تعز تعيش يومها الرابع تحت قذائف الانقلابيين.. وقوات الشرعية تحاصر الميليشيات في الوازعية

الناطق باسم مجلسها العسكري لـ «الشرق الأوسط»: الحوثيون يرتكبون جرائم حرب على مرأى الأمم المتحدة

أحد أفراد الجيش الوطني يتجهز للتقدم في معركة محتدمة على أطراف تعز («الشرق الأوسط»)
أحد أفراد الجيش الوطني يتجهز للتقدم في معركة محتدمة على أطراف تعز («الشرق الأوسط»)
TT

تعز تعيش يومها الرابع تحت قذائف الانقلابيين.. وقوات الشرعية تحاصر الميليشيات في الوازعية

أحد أفراد الجيش الوطني يتجهز للتقدم في معركة محتدمة على أطراف تعز («الشرق الأوسط»)
أحد أفراد الجيش الوطني يتجهز للتقدم في معركة محتدمة على أطراف تعز («الشرق الأوسط»)

شهدت محافظة تعز، أمس، يوم داميا حيث احتدمت المواجهات العنيفة بين قوات الشرعية، الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي القوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، وسط تحقيق قوات الشرعية لتقدم كبير في جبهات القتال خلا مواجهاتهم مع الميليشيات الانقلابية.
وتمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من السيطرة على مواقع مهمة ومباني كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الانقلابية من بينها منزل محمد عبد الله صالح، شقيق الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في حي ثعبات شرق مدينة تعز، بعد فرار الميليشيات الانقلابية منه، وكذلك مبنى منظمة الهيئة الطبية الدولية، التي تمكن أبطال المقاومة من السيطرة عليه صباح أمس، حيث كان يشكل عقبة كبيرة أمام تقدمهم في حين كان يتمركز فيه عدد من القناصين التابعين للميليشيات الانقلابية.
كما تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من التقدم منطقة ثعبات، الجبهة الشرقية من المدينة، وحررت عدد من المواقع التي كانت تحت قبضة الميليشيات الانقلابية، علاوة على مناطق أخرى في منطقة الوازعية، التابعة لتعز وإحدى بوابات لحج الجنوبية غرب مدينة تعز، ومن بينها الصيبارة والمجار ومنطقتي العقيدة والمدرب، وذلك بعد مواجهات عنيفة مع الميليشيات الانقلابية، في الوقت الذي تمكنت من محاصرة ما تبقى من الميليشيات الانقلابية في مبنى المجلس المحلي في الوازعية.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري بمحافظة تعز العقيد الركن منصور الحساني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «لليوم الرابع وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح تقصف تعز بكل أنواع الأسلحة الثقيلة وعشرات القذائف تتساقط على الأحياء والمناطق السكانية وبشكل يومي، واستهدفت منطقة الظهرة والمجلية والأجينات والقبة والديم وثعبات والسواني وسقط على أثرها عدد من الضحايا المدنين».
وانتقد العقيد الحساني الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالقول: «أليس هذا إرهابا.. أولا يعتبر أطفال تعز ونساؤها كبقية البشر وينتمون إلى هذا العالم؟.. معلقا بالقول إن ما تقوم به ميليشيات الحوثي والمخلوع في تعز هو جرائم حرب ضد الإنسانية، وتتطلب تحركا عاجلا من الجميع ما لم يحدث مزيد من المذابح وقتل للأبرياء وسيتحمل المجتمع الدولي مسؤولية ما سيحدث».
بدوره، دعا عارف جامل، نائب رئس مجلس تنسيق مقاومة تعز وقائد جبهة صبر، جميع أبناء تعز ومن دون استثناء إلى مساندة قوات الشرعية والجيش الوطني في جبهات القتال، وقال إنهم يجابهون قاتلي الأطفال والنساء والمسنين، وأضاف: «قدموا لهم ما تستطيعون، تعز تعتمد على نفسها وأبنائها المقاتلين في الجبهات».
من جانبه، قال قيادي في قوات الشرعية إن الجيش الوطني اغتنم «منصة أرضية لإطلاق صواريخ كاتيوشا صغيرة وعدد من الصواريخ والعتاد في عدد من مناطق حي ثعبات، وتمكن الأبطال من قتل القيادي الحوثي أبو إبراهيم الحاكم وخمسة من مرافقيه في جبهة ثعبات شرق المدينة».
إلى ذلك، استنكر المجلس العسكري في تعز وبأشد العبارات الأعمال الإجرامية التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح في تعز والتي قال إنها «أعمال إجرامية بشعة مجردة من الدين والعرف والقانون».
وقال المجلس العسكري في بيان إن «المجلس العسكري يتابع بألم بالغ التصعيد الممنهج من خلال القصف الذي تتعرض له الأحياء السكنية بالمدينة من قبل ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بالأسلحة النوعية وصواريخ الكاتيوشا والهاوزر والمدفعية الثقيلة، وبصورة وحشية مستهدفًا أحياء سكنية وأسواقا شعبية أدت إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح من المدنيين».
وطالب المجلس «المجتمع الدولي والأمم المتحدة ودول الجوار إلى تحمل مسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية وعدم التهاون والسكوت إزاء ما تتعرض له تعز من إبادة يومية وقصف وحشي وهجمات تقوم بها ميليشيا الحوثي وصالح دون توقف منذ الوهلة الأولى من بدء سريان الهدنة التي لم تعيشها تعز حتى اللحظة».
كما حض المجلس وفد الحكومة الشرعية في مشاورات الكويت إلى النظر بمسؤولية إزاء ما يجري في تعز وما تتعرض له من إبادة يومية، وعدم الاكتفاء بالاستنكار والتنديد، إلى جانب إبداء «موقف واضح من بقاء المشاورات واستمرارها دون جدوى أو نتائج إيجابية في ظل ما يمارسه الانقلابيون من مراوغة ومناورة وتصعيد وحشي، وحاقد على مدينة تعز، وهو ما يعطي مؤشرا على عدم التوصل إلى حل سلمي جراء استمرار الانقلابيين في مراوغتهم وتصعيدهم الميداني وإعادة تموضعهم على الأرض».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.