السعودية تنأى بالحج والعمرة عن كل الخلافات.. وإيران تؤزم

خيارات طهران للحج والعمرة.. تسييس وإعاقة وتخريب

السعودية تنأى بالحج والعمرة عن كل الخلافات.. وإيران تؤزم
TT

السعودية تنأى بالحج والعمرة عن كل الخلافات.. وإيران تؤزم

السعودية تنأى بالحج والعمرة عن كل الخلافات.. وإيران تؤزم

ما إن ينتهي موسم حجّ، حتى تبدأ السعودية ممثلة في وزارة الحج والعمرة، في الإعداد لموسم الحج التالي، بلقاءات مع ممثلي الدول الإسلامية وممثلي الأقليات المسلمة من دول أخرى من أنحاء العالم، لبحث ترتيبات ومتطلبات الوفود خلال المواسم الدينية من حج أو عمرة أو زيارة، وذلك من واجب سعودي أصيل منذ أكثر من ثمانين عاما ويزيد.
بالأمس، فندت وزارة الحج والعمرة، سبب رفض إيران التوقيع على اتفاقية الحج هذا العام، نظرا للشروط الإيرانية التي تهدف جميعها إلى إعاقة أعمال الحج انسجاما مع شعائر دينية خاصة بالإيرانيين، من إقامة تجمعات ونشر منشورات وخلافه، في ظل الانفتاح السعودي الكبير لتأشيرات الحج عبر بوابة إلكترونية تسهل الإجراءات بشكل كبير، لكن إيران تعيد ذكريات أحداث الثمانينات والتسعينات في سعيها لإضفاء لون أسود يغطي بياض الحج.
وتحرص السعودية على النأي بالحجّ عن دائرة خلافاتها مع أي دولة، خصوصا إيران، وذلك حفاظا على الطابع الروحي للمناسبة الدينية الأهم لدى المسلمين في مختلف أنحاء العالم، مؤكدة أن إجراءاتها السياسية والدبلوماسية لن تشمل الحجاج الراغبين في زيارة البقاع المقدسة، في ظل تأكيد التصدي لأي محاولات، أيا كانت، لتعكير صفو الحج، وهو أمر يؤكده الأمير محمد بن نايف، ولي العهد وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا، في حرص السعودية على «ردع كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن الحج والحجاج وتجاوز حرمة مكة المكرمة».
في وقت تؤكد فيه السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، أن المملكة نذرت نفسها وإمكاناتها في سبيل التيسير على الحجاج وضمان أمنهم وراحتهم، في خدمة حجاج بيت الله متمرسة بالخبرة والقوة والإمكانات؛ إلا أن ذلك لا يشفع لها في أن تجد ثناء من قبل إيران، وعلى رأسها مرشدها علي خامنئي، في درب متواصل سبقه إليه سلفه الخميني.
السعودية تسير بصبر وحزم كبيرين وفق مجريات الأحداث التي يشهدها التاريخ في تعاملها مع افتعال الأزمات التي يحركها بعض حجاج إيران، فمع قدوم الثورة الإسلامية، لم تصدر إيران سوى مخالب لها، تبرز في أعمالها وأقوالها، تجهز بعض حجيجها إلى المشاعر، نسبة منهم يقوم بأعمال تتنافى مع المناسك وحرمة المكان والبيت. وتواجه الأجهزة الأمنية السعودية، كل أصناف التهديدات التي قد تلحق الأذى بالحجيج أو أمنهم وسكينتهم، وتوقع العقوبات القاسية بحق من يحاول تعكير ذلك، ساعية في ذراع أخرى إلى البناء وتحقيق التيسير على أداء ضيوف الحرمين الشريفين عبر توسعات هائلة، سيكون الحرم المكي منتصف العام المقبل في نهاية أعمال التوسعة التاريخية الكبرى.
في مسيرات الإيرانيين أصوات سياسية، ولافتات دينية مذهبية، يكررون تعكيرهم أمن الحج، ويمتهنون قطع الطرقات منذ مواسم سابقة وفي هذا العصر، تسجل التقنية المتنقلة تلك التجاوزات، ضاربين بكل الأنظمة والتحذيرات عرض الحائط في منهج إيراني أصيل. مطبقين واجبات ليست من شعائر الدين الإسلامي، ولا يطبقها سوى حجاج إيران استثناء من بين أكثر من 78 دولة ترسل بعثاتها للحج، ومنها إعلان إيراني سكّه لهم بعض مرجعياتهم الدينية كواجب عبادي سياسي، وهو إعلان «البراءة من المشركين» شعارا ألزم المرشد الإيراني السابق، روح الله الخميني، حجاج بيت الله الحرام من الإيرانيين برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات تتبرأ من المشركين، من خلال ترديد هتافات بهذا المعنى، من قبيل «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل»؛ رائين أن الحج يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية عبادية تقليدية إلى فريضة عبادية وسياسية، وهو وهم إيراني يرى أنه من أركان فريضة الحج التوحيدية، وواجباتها السياسية التي من دونه «لا يكون الحج صحيحا»، لكن الأجهزة الأمنية والتنظيمية في الحج تمنع ذلك دوما.
