«سعر البرميل» يتحكم في «مزاجية» الرأي العام الروسي

موسكو لا تتوقع مبادرات لتجميد إنتاج النفط قبل قمة «أوبك» في يونيو

أحد حقول النفط الروسية (رويترز)
أحد حقول النفط الروسية (رويترز)
TT

«سعر البرميل» يتحكم في «مزاجية» الرأي العام الروسي

أحد حقول النفط الروسية (رويترز)
أحد حقول النفط الروسية (رويترز)

أكد أليكسي تيكسلر، نائب وزير الطاقة الروسي، أن الاتصالات الثنائية بين روسيا والدول المصدرة للنفط ما زالت مستمرة في موضوع تجميد حصص الإنتاج النفطي. وبينما وضع البعض كلام تيكسلر في سياق الحديث حول مبادرات لعقد اجتماع جديد بغية التوصل لاتفاق على تجميد حصص الإنتاج، وضع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك النقاط على الحروف بهذا الشأن، وقال في تصريحات له، يوم أمس، إن روسيا لا تتوقع أن تكون هناك مبادرات جديدة حول موضوع «تجميد الإنتاج النفطي» قبل قمة دول منظمة «أوبك» المرتقبة في يونيو (حزيران) من العام الحالي. وفي وقت سابق أعرب نوفاك عن اعتقاده بأن تباينات جوهرية في مواقف دول «أوبك» تحول دون التوصل إلى إجماع بشأن اتفاق تجميد حصص الإنتاج، وقال بهذا الصدد: «لست واثقا بأنهم (دول أوبك) قادرون الآن على الاتفاق فيما بينهم، نظرا إلى وجود تباينات كبيرة في مواقفهم».
وحسب رأي وزير الطاقة الروسي، فإن التباينات التي يتحدث عنها داخل «أوبك» تبدو واضحة من خلال عدم اتخاذ منظمة الدول المصدرة للنفط أي قرارات بشأن حصص الإنتاج منذ عام 2008، ولهذا يرى الوزير نوفاك أن «المهمة التي أخذتها دول (أوبك) على عاتقها بالقيام بالعمل الضروري للتوصل إلى إجماع مع موعد اجتماع المنظمة في يونيو (حزيران)، هي مهمة غاية في التعقيد»، معربًا عن اعتقاده أن الاتفاق على تجميد حصص الإنتاج قد يفقد أهميته بحلول شهر يونيو (حزيران)؛ ذلك لأن «عامل السوق يواصل لعب دوره، وستتغير العلاقة في السوق بين العرض والطلب على حساب الأسعار المنخفضة على النفط وتراجع الاستثمارات النفطية».
في غضون ذلك تبقى أسعار النفط في الأسواق العالمية عامل تأثير مباشر في الاقتصاد الوطني الروسي، وسعر صرف الروبل، فضلا عن تأثيره المباشر في الميزانية الروسية للعام الحالي كما وللسنوات المقبلة؛ إذ يرجح وزير التنمية الاقتصادية الروسي أليكسي أوليوكايف أن أسعار النفط لسنوات 2016 - 2019 ستكون عند مؤشر 40 دولارا للبرميل، أي أعلى من السعر الذي تشير إليه التوقعات الأساسية، وانطلاقا من هذه الرؤية قدم أولياكيف خلال اجتماع للحكومة الروسية، يوم أول من أمس، المعايير الرئيسية لتوقعات التنمية الاقتصادية في روسيا عام 2017، مع توقعات لمرحلة 2018 - 2019. وقد أعدت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية ثلاثة سيناريوهات: الأول رئيسي، والثاني موجه، والثالث محافظ؛ حيث انطلقت في السيناريو الرئيسي من سعر النفط بقدر 40 دولارا للبرميل في الفترة 2016 - 2019 مع تراجع للناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي بقدر 0.2 في المائة، وتضخم بقدر 6.5 في المائة. وانطلاقا من هذه المعطيات تجري صياغة الميزانية على المدى المتوسط.
ونظرا إلى مدى تأثيرها في حياة المواطن الروسي، تبقى الأزمة الاقتصادية التي عصفت بروسيا منذ عام 2014 وتستمر فصولها حتى الآن، محط اهتمام رئيسي للمواطنين الروس، وفق ما أكدت نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة «Iposo Comcon» للدراسات والأبحاث في مجال التسويق؛ إذ يرى 66 في المائة من المشاركين في استطلاع الرأي أن الأزمة الاقتصادية تشكل الحدث الأهم في روسيا، بينما يرى 51 في المائة أن العملية العسكرية الروسية في سوريا هي الحدث الأهم.
وبهذا الشأن، عدت الخبيرة الروسية ديليارا إبراهيموفا أن الاهتمام بالعملية العسكرية الروسية في سوريا يحمل طابع «عامل تأثير مؤقت»، موضحة أن «المواطن يذهب إلى السوق عدة مرات كل أسبوع، لهذا فإنه سيشعر بأي حال من الأحوال بالأزمة الاقتصادية بدرجة أكبر بكثير من شعوره بأي أحداث جيو سياسية».
أخيرا، يشير خبراء اقتصاديون إلى أن مزاجية الرأي العام الروسي تتغير وفقا لصعود أو هبوط سعر برميل النفط وتقلبات سعر صرف الروبل على خلفية ذلك، الأمر الذي تؤكده نتائج استطلاعات رأي في مراحل سابقة؛ حيث كانت الأزمة الاقتصادية الحدث الأهم لدى 52 في المائة من المواطنين الروس عندما هبطت العملة حتى مؤشر 50 روبلا للدولار، لاحقا وعندما هبط حتى 69 روبلا للدولار عد 58 في المائة من المواطنين الروس الأزمة الاقتصادية الحدث الأهم، وارتفعت هذه النسبة حتى 71 في المائة عندما هبط سعر صرف العملة الروسية حتى 78 روبلا مقابل الدولار.



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».