مجلس حكماء المسلمين: الشرق غرق في «مستنقعات الدماء»

شيخ الأزهر التقى الرئيس الفرنسي وطالب العالم بالتصدي للإرهاب العالمي

رئيس «حكماء المسلمين» خلال اللقاء الثاني بين حكماء الشرق والغرب في باريس أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس «حكماء المسلمين» خلال اللقاء الثاني بين حكماء الشرق والغرب في باريس أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مجلس حكماء المسلمين: الشرق غرق في «مستنقعات الدماء»

رئيس «حكماء المسلمين» خلال اللقاء الثاني بين حكماء الشرق والغرب في باريس أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس «حكماء المسلمين» خلال اللقاء الثاني بين حكماء الشرق والغرب في باريس أمس («الشرق الأوسط»)

قال مجلس حكماء المسلمين، أمس، إن الشرق غرق في «مُستنقعات الدماء»، في حين التقى رئيسه الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بقصر الإليزيه، أمس، لبحث جهود مُكافحة التطرف والإرهاب، وقال مصدر في مشيخة الأزهر بالقاهرة إن «الجانبين أكدا أهمية الحوار وتحقيق الاندماج، وبناء جسور الثقة وتحقيق قيم التعايش المُشترك بين أتباع الديانات والثقافات المُختلفة». فيما طالب الطيب حُكماء الغرب والشرق بالبحث عن مخرج من أزمة الإرهاب وصد الإرهاب العالمي، موضحا أن «الحوادث الإرهابية تفرض على أصحاب القرار أن يتحملوا مسؤوليتهم كاملة أمام الضمير العالمي والإنساني».
والتقى لأول مرة، الدكتور الطيب مع بابا الفاتيكان فرنسيس الأول بالمقر البابوي أول من أمس، حيث تم الإعلان عن استئناف الحوار بين الأزهر والفاتيكان، والإعداد لمؤتمر عالمي للسلام برعاية المؤسستين الدينيتين، بعد قطيعة دامت 10 سنوات، بسبب ربط بابا الفاتيكان السابق العنف بالإسلام.
وأكد رئيس مجلس حكماء المسلمين، في كلمته خلال اللقاء الثاني بين حكماء الشرق وحكماء الغرب، الذي عقد في باريس أمس، أن «أزمة الإرهاب العالمية إذا تُركت تتدحرج مثل كرة الثلج فإن البشرية كلها سوف تدفع ثمنها خرابا ودمارا وتخلفا وسفكا للدماء، وربما بأكثر مما دفعته في الحربين العالميتين في النصف الأول من القرن الماضي»، لافتا إلى أن العاصمة باريس شهدت حادث إرهاب أسود لا يختلف اثنان في الشرق ولا في الغرب في رفضه وازدراء مرتكبيه، وتنكبهم للفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية وكل تعاليم الأديان والأعراف والقوانين.
وتبنى تنظيم داعش الإرهابي حوادث شهدتها العاصمة الفرنسية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقال الطيب إن «هذا الحادث الأليم ومثله حوادث أخرى دموية وقعت في بلجيكا، بل حوادث أشد دموية وأكثر وحشية، تحدث كل يوم في الشرق الذي غرق إلى أذنيه في مستنقعات الدم والثكل واليتم والتهجير، والهروب إلى غير وجهة في الفيافي والقفار، بلا مأوى ولا غذاء ولا غطاء»، لافتا إلى أن «هذه الحوادث تفرض فرضا على أصحاب القرار النافذ والمؤثر في مجريات الأحداث، أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة أمام الضمير العالمي والإنساني وأمام التاريخ في أن يتدخلوا لصد هذا الإرهاب العالمي، ووقف حمامات الدماء المسفوكة وأكوام الأشلاء المتناثرة من أجساد الفقراء والمساكين، وأطفالهم ونسائهم، والتي يقدمونها كل يوم قرابين على مذابح العابثين بمصائر الشعوب، والغافلين عن قصاص السماء وعدالتها».
وعُقد اللقاء الأول بين حكماء الشرق وحكماء الغرب في مدينة فلورنسا يونيو (حزيران) الماضي. وطالب رئيس مجلس حكماء المسلمين أمس، العالم بالتصدي لمحاولات تهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الأقصى، وحل القضية الفلسطينية حلا عادلا شاملا، لأن حل هذه القضية - في نظرنا - هو مُفتاح المشكلات الكبرى التي تعيق التقاء الشرق بالغرب، وتباعد ما بين الشعوب، وتؤجج صراع الحضارات.
وتابع الطيب: «لم يعد أي من الشرق والغرب اليوم بمعزل عن الآخر، كما كان الحال في القرن الماضي، ولم يعد الشرق هو هذا المجهول المخيف، الذي تترامى أطرافه فيما وراء البحار كما كان يتصوره الغربيون من قبل، كما لم يعد الغرب هو النموذج الغريب الذي يستطيع الشرقيون من مسلمين ومسيحيين أن يتجنبوه، ويغلقوا أبوابهم دونه، ليستريحوا من خيره أو شره، فقد تقارب ما بينهما.. فلا مفر من التفكير في العالمية بدلا من العولمة، وهي العالمية التي عبر عنها شيوخ الأزهر - في القرن الماضي بعد الحربين العالميتين - بالزمالة العالمية أو التعارف، كحل لانقسام العالم وتكريس الثنائيات الحادة التي تنهج الصراع وتُشعل الحروب».
وقال رئيس «حكماء المسلمين»: «أدعو المواطنين المسلمين في أوروبا إلى أن يعوا جيدا أنهم مواطنون أصلاء في مجتمعاتهم، وأن المواطنة الكاملة لا تتناقض أبدا مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية، ولا ينبغي أن تكون بعض القوانين الأوروبية التي تتعارض مع شريعة الإسلام حاجزا يؤدي إلى الانعزال السلبي، والانسحاب من المجتمع، فهذه القوانين لا تفرضها الدولة على الناس، وإذا ألزمت بعضُ القوانين المسلمين بما يخالف شريعتهم فعليهم حينئذ الالتزام التام باللجوء إلى القوانين التي تكفُلُ لهم حق التضرر من هذه القوانين والمطالبة بتعديلها»، لافتا إلى أنه ينبغي أن تكون نظرتنا الجديدة للغرب موضوعية ومبنية على مبدأ التأثير والتأثر، فلم يعد أي من الشرق والغرب اليوم بمعزل عن الآخر فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به.
من جانبه، أكد الدكتور علي النعيمي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، إن الحوار بين الشرق والغرب يجب أن يرتكز على المُشتركات الإنسانية ومد جسور التواصل من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وأضاف النعيمي، في كلمته في الجلسة الافتتاحية للملتقى الثاني للحوار بين حكماء الشرق والغرب، أمس، أن هناك كثيرا من المبادرات التي أطلقت للحوار بين الشرق والغرب، لكنها لم تؤت ثمارها، لكن نحن عازمون على حوار مقنع للجميع يؤدي إلى نتائج حقيقية يجمع القلوب ويفتح الأمل للأجيال القادمة، مضيفا أن «مجلس حكماء المسلمين يسعى بجهود حثيثة إلى نشر ثقافة السلام والتعايش بين المجتمعات المختلفة على تنوعها واختلافها، فالهدف الأساسي لمجلس حكماء المسلمين هو نشر ثقافة السلام من أجل حياة أفضل للبشرية جمعاء».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.