لافروف يظهر ليونة حيال المعارضة ويطالب واشنطن بتنفيذ تعهداتها

اتفاقيات بقيمة 850 مليون يورو لإصلاح البنية التحتية

لافروف يظهر ليونة حيال المعارضة ويطالب واشنطن بتنفيذ تعهداتها
TT

لافروف يظهر ليونة حيال المعارضة ويطالب واشنطن بتنفيذ تعهداتها

لافروف يظهر ليونة حيال المعارضة ويطالب واشنطن بتنفيذ تعهداتها

بدا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكثر ليونة في حديثه يوم أمس عن الهيئة العليا للمفاوضات، مقارنة بالهجمة الشديدة التي شنها على الهيئة في تصريحاته الأسبوع الماضي. وصب جزءًا من انتقاده على واشنطن التي قال إنها لم تف بتعهداتها في الفصل بين «الإرهابيين والمعارضة» في حلب، ضمن اتفاق وقف الأعمال العدائية.
وأقر لافروف، خلال مؤتمر صحافي عقب محادثاته مع نظيره الإثيوبي يوم أمس، بأن «الوضع في المفاوضات كان ليبدو أفضل بكثير لو لم يغادر جنيف وفد من الوفود، بصورة مؤقتة كما يقولون»، ويقصد بذلك وفد الهيئة العليا للمفاوضات. غير أن لافروف عاد ليوجه اتهامات للهيئة العليا المعارضة، ويحملها ضمنًا المسؤولية عن التأخير في الجدول الزمني للتسوية السياسية، وفق ما اتفقت عليها المجموعة الدولية لدعم سوريا.
وفي إجابته على سؤال حول احتمال أن يتمكن المجتمع الدولي خلال مهلة الأشهر الست من تشكيل لجنة وصياغة دستور جديد لسوريا، قال لافروف: «للاتفاق على هذا الأمر خلال ستة أشهر لا يجوز إغلاق الأبواب، وتبني مواقف كما فعل بعض أعضاء ما يُسمى بمجموعة الرياض»، لافتًا إلى أن المطلوب من السوريين هو أن يجلسوا خلف طاولة المفاوضات وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي، لا أن يأتي أحد مثل «الهيئة العليا للمفاوضات» حاملاً معه شروطا مسبقة»، متهمًا الهيئة بأنها لا تلتزم بقرارات مجلس الأمن الدولي.
كما توقف وزير الخارجية الروسي عند تصريحات نظيره الأميركي عن اقتراحات قدمتها واشنطن لاتفاق مع روسيا على المراقبة المشتركة لوقف إطلاق النار، مؤكدًا أنه تم الاتفاق على هذا الأمر، ويجري العمل بين الجانبين بشكل يومي من خلال مراكز المراقبة الروسية في مطار حميميم في اللاذقية، والأميركية في عمان. وأعاد لافروف إلى الأذهان أنه تم الاتفاق على أن وقف إطلاق النار لا يشمل مجموعتي «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيتين والمجموعات المرتبطة بهما، معربًا عن قناعته بضرورة استثناء المجموعات الأخرى التي تتعاون مع التنظيمين من اتفاق وقف إطلاق النار. وأشار لافروف إلى أن روسيا تقوم حاليا بجمع كمية كبيرة من المعلومات المتراكمة حول «جبهة النصرة»، وكيفية فرض هيمنتها وتعاونها مع مجموعات تزعم أنها أعلنت عن استعدادها للانضمام إلى وقف إطلاق النار، محذرًا من أنه «هناك الكثير من الوقائع المثيرة للاهتمام، سيتم عرضها على مجلس الأمن الدولي لتدقيق قائمة المجموعات الإرهابية» في سوريا.
ورغم تأكيده على وجود اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن مراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، كشف وزير الخارجية الروسي عن عقبات تواجه التوصل لاتفاق أميركي - روسي شامل بهذا الشأن، وذلك حين أشار إلى أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على أن يقوم الجانب الأميركي باستخدام نفوذه والعمل على إبعاد المعارضة عن مواقع «جبهة النصرة» في حلب، «كي لا تعيق عملية القضاء على جبهة النصرة»، حسب لافروف، الذي اتهم الولايات المتحدة بأنها لم تتمكن طيلة شهرين من تنفيذ تعهداتها بشأن الفصل بين المعارضة والمجموعات الإرهابية في حلب.
مصدر دبلوماسي أجنبي في العاصمة الروسية أكد لـ«الشرق الأوسط» وجود اتفاق بين موسكو وواشنطن في موضوع مراقبة وقف إطلاق النار، لافتًا في الوقت ذاته إلى بقاء الكثير من المسائل المتعلقة بهذا الاتفاق لم يتوصل الجانبان بعد إلى تفاهمات أو اتفاقات واضحة بشأنها، وتتعلق، حسب قول المصدر، بالجوانب التقنية لمراقبة وقف إطلاق النار، والتأكد من واقعة الانتهاك وتحديد الجهة المسؤولة، فضلا عن طبيعة وشكل وآلية معاقبة الجهة التي تنتهك وقف إطلاق النار، والإطار القانوني الدولي لعملية مراقبة ومعاقبة منتهكي وقف إطلاق النار. وأعرب المصدر عن اعتقاده، بناء على بعض المعطيات المتوفرة لديه، بأن الصعوبة في الفصل جغرافيًا في عدد من المدن السورية بين مواقع المنظمات التي أقرها مجلس الأمن مجموعات إرهابية، والأخرى التي تندرج ضمن تعريف «معارضة سورية مسلحة»، تشكل إحدى أكثر العقبات تعقيدًا أمام التوصل لاتفاق أميركي - روسي شامل بهذا الصدد.
في دمشق نقلت وكالة الإعلام الروسية عن رئيس وزراء النظام السوري وائل الحلقي قوله، أمس، بأن دمشق وموسكو وقعتا اتفاقيات بقيمة 850 مليون يورو لإصلاح البنية التحتية في سوريا.
ونقلت الوكالة عن الحلقي قوله إن «الجانب الروسي كان مرحبا بفكرة إصلاح البنية التحتية، ومن ثم جرى التوقيع على عدد من الاتفاقيات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».