تنشر «الشرق الأوسط» في الحلقة السادسة والأخيرة من حلقات الوثائق السرية للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي عددا من صور الوثائق التي حصلت عليها من كتيبة عسكرية في طرابلس، وتدور المعلومات الواردة فيها هذه المرة حول عدد من المحاور: الأول، يتعلق بقيام مخابرات غربية بالتنصت على 103833 مكالمة هاتفية والتقاط رسائل بالفاكس، تخص كبار المسؤولين الليبيين بينهم سيف الإسلام القذافي، وعبد الله السنوسي الذي كان يطلق عليه «صندوق أسرار القذافي»، ومؤسسات مهمة، لكن الغريب في الأمر أن المخابرات الليبية لم تتمكن من إدراك عملية التنصت إلا بعد نحو خمس سنوات من بدايتها، وشرعت منذ عام 2007 ولمدة نحو 27 شهرا، تتلقى تفاصيل عن هواتف المسؤولين الذين يجري التنصت عليهم، كما اكتشفت في مطلع عام 2011 عمليات مسح لحدودها الجنوبية.
ويكشف تقرير آخر مرفوع للمخابرات الليبية قبل أسابيع من ثورة 17 فبراير التي أطاحت بحكم القذافي، قول العميل الذي أرسل التقرير، بعد رصد لتحركات المعارضين في الداخل والخارج، إن مطالب المحتجين ستؤدي لإسقاط النظام الجماهيري الذي يعتمد عليه القذافي، ويذكر الكثير من أسماء المعارضة التي يقول إنها مؤثرة في الداخل والخارج ويرصد كذلك تأثير الإخوان وتنظيمهم الدولي.
ويأتي كل هذا بينما كان النظام الليبي السابق مشغولا في أنشطته الخارجية الكثيرة، ومن بينها عملية لدعم نواب موالين لرئيس في إحدى الدول، حيث تكشف رسالة قول أحد المرشحين لعضوية برلمان في دولة عربية إنه يريد أن يأتي بنفسه لتسلم المبلغ المالي المخصص للمرشحين التابعين له، ويطلب من السلطات الليبية تخصيص طائرة خاصة ليأتي بها إلى طرابلس لحمل الأموال والعودة مرة أخرى.
يقول تقرير للمخابرات الليبية في النظام السابق تلقته من أحد عملائها في تونس، تحت عنوان «التنصت على الاتصالات الخارجية للجماهيرية العظمى»، إن ذلك تم «منذ شهر الطير 2002 وذلك ببناء محطة تنصت مع (..) بمنطقة السجومي (40) كيلومترا عن العاصمة والمحطة الثانية قرية الكتف (على) حدود تونس مع ليبيا»، إلا أن عملية الرصد من جانب الليبيين لجهود التنصت الغربية على مكالمات مسؤولي طرابلس تغطي فقط المدة من 2007 وحتى إعداد التقرير الاستخباراتي نفسه في 2009.
وفي حديث أجرته معه «الشرق الأوسط» خارج ليبيا يقول مسؤول عمل في السابق بالقرب من القذافي إن العقيد الراحل تلقى إجابة من أصدقائه في النظام التونسي السابق بأن تلك المراكز موجودة منذ العهد الأسبق، وإن محاولات التخلص منها كانت ما زالت مستمرة.
ونعود للتقرير الذي يضيف قائلا: «هناك (7) فيلات في العاصمة (يقصد في تونس) مخصصة لهذا الغرض موجودة بالمناطق التالية (قرطاج - البحيرة - باب سويقة - النصر - ميتو الفيل - المنزه) حيث يتم الاطلاع على الاتصالات وتصنيفها والاستفادة منها وذلك يوميا بإحالة نشرة لمكتب خاص (..) حيث يستلمها رئيس الحرس (..) المدعو («ع.س») لكي يطلع عليها (..). وتحال أحيانا معلومات إلى (دول غربية)، ويمر السفير (..) على مراكز التنصت باستمرار».
