جزائرية تسعى للفوز بمنصب «عمدة مرسيليا»

رشحها الحزب الاشتراكي الحاكم.. وجيرانها يسمونها بـ «اليتيمة»

سامية غالي مرشحة الحزب الاشتراكي الفرنسي تخوض حربا  ضد منافسيها لاحتلال مقعد رئيس بلدية مرسيليا (رويترز)
سامية غالي مرشحة الحزب الاشتراكي الفرنسي تخوض حربا ضد منافسيها لاحتلال مقعد رئيس بلدية مرسيليا (رويترز)
TT

جزائرية تسعى للفوز بمنصب «عمدة مرسيليا»

سامية غالي مرشحة الحزب الاشتراكي الفرنسي تخوض حربا  ضد منافسيها لاحتلال مقعد رئيس بلدية مرسيليا (رويترز)
سامية غالي مرشحة الحزب الاشتراكي الفرنسي تخوض حربا ضد منافسيها لاحتلال مقعد رئيس بلدية مرسيليا (رويترز)

قد لا يعني اسمها العربي (سامية غالي) الكثير بالنسبة للقارئ العربي. لكن هذه المرأة الجميلة ذات الشعر الأسود والعينين الضاحكتين «ملأت الدنيا وشغلت الناس» منذ انتصارها يوم الأحد الماضي في المبارزة بين المرشحين الاشتراكيين للفوز بتزكية الحزب الاشتراكي (الحاكم) للانتخابات البلدية الربيع القادم في مرسيليا، ثاني أكبر المدن الفرنسية.
وقصة سامية غالي ذات الـ45 ربيعا جديرة بأن تروى. طفلة، كان جيرانها يسمونها «اليتيمة»؛ لأن والدها الجزائري هجر أمها الجزائرية واختفى عن الأنظار، فعاشت مع أمها وجدتها في الأحياء الشمالية لمدينة مرسيليا المتوسطية التي يغلب عليا الفقر والبطالة وتسكنها أكثرية من المهاجرين القادمين لفرنسا من بلدان المغرب العربي.
ولمن لا يعرف مرسيليا ومرفأها القديم ومقاهيها الصاخبة ولكنة أهلها وطباعهم المتوسطية وحديثهم بصوت عال وميلهم إلى الغضب السريع، فإن هذه المدينة التي أسسها الفينيقيون تضرب الرقم القياسي فرنسيا وأوروبيا لجهة أعداد القتلى التي تقع في شوارعها، وخصوصا في أحيائها الشمالية كل عام. والسبب هو تصفية حسابات المافيا المحلية وبين مهربي المخدرات، وتحديدا حشيشة الكيف التي تصل إليها من المغرب إما مباشرة عبر البحر أو مرورا بإسبانيا والهيروين الواصل من أميركا الوسطى. ومرسيليا عاصمة الفساد وفرض «الخوات» والمنازعات والتهرب من دفع الضرائب وكل ألوان الاحتيال على القانون. وبما أن نسبة ذات معنى من سكانها من الأجانب، وخصوصا من العرب المغاربيين والسود، فإن العنصرية فيها بلغت درجات متقدمة المر الذي يظهر من خلال ما يحصل عليه اليمين المتطرف، ممثلا بالجبهة الوطنية في الانتخابات العامة والمحلية.
في العام الماضي، سقط في شوارع مرسيليا 24 قتيلا بالرصاص. وهذا العام بلغ العدد حتى الآن 15 قتيلا، ناهيك بمحاولات القتل التي لم تنجح وأعداد الجرحى، وليس نادرا أن تحصل تصفية الحسابات بواسطة رشاش الكلاشنيكوف، بيد أن مرسيليا ليست فقط للمهربين والمهرجين وقطاع الطرق، وإنما هي أيضا مدينة للإبداع؛ إذ اختيرت للعام الحالي «عاصمة الثقافة الأوروبية»، كما أنها مدينة جذابة، يحلو فيها العيش والسمر، وخصوصا في أحيائها القريبة من الشاطئ المتوسطي أو تلك التي تصعد باتجاه كاتدرائيتها الشهيرة «نوتر دام دو لا غارد». وتاريخيا، كانت مرسيليا بوابة فرنسا على المتوسط ومدخل الواصلين إليها من حوض المتوسط ومن أفريقيا. ورغم الخطط الحكومية المتلاحقة لفرض الأمن والقانون التي أقرتها الحكومات يمينا ويسارا، ما زالت مرسيليا كجارتها جزيرة كورسيكا، عصية على الدولة تعيش في ظل قوانينها الخاصة.
