ليبيا: اتجاه أوروبي لتقديم مساعدات عسكرية لحكومة السراج

الثني طالب القاهرة رسميًا بعدم الاعتراف بالحكومة الجديدة

فيدريكا موغريني الممثلة للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي في حديث مع وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرولت وعدد من المسؤولين الأوروبيين خلال اجتماعهم في بروكسل أمس (أ.ب)
فيدريكا موغريني الممثلة للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي في حديث مع وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرولت وعدد من المسؤولين الأوروبيين خلال اجتماعهم في بروكسل أمس (أ.ب)
TT

ليبيا: اتجاه أوروبي لتقديم مساعدات عسكرية لحكومة السراج

فيدريكا موغريني الممثلة للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي في حديث مع وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرولت وعدد من المسؤولين الأوروبيين خلال اجتماعهم في بروكسل أمس (أ.ب)
فيدريكا موغريني الممثلة للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي في حديث مع وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرولت وعدد من المسؤولين الأوروبيين خلال اجتماعهم في بروكسل أمس (أ.ب)

بدا أمس أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو الموافقة على طلب رسمي من رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا فائز السراج، بشأن الحصول على دعم أوروبي سريع لتدريب القوات البحرية وخفر السواحل والأجهزة الأمنية الليبية.
وقالت فيدريكا موغريني، الممثلة السامية للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، إنه في إطار متابعة المحادثات المفيدة التي جرت مع السراج الاثنين الماضي بالعاصمة النمساوية فيينا، فقد تقدم السراج إليها بطلب رسمي في هذا الخصوص، أي تدريب القوات البحرية وخفر السواحل والأجهزة الأمنية الليبية. وأشارت في بيان لها إلى أنها ستناقش ما وصفته بالتطور المهم مع وزراء الخارجية بالاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في بروكسل أمس، بهدف جعل هذا عمليا في أقرب وقت ممكن، وذلك لدعم الليبيين الذين يواجهون الكثير من التحديات، على حد قولها.
من جهته، اعتبر باولو جينتلوني، وزير الخارجية الإيطالي، أن اجتماع بروكسل يمثل «خطوة أخرى إلى الأمام في الشأن الليبي»، لافتا النظر إلى أنه سيتم «تكليف البعثة البحرية الأوروبية (صوفيا) بمهام أخرى، سواء فيما يختص بمهام تدريب خفر السواحل الليبي، أو مهام التعاون لمراقبة الحظر على الأسلحة، الذي أقرته الأمم المتحدة».
ورغم تأكيد الوزير الإيطالي أن تدريب خفر السواحل الليبي يعد «خطوة في الاتجاه الصحيح»، إلا أنه سعى في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «آكي» الإيطالية إلى طمأنة المجتمع الأوروبي بشأن مخاطر الهجرة غير الشرعية بقوله إن أعداد المهاجرين العابرين حاليا للبحر الأبيض المتوسط «ليست مثيرة للقلق». وتابع موضحا أنه «لهذا السبب يتعين علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب أن تصبح كذلك (مثيرة للقلق)، وأنه الوقت المناسب للعمل على مسار الهجرة القادم من ليبيا».
وقالت مصادر غربية إن ملف تدريب خفر السواحل والقوات البحرية الليبية كان سابقا مثار بحث بين بروكسل وحكومة السراج، حيث يفترض أن يقر اجتماع بروكسل مقترحا للجنة الأمن والدفاع الأوروبية بشأن تمديد عمل البعثة الأوروبية في المتوسط (صوفيا) وتوسيع مهامها لتشمل، بالإضافة إلى تفكيك شبكات تهريب البشر وإنقاذ حياة المهاجرين في البحر، تدريب القوات البحرية وخفر السواحل وقوات الأمن الليبية.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان قوات خفر السواحل الليبية أنها اعترضت نحو 850 مهاجرا شرعيا أول من أمس قبالة ساحل مدينة صبراتة في غرب البلاد، حيث قال الناطق الرسمي باسمها إن المهاجرين من بلدان أفريقية مختلفة كانوا يسافرون في زوارق مطاطية، علما بأن ليبيا تمثل نقطة مغادرة رئيسية للمهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في محاولتهم للوصول إلى أوروبا بمساعدة مهربي البشر. وغالبا ما ينقل المهاجرون في زوارق متهالكة غير مهيأة للسفر عبر البحر المتوسط. إلى ذلك، طلب عبد الله الثني، رئيس الحكومة الانتقالية التي تتخذ من مدينة البيضاء في شرق ليبيا، من نظيره المصري شريف إسماعيل عدم الاعتراف رسميا بحكومة السراج. وأكد الثني في رسالة رسمية وجهها إلى نظيره المصري على التزام حكومته بالجهود الدولية، التي يقودها المبعوث الأممي مارتن كوبلر، مؤكدا أنه لن يتردد في تسليم السلطة إلى حكومة السراج حال اعتمادها من مجلس النواب المتواجد في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي.
وتابع الثني موضحا أنه «إلى ذلك الحين ووفقا لكل الأعراف الدولية واحتراما لإرادة شعبنا في اختيار نوابه، تظل الحكومة المؤقتة هي الحكومة الشرعية»، موضحا أن القائم بأعمال سفارة ليبيا لدى مصر هو السفير محمد الدرسي، حيث رأى أن «الدرسي هو المخول الوحيد حاليا بأعمال السفارة الليبية في مصر»، وذلك ردا على إعلان الخارجية المصرية اعترافها بطارق الشعيب كقائم بالأعمال وممثل لحكومة السراج.
عسكريا، نفى الجيش الليبي منح قائده العام الفريق خليفة حفتر مهلة للعقيد المهدي البرغثي للانسحاب من منصبه كوزير دفاع في حكومة السراج، حيث أكد العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، عدم صحة المعلومات التي تتحدث عن إعطاء حفتر مهلة للبرغثي من أجل العودة إلى قيادة الكتيبة 204 دبابات في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
من جهته، حذر السفير إبراهيم الدباشي، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، المجلس الرئاسي لحكومة السراج من الوقوع فريسة للمجموعات المسلحة مثل الحكومات السابقة لليبيا، إذ قال الدباشي، الذي يعد أهم داعمي الحكومة الجديدة في تغريدات له عبر موقع توتير إن «محاولة استباق الجيش ومنعه من تحرير سرت نوع من الجنون والزج بالشباب المدنيين لمحاربة (داعش) عناد ستكون آثاره الاجتماعية والوطنية كارثية»، وعد أن «معركة سرت ليست معركة ميليشيات، بل معركة جيش نظامي وعلى الميليشيات ألا تتجاوز الحدود الإدارية لمدنها وتتهيأ للدفاع عنها عند الضرورة»، مضيفا أن «من يريد محاربة (داعش) ويحصل على الدعم الدولي يجب أن يشكل وحدات عسكرية نظامية لا مكان للمدنيين فيها على أن تكون غير مرتبطة بمدينة أو منطقة». كما شدد على أن «أبناء مدينة سرت الذين انضموا للجيش ويتأهبون لتحرير مدينتهم لن يقبلوا بوجود الميليشيات، وأنهم فقط سيرحبون مع بقية السكان بتمركز الجيش دون سواه في المدينة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».