ويتابع التقرير وهو يسرد ما تلقاه من معلومات من العميل المشار إليه: «يتم التنصت على الاتصالات اللاسلكية لوحدات الشعب المسلح (تضم وحدات من الجيش ووحدات ثورية أمنية وشبه عسكرية كانت تابعة لنظام القذافي) وخصوصا تشكيل (32) الذي يعتبر النقيب خميس معمر (نجل القذافي الذي قتل في أحداث ثورة 17 فبراير 2011) أمره، وبالتالي لديهم كل تحركات الوحدات وحركة القادة لهذه الوحدات والتعليمات والأوامر».
ويزيد التقرير قائلا إن عمليات التنصت تلك تشمل أيضا «مراقبة الفاكسات (البريد المصور) وكذلك البريد الإلكتروني حيث تكون لديهم نسخة من هذه المراسلات».
ويشير التقرير أيضا إلى عدد من المقترحات المقدمة من العميل المشار إليه كحلول مؤقتة لمشكلة مراقبة هواتف المسؤولين الليبيين والتنصت عليها، ومن هذه الحلول، وفقا لما جاء في الوثيقة: «تغيير الأرقام التي يتم التنصت عليها سيكون حلا مؤقتا»، لكنه يعود ويقول إن المشكلة تكمن في أنه بـ«مجرد معرفة الرقم الجديد أو تعقبه يتم مراقبته من جديد».
ويقدم الرجل نفسه وفقا لما ورد في التقرير حلا آخر، ويقول: «* الحل هو البحث عن طريقة تؤمن الاتصالات بحيث يصبح من الصعب الدخول عليها».
وبعد ذلك يتطرق التقرير إلى أن المصدر الذي أمده بهذه المعلومات يرى ضرورة تغيير منظومة الاتصالات الخاصة بالمسؤولين الليبيين، ويقول: «وأوضح المصدر بشكل عاجل (تغيير) نوع النظام والمنظومات التي استخدمت لهذا الغرض، ونصحنا باتباع منظومات معينة لحماية فتح الفاكسات وحماية فتح المكالمات».
ويبدو أن المصدر أو العميل الذي يعمل مع المخابرات الليبية السابقة انطلاقا من تونس، كان قريبا من الكثير من التفاصيل المتعلقة بعملية التنصت التي تجري عبر مراكز تنصت موجودة في عدة مبان.
ويقول التقرير الاستخباراتي المرفوع إلى مخابرات القذافي: «يمكن أن يستمر المصدر في جمع الاتصالات التي تم رصدها خصوصا المهمة منها ولكن بشكل حذر جدا، والسرية العالية مطلوبة في هذا ويمكن أن يلتقي مع فني متخصص في هذا الشأن لكي يشرح له كيف تم ذلك؟ وكيف يمكن تجنب ذلك مستقبلا؟».
ويوجد في التقرير ملاحظة غير مفهومة إذ يقول فجأة: «- يوصى بمراقبة سفير (..) في الجماهيرية». ثم يضيف أنه «يقول إن هناك عددا من الأشخاص هواتفهم تحت المراقبة باستمرار».
ثم يرصد التقرير بعد ذلك أسماء المسؤولين الذين يقول إن هواتفهم تعرضت للتنصت من عدة مراكز مراقبة تابعة لأجهزة استخبارات غربية في دول مجاورة لليبيا، وهم: « - موسى كوسا - الرقم المحلي والرقم الإنجليزي - عبد الله السنوسي». ولا توجد أي تفاصيل عن فحوى المكالمات التي جرى التنصت عليها أو أهميتها، وهي كثيرة العدد ويعتقد أيضا أنها كانت مهمة بطريقة أو بأخرى.
وتكمن أهمية التنصت على كوسة على ما يبدو في أنه شغل موقع رئيس جهاز الاستخبارات الليبية لمدة نحو 15 عاما، إلى أن تم تعيينه في مطلع عام 2009 أمينا للجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي (أي وزارة الخارجية).