في هذه الأجواء تربت سامية غالي، الفقر والهجر والحرمان عنوان سنوات طفولتها وشبابها. تقول سامية غالي في كتاب لها صدر العام الماضي، إن حلمها الكبير يوم كانت طفلة كان أن تحصل على قطعة شوكولاته. لم تحصل على شهادات تمكنها من الخروج من وضعها الاجتماعي وتترك أبنية الطبقة المسحوقة. وقد اجتمعت فيها كل «النواقص»؛ فهي فقيرة وغير مؤهلة وعربية، ولذا فإن حظوظ نجاحها كانت شبه عديمة. ولكن هذه المرأة لم تستسلم. فمنذ أعوامها الـ16 استهوتها السياسة فانضمت باكرا إلى الحزب الاشتراكي الذي عملت على تقوية حضوره في أحياء مرسيليا الشمالية التي كانت معقودة اللواء بشكل كبير للحزب الشيوعي واليمين المتطرف، وشيئا فشيئا أخذ يلمع نجم سامية غالي في سماء مرسيليا، فتسلمت وظائف ومهمات حزبية واهتمت بالشباب، مركزة اهتمامها على العمل السياسي المحلي في إطار الحزب الاشتراكي. وفتحت أبواب السياسة أمامها على مصراعيها بفضل قربها من مسؤول الحزب الاشتراكي في منطقة مرسيليا جان نويل غريني الملاحق حاليا بتهمة الفساد. وتنقلت سامية غالي في المناصب المحلية لتصبح في عام 2004 نائبة لرئيس منطقة بروفنس كوت دازور حتى عام 2008. وفي هذا العام اختارها غريني لتكون على لائحته في الانتخابات البلدية في مرسيليا، لكن الحظ لم يحالفه؛ إذ بقيت المدينة بيد اليمين الذي يقوده الوزير السابق جان كلود غودان. لكن سامية غالي نجحت بالفوز برئاسة بلدية الدائرتين الـ15 والـ16 (التي تتشكل من الأحياء الشمالية الصعبة) ثم في العام نفسه دخلت عضوا في مجلس الشيوخ الفرنسي بترشحها على لائحة غريني نفسه.
من المسلم به أن النجاح يستدعي النجاح. وها هي سامية غالي اليوم تطمح اليوم لاحتلال مقعد رئيس بلدية مرسيليا الذي سبقه إليها اشتراكي آخر هو غاستون دوفير، وزير الداخلية في عهد الرئيس فرنسوا ميتران. وبعكس الأكثرية الساحقة من قادة الحزب الاشتراكي ونوابه ووزرائه الذين وصلوا إلى مناصبهم بفضل انتمائهم للنخب الفكرية والثقافية والمهنية الفرنسية، فإن سامية غالي وصلت بفضل عملها الميداني الذي أتاح لها أن تحتل المرتبة الأولى في الانتخابات التمهيدية يوم الأحد الماضي. وقد تفوقت غالي على الوزيرة أرليت ماري كارلوتي التي كانت تحظى برعاية الرئيس هولاند والحزب الاشتراكي بشكل عام. وتتهيأ غالي، هذه المرأة العربية والمسلمة وهي أم لأربعة أولاد لخوض الدورة الثانية من الانتخابات التمهيدية يوم الأحد المقبل ضد تحالف هجين رأى النور لقطع الطريق عليها. ويضم هذا التحالف الوزيرة أرليت ماري كارلوتي وباتريك منوتشي والنائب من أصل لبناني هنري جبرايل. وهذا التحالف قام لدعم باتريك منوتشي وضرب طموح سامية غالي.
بعد فوزها الأولي الأحد الماضي، أخذت تهمس في شوارع مرسيليا عبارات من نوع «مرشحة العرب» التي ربحت السابق بفضل أصوات «الأحياء الشمالية». كارلوتي لمحت لحصول عمليات تزوير وأخرى من نوع ميليشياوي. وفي التحقيقات الصحافية التلفزيونية الأسبوع الماضي، حرصت الكاميرات على إظهار وجوه عربية تنقلها الحافلات إلى مكاتب الاقتراع لتثبيت صورة أن سامية غالي مرشحة العرب، بيد أن الأخيرة التي تصف نفسها بأنها من نوع «العاصفة» لا تعير هذه الحملة اهتماما، بل إنها مستمرة بتأكيد أن همها الوحيد هو مرسيليا ومرسيليا وحدها مهما تطاولت عليها ألسن السوء التي تريد تحجيم طموحها.
الجواب الأحد المقبل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».