع المحيطة بمنطقة القصف، وحاول مواطنون إطفاء النيران بالمياه إلا أنها لم تنطفئ.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن: إن هذه الذخائر التي استخدمت في دير الزور (شرق البلاد)، هي نفسها التي استخدمت في مناطق في شمال سوريا: «ولا يعرف نوعها بالضبط»، مشيرًا إلى أن تلك الذخائر «تنتمي إلى فئة الأسلحة الحارقة»، فضلاً عن أن أنواعًا أخرى «تنتمي إلى الأسلحة الانشطارية والعنقودية المحرمة دوليًا، استخدمت أيضًا في سوريا»، إلى جانب قنابل الفسفور الأبيض التي رصد المعارضون استخدامها من قبل الروس منذ تدخلهم العسكري في سوريا.
غير أن دير الزور لا تعد منطقة عمليات مكثفة للطائرات الروسية، خلافًا للواقع المعمول به في حلب وريفها. وقال المستشار القانوني لـ«الجيش السوري الحر» أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا «تستخدم أكبر ضغط ممكن للتخفيف عن النظام في محيط حلب ولمساعدته للتقدم في المدينة ومحافظتها؛ لذلك تضرب الريف الغربي الذي يصل إلى طريق الكاستيللو، وتكثيف القصف على الكاستيللو، وهنا يجري قصف الفسفوري والعنقودي، فضلاً عن قصف داخل مدينة حلب بقاذفات السوخوي، فيما يقصف النظام الألغام البحرية والبراميل المتفجرة». ويرى أبو زيد أن استهداف مناطق الريف الغربي لحلب بهذا الشكل المكثف «يساهم في التضييق على الثوار داخل المدينة والمدنيين الموجودين فيها، حيث يحاول الروس والنظام تشكيل ضغط على الناس و(الجيش الحر)، الذي يخوض المواجهة في ظروف صعبة. وقد فشل النظام في حملاته العسكرية رغم القصف الجوي».
والى جانب الاستهداف المركّز على مدينة حلب وريفها الغربي، ثمة حملات استهداف متقطع على إدلب، حيث ارتكبت جرائم حرب عدة في استهداف مستشفيات في محافظة إدلب ونقاط دفاع مدني.
أبو زيد، أكد أن استخدام هذا السلاح من قبل الروس «يهدف إلى شل الحركة، وتوهين الناس، كون استخدام سلاح محرم دوليًا بلا آلية محاسبة، يخلق عند السوريين إحباطا، إضافة إلى أنه سلاح يدفع الناس للتفكير بالهرب من المناطق؛ لأنه اتضح أن التدمير لم يهجر الناس، واليوم تهجير السكان من شأنه أن يضغط على تركيا في ملف اللاجئين».
أمام هذا الواقع، طرقت المعارضة السورية باب الأمم المتحدة، لسؤالها الضغط على روسيا لإيقاف القصف. وفي حين دعت الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم الخميس إلى فتح تحقيق في اتهاماتها بأن روسيا استخدمت بشكل متكرر قنابل حارقة تطلق من الجو في سوريا، قال أبو زيد إن «هوامش الحركة الدولية أمام المعارضة قليلة»، مضيفًا: «لقد فقدنا الأمل إلا من الله. صار لنا يقين بأنه إذا كان بشار الأسد يريد استخدام الكيماوي مرة ثانية، فإن أحدًا لن يردعه، بالنظر إلى أن هناك ذريعة جاهزة اسمها تنظيمي (النصرة) و(داعش)، وصار التنظيمان أداة لتحليل وشرعنة قتل السوريين».
وتابع أبو زيد: «الهيئة التفاوضية تتحرك باتجاه مجلس الأمن، لكنها لن تحقق أي شيء»، مشيرًا إلى «أننا ندفع ثمن تباطؤ بعض حلفائنا»، لكنه استطرد: «ميدانيًا، نحن ثابتون على الأرض واستطعنا إنجاز صمود حقيقي وصد كل الهجمات». وكان رياض حجاب، منسق اللجنة العليا، قد كتب إلى بان كي مون قائلا: «أطلقت قوات جوية روسية بصورة متكررة قنابل حارقة وقنابل عنقودية لقتل وترهيب المدنيين السوريين، ومن بينها عشر حوادث موثقة على الأقل»، وأضاف: «لقد انتهكوا معاهدة حظر وتقييد أسلحة تقليدية معينة وخرقوا القانون الإنساني الدولي».
وتستخدم القنابل الحارقة مواد مصممة لإشعال النيران في الأجسام أو حرق الأشخاص. والقنابل العنقودية حاويات تنفجر في الجو لتنثر قنابل أصغر حجما فوق مساحة كبيرة. وكلا النوعين محظور بموجب معاهدة الأسلحة التقليدية.
وفي المقابل، أبلغ جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، الصحافيين في واشنطن بأن الولايات المتحدة لا يمكنها تأكيد مزاعم المعارضة السورية، لكنه قال إن «واشنطن تتعامل مع هذه المزاعم على محمل شديد الجدية». وأضاف قائلا: «بصرف النظر عن القنابل التي يستخدمها الروس فإنهم يجب ألا يقصفوا الجماعات الملتزمة بالقتال ضد تنظيم داعش أو المدنيين»، في إشارة إلى حادثة قصف «جيش سوريا الجديد» في شرق سوريا مطلع الأسبوع الماضي، بحسب ما قال الأميركيون و«المرصد السوري لحقوق الإنسان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».