بينما تتلخص أهمية التنصت على السنوسي في أنه رجل أمني بدرجة ممتازة، قاد لسنوات أجهزة استخبارات مدنية وعسكرية بطريقة مرعبة في البلاد، ويعد من أشد المقربين من العقيد القذافي، ويعتبر مخزن أسراره، وحامي تحركاته، ويتميز بالقسوة في التعامل مع المعارضة، بالإضافة إلى أنه زوج شقيقة الزوجة الثانية للقذافي، السيدة صفية فركاش.
ومن بين الأشخاص الواردة أسماؤهم في قائمة من تم التنصت عليهم من مراكز التنصت الغربية، ما بين 2007 و2009، وفقا للتقرير، مدير مكتب العقيد القذافي، سعد الفلاح، وكذلك الكاتب الخاص للقذافي، ويدعى أحمد رمضان، ومدير معلومات القذافي بشير صالح. ويضيف التقرير أن من بين من تم التنصت على هواتفهم أيضا «أبناء القائد (القذافي) بالإضافة إلى مؤسسات أخرى مهمة».
وكان نجم سيف الإسلام قد بدأ يسطع في ذلك الوقت مع بروز تكهنات بأنه ربما يخلف والده في الحكم (يحاكم الآن في ليبيا)، كما كان خميس القذافي يتولى القيادة العسكرية على واحدة من أهم التشكيلات القتالية التي اشتهرت فيما بعد أثناء الاقتتال بين الثوار وكتائب النظام الليبي (قتل أثناء مواجهات مع الثوار جنوب طرابلس)، والمعتصم بالله الذي شغل موقع مستشار الأمن القومي (قتل في مواجهات مع الثوار في مدينة سرت عقب مقتل والده بساعات)، وكانوا جميعا من ضمن الدائرة المقربة لوالدهم القذافي، ولم يتخلوا عنه حتى آخر لحظة.
ويقدم التقرير إحصائية بعملية التنصت الغربية على رجال القذافي وأبنائه ومؤسساته، ويبلغ عددها 103833 خلال 27 شهرا فقط، وفقا للتقرير نفسه، الذي يقول بالنص:
« - من خلال المراجعة للمنظومة يتضح أن عدد المكالمات التي تم رصدها كالآتي: - 1 - من 1-1-2007 إلى 19-9-2007 (39593) مكالمة.
2 - من 1-1-2008 إلى 27-12-2008 (51836) مكالمة.
3 - من 1-1-2009 إلى 26-3-2009 (12404) مكالمات.
وتوجد رسالة أخرى مرسلة إلى «الأخ ع.م»، وهو عقيد ليبي سبق الإشارة إليه في حلقات سابقة، تدور عن «عمليات مسح» تم تفسيرها على أنها استعداد لإقامة قواعد عسكرية أوروبية على الحدود الليبية الجنوبية بمساعدة سفير لدولة أفريقية في ألمانيا يدعى «ح.ش». والرسالة يعود تاريخها إلى يوم 1 فبراير (شباط) 2011، وتحمل عنوان «معلومات». وتقول: «أفادتنا مصادرنا أن الاتحاد الأوروبي عن طريق شخص يسمى (ح.ش) وهو سفير (..) في ألمانيا. وكان في السابق حسب إفادة المصدر سفيرا (..) في (..) قام بمسح لمنطقة (أوجنقا) والعمل على بناء فندق خمس نجوم ومحطة هوائية وبعض الملحقات الأخرى. علما بأن هذه المنطقة ليست سياحية أو اقتصادية وهي تقع على حدود ليبيا الجنوبية وكذلك على حدود تشاد والسودان أي مجاورة لدارفور، وهذا ليس له إلا معنى واحد هو (قواعد عسكرية أوروبية) في تشاد على حدود ليبيا وعلى حدود دارفور. وجارٍ العمل لتجميع معلومات حول الموضوع من خلال سلاطين شمال تشاد في منطقة أوجنقا والمناطق المجاورة. خاص. الأخ (ع.م)».
