خريطة أممية لحل شامل في اليمن في غضون أيام

الجبير يرحب بحذف اسم التحالف من تقرير الأمم المتحدة... والـ«يونيسف» ترحب بإطلاق الأطفال الأسرى

إسماعيل ولد الشيخ يحاول مناقشة تشكيل حكومة توافق لكن وفد الحكومة يصر على أن ذلك غير ممكن حتى يتم تسليم السلاح والانسحاب من المدن  (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ يحاول مناقشة تشكيل حكومة توافق لكن وفد الحكومة يصر على أن ذلك غير ممكن حتى يتم تسليم السلاح والانسحاب من المدن (أ.ف.ب)
TT

خريطة أممية لحل شامل في اليمن في غضون أيام

إسماعيل ولد الشيخ يحاول مناقشة تشكيل حكومة توافق لكن وفد الحكومة يصر على أن ذلك غير ممكن حتى يتم تسليم السلاح والانسحاب من المدن  (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ يحاول مناقشة تشكيل حكومة توافق لكن وفد الحكومة يصر على أن ذلك غير ممكن حتى يتم تسليم السلاح والانسحاب من المدن (أ.ف.ب)

عادت مشاورات السلام اليمنية – اليمنية في دولة الكويت، بعد استئناف عملها، أول من أمس، إلى الخوض في التفاصيل الدقيقة المطروحة على طاولة النقاش، ويعمل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ على بلورة رؤية شاملة للحل السياسي في اليمن، بالتعاون مع سفراء الدول الراعية لعملية السلام في اليمن، في ضوء الرؤى المقدمة من وفدي الحكومة الشرعية والانقلابيين (الحوثي – صالح)، للحل الشامل. ويكثف ولد الشيخ لقاءاته بالأطراف اليمنية في دولة الكويت، من جهة، مع الأطراف الراعية لعملية السلام والتسوية السياسية، من جهة أخرى.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية يمنية، أن رؤية الحل الشاملة للوضع القائم في اليمن، سوف تقدم في غضون الأيام القليلة المقبلة، وتعرض على وفدي المشاورات، وأكدت هذه المصادر أن اجتماعات مكثفة تجري بين مختلف الأطراف، مشيرة إلى أن الرؤية، التي ستقدم، «لن تخرج عن القرارات الأممية وسوف تكون قابلة للنقاش، وذلك بعد أن استوعبت الأطراف الراعية والمشرفة على العملية السياسية مجمل نقاط الخلاف والاتفاق».
في سياق متصل، قالت مصادر مقربة من المشاورات لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماعات، التي عقدها ولد الشيخ مع وفد الحكومة الشرعية، ناقشت جملة من القضايا، أبرزها «الانسحابات وتسليم السلاح»، وأضافت المصادر أن المبعوث الأممي «يطرح بعض الأفكار التي تطرح من الفريق الآخر، في سياق النقاشات العادية، ولا يعني أنه يتبناها أو يضغط من أجلها»، وأنه «يحاول، بين الحين وآخر، مناقشة تشكيل حكومة توافق، لكن الوفد الحكومي يصر على أن ذلك غير ممكن حتى يتم تسليم السلاح والانسحاب من المدن».
وأكدت المصادر أن «أفكار المبعوث ومقترحاته تتطابق مع الشرعية في أغلب جوانبها، وما اعوج منها يحاول تقويمه الوفد»، مشيرة إلى أن «هناك موقفا قاطعا مانعا، من الوفد، في مسألة تشكيل الحكومة، حيث لا يحدث إلا بعد تسليم الأسلحة والانسحابات وإنهاء الانقلاب». وطمأنت المصادر أنصار الشرعية، وقالت إن عليهم ألا يقلقوا لأن «الوفد متماسك مع موقف سياسي واضح من هذا الموضوع».
وأضافت المصادر أنه جرت مناقشة «الترتيبات العسكرية والأمنية، وتأمين العاصمة في ما يتعلق بالانسحاب من المدن، وتحديد المدن والإطار الزمني للانسحابات للمرحلة الأولى من عودة الحكومة»، وكذا مسألة «استعادة مؤسسات الدولة، وما يتعلق بإلغاء ما يسمى بالإعلان الدستوري، والقرارات الإدارية التي المترتبة عليه، وإزالة العراقيل أمام عمل مؤسسات الدولة، وهي مرحلة موازية للانسحاب من المدن، وتسليم السلاح، بما يمهد لعودة الحكومة»، مشيرة إلى أنه تم «الحديث حول استكمال واستئناف المرحلة الانتقالية والمسار السياسي بحسب المرجعيات، ودور المؤسسات الدستورية كمجلسي النواب والشورى خلال الفترة المقبلة».
على صعيد آخر، رحبت منظمة الأمومة والطفولة التابعة للأمم المتحدة يونيسف بإطلاق قوات التحالف في اليمن لسراح العشرات من الأطفال الأسرى (52 طفلاً)، وقال محمد الأسعدي، المتحدث الرسمي باسم المنظمة في اليمن لـ«الشرق الأوسط»: «ترحب اليونيسف في اليمن بالإفراج عن الأطفال المعتقلين من قبل قوات التحالف العربي، بالتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك، وينبغي أن يكون هؤلاء الأطفال، وغيرهم ممن هم تحت الـ18 عاما، في رعاية أسرهم وفي المدارس لا أن يتم إشراكهم في صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل»، وأكد الأسعدي أن «اليونيسف» سوف تقوم بـ«الاتصال بهؤلاء الأطفال، وستعمل على إعادة دمجهم في المجتمع، من خلال التدريب المهني، وتوفير حصص دراسية تعويضية لهم». وأضاف متحدث المنظمة الدولية: «تنتهز اليونيسف هذه الفرصة لتكرر الدعوة لكل أطراف النزاع في اليمن إلى الإفراج فورًا عن جميع الأطفال المجندين، والتوقف عن تجنيدهم واستخدامهم من قبل القوات المسلحة والجماعات المسلحة»، مؤكدًا أنه تم «حتى الآن، التحقق من تجنيد 1000 طفل، على الأقل، من قبل أطراف النزاع منذ تصاعد العمليات العسكرية في مارس (آذار) من العام الماضي».
وكانت إحدى منظمات المجتمع المدني، في عدن، كانت قامت قبل عدة أشهر بتأهيل العشرات من الأطفال الذين أسروا في الحرب، في عدن العام الماضي، داخل السجون قبل تسليمهم إلى ذويهم عبر المنظمات المعنية. وبنظر المراقبين، فإن الأرقام التي بحوزة المنظمات الدولية، حول تجنيد الأطفال من قبل ميليشيات الانقلابيين (الحوثي – صالح)، متواضعة ولا تعكس المخالفة الصريحة للميليشيات للقوانين الدولية، في ما يتعلق بارتكاب جرائم بحق الأطفال والمدنيين.
وأشاد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بقرار الأمم المتحدة بحذف اسم دول تحالف دعم الشرعية في اليمن من القائمة المرفقة بتقرير الأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاعات العسكرية. ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) في ساعة مبكرة من صباح أمس الأربعاء عنه القول إنه يأمل مستقبلاً «في التحقق من دقة المعلومات قبل نشرها»، مؤكدًا في الوقت ذاته على حرص التحالف على إحلال الأمن والاستقرار في اليمن، ومحاربة التنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم القاعدة، مع حرصه على سلامة المدنيين بمن فيهم الأطفال. وأوضح أن دول التحالف في مقدمة الدول المساهمة في أعمال الإغاثة الإنسانية داخل اليمن للتخفيف من معاناة الشعب اليمني.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.