رفيق عبد السلام لـ «الشرق الأوسط»: هناك خلافات.. ولا انقسامات في «النهضة»

القيادي البارز في «النهضة» وزير خارجية تونس السابق قال إن تجربة حزبه تختلف عن «إخوان» مصر واليمن والأردن والمغرب

رفيق عبد السلام لـ «الشرق الأوسط»: هناك خلافات.. ولا انقسامات في «النهضة»
TT

رفيق عبد السلام لـ «الشرق الأوسط»: هناك خلافات.. ولا انقسامات في «النهضة»

رفيق عبد السلام لـ «الشرق الأوسط»: هناك خلافات.. ولا انقسامات في «النهضة»

لم يحسم المؤتمر الوطني العاشر لحركة النهضة التونسية الخلاف حول تغيير تسميتها إلى «حزب النهضة الوطنية» أو «حزب نهضة تونس»، لكن اللوائح السياسية التي صادق عليها ثلاثة أرباع المؤتمرين الـ1200 صادقت على تغيير «هوية الحركة» من «جماعة إسلامية تقليدية» إلى «حزب مدني وطني» جامع لكل التونسيين والتونسيات بصرف النظر عن توجهاتهم وميولاتهم وخصوصياتهم. في الأثناء تتجه الأنظار إلى الاجتماع الأول لمكتب راشد الغنوشي، رئيس الحركة، الذي فاز في الانتخابات بنحو 75 في المائة من أصوات المؤتمرين، الذي تعهد بأن يمضي في «مسار الإصلاح» وتكريس «خيار الاعتدال والوسطية» ورفض «الغلو والتشدد» و«محاربة الإرهاب» وبأن يدعم خيار «التسوية السياسية» للأزمات في تونس وفي ليبيا وبقية دول المنطقة. حول هذه المؤشرات وغيرها كان هذا الحوار مع وزير خارجية تونس السابق القيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام.
* ما الذي سيتغير بعد المؤتمر الحالي لحركة النهضة الذي شارك في موكب افتتاحه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بحضور مئات الدبلوماسيين والضيوف الأجانب؟
- من خلال المناخ الإيجابي الذي دار فيه الحوار التعددي في المؤتمر عند مناقشة التقرير الأدبي ومشاريع اللوائح في النهضة ثم التصويت عليها بنسب تجاوزت غالبا الـ70 في المائة أعتقد أن مؤتمرنا الوطني ناجح؛ لأنه صادق على قرارات تؤكد أولوية المطالب الملفات الاقتصادية والاجتماعية على المشاغل العقائدية والدينية والآيديولوجية على الرغم من تمسكنا بالمرجعيات العربية الإسلامية للمجتمع التونسي. كما سنمضي في التخصص والفصل بين الدعوي الاجتماعي والسياسي بما سوف يساهم في دعم قدرات المجتمع المدني التونسي وتوضيح دور الأحزاب والمساهمة في تقوية دور الدولة.
* هل لن يتسبب مثل هذا التوجه «البراغماتي» والواقعي في بروز خلافات داخلية وتناقضات قد تهدد وحدة الحركة يستفيد منها المتشددون والغلاة الذين انتقدوا سابقا تنازلكم عن التنصيص على الشريعة الإسلامية في الدستور الجديد؟
- الحوار واختلاف وجهات النظر داخل الحركات السياسية التعددية والديمقراطية مفيد، ويمكن أن يساعد في البناء والتجديد والإقناع. لقد نجحت حركة النهضة فيما عجزت عن تحقيقه كثير من حركات «الإحياء الديني» و«الجماعات الدعوية» التي نشأت قبل «حركة الاتجاه الإسلامي» التونسية وبعدها وبينها جماعات الإخوان المسلمين في مصر والأردن والإصلاح في اليمن والتوحيد والإصلاح في المغرب. نحن منفتحون ونؤمن بالتخصص لكننا في الوقت نفسه حركة وطنية تونسية تحديثية ذات مرجعيات تونسية وعربية إسلامية. لقد استكملنا النجاحات السياسية الوطنية وبينها صياغة الدستور التونسي الجديد في يناير (كانون الثاني) 2014، ثم تنظيم الانتخابات التعددية النزيهة في 2014، واليوم نحن ماضون في إعطاء الأولوية للملفات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي تهم شعبنا. ونعتقد أن الأداة أحزاب مدنية وطنية حداثية بينها حزبنا الذي يعتز بمرجعياته الإسلامية. حركتنا كانت الحزب الأول في المجلس الوطني الذي صاغ ذلك دستور 2014 الذي أكد مدنية الدولة واحترام حقوق الإنسان مثلما أكد مرجعيات يكاد يوجد حولها إجماع في تونس منذ 1959 من بينها ما جاء في الفصل الأول من الدستور عن النظام التونسي الجمهوري وعن كون «تونس دولة حرة مستقلة الإسلام دينها والعربية لغتها».
