مصادر دبلوماسية أوروبية: اجتماع فيينا سيكون «فاصلاً» في الملف السوري

قالت إن الاجتماع «اختبار» لمدى فاعلية الثنائي الأميركي ـ الروسي

المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا يستمع إلى شرح من مستشار الأمم المتحدة الخاص يان إيجلاند قبل وصولهما إلى قاعة المؤتمر الصحافي للحديث عن الوضع الإنساني والإغاثي في سوريا أمس (إ.ف.ب)
المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا يستمع إلى شرح من مستشار الأمم المتحدة الخاص يان إيجلاند قبل وصولهما إلى قاعة المؤتمر الصحافي للحديث عن الوضع الإنساني والإغاثي في سوريا أمس (إ.ف.ب)
TT

مصادر دبلوماسية أوروبية: اجتماع فيينا سيكون «فاصلاً» في الملف السوري

المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا يستمع إلى شرح من مستشار الأمم المتحدة الخاص يان إيجلاند قبل وصولهما إلى قاعة المؤتمر الصحافي للحديث عن الوضع الإنساني والإغاثي في سوريا أمس (إ.ف.ب)
المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا يستمع إلى شرح من مستشار الأمم المتحدة الخاص يان إيجلاند قبل وصولهما إلى قاعة المؤتمر الصحافي للحديث عن الوضع الإنساني والإغاثي في سوريا أمس (إ.ف.ب)

