المعارضة السورية متشائمة من العودة إلى المفاوضات «لأن القرارات لم تعد تكفي»

رئيس الوفد المعارض لـ «الشرق الأوسط»: واشنطن بدأت تشارك عمليًا في قمع الثورة السورية

المعارضة السورية متشائمة من العودة إلى المفاوضات «لأن القرارات لم تعد تكفي»
TT

المعارضة السورية متشائمة من العودة إلى المفاوضات «لأن القرارات لم تعد تكفي»

المعارضة السورية متشائمة من العودة إلى المفاوضات «لأن القرارات لم تعد تكفي»

لا تبدو المعارضة السورية متفائلة بإمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات قريبا، وهو ما عبّر عنه أسعد الزعبي، رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات المعارض، مشددا على أن كل المعالجات المتبعة حتى الساعة «عقيمة وغير صحيحة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هم يعرفون جيدا ما الداء وما الدواء، لكنّهم يغضون النظر. لذلك لا نرى أفقا واضحا في المدى القريب للعودة إلى المفاوضات ما دام الراعيان الدوليان للعملية السياسية يبتعدان عن الشرعية الدولية التي كنا ولا نزال نسعى لتحقيقها».
ووصف الزعبي البيان الأميركي - الروسي المشترك الأخير بشأن سوريا بـ«المؤلم»، معتبرا أنّهم «يتحدثون بلغة تؤكد أن مصير الشعب السوري لا يعنيهم في شيء». وقال: «هم يخلقون البيئة المناسبة لاستمرار الإرهاب وليس البيئة المطلوب للعودة إلى التفاوض». وشنّ هجوما لاذعا على واشنطن متهما إياها بالمشاركة في «قمع الثورة السورية». وأضاف: «كنا في مرحلة سابقة نشك في الموضوع، لكن مع مرور الأيام وبعد اختبار السياسة الأميركية عند أكثر من استحقاق تبين فعليا أن الولايات المتحدة الأميركية متواطئة ولا يعنيها إلا مصالح إسرائيل».
من جهته، بدأ عضو الهيئة العليا للتفاوض جورج صبرة، أقل تشاؤما من الزعبي، لكنّه بقي متشددا فيما يتعلق بشروط العودة إلى طاولة المفاوضات. وهو قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «دعوة الهيئة العليا للتفاوض للمشاركة في اجتماع باريس الأخير مؤشر إيجابي، باعتبار أننا قدمنا للمجتمعين الحقائق الناصعة كما تجري على الأرض، وشددنا على كون البيانات والقرارات لم تعد تكفي، والمطلوب إجراءات عملية على الأرض تضمن ثبات الهدنة».
وأكّد صبرة أن وفد المعارضة «ليس بصدد العودة إلى المفاوضات إلا قبل تشكيل لجان مراقبة تحاسب من يخرق الهدنة وقبل استكمال الملف الإنساني، وبالتحديد تطبيق البنود 12 و13 و14 من قرار مجلس الأمن»، وأضاف: «كما المطلوب وضع أجندة واضحة تحدد خطوات للانتقال السياسي الذي لا يمكن أن يكون بعيدا عن هيئة الحكم الانتقالي، على أن يُرفق دي ميستورا الأجندة مع جدول زمني صارم».
ولم يرق الاجتماع الذي عُقد مؤخرا في العاصمة الفرنسية وضم «النواة الدولية الصلبة» الداعمة للمعارضة للنظام السوري. إذ اعتبرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «باريس حاولت استباق مجموعة الدعم، وعقدت اجتماعا للأطراف المعطلة للحل، للالتفاف على ما يبدو أنه تفاهم مبدئي روسي أميركي ظهرت ملامحه في التنسيق شبه اليومي والاتصالات المتكررة بين مسؤولي البلدين».
وتحاول دوائر الأمم المتحدة، كما بعض المعارضة السورية، التمسك بحبل البيان المشترك الروسي - الأميركي الذي تعهد فيه الطرفان بـ«مضاعفة جهودهما»، من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، وتوسيع نطاق وقف إطلاق النار، لإنقاذ الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف التي لا تزال تترنح على وقع التطورات التي تشهدها جبهة حلب في الشمال السوري. وإن كان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يعوّل على اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا في 17 مايو (أيار) المقبل في فيينا، لتحديد موعد جديد للمفاوضات السورية، إلا أن المعارضة تبدو متشددة أكثر من أي وقت مضى فيما يتعلق بإمكانية عودتها إلى جنيف، خصوصا في ظل ما تؤكد أنّه «فقدان تام» للبيئة الملائمة للتفاوض.
وأعربت الأمم المتحدة يوم أمس عن أملها في أن تُستأنف المحادثات السورية بعد اجتماع مجموعة الدعم الدولية لسوريا التي تضم 17 دولة تدعم محادثات السلام يوم 17 مايو. وقال أحمد فوزي المتحدث باسم الأمم المتحدة، في مؤتمر صحافي في جنيف: «يمكنني القول دون تردد إن المبعوث الخاص يأمل دائما في أن تعود الأطراف المعنية إلى طاولة المفاوضات، فأنا لم أسمع أي أنباء مغايرة لذلك حتى الآن»، لافتا إلى أن اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا «بادرة جيدة». وأضاف: «شهدنا جميعا بيان الروس والأميركيين، وهو تطور إيجابي آخر، لذا لا يوجد سبب للاعتقاد بأن دي ميستورا غير متفائل».
وانتهت الجولة السابقة من المحادثات السورية في 28 أبريل (نيسان) بعد تعليق وفد المعارضة السورية الرئيسي مشاركته في المحادثات وتصاعد القتال في مدينة حلب.
ويستبعد مراقبون انطلاق الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف قريبا، رغم المساعي الأميركية - الروسية المشتركة التي تُبذل لتثبيت الهدنة. وفي هذا الإطار، رأى ماريو أبو زيد، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن «الكلمة حاليا للميدان في حلب، خصوصا بعد إقرار طهران بسقوط عدد من القتلى في صفوف الحرس الثوري الإيراني، واحتجاز قوات المعارضة عددا من الجثث». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن المفاوضات ستبقى مؤجلة حتى اتضاح مجريات الأمور في حلب، خصوصا أنه أصلا قد لا يكون من مصلحة المعارضة العودة إلى التفاوض قبل أن تعود لتثبّت نفسها فعليا على الأرض فتفاوض بعدها من موقع قوة».
ورجّح أبو زيد أن «تستمر السياسة الأميركية الحالية المتبعة في التعاطي مع الملف السوري حتى انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية التي تقول حاليا بغض النظر عن معركة حلب من منطلق اعتقاد واشنطن أنها بذلك قد تتخلص من (جبهة النصرة)، وهو ما ليس حاصلا على اعتبار أن باقي الفصائل تكتلت حول (النصرة)، وأن الدعم التركي تضاعف رغبة في تغيير موازين القوى».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.