حلب: 502 ضحية لقصف النظام.. ومساع لهدنة خلال شهر رمضان

الفصائل منعت صلاة التراويح لوقف استهداف التجمعات المدنية بالغارات الجوية

عاملون في الدفاع المدني (القبعات البيضاء) يبحثون عن ناجين وسط الأبنية التي سقطت بفعل غارات روسية على إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
عاملون في الدفاع المدني (القبعات البيضاء) يبحثون عن ناجين وسط الأبنية التي سقطت بفعل غارات روسية على إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

حلب: 502 ضحية لقصف النظام.. ومساع لهدنة خلال شهر رمضان

عاملون في الدفاع المدني (القبعات البيضاء) يبحثون عن ناجين وسط الأبنية التي سقطت بفعل غارات روسية على إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
عاملون في الدفاع المدني (القبعات البيضاء) يبحثون عن ناجين وسط الأبنية التي سقطت بفعل غارات روسية على إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)

يتسابق القصف المدفعي والجوي العنيف في مدينة حلب وأريافها، مع مساع لإمكانية التوصل إلى اتفاق هدنة بين الأطراف المتصارعة خلال شهر رمضان، حيث دعت «غرفة عمليات فتح حلب» أمس الاثنين، للضغط على النظام السوري لإعادة تفعيل الهدنة في حلب خلال شهر رمضان، فيما أعلنت روسيا أن قواتها الجوية ستقدم الدعم «الأكثر فعالية» لقوات النظام حتى لا تسقط مدينة حلب الاستراتيجية والمنطقة المحيطة بها في أيدي من سمتهم «الإرهابيين».
وتفعلت المطالب بالبحث في اتفاق هدنة، في أعقاب موجة قصف عنيف، تبادل فيها الطرفان، النظام والمعارضة، قصف أحياء يسكنها المدنيون. رغم أن قصف النظام لمناطق أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة، أسفر خلال 45 يومًا، عن مقتل 500 مدني، وإصابة 2600 آخرين.
وطالبت «غرفة عمليات فتح حلب» جميع القوى العالمية بالضغط على النظام لإعادة تفعيل الهدنة ووقف القصف الجوي الذي خلّف كثيرا من «المجازر» في حلب وريفها. وقالت في بيان: «إن العالم يقف متفرجًا على جرائم قوات النظام وحلفائها في مدينة حلب في تواطؤ متواصل معهم»، داعية «شرفاء العالم وأحراره للضغط على القوى المساندة للنظام السوري لردعه عن ممارسة إجرامه بحق الشعب السوري وإعادة الهدنة إلى سريانها داخل حلب وخصوصا في شهر رمضان».
وقال مصدر عسكري معارض في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن مطالب تفعيل الهدنة «تنطلق أساسًا من حاجات إنسانية»، مشيرًا إلى أن الواقع الإنساني في المدينة وأريافها «تفاقم بشكل كبير بفعل القصف، وبات من الصعب أن يحصل الصائمون على حاجاتهم الغذائية في شهر رمضان بسبب القصف والحصار».
وقال إن الدفع باتجاه تطبيق اتفاق هدنة «سيتيح إدخال المساعدات ويوفر للناس فرصة التقاط الأنفاس والتزود بحاجاتهم الأساسية»، مشددًا على أن المطالب بالهدنة «وصلت إلى معنيين في المجتمع الدولي بهدف فتح ممرات إنسانية».
وتلتقي تلك المطالب مع دعوة وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، أول من أمس، لاستغلال شهر رمضان لتحقيق هدنة شاملة في سوريا. واعتبر هاموند أن الشهر فرصة للحل من أجل ملايين السوريين الذين اضطروا للنزوح عن بيوتهم، إلى جانب المقيمين في مخيمات اللاجئين.
وكانت عضو وفد الهيئة العليا للمفاوضات بسمة قضماني، وجهت الأسبوع الماضي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، اقترحت فيها بدء نظام هدنة في عموم سوريا خلال شهر يونيو (حزيران) الحالي، قائلة إن «رمضان يحل الأسبوع القادم، وهذا من شأنه أن يبدأ في تهيئة الظروف المناسبة، والأجواء المناسبة لعودتنا إلى محادثات السلام في جنيف».
وترافقت المطالب بالهدنة، مع سلسلة إجراءات عملية اتخذتها الفصائل العسكرية خلال شهر رمضان في شمال سوريا بهدف «تقليص أعداد الضحايا المدنيين». وقالت مصادر معارضة في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، إن الظروف الأمنية «دفعت لإلغاء صلاة التراويح في عموم مساجد حلب وإدلب، بعد أن منعت صلاة الجمعة قبل أسبوعين في إدلب»، مشيرة إلى أن الفصائل «تريد أن تتجنب وجود تجمعات بشرية ستكون أهدافا سهلة لطائرات النظام والطائرات الروسية». وقال إن القرارات الجديدة للحد من الخسائر في شهر رمضان «تشمل محافظة إدلب بأكملها، ومدينة حلب وريفها الشمالي والجنوبي والغربي، إضافة إلى ريف حماه الشمالي».
هذا، وأعلنت «غرفة عمليات فتح حلب» عن «إلغاء صلاة التراويح خلال شهر رمضان الحالي في أحياء مدينة حلب وريفها حفاظًا على أرواح المدنيين من غارات النظام المتواصلة على المدينة يوميًا». كما دعت الغرفة السكان المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات النظام بحلب للابتعاد عن تجمعات قوات النظام وميليشياتها وكل النقاط المحيطة بوجود هذه الميليشيات كونها مناطق عسكرية وأهدافا لفصائل «غرفة عمليات حلب».
وتواصل القصف الجوي على أحياء حلب الشرقية أمس، لليوم الخامس والأربعين، وتسبب بدمار كبير في ممتلكات المواطنين والمرافق العامة والمستشفيات، وإصابة أكثر من 2600 شخص بجراح. وأدى القصف، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إلى مقتل 502 شخص، جراء قصف قوات النظام والضربات الجوية التي استهدفت مناطق سيطرة الفصائل بالأحياء الشرقية من المدينة، وقصفت الفصائل الإسلامية والمقاتلة مناطق سيطرة قوات النظام في الأحياء الغربية لمدينة حلب، بالإضافة إلى قصف على مناطق في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب.
وأشار المرصد إلى أنه «من بين المجموع العام للخسائر البشرية التي تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من توثيقها، 222 (شهيدًا) بينهم 28 طفلاً و21 مواطنة (استشهدوا) جراء عشرات الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية على مناطق في أحياء الكلاسة، والمغاير، والفردوس، والصاخور، والمواصلات، والمرجة، وباب النيرب، وطريق الباب، والأشرفية، وبني زيد، والعامرية، وصلاح الدين، والزبدية، وبعيدين، وبستان القصر، وطريق الكاستيلو، والسكن الشبابي، والأنصاري، والسكري، والصالحين، والمشهد، والحيدرية، ومناطق أخرى بمدينة حلب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.