مواقف متباينة في طهران بعد مقتل وأسر عشرات الإيرانيين في سوريا

مصادر مقربة من الحرس الثوري تحمل القوات الروسية خسارتها في حلب

عناصر من الحرس الثوري الإيراني الذين وقعوا أسرى بيد قوات «جيش الفتح» في معارك خان طومان الأخيرة قرب حلب (يوتيوب)
عناصر من الحرس الثوري الإيراني الذين وقعوا أسرى بيد قوات «جيش الفتح» في معارك خان طومان الأخيرة قرب حلب (يوتيوب)
TT

مواقف متباينة في طهران بعد مقتل وأسر عشرات الإيرانيين في سوريا

عناصر من الحرس الثوري الإيراني الذين وقعوا أسرى بيد قوات «جيش الفتح» في معارك خان طومان الأخيرة قرب حلب (يوتيوب)
عناصر من الحرس الثوري الإيراني الذين وقعوا أسرى بيد قوات «جيش الفتح» في معارك خان طومان الأخيرة قرب حلب (يوتيوب)

تواصلت ردود الأفعال في إيران لليوم الثاني على التوالي، بعد تأكيد إيراني رسمي حول مقتل ما لا يقل عن 34 من قوات الحرس الثوري في خان طومان، جنوب حلب بسوريا، في حين ذكرت معلومات أخرى أن حصيلة الخسائر الإيرانية تتجاوز ما تناقلته المصادر الإيرانية.
بدورها تناقلت تلك المواقع معلومات من مصادر وصفتها بـ«الميدانية» عن المعارك في جنوب حلب، تفيد بأن الحرس الثوري وقوات النظام السوري يستعدان لحملة مضادة في خان طومان بعد يومين من سقوطها بيد جبهة النصرة.
وانتقد مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون الشرق الأوسط، أمير عبد اللهيان، عملية خان طومان، وعدّ إياها «خرقا للهدنة». وفي حين لم يصدر أي تعليق من طهران على قصف حلب خلال الأيام الماضية، دعا عبد اللهيان المجتمع الدولي إلى إدانة عملية خان طومان «حفاظا على الحلول السياسية».
ونشر الحرس الثوري بيانا طالب فيه الإيرانيين بـ«الهدوء» كما دعا فيه إلى انتظار ما ينشره من تفاصيل لاحقا عن عملية «خان طومان»، ونوه بيان الحرس الثوري إلى أن عدم نشره التفاصيل «جاء تفاديا لاستغلالها من الأعداء». وجاء الإعلان في الوقت الذي كان فيه مستشار المرشد الأعلى الإيراني في الشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي في دمشق، يبلغ بشار الأسد في دمشق رسائل سرية من علي خامنئي.
وتراجعت وسائل الإعلام الإيرانية عن نفيها أسر إيرانيين في تلك المنطقة، مؤكدة وقوع عدد في الأسر من دون تحديده. وكان موقع «انتخاب» المقرب من التيار الإصلاحي، الموقع الوحيد الذي أكد مقتل 80 من القوات الإيرانية والأفغانية، بينما اكتفت وسائل الإعلام الإيرانية استنادا على بيان الحرس الثوري بإعلان سقوط 34 إيرانيا بين قتيل وجريح.
هذا ولم يظهر قائد فيلق «القدس» الإيراني قاسم سليماني، أمس في طهران، في ظل حديث عن تواجده في حلب لإدارة معركة خان طومان الدائرة جنوب المدينة. وكان من المقرر أن يلقي سليماني والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، خطابات منفصلة لشرح الاستراتيجية «الدفاعية» لإيران، وما تواجهه في المنطقة. وذكرت وكالة «إيسنا» الحكومية، أن شمخاني ألقى خطابه وراء الأبواب المغلقة، ولم تسمح السلطات بنقل تفاصيل الخطاب، كما أنها لم تذكر أي معلومة حول تواجد قاسم سليماني أو غيابه.
وتعليقا على مقتل الجنود الإيرانيين في حلب، قال شمخاني إن «ما حدث في خان طومان يؤكد المخاوف الإيرانية»، كما جدد مواقف سابقة من المسؤولين الإيرانيين بشأن الهدنة، مشيرا إلى أنها تساعد قوات المعارضة السورية في إعادة ترتيب صفوفها.
ودافع شمخاني أثناء لقائه نواب البرلمان الجديد، عن إرسال إيران قوات عسكرية إلى سوريا، مشددا على أن بلاده «ترصد» المخاطر الأمنية الموجهة إليها في المنطقة، وتواجه أي خطر بجميع الوسائل المتاحة، وفق ما نقلت عنه وكالة «إيسنا».
وتداولت مواقع إيرانية صورا قديمة لسليماني، وسط حشد من ميليشيا المقاتلين الأفغان، فيلق «فاطميون»، وقالت إن الصور تعود إلى قبل يومين أثناء تواجده في حلب.
وكانت مصادر إيرانية ذكرت أول من أمس، أن سليماني توجه إلى حلب بعد سقوط عدد كبير من الجنود الإيرانيين في بلدة خان طومان يومي الخميس والجمعة الماضيين، وأوضحت تلك المصادر أن سليماني «سيشرف على غرفة عمليات تجمع القوات الروسية وقوات النظام السوري وفيلق قدس الإيراني لكسر الحصار عن خان طومان».
بدورها، انتقدت وكالتا أنباء «فارس» و«تسنيم» المقربتان من الحرس الثوري الإيراني أداء القوات الروسية في حلب. وقالت وكالة «تسنيم» إن ثقة روسيا بالوعود الأميركية كانت وراء تراخي قواتها في حلب، مما سبب إلحاق خسائر كبيرة في صفوف الحرس الثوري.
ولجأت وسائل الإعلام المقربة من الحرس الثوري أمس إلى نجوم السينما والتلفزيون الإيرانيين لإطلاق حملة دعم ضد ما وصفته بـ«الحرب النفسية» ضد القوات الإيرانية في سوريا. وتسابق إعلام الحرس الثوري مع الزمن، للرد على حملة للإيرانيين تحظى باستنكار شعبي واسع لما وصفوه بإرسال «الشباب الإيراني إلى مستنقع سوريا». إلى ذلك، ارتدى عدد من أندية الدوري الإيراني الممتاز، أمس، قمصان تحمل شعارات داعمة للقوات الإيرانية وقتلاها في سوريا.
وتجاهلت معظم الصحف الإيرانية الرسمية خبر مقتل ضباط الحرس الثوري، في حين تقول الجهات الرسمية إن القتلى يسقطون «دفاعا عن الأمن القومي الإيراني». ولم تذكر صحيفة «كيهان» الرسمية و«اطلاعات» و«شرق» (الإصلاحية) وهي من بين الصحف الأوسع انتشارا في إيران، الخبر، بينما وصفت صحيفة «قانون» (الإصلاحية) ما تعرض له العسكريون الإيرانيون بـ«كربلاء في حلب»، داعية الإيرانيين إلى الوقوف وراء أبنائهم. ومن جانبها، وصفت صحيفة «جوان» على صفحتها الأولى العملية بـ«الغارة الأميركية» على الهدنة (القصد خرق الهدنة)، وتبعتها صحيفتا «قدس» و«سياست روز» المقربتان من الحرس الثوري بتوجيه الاتهام إلى الولايات المتحدة بالتسبب في الخسارة الكبيرة للقوات العسكرية الإيرانية في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.