وبينما كانت عملية اختراق الاتصالات الليبية وعمليات المسح المزعومة للحدود الجنوبية تجري بهذه الطريقة، كشفت الوثائق التابعة للمخابرات الليبية أن النظام السابق كان مستمرا بالانشغال بأنشطة خارج حدود بلاده، تم الإشارة إلى عدد منها في الحلقات السابقة، لكن توجد وثائق أخرى تخص الكثير من الأنشطة، ومن بينها رسالة بعث بها نائب عربي يريد تمويلا ماليا لرئيس دولته وأنصاره في الانتخابات النيابية، بحجة وجود نشاط معادٍ للقذافي و«الجماهيرية العظمى» بدأ يظهر من جانب بعض مؤسسات الدولة التي ينتمي إليها الشيخ المشار إليه. ويبدو من رسالة الشيخ أن رئيس دولته غير قادر على وقف النشاط المعادي للقذافي من دون الدعم المالي من ليبيا.
وتقول البرقية المرسلة بهذا الشأن من «الشيخ ح.ع.ح»، إلى مكتب القذافي في طرابلس بتاريخ الثامن من سبتمبر (أيلول) 2007: «بسم الله الرحمن الرحيم. الأخ (العقيد/ع.م) المحترم، تحية طيبة وبعد: - الموضوع. المستجدات الراهنة. بالإشارة إلى الموضوع أعلاه أود إحاطتكم أن هناك مستجدات غريبة ظهرت وتظهر تباعا وفي كل يوم لعل أهمها وأخطرها هو تبني السلطات هنا لخطة مرسومة تم البدء في تنفيذها عمليا تتمثل في شن حملة ثقافية وإعلامية ودعائية في الكثير من المحافل وبمختلف الوسائل لغرض النيل من الجماهيرية العظمى وقائدها العظيم والأغرب أن هذه الحملة تدار وتنفذ من أعلى المستويات».
وتضيف البرقية قائلة: «وانطلاقا من حرصنا الكامل على أن نضعكم ونقف ونتدارس معكم حول كل المستجدات الراهنة والمستقبلية فقد جعلني ذلك في موقع المضطر إلى ضرورة الانتقال إلى الجماهيرية لتدارس ومناقشة تلك المستجدات وصولا إلى مواجهتها بأنجح وأفضل الوسائل والطرق مع رجاء العلم أنه ولضمان سرعة انتقالي إلى الجماهيرية والعودة في نفس اليوم أو اليوم التالي فإني مضطر للحصول على طائرة خاصة للذهاب والإياب لتسهيل وتحقيق ذلك، وأقترح أن يكون الرد من قبلكم على الرسالة المرسلة إليكم بتاريخ 24-2-2007 بالموافقة على تحويل المبلغ الذي سبق التوجيه به من قبل الوالد الزعيم للأخ رئيس الجمهورية ((دعم الحملة الانتخابية)) ولكن بشرط وصولي شخصيا لاستلام المبلغ وإيصاله للأخ الرئيس».
وتختتم الرسالة قائلة: «وهذا ما لزم إبلاغكم به للعلم والإحاطة واتخاذ اللازم ونحن بانتظار الرد المشار إليه آنفا. وتقبلوا خالص تحياتي واحترمي. أخوكم ح.ع.ح». وفي خضم البرقيات التي تتحدث عن أمور تخص الدولة وعملاء مخابراتها في الداخل والخارج، تظهر برقيات يبدو أنها خارج السياق، وهي من النوع الذي سبق الإشارة إليه في حلقة سابقة، وتدور حول إنتاج فني يخص مسلسلا دراميا وأبطاله، والتمويل المعد لذلك، ولا يتضح ما إذا كان لهذه البرقيات أي دلالة سياسية أو أمنية، في حين كانت الغالبية العظمى من البرقيات لا تخلو من مشكلات هنا وهناك، بما في ذلك التحذير من نشاط المعارضة الليبية، والاحتجاجات التي يزمع الليبيون القيام بها لأول مرة ضد حكم العقيد الذي استمر 42 عاما.