* يعتبر خصومكم في تونس وخارجها أن حركتكم مطالبة أولا بالفصل بين الديني والسياسي وليس بين «الدعوي» والحزبي؟ كما يتهكمون بأنكم تعيدون إنتاج تجارب مماثلة اعتمدتها حركات إسلامية في المغرب واليمن ومصر والأردن؟
- أولا تجربة حركة النهضة التونسية تختلف عن تجارب حركات إسلامية في بلدان شقيقة بينها المغرب ومصر والأردن واليمن؛ حيث كانت «الجماعة الإسلامية» - أو حركة الإخوان المسلمين - تؤسس حزبا سياسيا تابعا لها أو جمعيات خيرية ودعوية موالية. بالنسبة إلى تونس لم تعد هناك ثنائية بين حركة النهضة التي أصبحت حزبا سياسيا مدنيا وسطيا قانونيا وليس لنا بالتوازي «جماعة إسلامية» أو إخوانية. ليس لدينا في تونس تنظيم «إخوان» أو «إصلاح» مواز للحزب السياسي. في الوقت نفسه لن توجد في تونس «جمعيات خيرية» يسيرها قياديون ومسؤولون من حزب النهضة. الأمور واضحة بالنسبة إلينا مثلما يوضحها الدستور والقانون: الأحزاب للمشاركة في الانتخابات وفي الحكم وتسيير الدولة، والمجتمع المدني مفتوح على الجمعيات الخيرية والتوعوية والاجتماعية والثقافية الذي نسعى إلى أن يكون قويا ومؤثرا وناجعا.
لقد أكدت الكلمة الافتتاحية للمؤتمر ثم التقرير الأدبي الذي قدمه الأستاذ راشد الغنوشي، زعيم النهضة ومؤسس حركة الاتجاه الإسلامي قبل 35 عاما، عن تميزنا عن مدارس إسلامية كثيرة - وبينها تجارب الإخوان المسلمين -، لكننا نؤكد في الوقت نفسه أن «مدنية الدولة والحزب «لا تعني التخلي عن هوية الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا وهي هوية عربية إسلامية. وقد أقر بذلك رئيس الدولة ومؤسس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي خلال خطابه الافتتاحي في مؤتمر الحركة الذي أكد فيه مجددا عن تمسكه بالشهادة التي سبق أن أدلى بها عام 2011 في قمة العمالقة الـ20 في فرنسا بحضور رؤساء الولايات المتحدة والدول الأوروبية واليابان، التي تضمنت تنويها بالصبغة الديمقراطية لحركة النهضة التونسية وتوجهاتها.
وأريد أن أسجل هنا أن الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة ورفاقه في قيادة الحركة الوطنية التونسية والمغاربية سبق لهم أن تفاعلوا مع تجارب إصلاحية ووطنية في مصر وفلسطين وسوريا والمشرق العربي والإسلامي. كما سبق للوطنيين منذ مطلع القرن الماضي أن استضافوا رموز التيار الإصلاحي في المشرق، مثل العلامة محمد عبده الذي زار تونس مرتين بطلب من أعلام جامع الزيتونة ورواد الحركة الوطنية.
إذن فنحن لدينا خصوصياتنا التونسية والمغاربية ونحرص على مزيد ترشيد مسارنا السياسي، ونحترم تجارب بقية الدول والحركات الإصلاحية وخصوصياتها.
* تتابع مباشرة منذ أعوام ملف المفاوضات بين كل الأطراف السياسية الليبية وجهود الوساطة الأممية قبل مفاوضات الجزائر ثم الصخيرات المغربية وبعدها.. كيف تنظر إلى «المأزق» الذي وصل إليه مسار التسوية السياسية الأممية في ليبيا وحكومة فايز السراج؟
- نحن في تونس نتحاور مع كل الأطراف السياسية الليبية، ونشجعهم جميعا على تسوية النزاعات بينهم سياسيا وعلى استبعاد مقولات «الحسم العسكري». وفي هذا السياق نشجعهم جميعا على المضي في مسار التسوية الذي ترعاه الأمم المتحدة وتدعمه دول جوار ليبيا والدول المغاربية التي تسعى إلى تكريس نتائج توافقات استوجبت محادثات مارطونية مطولة في تونس والجزائر والمغرب وروما وجنيف ومدن ليبية وعربية كثيرة.
انتصار خيار السلم في ليبيا سوف يخدم أولا شعب ليبيا، ويؤدي إلى إنجاح مخططات القضاء على العنف والإرهاب. في الوقت نفسه سوف يؤدي إلى إنجاح مخططات محاربة «داعش» والميليشيات المسلحة التي تهدد أمن تونس ومستقبلها والشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وبعد أن اعترفت الأمم المتحدة ودول المنطقة بمجلس الرئاسة الليبي بزعامة فايز السراج، وتقدم خطوات نشر السلم في ليبيا تتأكد أكثر وجاهة موقفنا المعارض لإقحام ليبيا في حرب جديدة وفي مرحلة جديدة من الاقتتال والتدخل العسكري الأجنبي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.