الجزائر: لعمامرة يعترف بتعثر اتفاق السلام في مالي بعد سنة من التوقيع عليه

مصدر دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط»: المعارضة المالية ترفض نزع سلاحها

الجزائر: لعمامرة يعترف بتعثر اتفاق السلام في مالي بعد سنة من التوقيع عليه
TT

الجزائر: لعمامرة يعترف بتعثر اتفاق السلام في مالي بعد سنة من التوقيع عليه

الجزائر: لعمامرة يعترف بتعثر اتفاق السلام في مالي بعد سنة من التوقيع عليه

قال وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة، إن «اتفاق السلام» في مالي، الذي ترعاه الجزائر منذ 2006: «يواجه عدة صعوبات تكبح وتيرة تقدمه، وتقلل من نتائجه، ومنها عدم توفر التمويل الكامل الضروري لإنجاز المشاريع والبرامج المقررة في الاتفاق، زيادة على تهديدات الإرهاب».
وذكر لعمامرة في مقابلة نشرتها «وكالة الأنباء الجزائرية» الحكومية، أمس، بمناسبة مرور سنة على توقيع اتفاق هدنة، بين الحكومة المالية، والمعارضة المسلحة في شمال البلاد، أن «انعدام الأمن في البلاد واستمرار تهديدات الإرهاب، وظاهرة المتاجرة بالمخدرات، كلها عوائق تحد من تطبيق اتفاق السلام».
ودعا لعمامرة «جميع الشركاء في العملية السلمية بمالي، إلى دعم مسار السلم والمصالحة الوطنية وتقديم المساعدة اللازمة لمرافقة مجهود الأمم المتحدة، للبحث عن موارد مالية لحل مشكلات البلاد ومحاربة الإرهاب وتهريب المخدرات». وأضاف: «إن تطبيق الاتفاق من أجل إحلال السلم والأمن في مالي وفي المنطقة، تتحمل مسؤوليته الكاملة الأطراف في مالي، بما فيها وبشكل خاص الحكومة، إذ إن متابعة مسار تنفيذ الاتفاق تشرف عليه آلية نص عليها الاتفاق ذاته، وهي لجنة متابعة الاتفاق».
وتابع: «هذه الآلية أوكلت رئاستها إلى الجزائر بموجب الاتفاق، كما أن 4 لجان فرعية مختصة نص عليها الاتفاق كذلك وتشرف عليها الجزائر، إلى جانب 4 منظمات دولية، وهي الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، والمجموعة الاقتصادية لبلدان أفريقيا الغربية، وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد، لتحقيق الاستقرار في مالي، كلها تساهم بصفة معتبرة في متابعة مسار تنفيذ الاتفاق».
وقال لعمامرة إن «خطوات هامة تم قطعها منذ التوقيع على اتفاق السلام قبل عام. وبفضل العمل الجاد الذي بذل ولا يزال متواصلا دون هوادة، رغم العراقيل الموجودة هنا وهناك، تم تسجيل تقدم ملموس في تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة بمالي المنبثق عن مسار الجزائر. إن الإخوة الأعداء الذين كان من الصعب تصور جلوسهم على نفس الطاولة، هم اليوم متجندون من أجل خدمة السلم والتنمية، ويعملون معا على المضي قدما في مسعى جلب الاستقرار والسلم لبلدهم. إن هذه الأطراف تؤمن بالاتفاق وتطالب بتطبيقه بسرعة وتعمل جادة على ذلك؛ لأنها ترى أنه لا بديل لهذه الآلية من أجل إحلال السلم والأمن، وتنمية مالي».
وتنقسم المعارضة إلى فريقين، أحدهما يدفع باتجاه استقلال منطقة الشمال الحدودي مع الجزائر. ويتزعم هذا الخيار «الحركة الوطنية لتحرير أزواد». أما الجناح الثاني، فيتمثل في مجموعة من التنظيمات الطرقية التي تفضل أن يبقى الشمال تحت سيطرة حكومة الرئيس إبراهيم أبو بكر كايتا. وترفض الجزائر بشدة الخيار الأول، لقناعتها بأن قيام دولة جديدة على حدودها لا يخدمها، وبأن المعارضة لن تقوى على مواجهة المجموعات المتطرفة المسلحة، وأخطرها «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وكثير من المنشقين من هذا التنظيم، الذين انخرطوا في «داعش».
وقال مصدر دبلوماسي جزائري لـ«الشرق الأوسط»، إن سبب تعثر تطبيق اتفاق السلام هو غياب الثقة بين طرفي الصراع. وأوضح بأن الحكومة حريصة على نزع سلاح المعارضة، لكنها تواجه مقاومة شديدة لتحقيق هذا المسعى. وأضاف المصدر الدبلوماسي، أن المعارضة ترفض الخروج من معاقلها لفسح المجال للجيش المالي لإحكام سيطرته عليها، تحسبا لشن عمليات عسكرية على الإرهابيين، الذين يستهدفون بشكل يومي بعثة الأمم المتحدة. ومما زاد الوضع تعقيدا، بحسب ذات المصدر، تأخر بلدان غربية مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، في تجسيد وعودها بخصوص تمويل مشاريع تطوير البنية التحتية في الشمال، وإطلاق مؤسسات صغيرة لامتصاص البطالة المتفشية في أوساط الشباب.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.