وتقول برقية تحمل سياقا فنيا، وسط كل تلك القلاقل السياسية، من شخص يدعى عبد الكريم: «تحياتي.. لقد اجتمعت أمس صباحا اجتماعا مطولا تم فيه بحث عدة مواضيع، وتم التركيز على موضوعين (طبعا طلبوا عدة استفسارات عن إنتاج المسلسل).. واستمر الاجتماع نحو ساعتين، وبعد ذهابي عاودوا الاتصال معي لنجتمع مرة أخرى في المساء، وخلال اجتماع جرى مساء تم التركيز أيضا على الموضوعين بشكل مكثف (طبعا عن الأسعار وعن الممثلين المشاركين واسم المخرج) استمر الاجتماع الثاني نحو ساعة ونصف. غدا عندي اجتماع (آخر)».
ويوجد بعد هذه البرقية الفنية تقرير مقدم للقذافي قبل أسابيع من الثورة عليه التي اندلعت يوم 17 فبراير 2011، تتحدث فيه تحت عنوان «الحملة المضادة (أي حملة المعارضة)» عن أن مطالب المحتجين قد تؤدي لظهور نظام حكم جديد يسقط النظام الجماهيري، وتتحدث أيضا عن أن تأثير جماعة الإخوان المسلمين الليبية مرتبط أيضا بتأثير التنظيم الدولي للجماعة.
وأعد المعلومات الواردة في البرقية رجل يدعى «الأخ ط»، ويبدو أنها لم تكن البرقية الأولى منه عن الاحتجاجات المرتقبة التي انطلقت شرارتها الأولى من مدينة بنغازي في شرق البلاد. وتقول بالنص: «استكمال تقرير (الأخ ط)، عن الحملة المضادة. الهدف من الحملة إحداث تغيير راديكالي وجذري مهما تغيرت صور التعبير عنه. وسوف تكون المطالب (و) الشعارات مابين الدعوة الصريحة المباشرة لإسقاط النظام الجماهيري. والمطالبة بمجموعة مطالب سياسية (تؤدي إلى نظام حكم جديد) لإسقاط النظام الجماهيري، ومن المجموعات المرشحة لتبني هذا التصور حركة الإخوان وما شابهها».
ثم تنتقل البرقية إلى ما سمته «تركيبة الهيكل الاحتجاجي»، وتقول إنه ينقسم إلى قسمين رئيسيين، القسم الأول في داخل البلاد، والقسم الثاني من خارج البلاد. وتضيف البرقية موضحة أن القيادات المعارضة في الداخل لن تظهر في الصورة حتى لا يتم القبض عليها أو تفكيك تنظيماتها: «بالنسبة للداخل هناك تركيز على أربع مدن رئيسية وهي: طرابلس. بنغازي. البيضاء. طبرق. ويمكن إضافة درنة. وبالنسبة للقيادات والرموز فلن يكون هناك أي رموز على مستوى الداخل ولن تكون هناك هياكل تنظيمية واضحة، وذلك حتى لا تتمكن الأجهزة المعنية من القضاء عليها أو تحجيمها من خلال اعتقال القيادات، وتفكيك الهياكل التنظيمية».
وتواصل البرقية المرسلة من «الأخ ط» متحدثة عن الطريقة المتوقعة التي يمكن أن يقوم به منظمو الاحتجاجات في الداخل الليبي. وتقول: «المطلوب من الداخل هو الاحتجاج في الشوارع بشكل يومي ومستمر وهناك توجه لاستخدام المساجد كنقطة انطلاق ومراكز تجمع، وذلك لإحراج الدولة والأجهزة المعنية أمام الرأي العام بحيث تظهر وكأنها لا تراعي حرمة المساجد بالإضافة لمكانة المساجد كرمز».