تريد الدول الغربية والخليجية «عودة سريعة» لوفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى طاولة المحادثات في جنيف. وتعد مصادر دبلوماسية أوروبية، أن اجتماع فيينا سيكون «فاصلا»، فإما إعادة المسار التفاوضي الذي تقوده الأمم المتحدة على «سكة جنيف»، وإما اشتعال الوضع على جميع الجبهات ونسف المسار التفاوضي.
بيد أن الصعوبة، وفق ما شرحتها المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في «توفير الذرائع المفهومة والجدية» لعودة مثل هذه، علما بأن العواصم الغربية لم تكن مرتاحة لـ«تعليق» وفد الهيئة مشاركته في ثالثة جولات المحادثات.
وتم التعليق عقب قدوم منسق الهيئة رياض حجاب إلى جنيف، وذلك بسبب التصعيد الميداني الذي قامت به قوات النظام وحلفاؤها، مستغلة ستار الهدنة، كما استمرت في عرقلة إيصال المساعدات الغذائية إلى المناطق المحاصرة، فيما بقي ملف المفقودين مجمدا. وفي جنيف، داوم وفد النظام على العرقلة والمماطلة، ولما اقترب المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا من موضوع الانتقال السياسي، انفجر الوضع ميدانيا. وكانت نتيجة ذلك بروز بداية تذمر من «الكتائب المقاتلة»، وحصلت انقسامات في الرأي بين من يريد وضع حد للمحادثات فورا ومن يدعو إلى الاستمرار. وجاء قرار التعليق «حلا وسطيا» بين الطرفين، وعمد حجاب إلى طلب بقاء «وفد تقني» في جنيف للتدليل على رغبته في عدم قطع «شعرة معاوية» مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ومن يمثل، والتأكيد على استمرار السعي لحل سياسي، لكن مع توافر الشروط الضرورية لذلك.
من هذا المنطلق، تعد المصادر المشار إليها أنه «من الحيوي» أن يخرج اجتماع فيينا لمجموعة الدعم لسوريا في السابع عشر من الشهر الجاري بـ«نتائج تكون كافية لتبرير» عودة المعارضة إلى جنيف وتوفر لحجاب «الحجج الكافية» للإبقاء على وحدة الهيئة وضمان بقاء الفصائل المقاتلة داخلها. والتخوف أن تعد هذه الأخيرة أن المحادثات «مضيعة للوقت»، وبالتالي تقرر المقاطعة ويغادر ممثلوها جنيف أو أن تخرج من الهيئة نفسها، وعندها تكون كل الجهود التي بذلت إعطاء الوفد المصداقية والصفة التمثيلية قد تهاوت، وهذا ما لا تريده دول «النواة الصلبة» للدول الداعمة للمعارضة السورية.
في هذا السياق، تعد المصادر الأوروبية المشار إليها أن اجتماع فيينا سيكون «فاصلا»، فهو قد يمكن من إعادة المسار التفاوضي الذي تقوده الأمم المتحدة على «سكة جنيف» إذا «نجح الطرفان الأميركي والروسي بتنفيذ ما ورد في بيانهما يوم الاثنين الماضي» الذي يلتزمان فيه بمضاعفة الجهود لـ«فرض» احترام هدنة «حقيقية». والمقصود من ذلك أن تكون مستندة إلى آلية مراقبة وتحكم جدية، فضلا عن أن تكون عامة وشاملة وليست «مجموعة هدنات محلية هشة»، كما هي الحال اليوم. أما في الجانب الآخر، فإن عجز مجموعة الدعم عن تحقيق هذا الإنجاز، فإنه سيفتح الباب أمام اشتعال الوضع على جميع الجبهات ونسف المسار التفاوضي الهش.
وتضيف المصادر المشار إليها أنه «إذا لم يتم تحقيق تقدم حتى أواخر الصيف المقبل، فإن الجانب الأميركي سيكون غارقا في الانتخابات الرئاسية، ولا يمكن استبعاد أن يستغل النظام وحلفاؤه فترة الجمود الدبلوماسي والسياسي لفرض واقع ميداني جديد، وربما السعي لحسم الوضع عسكريا إذا استطاعوا». ومقابل ذلك، تعد المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن الأطراف الداعمة للمعارضة قد تعمل إلى تعطيل خطط النظام وحلفائه عن طريق تزويدها بالدعم المادي والعسكري لتمكينها من الصمود، وإبقاء أوراق تفاوضية بيدها. وفي هذا المنظور: «لن تكون واشنطن مؤهلة لمنعها من إيصال الأسلحة والمعدات» التي تحتاجها. وكانت مصادر عسكرية في وفد الهيئة العليا المفاوض في جنيف قد شكت لـ«الشرق الأوسط» من «ندرة وصول المعدات والأسلحة» منذ بدء جولة المحادثات الأولى بفعل الضغوط الأميركية.
على ضوء هذه القراءة، يبدو توقع الوزير الأميركي جون كيري الثلاثاء الماضي عودة المحادثات «عدة أيام» بعد اجتماع فيينا، «رهانا غير مضمون»، رغم ما ورد في تصريحات أعضاء في هيئة المفاوضات من رغبة في العودة إلى جنيف سريعا. وفي هذا السياق، يبدو وزير الخارجية الألماني فرانك وولتر شتاينامير أكثر واقعية عندما أعلن الاثنين الماضي أن نتائج اجتماع باريس «غير كافية لحمل المعارضة على العودة إلى طاولة المفاوضات».
وتنظر الأطراف الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، إلى اجتماع فيينا على أنه «اختبار» إلى مدى فاعلية الثنائي الأميركي - الروسي الذي يسعى «للاحتفاظ لنفسه بمفاتيح الأزمة». بيد أن باريس تعد أن الاجتماع الذي دعت إليه واستضافته قد أصاب «نجاحا»، لأنه بين عن وجود كتلة خليجية - أوروبية يمكنها التأثير على أداء الثنائي المذكور. وكان لافتا في هذا الإطار قول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن موسكو تأمل في أن يفضي التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية إلى «تغييرات جذرية» في سوريا، مما يعد امتدادا لما أعلنه كيري الذي اعتبر اجتماع فيينا «استكمالا لما بدأناه مع الروس وللحديث عن كل شيء بدءا بالمدة والتطبيق وانتهاء بالعملية السياسية».
تقول المصادر الغربية إنه يتعين التزام جانب «الحذر» في التعاطي مع الطرف الروسي والتمييز بين التصريحات المتفائلة والمطمئنة وأدائه ميدانيا وعمليا. لكنها ترى أن ما حصل في مجلس الأمن الدولي أول من أمس، حيث فشلت موسكو في تمرير وضع تنظيمي «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» على لائحة المنظمات الإرهابية، دليلا على عجزها عن فرض إرادتها على جميع الأطراف المحلية والدولية. وهذا المطلب ليس جديدا، كما أنه ليس وحيدا، إذ إن موسكو ما زالت تطالب بأن تبتعد الفصائل المعتدلة عن مواقع النصرة، وأن توفر الإحداثيات عن مواقعها، لكي لا تتعرض للقصف، كما تطالب بإقفال الحدود مع تركيا ووضع حد لوصول مقاتلين أو مساعدات عبر الحدود إلى المعارضة السورية. أما سياسيا، فإنها تطالب بضم ممثلين عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردية إلى محادثات جنيف وإلى وفد المعارضة. وليس معلوما سلفا إن كانت موسكو ستربط تعاونها في فيينا بتحقيق هذه المطالب. أما إذا فعلت، فلا شك أن اجتماع فيينا سيكون بمواجهة مصاعب كبيرة.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.