معتقلو سجن حماه مستمرون في العصيان للمطالبة بالعفو

مسجون: «الموت أو الحرية.. ولا ثقة لنا بوعود النظام الذي بات يهددنا بعائلاتنا»

سوريون يقفون أمام أنقاض خيمة تعرضت للقصف في إدلب (رويترز)
سوريون يقفون أمام أنقاض خيمة تعرضت للقصف في إدلب (رويترز)
TT

معتقلو سجن حماه مستمرون في العصيان للمطالبة بالعفو

سوريون يقفون أمام أنقاض خيمة تعرضت للقصف في إدلب (رويترز)
سوريون يقفون أمام أنقاض خيمة تعرضت للقصف في إدلب (رويترز)

استمرّ التوتّر لليوم السادس على التوالي في سجن حماه المركزي، بشمال سوريا، بعد محاولة فاشلة من قوات النظام لاقتحامه مساء الجمعة، بهدف إنهاء حالة العصيان التي يقوم بها المعتقلون، احتجاجا على قرار تنفيذ حكم الإعدام بحق عدد منهم. في حين لا يزال المعتقلون متمسكين بمطلب واحد هو إطلاق سراحهم جميعا، بحسب ما يقول أحد المعتقلين في اتصال مع «الشرق الأوسط» من داخل السجن. وأشار المعتقل المشار إليه في الوقت عينه إلى أن الأولوية هي لأولئك الذين نقلوا من سجن صيدنايا إلى سجن حماه خلال الفترة الأخيرة، ويبلغ عددهم نحو 70 شخصا، يعانون من حالة صحية حرجة في ظل استمرار قطع النظام الطعام والمياه والكهرباء عن السجن، إضافة إلى منع وصول الأدوية.
وأضاف المعتقل: «إننا مستمرون في العصيان حتى تحقيق مطلب واحد، وهو الإفراج عن الجميع بمرسوم جمهوري أو أي قرار آخر، إما نموت أو نخرج إلى الحرية». ولفت إلى أن المعتقلين «يعيشون كل لحظة بلحظة، يترقبون ما هي الخطوة التي قد تقوم بها قوات النظام، من دون أن يستبعد اقتحام السجن مجددا». وفي حين توقفت المفاوضات بين المعتقلين والنظام الذي يعمل جاهدا على إنهاء الاحتجاجات، يقول الشاب الذي اعتقله النظام قبل 4 سنوات على خلفية مشاركته في الاحتجاجات الشعبية: «لا نثق بوعود النظام وممثليه، سبق لنا أن تلقينا منه وعودا ولم ينفذ شيئا منها، إنما الأخطر الآن هو تهديدنا بعائلاتنا مقابل إنهاء العصيان».
من ناحية أخرى، ذكرت صفحة «معتقلو سجن حماه» التي تنقل أخبار المعتقلين، أن هناك انقطاعا للماء والكهرباء في السجن منذ أكثر من 50 ساعة، لافتة إلى وجود 50 مريضا يعانون من الربو، إضافة إلى 42 حالة لمرضى القلب والسكري بلا أدوية وعناية. وفي الوقت الذي أشارت الصفحة فيه إلى مخاوف من تحرك قوات النظام لمحاولة اقتحام السجن من جديد، وتحرك رافعات تحمل عددًا من القناصين حول البناء، جدّدت المعارضة والمنظمات الحقوقية تحذيرها من تنفيذ النظام مجزرة بحق المعتقلين. وهذا ما أشار إليه مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فضل عبد الغني، إذ قال: «إذا عمد النظام إلى إنهاء العصيان بالقوة، سنكون أمام مذبحة شبيهة بتلك التي وقعت في سجن صيدنايا عام 2008، حين قتل عشرات المعتقلين»، مضيفا: «حينها قال المجتمع الدولي إنه لم يكن يعلم ماذا يحصل، لكنه اليوم يعلم ولا يتحرك».
