معارك كرّ وفرّ جنوب حلب.. وخسائر في صفوف الإيرانيين و«النجباء» العراقية

10 آلاف من مواطني تحالف سوفياتي سابق يقاتلون في سوريا

سورية تتحدث إلى مقاتل في قوات سوريا الديمقراطية بعد فرارها مع مئات من السكان اثر انطلاق معارك تحرير منبج بريف حلب من داعش (أ. ف. ب)
سورية تتحدث إلى مقاتل في قوات سوريا الديمقراطية بعد فرارها مع مئات من السكان اثر انطلاق معارك تحرير منبج بريف حلب من داعش (أ. ف. ب)
TT

معارك كرّ وفرّ جنوب حلب.. وخسائر في صفوف الإيرانيين و«النجباء» العراقية

سورية تتحدث إلى مقاتل في قوات سوريا الديمقراطية بعد فرارها مع مئات من السكان اثر انطلاق معارك تحرير منبج بريف حلب من داعش (أ. ف. ب)
سورية تتحدث إلى مقاتل في قوات سوريا الديمقراطية بعد فرارها مع مئات من السكان اثر انطلاق معارك تحرير منبج بريف حلب من داعش (أ. ف. ب)

نقلت وكالات أنباء روسية عن نيكولاي بورديوجا الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، أمس، أن نحو عشرة آلاف من مواطني ست دول سوفياتية سابقة تضمها هذه المعاهدة يقاتلون الآن في سوريا.
وتضم منظمة معاهدة الأمن الجماعي كلا من روسيا وأرمينيا وروسيا البيضاء وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.
ميدانياً لا تزال جبهات حلب وريفها مشتعلة وعلى كلّ المحاور، حيث حققت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، مزيدًا من التقدم في هجومها على مدينة منبج التي يسيطر عليها تنظيم داعش، وهو ما تسبب بفرار آلاف المدنيين مع اقتراب القوات المهاجمة من مداخل المدينة وارتفاع وتيرة القصف عليها، فيما حافظت معركة جنوب حلب على وتيرتها المرتفعة، ومع إخفاق قوات النظام السوري وحلفائها في تحقيق أي تقدم أو استعادة أي من المناطق التي خسرتها مؤخرًا، أعلنت وسائل إعلام إيرانية أمس عن «مقتل أحد أفراد الحرس الثوري الإيراني، وعنصر آخر من قوات التعبئة في معارك جنوب حلب».
تصعيد العمليات في جنوب حلب، وضعها مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، في إطار «المحاولات المتبادلة للقوات الإيرانية وفصائل المعارضة للسيطرة على مناطق تقع تحت سيطرة الطرف الآخر». وأكد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوات الإيرانية سيطرت أمس (الأول) على بلدة الحميرة، لكن «جبهة النصرة» تمكنت من استعادتها بعد ساعات قليلة. وقال: «معارك خان طومان والحميرة هي عبارة عن جولات كرّ وفرّ، وهناك خسائر كبيرة في صفوف الإيرانيين و(كتبية النجباء) العراقية».
وباتت القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها خصوصًا ما يسمى «حزب الله» اللبناني، يستخدمون تكتيك الانسحاب السريع من المنطقة التي يدركون حتمية سقوطها، حتى لا يقع مقاتلوهم في الأسر، وأشار المرصد إلى أن احتفاظ جبهة النصرة وفصائل المعارضة بجثث مقاتلين إيرانيين، وعجز الحرس الثوري عن استعادة جثث قتلاه بعد أسابيع، دفعه إلى تغيير استراتيجيته القتالية جنوب حلب.
الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري لمنبج وريفها شرفان درويش، أوضح أن «القوات التي تتولى تحرير منبج هي قوات (المجلس العسكري لمنبج)، مدعومة من قوات سوريا الديمقراطية وتتلقى منها مساعداتها العسكرية واللوجستية».
وقال درويش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نخوض معركتنا مع تنظيم داعش الإرهابي، ضمن حرب عصابات، فهو يقاتل بتكتيك المجموعات الصغيرة هنا وهناك»، معتبرًا أن «المهمة الأساسية التي تواجهنا هي تحييد المدنيين، خصوصا أن التنظيم يحاول دائمًا الاختباء بين المدنيين وتحويلهم إلى دروع بشرية، لكن تجاوب أهلنا في منبج وريفها سهّل مهمتنا إلى حد كبير، لأن أهلنا لا يقبلون بوجود الإرهابيين بينهم».
أما لجهة التقدم على الأرض، فأشار الناطق باسم المجلس العسكري لمنبج وريفها، إلى أن القوات المهاجمة «تقدمت على محور سد تشرين من الجنوب، ومحور قرة قوزاق من الشمال، مضيفا أن «أهم ما قمنا به أننا قطعنا طريق منبج جرابلس، وطريق منبج الرقة من جهة الجنوب وبات التنظيم محاصرا إلى حدّ كبير».
وعن تفسيره لترك المنفذ الغربي لمنبج مفتوحًا، أعلن درويش أن «المجلس العسكري يعمل وفق خطة وضعها، ولعل الأهم في إبقاء المنفذ الغربي مفتوحًا هو السماح بمغادرة المدنيين». وعزا التقدم السريع الذي تحرزه القوات المهاجمة إلى «التجربة الكبيرة جدًا التي راكمها المجلس العسكري في قتاله (داعش) بدءًا من كوباني إلى معارك الشدادي وسد تشرين وشرقي الرقة». وتابع: «الآن نوظف هذه الخبرة في معركة منبج، بدعم من طيران التحالف الدولي ودعم مباشر من قوات سوريا الديمقراطية».
أما في الوقائع الميدانية لمعركة منبج، فقد سجّل أمس الثلاثاء فرار آلاف المدنيين من المدينة مع اقتراب قوات سوريا الديمقراطية من مداخل المدينة في إطار الهجوم تشنه لطرد تنظيم داعش منها. وقال المرصد السوري: «إن تنظيم داعش بدأ بالسماح للمدنيين بالفرار من منبج باتجاه مناطق سيطرته غربا، فيما كان يحظر عليهم سابقا الخروج من المدينة». وأوضح أن «آلاف المدنيين فرّوا من المدينة في وقت كان المقاتلون يحافظون على مواقعهم فيها». هذا في الوقت الذي «حققت فيه قوات سوريا الديمقراطية خلال الليل (ما قبل الماضي) وبغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، تقدما إضافيا باتجاه منبج، حيث باتت حاليا على بعد نحو خمسة كيلومترات من جهة الشمال».
وتتقدم قوات سوريا الديمقراطية باتجاه منبج من ثلاث جهات، وباتت على بعد كيلومترين جنوب المدينة وسبعة كيلومترات من الجهة الشرقية، وتسعى إلى تطويق المدينة من ثلاث جهات وترك منفذ واحد من جهة الغرب ينسحب من خلاله مقاتلو تنظيم داعش. وفي حال سيطرت القوات على منبج، يصبح بإمكانها قطع طريق الإمداد الرئيسي للتنظيم بين معقله الرئيسي في الرقة، والحدود التركية بشكل كامل.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.