وتتطرق البرقية بعد ذلك إلى الهيكل الاحتجاجي من خارج ليبيا، وتقول: «أما في (الخارج) سوف تكون الظروف متجهة لظهور قيادات ورموز وأحزاب حيث تظهر أمام الرأي العام وكأنها قوى سياسية حقيقية تملك قاعدة شعبية في الجماهيرية (أي ليبيا)، وتعبر عن شرائح اجتماعية حقيقية. وسوف يكون هناك ظهور لمراكز تنظيمية وأفراد كذلك».
وبعد ذلك تتجه البرقية إلى الحديث عن أهم الهياكل التنظيمية التي تقول إنها يمكن أن تكون ذات فاعلية أثناء الاحتجاجات، وهي مرتبة كالآتي، كما وردت: «جبهة الإنقاذ (تأسست عام 1981 في الخارج للإطاحة بحكم القذافي، وإقامة نظام دستوري ديمقراطي). المؤتمر الوطني للمعارضة. المؤتمر الأمازيغي، الإخوان المسلمون، حركة التجمع الإسلامي، جبهة التبو».
وتضيف برقية «الأخ ط» قائلة: «وبالنسبة للشخصيات، والتي تعد نفسها من أجل الظهور كقيادات ورموز، فهناك الكثير منهم ولكنهم في معظمهم لا يمثلون أي حالة أو موفد سياسي. ولكن أهم الشخصيات التي قد يكون لها دور تأثير خاص إعلامي: - محمد المقريف، إبراهيم صهد، بريك سويسي، فرج أبو العشة، محمود شمام. ويمكن اعتبار من سبق ذكرهم بأنهم من قيادات الصف الأول أو الأكثر تأثيرا ووزنا».
وتتابع البرقية قائلة: «أما قيادات ورموز الصف الثاني: حسن الأمين، علي الترهوني، جمعة القماطي، السنوسي بسيكري، عبد المنصف البوري. ملاحظة/ بالنسبة للإخوان فإن تأثيرهم سوف يكون مرتبطا بالتنظيم المحلي وبالتنظيم الدولي كذلك، ولن يتم التركيز على مجرد قيادات فردية وهم حاليا يشعرون بأنهم الجماعة الأقوى والأهم والأكثر تأثيرا».
وتضيف البرقية قائلة عن أهم قيادات جماعة الإخوان المتوقع ظهورها على الساحة أثناء الاحتجاجات المعارضة للقذافي: «من أهم قياداتهم التي يتوقع مشاركتها الإعلامية: - سليمان عبد القادر (المراقب العام) المنتهية مدته - أحمد القصير، عضو المكتب التنفيذي (مرشح لتولي منصب المراقب العام)، د. الأمين بالحاج (رئيس مجلس الشورى). - محمد عبد المالك (نائب رئيس مجلس الشورى)، - ونيس الفسي (شيخ)».
وتواصل برقية «الأخ ط» متحدثة عن اثنين آخرين من جماعة الإخوان غير معروف ما سيقومان به إذا بدأت الاحتجاجات في البلاد. وتقول: «(سالم الشيخي - ناصر المانع) من غير المعروف ما هو موقفهما لأنهما عادا للجماهيرية وخاصة الشيخ (سالم) حيث شرع في التحرك والنشاط بالجماهيرية، وأصبح يعتبر بأن له دعوة يجب المحافظة عليها.. ولكن من غير المعروف هل ما زال على هذا الموقف أم لا؟».
ولعبت غالبية الشخصيات المشار إليها والمنتمية إلى تيارات وتوجهات مختلفة دورا كبيرا في إنجاح الانتفاضة و«الثورة» التي أطاحت بحكم القذافي عام 2011، بعد سنين طويلة من لجوء قياديين في تلك الحركات للعيش في الغربة والمنافي والخوف من ملاحقات النظام السابق. ويتولى بعضهم في الوقت الحالي مواقع قيادية في النظام الجديد الذي يسعى إلى ترسيخ التعددية والنظام الديمقراطي، خاصة بعد انتخاب المؤتمر الوطني (البرلمان) الذي يرأسه الدكتور محمد المقريف، وتشكيل الحكومة الأخيرة برئاسة الدكتور علي زيدان.