من جانبه، قال الصحافي السوري عبادة كوجان، الذي يتواصل مباشرة مع المعتقلين، إن قوات النظام حاولت للمرة الثانية صباح يوم أمس اقتحام السجن، لكن محاولتها باءت بالفشل. ورأى كوجان أن هناك سببا من اثنين وراء حذر النظام في التعامل مع هذه الاحتجاجات، أولهما أن يكون نتيجة ضغط المجتمع الدولي بعد الأصوات التي رفعت للمطالبة بحمايتهم، والثاني أنه ربما يخطط لإنهاك المعتصمين، وبالتالي تراجعهم عن مطالبهم تفاديا لوقوع خسائر كبيرة في صفوفهم. وأشار إلى أن المعتقلين باتوا اليوم يطالبون بالإعفاء العام، مع إدراكهم صعوبة تحقيقه، مضيفا: «يعيشون من أسبوع على الخبز اليابس المبلّل بالماء، ولم يعد أمامهم إلا خيار المواجهة حتى النهاية».
في غضون ذلك أورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أنه «لا يزال التوتر يسود سجن حماه المركزي، عقب محاولات نفذتها قوات النظام لاقتحام السجن، بعد استهدافه بالرصاص المطاطي والرصاص الحي، وإطلاق غازات مسيلة للدموع، خلفت عددا من الإصابات والجرحى وحالات الاختناق في صفوف السجناء». وأضاف في تقرير له: «لا يزال نحو 800 نزيلاً في سجن حماه المركزي مستمرين في العصيان منذ مطلع الشهر الحالي، من دون أن تتمكن سلطات السجن حتى الآن من إنهاء العصيان أو اقتحام السجن».
أما «الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان» فقالت إن محاولة السلطات السورية مساء الجمعة اقتحام السجن، بعد قطع التيار الكهربائي والمياه عنه، مستخدمة الغازات المسيلة، أسفرت عن تسجيل كثير من حالات الاختناق وضيق التنفس الشديد بين المعتقلين، لكنها لم تسفر عن سقوط ضحايا. وأوضحت أن الوضع لا يزال متوترا للغاية مع استقدام السلطات مزيدا من الجنود والآليات تمهيدا لعملية اقتحام جديدة قد تجري خلال الساعات القادمة. ويظهر في شريط فيديو مسرب من داخل السجن، تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ممر طويل تندلع النيران في آخره، على وقع إطلاق رصاص مطاطي وصيحات «الله أكبر». ويسمع أحد السجناء وهو يتحدث عن «حالات اختناق حادة» محددا مكانه وتاريخ يوم الجمعة.
وكان المرصد قد أعلن أن السلطات أفرجت منذ بدء العصيان عن 46 سجينًا على الأقل. هذا، وبدأ المعتقلون في سجن حماه حالة التمرد الاثنين، احتجاجا على ظروف اعتقالهم وعلى نقل رفاق لهم إلى سجن صيدنايا العسكري في محافظة ريف دمشق، حيث جرى إعدام عدد من المعتقلين، ويطالبون بالإفراج عنهم أو محاكمتهم، وفق المرصد. وتمكنوا من احتجاز 10 رهائن من حراس السجن. ويقدر «المرصد» وجود أكثر من مائتي ألف شخص بين معتقلين ومفقودين داخل سجون النظام منذ العام 2011.
وتفيد تقديرات بأن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي قتلوا جراء التعذيب داخل السجون، وثّق المرصد 14 ألف حالة منهم على الأقل.