حجاج من إيران يمتهنون الاستفزاز، وجذب الأنظار وتحقيق الخراب، هم غيض لا فيض، يعيشون على التمرد، وتجاوز ما يجعل انتظارهم سواء بين الجميع، يحمل عدد منهم في تنقلاته أسلحة بيضاء دون مبرر في ظل وجود قوات أمنية تعمل على مدار الوقت بكثافة كبرى.
التاريخ يحيط بكثير من الحوادث التي بدأت مع رحى «الإسلامية الإيرانية»، ففي سبتمبر (أيلول) من عام 1982 تظاهر مجموعة من الحجاج الإيرانيين أمام المسجد النبوي في المدينة المنورة، ورددوا هتافات بعد صلاة العصر، رافعين صور الخميني، فيما تدخلت قوات الأمن ومنعت المسيرة.
وفي سبتمبر كذلك من عام 1983 عثرت الأجهزة المعنية على منشورات دعائية وصور وشعارات مع قرابة عشرين شخصا من إيران، وتبين أن قدومهم لم يكن بغرض الحج، وقال بيان وزارة الداخلية إنه تم اعتقال هؤلاء الأشخاص وصودر ما في حوزتهم من منشورات وصور، تمهيدا لإعادتهم إلى بلادهم.
وأوضحت وزارة الداخلية السعودية، في بيان أصدرته عام 1983 أن السعودية تسعى إلى تأمين الحج، وأن مسالك بعض الحجاج الإيرانيين قد بدأت تنحرف عن الغاية الأساسية لأداء فريضة الحج إلى أهداف سياسية خاصة ودعائية غوغائية تتعارض مع التعاليم الإسلامية بشأن فريضة الحج، فقد وجد مع بعض الحجاج الإيرانيين أسلحة يدوية وسكاكين مع كميات من المنشورات والبيانات الدعائية للإمام الخميني، وفيها مضامين التهجم الصريح على المسؤولين في المملكة.
وفي عام 1986 كشفت الأجهزة المعنية في المملكة عن رحلة التهديد الإيراني، حين حملت طائرة إيرانية عشرات الحجاج من إيران، أثناء قدومهم إلى المملكة عبر «مطار الملك عبد العزيز بجدة»، يحملون أكثر من 95 حقيبة تحوي جميعها مخازن سفلية فيها مواد متفجرة. وعلى الفور بدأت الداخلية السعودية في تحقيقاتها مع الركاب، واعترف كبيرهم (محمد دهنوي) بأنهم قدموا بإيعاز من القيادة الإيرانية لتنفيذ تفجيرات في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
بعدها بعام، كان الآلاف من الحجاج الإيرانيين على موعد معتاد مع تعكير صفو الحج، حيث شكلوا مجموعات ومسيرات حاشدة أضرت بأعمال وسير التجهيزات لبدء موسم الحج، فقاموا بقطع الطرقات وترويع المسلمين الآخرين، وحاولوا اقتحام المسجد الحرام، وفي طريقهم إليه قاموا بإحداث الضرر بالمنشآت وعدد من الأملاك الخاصة، وقتل المئات من الحجاج بينهم رجال أمن.
وأعلنت وزارة الداخلية بعد الشغب الإيراني، أن عدد الوفيات نتيجة هذه الأحداث الغوغائية قد بلغ مع شديد الأسف 402 من الأشخاص، كانوا على النحو التالي: 85 شخصا من رجال الأمن والمواطنين السعوديين و42 شخصا من بقية الحجاج الآخرين الذين تصدوا للمسيرة من مختلف الجنسيات و275 شخصا من الحجاج الإيرانيين المتظاهرين ومعظمهم من النساء. بينما بلغ عدد المصابين بإصابات مختلفة نحو 649 جريحا، من بينهم 145 من السعوديين رجال أمن ومواطنين، و201 من حجاج بيت الله، و303 من الإيرانيين. فيما امتد ذلك الشغب إلى سفارة السعودية في طهران، فقامت عناصر شغب إيرانية باقتحام السفارتين وخطف دبلوماسيين سعوديين.
ومن أبرز أعمالهم في عام 1989 حين جندت القيادة الإيرانية خلية عرفت بـ«حزب الله الكويت» الشيعية، للقيام بأعمال تفجيرات عبر عدة طرق مؤدية إلى الحرم، وتمكنت الأجهزة الأمنية في المملكة من إسقاطهم ومحاكمتهم بعد اعترافاتهم بضلوع إيران في ذلك، بينما كان أكبر حوادث الحج المفتعلة في عام 1990 حين ذهب ضحية اختناق حجاج بمادة سامة في نفق المعيصم أكثر من 1400 حاج.
وتكرر السعودية دعواتها كل عام على ألسنة مسؤوليها، بالبعد عن تسييس الحج، أو إقامة شعائر لا دينية، أو حشد مسيرات، لما لها من تأثير على سلامة ملايين الحجاج والشعائر الدينية، لكن ذلك لا يعكس الالتزام من بعض الحجاج، خصوصا من طيف واسع من حجاج إيران، الذين يثور غالبهم في الأراضي المقدسة، تحقيقا لشعارات معلنة تتبناها طهران في سبيل إثارة الجدل لتعكير صفو الحج وحمله نحو جانب سياسي لم يكرره سوى حجاج من إيران.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.