«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
TT

«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)

أرغمت الجماعة الحوثية مئات النساء والفتيات اليمنيات في 4 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، وريفها، وحجة، وإب، على حضور فعاليات تعبوية، ودفع تبرعات مالية وعينية، بزعم الدفاع عن غزة، ودعم ما تسمى «القوة الصاروخية» والطائرات المُسيَّرة، حسبما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وكشفت المصادر عن تشكيل الجماعة -في سياق احتفالها بما تسمى «ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء»- عشرات الفرق النسائية الميدانية، بموجب تعليمات مباشرة من زعيم الجماعة، لاستهداف اليمنيات وإجبارهن على المشاركة في الفعاليات التعبوية، ودعم المجهود الحربي.

الحوثيون يخضعون الفتيات لفعاليات تعبوية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)

وبموجب التعليمات، شرعت كتائب الأمن النسائية الحوثية (الزينبيات) بتنظيم أول أنشطتها؛ إذ نظمت بصنعاء وريفها في يوم واحد نحو 6 فعاليات بطابع طائفي، لإحياء المناسبة، وجرى خلالها دعوة النساء للتبرع، وحث أبنائهن على التوجه إلى الجبهات.

ووفقاً لوكالة «سبأ» بنسختها الحوثية، سيَّرت ما تسمَّى «الهيئة النسائية» للجماعة بصنعاء، قافلة نسوية مالية وعينية، تقدر قيمتها بنحو 100 ألف دولار (الدولار يعادل 530 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين) بزعم دعم ما تسمى القوة الصاروخية، والقوة البحرية، والطيران المُسيَّر.

وتحدثت نساء في أحياء وقرى عدة في صنعاء وريفها لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام «الزينبيات» بزيارات مباغتة إلى منازلهن لحثهن على المشاركة مع أفراد أسرهن في إحياء المناسبة ذات الصبغة الطائفية، ومطالبتهن بتقديم ما لديهن من مال وحُلي، بزعم مناصرة غزة، والوقوف في وجه الاعتداءات الأميركية والإسرائيلية.

وتحدث بعض النساء عن وسائل ترهيب وترغيب وتهديد بالحرمان من أقل الحقوق والخدمات، استُخدمت من قبل مشرفات حوثيات أثناء تحشيد النساء والفتيات.

الحوثيون يرغمون النساء اليمنيات على حضور فعاليات ودفع تبرعات للجبهات (إعلام حوثي)

وروت أم عبد الله -وهي ربة منزل في حي القاع بمدينة صنعاء- أنها أُرغِمت ونساء أخريات في الحي الذي يقطنَّه على المشاركة قسراً في مناسبة حوثية هدفها «التحشيد الطائفي» وتقديم الدعم للجماعة.

وأبدت استياءها البالغ من لجوء الجماعة إلى فرض إتاوات جديدة على النساء، بزعم تمويل فعاليات نسوية ظاهرها دعم غزة ولبنان بالقوافل، وباطنها تمويل المجهود الحربي، مع تجاهل الظروف المعيشية والمادية الصعبة التي يعانيها أغلب السكان.

استهداف مُكثف

شمل التحرك الميداني لمجندات الحوثي مدينة حجة (مركز المحافظة) الواقعة شمال غربي اليمن، ومديريات أفلح الشام وكحلان الشرف ومبين والشغادرة والمحابشة، كما تواصل ما تسمى «الهيئة النسائية» و«كتائب الزينبيات» استهداف الأمهات وربات البيوت بمناطق متفرقة في محافظة إب اليمنية (وسط اليمن) بحملات «التطييف» وجمع التبرعات، ووفقاً للذريعة نفسها.

واتهمت نساء يمنيات يقطنَّ مديرية الظهار في إب، شاركن في فعالية حوثية، قادة الجماعة، باستغلال القضية الفلسطينية ومعاناة وأوجاع السكان بالمحافظة، وتكوين ثروة هائلة من التبرعات التي يفرضونها على اليمنيين.

«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (إكس)

وجاء استهداف الجماعة الحوثية للنساء بمناطق سيطرتها متزامناً مع مواصلة ارتكابها جرائم وتعسفات متنوعة بحقهن، وسط استمرار المنظمات الدولية والمحلية في إطلاق النداءات الإنسانية المتكررة لوقف هذه الانتهاكات.

وفي تقرير لها، وثقت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» نحو 10 آلاف و156 انتهاكاً، ارتكبتها الجماعة الحوثية بحق النساء اليمنيات في 18 محافظة، خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 2016 وحتى مارس (آذار) الماضي.

ووفقاً لـ«الشبكة»، فقد قتلت الجماعة بتلك الفترة 2786 امرأة، وأصابت 4369 أخريات بطرق متنوعة، مثل القصف بالمدفعية وصواريخ «الكاتيوشا»، وانفجارات الألغام والعبوات الناسفة، وأعمال القنص المتعمدة، وإطلاق النار العشوائي على الأحياء السكنية.